حركات نسوية وتغيرات اقتصادية واجتماعية غيرت وجه الموضة إلى الأبد

العقد الذي فرضت فيه المرأة الشرقية أسلوبها والجيل الصاعد ميوله الإنسانية

قبل ماريا غراتزيا تشيوري في دار «ديور» قام الراحل كارل لاغرفيلد بثورة نسوية عام 2015 في «لوغران باليه»
قبل ماريا غراتزيا تشيوري في دار «ديور» قام الراحل كارل لاغرفيلد بثورة نسوية عام 2015 في «لوغران باليه»
TT

حركات نسوية وتغيرات اقتصادية واجتماعية غيرت وجه الموضة إلى الأبد

قبل ماريا غراتزيا تشيوري في دار «ديور» قام الراحل كارل لاغرفيلد بثورة نسوية عام 2015 في «لوغران باليه»
قبل ماريا غراتزيا تشيوري في دار «ديور» قام الراحل كارل لاغرفيلد بثورة نسوية عام 2015 في «لوغران باليه»

أحداث كثيرة شهدها عام 2019، من موت كارل لاغرفيلد إلى انضمام المغنية ريهانا إلى مجموعة «إل في إم إتش» كمصممة في بادرة غير مسبوقة، وما شابه من أمور.
لكن سنة واحدة غير كافية لتحديد مسار الموضة ونحن نحتفل بنهاية عقد وبداية آخر، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن العقد الأخير شهد أحداثاً درامية غيرت وجه الموضة إلى الأبد. وهذا يعني أنه يمكن القول إن عالم الموضة، بحلول عام 2020، سيدخل عهداً جديداً تُكتب فصوله منذ عام 2010، ولا تزال نهايته غير مكتملة تماماً. فخلال هذه السنوات العشر، وُضعت أساسات مفهوم الاستدامة وحماية البيئة والمناخ واحتضان التنوع بكل أشكاله وأحجامه وألوانه، إلى جانب تغيير النظرة إلى الأناقة ككل من خلال تعاملنا معها من زاوية لا تحركها الرغبة في الاستهلاك أو التباهي بقدر ما تحركها رغبة إنسانية حقيقية تفكر في الآخر وفي مستقبل الأجيال القادمة.
- هيمنة الأسلوب «السبور»
من أهم ما شهده العقد الأخير هيمنة الأسلوب «السبور» على منصات وشوارع الموضة. فمنذ ظهوره بداية هذا العقد وهو يرفض أن يبقى سجين الملاعب والنوادي الرياضية. كانت الموضة بدورها تتوق إلى التغيير، لهذا فتحت له الأبواب على مصراعيها ليدخل منها باسم الراحة والانطلاق. ومع ظهور كيني ويست ومصممين من أمثال فيرجيل أبلو، مصمم علامة «أوف وايت»، جاء الأسلوب السبور ليكون مضاداً حيوياً للموضة التقليدية كما كنا نعرفها لعقود. المغني كيني ويست لم يقدم شيئاً ثورياً من حيث الابتكار؛ كل ما قام به أنه غير تلك العلاقة التي كانت تربط المشاهير بصناع الموضة. لم يعد النجم مجرد متلقٍ يستعرض ما تمليه عليه الموضة، بل فرض أسلوبه الخاص، رغم غرابته أو خروجه عما ألفته العين. بداية هذا العقد، ربط علاقة تعاون مع المصمم الإيطالي ريكاردو تيشي، مصمم دار «جيفنشي» آنذاك، وظهر في مجموعة جريئة من تصاميمه، مثل «تي-شيرتات» وبنطلونات جينز تباع بمئات الدولارات، إن لم نقل الآلاف. نجاح هذه العلاقة كانت إشارة إلى أن الوقت كان جاهزاً لاستقبال نوع جديد من المصممين، من أمثال فازاليا ديمنا مصمم «فيتمون»، وفيرجل أبلو مصمم «أوف وايت» الذي تعامل مع كيني ويست، ويقال إن هذا الأخير كان له فضل كبير في تعريف العالم به. تصاميمهما، أي ديمنا وأبلو، كانت صادمة في بعض الأحيان، لكنها كانت معاصرة تنبض بروح الشارع. وربما لها السبب لم يُثر تعيين دار «لويس فويتون» لفيرجل أبلو مصمماً لقسمها الرجالي كثيراً من الاستغراب، خصوصاً أنه سبق للدار أن تعاونت مع المغني كيني ويست في عهد مارك جايكوبس، بطرحها مجموعة أحذية رياضية بأسعار نارية وجدت هوى في نفوس الشباب، وأكدت أن الوقت قد آن لتغيير دفة الموضة باتجاه يعانق ثقافة الشارع، ويحقق المعادلة الصعبة بين الأنيق والمريح. وتوالت التعاونات، ومعها أحذية رياضية بأشكال وألوان متنوعة تصب كلها في الخانة والهدف نفسيهما. وتعاونت دار «ألكسندر ماكوين» مع «بوما»، والمصمم يوجي ياماموتو مع «أديداس»، وكثير من المصممين الآخرين أكدوا استعدادهم للنزول عند رغبة الشارع، فحتى من لم تكن لهم رغبة في دخول الميادين «السبور» انتبهوا إلى أن عليهم أن ينزلوا من أبراجهم العالية إلى الشارع.
انتبهوا أيضاً إلى أن القرارات لم تعد بأياديهم؛ أي أنهم لم يعودوا هم من يؤثرون على ذوق المستهلك، بل أصبح هذا الأخير هو من يفرض ذوقه عليهم. وتجدر الإشارة إلى أن حركة مماثلة ولدت في السبعينات من القرن الماضي، ومن الشارع أيضاً، ألا وهي حركة «البانكس». الفرق بينها وبين الحركة المعاصرة أن هذه الأخيرة يقودها شباب يطالبون بتبني التنوع وتقبل الآخر، بدءاً من لونه إلى ثقافته، وليس فقط التمرد على المتعارف عليه من تابوهات اجتماعية.
- المرأة العربية تفرض نفسها
يمكن القول إن هذا العقد هو الذي فرضت فيه المرأة العربية نفسها على ساحة الموضة. فرغم أنها كانت من أهم زبونات «الهوت كوتير» منذ سبعينات القرن الماضي، ويُرد لها فضل كبير في الإبقاء على هذا الجانب منتعشاً حياً لسنوات، إلا أنها لم تأخذ حقها كاملاً. كانت تُعتبر مجرد مستهلكة تصرف أموالاً طائلة من دون أن يكون لها رأي أو ذوق خاص. كل هذا تغير، وبشكل واضح، من خلال ربط الموضة معها علاقة تفاعلية مبنية على الاحترام، بعد أن كانت مجرد مونولوج. دار «شانيل» عبرت عن هذا الاحترام بإقامة عرضها الخاص بـ«الكروز» عام 2015 لأول مرة في بلد عربي (دبي)، وهذا العام بإقامة دار «ديور» عرضها من الخط نفسه في مدينة مراكش المغربية، بيد أن التأثير الأكبر تجلى فيما أصبح يُعرف بـ«موديست فاشن». أسلوب يتميز بياقات عالية وأكمام طويلة وفساتين أو تنورات تتراوح بين «الميدي» و«الماكسي»، حتى الرأس أصبحت له أكسسواراته المبتكرة التي تتراوح بين إيشاربات الحرير الملفوفة بأشكال مبتكرة والعمامات العصرية.
البعض يُرجع هذه الظاهرة إلى الأحداث السياسية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة ككل، بينما يُرجعها البعض الآخر إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وصور شابات من المنطقة العربية بملابسهن المحتشمة وأكسسواراتهن الغالية الثمن وهن يتجولن في شوارع لندن أو لوس أنجلوس أو باريس. لم تعد الصورة ترتبط بالجانب الديني، بل تعكس جانباً ثقافياً ظل متجاهلاً يعاني طويلاً من النمطية. لا يختلف اثنان أيضاً على أن الأزمة الاقتصادية العالمية كان لها تأثيرها. فالجيل الجديد من زبونات الشرق الأوسط عارفات ومتذوقات للموضة مثل أمهاتهن، لكن على العكس من أمهاتهن يسألن عن كل صغيرة وكبيرة، ولا يقبلن بأن يكن مجرد مستهلكات. بعبارة أخرى، أصبح لهن صوت يتوقعن أن يسمعه المصممون جيداً، وإلا فإن السوق يزخر بغيرهم. أغلب بيوت الأزياء العالمية أنصتت، وركبت موجة الاحتشام، بدءاً من «فالنتينو» و«غوتشي» إلى «شانيل» و«بيربري» و«دولتشي أند غابانا» وكارولينا هيريرا، وهلم جرا. وحتى من لم يركبها علانية، اعتمد على أسلوب الطبقات المتعددة.
فمن كان يتصور منذ عقد من الزمن أن تتصدر صور محجبات أغلفة مجلات عالمية مثل «فوغ»، أو أن تصبح حليمة آيدن، وهي فتاة مسلمة محجبة، واحدة من أهم عارضات الأزياء في العالم؟ لم تقتصر هذه الموجة على الغرب، ففي الشرق ظهرت عدة مواقع تسوق إلكترونية تستغل الإقبال العالمي على هذا الأسلوب، مثل موقع «ذي موديست دوت كوم» الذي انطلق في دبي، مُسوقاً إطلالات تلعب على جمال الطبقات المتعددة لخلق صورة مفعمة بالجمال والحشمة. واللافت أن السوق الأولى للموقع هي السوق الأميركية، حسب قول غزلان غينيز، مؤسسة الموقع، وهو ما يؤكد أن هذه الظاهرة أصبحت عالمية لا تقتصر على المرأة العربية أو المسلمة فحسب.
فرغم أن السوق الصينية لا تزال الأقوى، من حيث عدد سكانها وإمكانياتهم التسوقية، فإنه من الخطأ الاستهانة بالمنطقة العربية، بحسب تقرير الاقتصاد الإسلامي العالمي، الذي أعدته وكالة «رويترز»، بالتعاون مع «دينار ستاندرد»، وأفاد بأن المسلمين أنفقوا ما يقدر بنحو 243 مليار دولار على الأزياء في عام 2015، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 368 مليار دولار في عام 2021؛ أي بزيادة قدرها 51 في المائة عن عام 2015.
البعض قرأ هذه الدراسة بشكل حرفي، ونهل من موروثات الشرق بشكل أثار كثيراً من الجدل، مثل الثنائي الإيطالي «دولتشي أند غابانا» عندما طرحا مجموعة عباءات في عام 2015، رأى فيها البعض تودداً ميكيافيلياً مبالغاً فيه، من دون تقديم أو إضافة أي جديد. لكن على العكس من «دولتشي أند غابانا»، اكتفى مصممون آخرون، مثل فيبي فيلو مصممة دار «سيلين»، و«إرديم» و«ديور» و«شانيل» وغيرهم، بإبداع تصميمات تجمع الحشمة بالأناقة العصرية، لتصبح التيار الرئيسي المميز للعقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.
- الحركة النسوية
تزامنت هذه الموضة «المحتشمة» مع حركة نسوية جديدة قادتها المرأة من خلال حملة «#مي تو» ضد التحرش الجنسي والتمييز في أماكن العمل. ففي ظل فترة تسودها حالة من التوتر، ورغبة المرأة في استرداد حقوقها وفرض نفسها من جديد، أصبحت التصاميم التي تخفي تفاصيل الجسد بمثابة دروع تحتمي بها. هذا إلى جانب تمردها على ثقافة تلفزيون الواقع، فكلما انتشرت صور فضح كل لحظة حميمة وكل جزء من الجسد للاستهلاك العام، جاءت ردود أفعال مضادة تطالب بالعكس. وأكثر من قاد هذه الحركة النسوية المصممة الٍإيطالية ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور».
- تأثير وسائل التواصل الاجتماعي
لا يختلف اثنان على قوة وسائل التواصل الاجتماعي في هذا العقد. فقد غيرت لغة الموضة، ومعها طريقة الشراء والاستهلاك. ما قامت به هذه الوسائل أنها فككت قوة المؤسسات الكبيرة التي كانت تعتمد على الإعلانات لفرض سطوتها على الذوق العام، كما غيرت طرق البيع والشراء تغييراً جذرياً. فبعد أن وضعت المؤسسات الكبيرة في مأزق، لم تجد هذه الأخيرة حلاً سوى تخصيص جزء لا يستهان به من إعلاناتها للمواقع الإلكترونية، وأيضاً لشراء ود وآراء المؤثرين، بعد أن كانت تقتصر على المجلات والصحف. أما بالنسبة للبيع، فقد بدأت ظاهرة الشراء مباشرة بعد العرض، عوض الانتظار 6 أشهر قبل طرحها في الأسواق. فقد كشفت وسائل التواصل الغموض الذي كان يحيط بهذه العروض سابقاً، كما فتحت الأبواب أمام محلات مثل «زارا» وغيرها لأن تستنسخ تصاميم مشابهة تطرحها بسرعة، وبأسعار زهيدة بالمقارنة. فجأة، أصبح ما يقدمه المصممون على المنصات بعد عرض كلفهم عشرات، وأحياناً مئات، الآلاف من الدولارات، وأشهراً من التحضيرات، يبدو قديماً بعد وصوله إلى المحلات. ومن جانب آخر، ساعدت هذه الوسائل مصممين شباب في الوصول إلى العالمية، من دون أن يتقيدوا بقواعد اللعبة التقليدية، لا سيما منهم من دخلوا مجال البيع الإلكتروني. انتبهوا أنهم لا يحتاجون إلى الوجود في محلات أسمنتية لكي تباع بضائعهم أو يشتهرون، فالإنستغرام أو اليوتيوب يقوم بهذه المهمة على أحسن وجه.
نتيجة لهذا، كان من البديهي أن تنتعش مواقع التسوق الإلكترونية، مثل «نيت أبورتيه» و«ماتشز فاشن»، وأن يُصبح لكل دار موقع خاص بها، عدا عن ظهور منصات تسوق ضخمة، مثل «فارفيتش».
- الثقافة الشعبوية... بين السلبي والإيجابي
سحابة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تخيم على مصممي العالم. فلندن معروفة باحتضانها كل من تتوسم فيه الموهبة، وتفتح له أحضانها، بغض النظر عن جنسياتهم. الثقافة الشعبوية التي ظهرت مؤخراً والبريكست قد يدفعان بالبعض للعودة إلى بلدانهم أو تغيير مقرات أعمالهم. الصعوبات المرتقبة بالنسبة لهؤلاء لا تتعلق بتأشيرات الدخول والخروج أو الإقامة فحسب، بل أيضاً بالضرائب الجمركية على استيراد الأقمشة وعلى المعامل. فهذه قد تكلف هذا القطاع نحو 900 مليون جنيه إسترليني تقريباً.
بيد أنه، ومن ناحية أخرى، خصوصاً بالنسبة لمن يروون دائماً أن الفنجان نصف ممتلئ، فإن حركات الشعبوية خلفت ردود فعل إيجابية من ناحية إقبال أكبر على تقبل الآخر. فعندما تصدرت عارضة الأزياء أدوت أكيش أغلفة 5 نسخ من مجلة «فوغ» في شهر واحد هذا العام، كان الأمر تتويجاً لجهود أكثر من عقد من الزمن لإلغاء التمييز العنصري، ثم جاء موقع «بيزنيس أوف فاشن» ليؤكد هذه الحقيقة، عندما تصدرت أدوت غلاف مجلته التي تصدر سنوياً متضمنة لائحة بأسماء أكثر الشخصيات تأثيراً على الموضة. أديت أكيش لمن لا يعرفها لاجئة من أصول سودانية، أي أن لون بشرتها داكن، لهذا لم يكن يخطر على البال منذ أكثر من عقد أن تتصدر غلاف مجلة «فوغ» على الإطلاق، بدليل أن العارضة ناعومي كامبل اشتكت في بداية مشوارها إلى الراحل إيف سان لوران من أن النسخة الفرنسية من المجلة رفضت أن تتصدر غلافها بسبب لونها. فقط عندما تدخل مستغلاً قوته الإعلانية، حصلت على أول غلاف لها في المجلة. نظرة سريعة حالياً على حال الموضة تؤكد أن الفرق شاسع بين ثقافة الأمس التي كانت تحتفل بالجمال الأشقر، وثقافة اليوم.
- احترام ثقافة الآخر ومشاعره
في صناعة كانت إلى عهد قريب تعتمد على النخبوية، وعلى مفاهيم جمالية تقليدية، أصبح التغيير ضرورة يُحركها جيل جديد يؤمن بأن التنوع والاختلاف واقع لا يجب تجاهله. ورغم أن العملية لا تزال في بدايتها، فإن من لا يحترم قواعدها الجديدة يدفع الثمن غالباً.
أكبر دليل على هذا ما تعرضت له كل من «غوتشي» و«برادا» و«دولتشي آند غابانا» من هجمات في نهاية العام الماضي. هذه الأخيرة عندما صورت حملة دعائية أثارت حفيظة الصينيين، كانت عبارة عن حملة إعلانية ظهرت فيها نجمة صينية في كامل أناقتها وهي تتناول السباغيتي بعيدان الأكل، وهو ما اعتبره الصينيون إهانة لتقاليدهم وانتقاصاً منهم. الشيء نفسه تعرضت له «غوتشي» عندما طرحت كنزة صوفية بياقة عالية تغطي نصف الوجه، تتخللها فتحة واسعة مرسومة على شكل شفاه مكتنزة، فسرها البعض على أنها تلميح لوجه «زنجي». فسارعت الدار الإيطالية بسحب التصميم من كل محلاتها ومواقعها الإلكترونية مباشرة. ومع ذلك، لم تسلم من الانتقادات ومن تهديدات المقاطعة إلا بعد تعيينها المصمم دابر دان، كمستشار لها لتلافي الوقوع في أخطاء مماثلة. وفي تغريدة لدابر دان، الذي كان واحداً من الذين قادوا الحملة ضد غوتشي في البداية، كتب: «لا يمكن أن يكون هناك احتضان للاختلاف من دون محاسبة». ومن جهتها، تعرضت «برادا» لهجمة مماثلة بسبب تزيينها واجهات محلها بنيويورك بتماثيل صغيرة لها شفاه مكتنزة ذكرت البعض بالصورة التي كان يرسمها العنصريون لوجوه الأفارقة في الماضي. كل هذه المطبات لم تعد تمر مرور الكرام، فالأعين بالمرصاد، وما كان يعتبر استقاء من مناهل ثقافات أخرى، أصبح يُفسر على أنه انتحال فني وأدبي يجب أن يُدفع ثمنه. المكسيك، مثلاً، اتهمت مؤخراً دار الأزياء «كارولينا هيرّيرا» بالانتحال الثقافي لاستخدامها رسوماً منسوخة من تراث الشعوب الأصلية المكسيكية ظهرت في مجموعة أزيائها الأخيرة. كما أن دار «لويس فويتون» الفرنسية سبق لها أن تعرّضت لتنبيهات وانتقادات من السلطات المكسيكية لاقتباساتها المتكررة من تراث الشعوب الأصلية في المكسيك لتصميم منتوجاتها من الحقائب الجلدية من دون أن يستفيد السكان الأصليون من أي شيء. وفي أواخر العام الماضي، قررت دار «نايكي» (Nike) سحب أحد أحذيتها من السوق، بعد أن احتجت مجموعة «Guna» للسكان الأصليين في باناما على «سرقة» تصميم الحذاء من رسوم «Mola» التي تعتبر جزءاً من تراثها الفولكلوري.
وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة والمنظمة العالمية للملكية الفكرية تنشطان منذ عامين في التفاوض حول اتفاقية دولية لحماية التراث الثقافي التقليدي، وتنظيم الاستفادة من محتواه لأغراض تجارية. ويعود ذلك بشكل أساسي للصحوة التي شهدتها الشعوب الأصلية في العقود الثلاثة المنصرمة، وما رافقها من وعي بأهمية تراثها وحقها في الدفاع عنه، وما نشأ عن ذلك من اتفاقات ومعاهدات دولية.
الطريف أن هذا لم يكن يخطر على بال أحد قبل 2010. فجون غاليانو قدم في عام 1997 تشكيلة مستوحاة بشكل كبير من ثقافة الهنود الحمر. ولم يرها النقاد انتحالاً لثقافتهم، حيث تركز الانتقادات على كونها مسرحية وصعب ترويضها وبيعها بسهولة. لكن شتان بين ذلك العهد وما تعاني منه بيوت أزياء كثيرة من انتقادات سلبية. ومن بين ضحايا هذه الانتقادات كل من «فكتوريا سيكريت» في عام 2012، و«جيفنشي» في عام 2015، ومارك جايكوبس في عام 2016، وحتى «ديور» في بداية هذا العام، عندما اضطرت إلى سحب حملتها الترويجية لعطر «سوفاج» التي كانت من بطولة النجم جوني ديب؛ جريمتها أنها استعملت رقصة خاصة بالهنود الحمر رآها البعض إهانة لهم.
ولا يختلف اثنان على أن الجيل الجديد من الزبائن وراء أغلب هذه الحركات. سلاحهم هو وسائل التواصل الاجتماعي التي يُتقنونها جيداً. أما دافعهم فهو تصحيح أوضاعاً يروون أنها لم تكن «أخلاقية»، لتتعالى أصواتهم مطالبة بموضة مستدامة تحترم البيئة والإنسان على حد سواء. فحتى عام 2016، كانوا يعبرون عن استيائهم وسخطهم، لكن لم يكن يصل بهم الحد إلى المقاطعة، بدليل أن الثنائي «دولتشي أند غابانا» صرحا من قبل بتصريحات مثيرة للجدل، و«فكتوريا سيكريت» كانت أيضاً تثير كثيراً من الاستياء بسبب طريقتها في تسويق المرأة، ومع ذلك لم تتأثر مبيعات أي من هذه البيوت إلا مؤخراً؛ «فكتوريا سيكريت» ألغت عرضها الأخير.
- الدور الإيجابي للإنترنت
انتعاش الإنترنت فتح الأبواب على مصراعيها أمام مصممين شباب ليست لديهم إمكانيات كبيرة لافتتاح محلات أسمنتية. بعضهم حقق نجاحاً كبيراً بتفاعله مع الزبون مباشرة، سواء تعلق الأمر بالأزياء أو الأكسسوارات أو مستحضرات التجميل. ولأن مصاريفهم أقل، كان بإمكانهم أن يوفروا منتجات جيدة بأسعار أقل من تلك التي تقدمها الأسماء الكبيرة التي لها محلات، لا سيما في ظل عزوف كثير من زبائن الجيل الجديد عن هذا المحلات، واقتصارهم على التسوق الإلكتروني. وربما يكون هذا هو العقد «الأسود» بالنسبة للمحلات ومجمعات التسوق الضخمة التي ازدهرت في ثمانينات القرن الماضي.
ويبدو أن الزبون نفسه الذي فرض فكرة التسوق الآني، أي «البيع بعد العرض مباشرة»، وفرض الموضة المستدامة والأخلاقية والمحتشمة، هو أيضاً من فرض فكرة أن تتحول محلات التسوق إلى أماكن تُوفر الترفيه والمتعة. لم يعد افتتاح محل ضخم وأنيق كافياً لجذبه، بل يجب أن يترافق مع فعاليات وإغراءات أخرى، مثل أن يكون هناك تفاعل أكبر وتسهيلات أكثر، إلى جانب حصوله على ذلك الإحساس بأنه مهم وله صوت مسموع.
- انتعاش منتجات التجميل
سيسجل تاريخ الموضة أنه في هذا العقد ولدت مليونيرات التجميل، مثل كايلي جينر وهدى قطان؛ الأخيرة بدأت برموش مستعارة وتوسعت إلى مستحضرات التجميل لتصبح مليارديرة. قوتها تكمن في أنها بدأت كإنفلونسر تُعلم كيفية وضع الماكياج على الإنستغرام، أتبعتها بقناة على يوتيوب خاصة بها. بدورها، حققت كايلي جينر ثروة طائلة من وراء منتجات روجت لها هي شخصياً على وسائل التواصل الاجتماعي. ولا شك أن مدوني التجميل من الإنفلونسرز، وأغلبهم من فناني التجميل، استفادوا من هذه العملية. أرقام المبيعات بدورها تؤكد أنه كان لهم مفعول السحر على بعض هذه الماركات، وهو ما لا يمكن قوله على الموضة التي لا تزال تتخبط بسبب عدم قدرتها على التمييز بين المؤثرين الحقيقيين والدخلاء. ما نجح فيه هؤلاء أنهم أخرجوا عالم التجميل من نخبويته، من خلال تقديمهم أسراراً عن كيفية وضع الماكياج كانت حكراً على النجوم. طرق سهلة تحول فتاة عادية جداً إلى فاتنة بعد كل جلسة ماكياج. ومما يُذكر في عام 2012، ظهور كيم كارداشيان في برنامجها الواقعي بوجه غريب، مخطط بألوان تتباين بين الداكن والباهت. وكانت هذه بداية انتشار أسلوب الـ«كونتورينغ» لتنحيف الوجه أو منحه التألق حسب الجزء الذي يتم التركيز عليه. بعد البرنامج، تحول إلى ظاهرة تُطبقها كل فتيات العالم. وكان لا بد أن تجعل شركات التجميل هذه الألوان المتدرجة عنصراً مهماً في كل مجموعة ماكياج تطرحها. وغني عن القول أن هذه الدروس سلطت الضوء على ماركات جديدة، وأنعشت أخرى قديمة مثل «بينيفت». بسرعة غيرت شركات التجميل وسائلها للتسويق والترويج ليتحول بعض الخبراء والإنفلونسرز إلى نجوم يوتيوب يؤثرون على مبيعات هذه الشركات، في حال اختاروا استعمال منتجاتها، طبعاً لقاء مبالغ طائلة جعلت بعضهم، خصوصا من تعدى عدد متابعيهم الـ100 ألف متابع، يتركون وظائفهم ويتفرغون للعمل كإنفلونسرز.
- الموضة المستدامة أصبحت واقعاً
قبل عام 2013، كان صناع الموضة يتكلمون على الاستدامة والموضة الأخلاقية كثيراً، لكن أفعالهم كانت تقول عكس ما يقولون، إلى أن حصلت كارثة «رانا بلازا». معمل بداكا أودى بحياة أكثر من ألف شخص كانوا يعملون لصالح شركات عالمية في ظروف صعبة جداً، وبرواتب لا تسد حاجتهم.
النيران التي اندلعت فيه كانت إيذاناً بضرورة التغيير الفعلي، فقد انكشف المستور ولم يعد بإمكان الماركات العالمية في باريس أو ميلانو أن تتغاضى عن الأمر أو تُبرره، كما تغيرت النظرة إلى الموضة الجاهزة الرخيصة التي تطرحها محلات بأسعار رخيصة. لأول مرة، بدأت النقاشات حول من يُنفذونها ويدفعون ثمن أسعارها الزهيدة من حياتهم. انشغلت وسائل التواصل، وأثيرت حفيظة الجيل الجديد من الزبائن، وبدأت مطالبهم بتغيير الوضع جذرياً، وتهديداتهم بمقاطعة أي علامة لا تحترم هذه المطالب. ولأول مرة، انتقلت النقاشات إلى قاعات أصحاب القرار من الرؤساء التنفيذيين. بات عليهم تحمل المسؤولية، وتبني طرق إنسانية جديدة. ومع مرور الوقت، توسعت هذه النقاشات لتشمل تأثيرات الموضة على البيئة والتغيرات المناخية، ومدى تأثيراتها على مستقبل الكون. في قمة المناخ عام 2015، وصلت هذه النقاشات ذروتها بعد قرار الأمم المتحدة الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وإلزام الحكومات بالعمل المناخي في قمة المناخ.
غيرت كل من «إل في إم إتش» و«كيرينغ» طرقها في التعامل مع الموضة، واعتذرت دار «بيربري» على إتلافها سنوياً فائضاً يقدر بنحو 40 مليون دولار من منتجاتها. ورغم أن البعض غير مقتنع تماماً بهذه الخطوات، على أساس أن تبني الموضة المستدامة من قبل المجموعات الكبيرة ما هو إلا عملية تسويقية جديدة، فإنها فعلاً بدأت تتحرك باتجاه صحيح، وإن بخطوات بطيئة. في عام 2017، أعلنت دار «غوتشي» توقفها عن استعمال الفرو في تصاميمها، لتليها بيوت أخرى كثيرة، مثل شانيل وبيربري، وهلم جرا.
2020 سيكون عام التحديات بالنسبة لصناع الموضة، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة. والسؤال المطروح حالياً هو: كيف ستواجه هذه التحديات من دون أن تتأثر أرباحها؟ هذا ما ستجيب عنه السنوات المقبلة.


مقالات ذات صلة

في سوق حقائب اليد... كلما خلا تصميمها من التفاصيل الكثيرة ارتفعت أسهمها

لمسات الموضة رغم هدوء التصاميم نجحت «تيسا فونتانيدا» في كسب ودّ جيل كامل من الأنيقات ومن تم افتتاح محلات جديدة في لندن ومدريد (خاص)

في سوق حقائب اليد... كلما خلا تصميمها من التفاصيل الكثيرة ارتفعت أسهمها

هيلاري كلينتون سياسية مخضرمة ومثقفة تتمتع بمؤهلات كثيرة قد يتفق عليها البعض أو لا يتفقون. لكن المؤكد أن الأناقة ليست واحدة منها، إذ يستحيل وضع اسمها ضمن خانة…

لمسات الموضة أيشواريا راي في فستان من رامي قاضي

كيف كسب المصممون العرب قلوب نجمات بوليوود؟

أسماء كثيرة وكبيرة عشقت اللمسات الشرقية، واعتمدت كل من أيشواريا راي باتشان، وديبيكا بادكون، وكارينا كابور، سونام كابور أهوجا، وعليا بهات، أزياء مصممين عرب.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
لمسات الموضة بروش على شكل قطة من «كارتييه» 1991 قيمته التقديرية ما بين 70 ألف و90 ألف فرنك سويسري (سوذبيز)

«سوذبيز - دبي» تزيح الستار عن أبرز معروضات مزاد جنيف للمجوهرات الفريدة

تعرض «سوذبيز - دبي» هذا الشهر أبرز المعروضات التي سيضمّها مزاد المجوهرات الفريدة المرتقب في جنيف خلال شهر مايو (أيار) المقبل، بما في ذلك مجوهرات من مزاد لمالك…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة رشيد تم منحه الجنسية الإيطالية تقديراً لإبداعه في مجال الأعمال (الشرق الأوسط)

«علامات فاخرة» تقود رجل أعمال مصرياً للحصول على الجنسية الإيطالية

قادت علامات تجارية فاخرة رجل الأعمال المصري ووزير الصناعة والتجارة الأسبق رشيد محمد رشيد، للحصول على الجنسية الإيطالية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
لمسات الموضة في ثالث مجموعة لها تقدم «بيربري» أوشحة ومعاطف ممطرة

حديقة قصر هايغروف تُلهم «بيربري» للمرة الثالثة

في عام 1980 حصل الملك تشارلز الثالث على ملكية «هايغروف» الواقع في منطقة غلوسيسترشاير. أصبح القصر ملاذه الريفي والحديقة المترامية ملعبه. زرع فيها كل المبادئ…

«الشرق الأوسط» (لندن)

في سوق حقائب اليد... كلما خلا تصميمها من التفاصيل الكثيرة ارتفعت أسهمها

رغم هدوء التصاميم نجحت «تيسا فونتانيدا» في كسب ودّ جيل كامل من الأنيقات ومن تم افتتاح محلات جديدة في لندن ومدريد (خاص)
رغم هدوء التصاميم نجحت «تيسا فونتانيدا» في كسب ودّ جيل كامل من الأنيقات ومن تم افتتاح محلات جديدة في لندن ومدريد (خاص)
TT

في سوق حقائب اليد... كلما خلا تصميمها من التفاصيل الكثيرة ارتفعت أسهمها

رغم هدوء التصاميم نجحت «تيسا فونتانيدا» في كسب ودّ جيل كامل من الأنيقات ومن تم افتتاح محلات جديدة في لندن ومدريد (خاص)
رغم هدوء التصاميم نجحت «تيسا فونتانيدا» في كسب ودّ جيل كامل من الأنيقات ومن تم افتتاح محلات جديدة في لندن ومدريد (خاص)

هيلاري كلينتون سياسية مخضرمة ومثقفة تتمتع بمؤهلات كثيرة قد يتفق عليها البعض أو لا يتفقون. لكن المؤكد أن الأناقة ليست واحدة منها، إذ يستحيل وضع اسمها ضمن خانة أيقونات الموضة بمفهومنا المعاصر. ومع ذلك، كانت أفضل من لخَّص أهمية حقيبة اليد في حياة المرأة حين قالت في لقاء أجرته معها مجلة أميركية عام 2011: «أعتقد أن هذا الإكسسوار له القدرة على الجمع بين النساء أو التفريق بينهن». وتابعت: «لا ينبغي لأحد أن ينتقد أي شخص آخر على اختياراته في هذا المجال... فالحقيبة حاجة نفسية عميقة تعكس رغبة في تنظيم ما هو مهم في حياتك اليومية وما تحتاج إلى حمله معك في كل الأوقات».

أصبحت تصاميم «تيسا فونتانيدا» تثير الرغبة فيها لعمليتها وحرفيتها (خاص)

لخصت هيلاري الدور الأساسي لحقيبة اليد، ألا وهو منح صاحبتها الطمأنينة والأمان وهي تعرف أنها تحمل معها كل الأغراض التي تحتاج إليها سواء كانت متوجهة إلى مكان العمل أو لحضور دعوة غداء. لكن ما لم تُشر له سيدة البيت الأبيض السابقة أن للحقيبة أدواراً أخرى تتعدى الدور الوظيفي. هي الآن من الإكسسوارات التي تُستعمل لتغذية رغبة دفينة تسكن المرأة والرجل على حد سواء في التميز والتفرد فضلاً عن كونها وسيلة للتعبير عن الوجاهة والمكانة الاجتماعية. لم تعد مجرد مكمل للأناقة، بل من أساسياتها مثلها مثل الجاكيت الأسود وبنطلون الجينز والقميص الأبيض أو الفستان الناعم. وكلما خلا تصميمها من البهرجة دخلت كل المواسم والفصول والمناسبات. ثم لا ننسى أنها الدجاجة التي تبيض ذهباً لبيوت الأزياء العالمية.

«برايفت آي» من «ميتييه» التي يُقدّر سعرها بـ2.250 جنيه إسترليني

لهذا كان من الطبيعي أن تُغذي بيوت أزياء شهيرة مثل «شانيل» و«هيرميس» وغيرهما هذه الاحتياجات النفسية والاجتماعية بابتكار أساليب تسويقية ذكية؛ «شانيل» برفع أسعارها باستمرار، و«هيرميس» بابتداع ما أصبح يعرف بلائحة الانتظار على حقيبتها «البيركن». كان للعمليتين مفعول السحر ترجمَتْه أرقام المبيعات. تبيَّن أنه كلما زاد السعر وارتفع وضَح الفرق بين المقتدرات والمتطلعات، وهذا هو المطلوب. هذا هو أيضاً السبب الذي يجعل «هيرميس» تنتقي بعناية شديدة من تُوفر له حقيبتيها: «الكيلي» و«البيركن».

صعوبة الحصول على حقيبة «البيركن» تحديداً لا يختلف عليها اثنان، ومنذ زمن يعود إلى 1984، تاريخ ولادتها. نُدرتها، بمعنى عدم توفرها في الأسواق، فضلاً عن الانتقائية التي يخضع لها كل من يسعى لاقتنائها، هما من أهم أسرار جاذبيتها وصمودها طوال هذه السنين كاستثمار بقيمة الذهب أو أكثر.

حقيبة «البيركن» من «هيرميس» في مزاد «سوذبيز» بنيويورك تؤكد أنها استثمار بقيمة الذهب وأكثر (رويترز)

منذ أسبوع تقريباً، انتشر خبر أن زبونتين أميركيتين رفعتا دعوة على محل «هيرميس» في سان فرنسيسكو. التهمة أن المحل يحتفظ بهذه الحقيبة لزبائنه المهمين فقط ويرفض توفيرها لغيرهم. جاء في الدعوة أيضاً أن واحدة من المدعيتين

قالت إنها لكي تحصل على الحقيبة كان عليها شراء منتجات أخرى من المحل، وهو ما يتعارض مع القانون. القضية مستمرة ومعها تستمر أهمية حقيبة اليد كإكسسوار يعكس الجاه والمكانة الاجتماعية ويُحسن الحالة النفسية.

الطريف في حقيبة «البيركن» بالذات، أنها بحجمها الكبير، أغوت حتى الرجال. هم أيضاً أقبلوا على استعمالها للتعبير على ميلهم للموضة من جهة، واستعراض قدراتهم المادية من جهة ثانية. في مشهد الموضة الحاضر، لم يعد مظهرهم يثير الاستغراب، لا سيما بعد أن دخلت هذه الحقيبة المزادات العلنية وتعدّت قيمتها في بعض الأحيان سعرها الأصلي. هي الآن أكثر ما ينافس الذهب بوصفها استثماراً بعيد المدى.

الأميرة رجوة تحمل حقيبة «غابرييل» من موينا (موينا)

لكن كل شيء يزيد على حدّه ينقلب إلى ضده. هذا الهوس بالحقيبة خلق نوعاً من التخمة من كل الحقائب التي تتعرف عليها العين من الوهلة الأولى، مما جعل شريحة مهمة من العارفين والعارفات بأسرار الموضة يبحثون عن بدائل.

انتعاش موضة تبدو بسيطة وهادئة في ظاهرها لكن تتضمن كل معاني الفخامة والرُقيّ في جوهرها كان المضاد الذي يبحثون عنه. لقيت هذه الموجة إقبالاً أدى إلى تقسيم عشاق الموضة إلى قسمين: قسم حقَّق ثروته من نجاحاته ويريد الاستمتاع بها على الملأ، وقسم ورثها أباً عن جد ولا يريد أن يتشبه بأحد في اختياراته وأناقته.

لم تقتصر هذه الموضة الهادئة على الأزياء وشملت أيضاً الإكسسوارات بما فيها حقائب اليد، مع العلم أن هذا لا يعني أن «البيركن» ستفقد مكانتها. أبداً، فهي استثمار مضمون بفضل خاماتها الطبيعية وطرق تنفيذها باليد والتي قد تستغرق أسابيع إن لم نقل أشهُراً عدا عن تصميمها الأنيق والعملي. لكنها ليست الوحيدة التي تتصدر المشهد حالياً. اصبح لها منافسون، من أمثال «مارغو» و«ماوسي» و«برايفت آي» وغيرها من الحقائب الخالية من «اللوغوهات».

حقيبة «مارغو» من علامة «ذي رو» تشهد إقبالاً منقطع النظير حالياً رغم بساطة تصميمها (خاص)

حقيبة «مارغو»

حقيبة تحمل توقيع الأختين أولسن، مؤسستي علامة «ذي رو». تصميمها لا يشد الانتباه كثيراً. فهي بسيطة بمقبض علوي بجوانب منحنية وإبزيمين على الجانبين. فقط شعار ذهبي صغير منقوش على جزء من الحافة يشي باسمها وهويتها. ومع ذلك الكل يتكلم ويتساءل عنها، حيث ارتفعت عمليات البحث عنها على مواقع التسوق الإلكتروني بنسبة 198 في المائة وفقاً لمنصة «لايست». محلات «سيلفريدجز» اللندنية أيضاً سجلت ازدياداً في الاهتمام والشراء إلى حد أنه أصبحت لها هي الأخرى قائمة انتظار. موقع «ماتشز» أيضاً سجل الإقبال ذاته، إذ أعلن أنها تنفّذ في أقل من أسبوع من طرحها. مثل «البيركن»، قوتها تكمن في أنها أنيقة وعمليّة بفضل جيوبها المتعددة وجلدها المرن الخالي من التفاصيل التي لا حاجة لها سوى أنها تُثقلها وتجعل العين تمل منها بعد فترة. ثم لا ننسى أنها بأسعار أقل مقارنةً بـ«البيركن».

«برايفت آي مراكش» من «ميتييه» مصنوعة من السويد (خاص)

حقيبة «برايفت آي»من «ميتييه»

«مارغو» ليست الحقيبة الوحيدة التي تثير الاهتمام أو تدخل ضمن خانة الأناقة الراقية والهادئة. فهناك حقائب أخرى مثل «ميتييه برايفت آي Métier’s Private Eye» التي يقدر سعرها بـ2.250 جنيه استرليني وتتمتع بنفس المواصفات الراقية والهادئة التي تتمتع بها «مارغو» و«البيركن». رأت هذه الحقيبة النور أول مرة في 2018، وسرعان ما ذاع صيتها بين العارفات بخبايا الموضة. مكمن قوتها أنها على الرغم من حجمها واللمسات التي أُضيفت إليها لتعزز تماسكها، تبقى خفيفة الوزن. وفق ما قالته المصممة ميليسا موريس، فإنها حرصت على أن تأتي بتصميمها مناسبة لحمل جهاز الكومبيوتر خلال النهار، كما لا تبدو نشازاً في أي مناسبة اجتماعية.

حقيبة «غابرييل» من «موينا» (خاص)

حقيبة «غابرييل» من علامة «موينا Moynat» التي تأسست عام 1849 كأحد أعرق صنّاع حقائب السفر في العالم. تَعدّ هذا التصميم من كلاسيكياتها. فكل ما فيها يفوح بالتميز ورائحة الجلود الطبيعية. من ناحية الشكل، فهي تعتمد على خطوط غرافيكية هندسية ودرزات منحنية في الأعلى والأسفل، بينما يزيّنها قفل يحاكي المجوهرات من البلاديوم يحمل الحرف الأول من الدار. مظهرها الكلاسيكي الذي لا يعترف بزمن لم يُلغ أنها عملية ومرنة يمكن استعمالها بعدة أشكال حسب المناسبة والرغبة. فهي تأتي بمقبض يُسهل حملها باليد، وأيضاً بحزام من الجلد قابل للتعديل أو الإخفاء في حال كانت الرغبة ارتداءها على الكتف.

حقيبة «بيغ موسي Big Mausi»

من تصميم «تيسا فونتانيدا» وهي حقيبة تتمتع بكل المواصفات المطلوبة لتكون الرفيق المثالي لامرأة أنيقة في كل المناسبات. تأتي بألوان متنوعة وبحزام قابل للفصل لتلك اللحظات الخاصة التي تحتاج إلى حقيبة مسائية. مثل أغلب الحقائب التي تحمل توقيع الدار، صُنعت يدوياً على يد حِرفيين لهم باع في تطويع جلد النابا الناعم. وتربط المصممة علاقة حميمة بهذا الجلد تحديداً، إذ تعرفت عليه أول مرة خلال عملها مع دار «لويفي» قبل أن تؤسس علامتها. رغم تميز الحقيبة، فإنها تخلو من أي لوغو يشي باسمها. فقط تلك الفقاعات الصغيرة التي تكسوها بالكامل وأصبحت ماركتها المسجلة هي التي تكشف عن هويتها. وهي نتيجة تقنية معقدة تعتمد على البخار اعتمدتها تيسا للاختلاف.


«إم بي آند إف» تكشف عن جانبها الأنثوي

تعلو العلبة بلورة سافيرية عالية مقببة بطلاء مضاد للانعكاس على الوجهين... والجزء الخلفي من العلبة مغطى بالبلور السافيري (خاص)
تعلو العلبة بلورة سافيرية عالية مقببة بطلاء مضاد للانعكاس على الوجهين... والجزء الخلفي من العلبة مغطى بالبلور السافيري (خاص)
TT

«إم بي آند إف» تكشف عن جانبها الأنثوي

تعلو العلبة بلورة سافيرية عالية مقببة بطلاء مضاد للانعكاس على الوجهين... والجزء الخلفي من العلبة مغطى بالبلور السافيري (خاص)
تعلو العلبة بلورة سافيرية عالية مقببة بطلاء مضاد للانعكاس على الوجهين... والجزء الخلفي من العلبة مغطى بالبلور السافيري (خاص)

قبل 4 سنوات، بدأت العملية الإبداعية لساعة «ليغاسي ماشين فلاينغ تي (LEGACY MACHINE FLYING T)» انطلاقاً من رغبة ماكسميليان بوسير تكريم الأنثى في حياته. يقول: «أسّست (إم بي آند إف) لأعبر عمّا أؤمن به، ولصنع قطع منحوتة ثلاثية الأبعاد من الفن الحركي تشير إلى الزمن. في مرحلة ما، ألحّت عليّ رغبة أن أبدع عملاً يحتفي بنساء من عائلتي أثرن على حياتي».

ماكسيميليان بوسير (خاص)

كانت والدته واحدة من هؤلاء النساء الملهمات؛ الأمر الذي انعكس على تصميم «ليغاسي ماشين فلاينغ تي» المفعم بالأنوثة والأمومة على حد سواء. يشرح: «انطلقت من قناعتي أن النساء يشكلن دعامة - عمود - الإنسانية. وفي الوقت نفسه، هناك معنى آخر لا يقل قوة تجسّد في دوّار على شكل الشمس؛ كونها عُنصر مانح للحياة، كما أنها مصدر من مصادر العيش الذي ننجذب نحوه وحوله».

كان ماكسميليان بوسير يُدرك أن العملية تتطلب ما هو أكثر من تصغير حجم ساعة رجالية وإضفاء ألوان زاهية عليها.

كان لا بد من أن تتضمن تعقيدات «إم بي آند إف» المعروفة؛ بدءاً من آلة قياس الزمن الجريئة، إلى إعادة تصميم علبة «ليغاسي ماشين» بشكل كامل.

وهكذا جرى تقليص ارتفاع وقطر العلبة لنقل التركيز إلى قبة البلور السافيري المحدبة للغاية، وتقليل سمك العروات، وتأكيد انحناءاتها، مع إدخال شطبات عميقة لمظهر أكثر أناقة.

عند موضع الساعة «7» يوجد ميناء من الطلاء اللامع «اللّك» الأبيض أو الأسود (أو من الحجر الكريم)، يُشار إلى الساعات والدقائق فوقه بواسطة عقربين يلتويان بشكل أفعواني. ويميل هذا الميناء إلى أعلى بزاوية ميل تبلغ 50 درجة، بحيث لا يتمكن من قراءة الزمن إلا من يرتدي الساعة.

رقم «7» مهم لكل من ماكسميليان بوسير و«إم بي آند إف» على أساس أن الطاقة الإبداعية تأتي في صورة دورات مدة كل منها 7 سنوات (خاص)

رقم «7» مهم لكل من ماكسيميليان بوسير و«إم بي آند إف»، على أساس أن الطاقة الإبداعية تأتي في صورة دورات مدة كل منها 7 سنوات. في العام السابع لتأسيس «إم بي آند إف» ولدت مجموعة «ليغاسي ماشين»، ومعها مزيد من إبداعات «إم بي آند إف» المشتركة. في العام الرابع عشر لتأسيس «إم بي آند إف» جرى الكشف عن طريق جديدة لاستكشاف قياس الزمن. تتمثل هذه الطريق في آلة قياس الزمن «ليغاسي ماشين فلاينغ تي»، التي أُطلقت لأول مرة في عام 2019، لتكون أولى قطع الفن الساعاتي ثلاثي الأبعاد لـ«إم بي آند إف» المستلهمة من النساء. علبة مستديرة من الذهب أو البلاتين، ذات إطار نحيل مقوس بشكل حاد، وعروات ممدودة رشيقة، غالباً ما تأتي مرصعة بالكامل بأحجار الألماس. ومن الإطار ترتفع قبة عالية من البلور السافيري محدبة. وأسفل هذه القبة، توجد صفيحة الميناء المنحنية، بتشطيبات تتنوع بين اللون الأسود السائل مع طبقات ممتدة من الورنيش «اللّك»، وزخارف «غيوشيه»، وأحجار كريمة نابضة بالحياة.

أُطلقت آلة قياس الزمن «ليغاسي ماشين فلاينغ تي» لأول مرة عام 2019 ومنذ 2020 تخصص ميناءً خاصاً مصنوعاً من أحد الأحجار الكريمة (خاص)

أُطلقت آلة قياس الزمن «ليغاسي ماشين فلاينغ تي» لأول مرة في عام 2019 في 3 إصدارات؛ جميعها من الذهب الأبيض ومرصعة بأحجار الألماس. أُتبعت بإصدارَين محدودَين مصنوعَين من الذهب الأحمر عيار 18 قيراطاً والبلاتين، من دون ترصيع بأحجار الألماس، ولكنهما يتميزان بصفيحتَي ميناء مزخرفتَين بتقنية «غيوشيه».

ومنذ عام 2020، تستضيف مجموعة «فلاينغ تي» كل عام ميناءً خاصاً مصنوعاً من أحد الأحجار الكريمة، مثل اللازورد، والملكيت، وعين النمر، والتنزانيت «أنوليت»... وغيرها. وفي عام 2024، ينضم إلى هذه السلسلة الخاصة من موانئ الأحجار الكريمة؛ إصدار «إل إم فلاينغ تي أونيكس». يتميز بصفيحة ميناء من حجر الجزع – العقيق اليماني – الكريم باللون الأسود العميق، تحتضنه علبة من الذهب الأصفر عيار 18 قيراطاً.


كيف كسب المصممون العرب قلوب نجمات بوليوود؟

أيشواريا راي في فستان من رامي قاضي
أيشواريا راي في فستان من رامي قاضي
TT

كيف كسب المصممون العرب قلوب نجمات بوليوود؟

أيشواريا راي في فستان من رامي قاضي
أيشواريا راي في فستان من رامي قاضي

الواضح أن المصممين العرب أصبحوا يشكّلون الوجهة المفضلة لنجمات بوليوود عندما تجتاحهن الرغبة في التألق أو خطف الأضواء في المناسبات الكبرى سواء على السجاد الأحمر أو حفلات الزفاف. من بين أكثر الأسماء تداولاً في أوساطهن إيلي صعب، وزهير مراد، ورامي العلي، ومحمد آشي وجان لويس صبجي وكريكور جابوتيان ورامي قاضي، وبيوت أزياء أخرى توجد مقراتها إما في دبي أو الكويت أو السعودية.

اللافت أنه حتى في حفل إطلاق مركز نيتا موكيش الثقافي، عام 2023 في مومباي، وهو المركز الأول من نوعه في الهند، والذي كان من المفترض فيه تفضيل تصاميم بتوقيع مصممين محليين، اختارت علياء بهات وبريانكا شوبرا جوناس فساتين من مصممين عرب لهذه الليلة الكبيرة.

بريانكا شوبرا وفستان من نيكولا جبران

أسماء كثيرة وكبيرة عشقت اللمسات الشرقية، وحتى الآن، اعتمدت كل من أيشواريا راي باتشان، وديبيكا بادكون، وكارينا كابور، سونام كابور أهوجا، وعليا بهات، وسوناكشي سينها، وجانفي كابور إبداعات هؤلاء المصممين العرب. ملكة جمال العالم السابقة ونجمة بوليوود، بريانكا تشوبرا جوناس، شاركت جمهورها مؤخراً عبر حسابها على موقع «إنستغرام» صورة تبدو فيها بفستان أنيق من المصمم اللبناني إيلي صعب، مع العلم أنها ليست المرة الأولى التي تتألق فيها النجمة الهندية بإبداعاته. كما سبق لها أن اعتمدت فساتين من كل من زهير مراد ونيكولا جبران. إذا أخذنا عدد الفساتين التي ظهرت بها، وكانت بتوقيع هذا الأخير، أي نيكولا جبران، يمكننا أن نستنتج أنه المصمم المفضل لديها حالياً. آخر تعاون بينهما كان فستاناً من الساتان الأصفر المشرق تألقت فيه على السجادة الحمراء في الدورة الثانية لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة في ديسمبر (كانون الأول) 2022.

بريانكا شوبرا في فستان مبتكر من المغربي محمد بنشلال (من حساب شوبرا على الإنستغرام)

ويبدو واضحاً من اختياراتها أنها تُقبل على كل ما هو جريء ومثير، سواء تعلق الأمر بالألوان الساطعة التي تناسب بشرتها السمراء، أو التصاميم الهندسية ذات التفاصيل اللافتة. في عام 2021، مثلاً اختارت تصميماً مذهلاً باللون الزعفراني من دار «بنشلال» لصاحبها المغربي محمد بنشلال، كان عبارة عن سترة شبكية برتقالية وغطاء رأس وجيوب نسقته مع بنطلون أسود ضيق وحذاء بكعب عالٍ. علاوة على ذلك، دعمت شوبرا كذلك العلامة التجارية اللبنانية ـ الأميركية الصاعدة «مونو» عام 2021، عندما اختارت في عام 2021 فستاناً أبيض صممته الدار خصيصاً لها بمناسبة تصويرها إعلاناً لمنتج للعناية بالشعر.

النجمة مانوشي تشيلار في فستان من تصميم سعيد قبيسي

بيد أن شوبرا ليست وحدها من وقعت تحت سحر المصممين العرب. في مهرجان كان السينمائي الدولي لعام 2023، أثارت ممثلة بوليوود مانوشي تشيلار، وملكة جمال العالم السابقة، الأنظار بفستان أسود مبتكر بتوقيع المصمم اللبناني سعيد قبيسي. وفي الفعالية ذاتها، بدت ممثلة أخرى من بوليوود، هي إيشا غوبتا، في كامل أناقتها وهي ترتدي فستاناً أبيض من الساتان ذا فتحة عالية من تصميم نيكولا جبران. وكان للشبكة الشفافة في المقدمة، والتي تحمل زخارف أزهار بيضاء، عامل السحر في الإطلالة بأكملها.

أيشواريا راي في فستان من رامي قاضي

أما النجمة أيشواريا راي باتشان فلفتت الأنظار إلى إبداعات عدد من المواهب الشابة، وعلى رأسهم رامي قاضي، الذي ظهرت في عام 2016، وخلال مهرجان كان السينمائي الدولي، بفستان من توقيعه. ومنذ ذلك الحين، وهي تتعاون معه إلى جانب تعاونها مع عدد من المصممين العرب، من بينهم اللبناني جان لويس صبجي ودار «صوفي كوتور»، لصاحبتها الأذربيجانية، غونيل باباييفا والتي يوجد مقرها بدبي، بينما ارتدت ممثلة بوليوود المخضرمة نيتو كابور، من إبداعات دار ريما أمير، التي تتخذ هي الأخرى من دبي مقراً لها في مناسبة حفل زفاف ابنها العام الماضي.

ومن بين إطلالاتها التي لا تنسى، تألقها عام 2018 أمام الكاميرات مرتدية ثوباً مزيناً بالترتر ومن دون حمالات لرامي القاضي. وفي إطلالة أخرى لها عام 2019، اختارت فستاناً من الجلد منقوشاً بالليزر من تصميم اللبناني جان لويس صبجي، وكان لافتاً أنه يلتقط أشعة الشمس فتتغير ألوانه البراقة ما بين الذهبي والبرتقالي إلى الأخضر والأصفر.

أيشواريا في فستان من دار «لابورجوازي» ويوجد مقرها في الكويت (لابورجوازي)

دار «لابورجوازي»، التي تتخذ من الكويت مقراً لها، هي الأخرى نجحت في استقطاب نجمات ومشاهير الهند مثل مغنية بوليوود جاكلين فيرنانديز، التي تألقت في فستان لامع بكرات من الفرو الصناعي المبالغ في حجمها مؤخراً. واختارت منها جانفي كابور أيضاً فستاناً مزداناً بألواح شفافة مثيرة خلال حضورها فعالية أقيمت حديثاً.

سبب الإقبال على لسان خبراء الأزياء يعود إلى أن المصممين العرب يفهمون الأجسام الهندية جيداً. تقول منسقة أزياء المشاهير المعروفة في الهند، أسثا شارما، إنه لدى بوليوود قاعدة جماهيرية كبيرة في العالم العربي، والمصممون العرب لديهم فهم كبير لمشاهير بوليوود، وهو ما يجعل تصاميمهم تناسب تضاريسهن الجسدية، وتضفي عليهن الجمال والأنوثة.

كريتي سانون بفستان باللون الأخضر من اللبناني فؤاد سركيس (فؤاد سركيس)

منذ أسابيع قليلة، وبمناسبة مشاركتها ضمن لجنة حكم مسابقة ملكة جمال العالم (Miss World) التي جرت فعالياتها في مومباي، تألقت نجمة بوليوود كريتي سانون بفستان باللون الأخضر من اللبناني فؤاد سركيس.


ما الذهب الرملي الذي ظهر في ساعة أوديمار بيغه الجديدة؟

ساعة «رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد» الجديدة ترتكز على علاقة مبينة على الذهب منذ تأسيسها (أوديمار بيغه)
ساعة «رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد» الجديدة ترتكز على علاقة مبينة على الذهب منذ تأسيسها (أوديمار بيغه)
TT

ما الذهب الرملي الذي ظهر في ساعة أوديمار بيغه الجديدة؟

ساعة «رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد» الجديدة ترتكز على علاقة مبينة على الذهب منذ تأسيسها (أوديمار بيغه)
ساعة «رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد» الجديدة ترتكز على علاقة مبينة على الذهب منذ تأسيسها (أوديمار بيغه)

الإبداع بالنسبة لشركة «أوديمار بيغه» لا يقتصر على الوظائف المعقدة والتصاميم المبتكرة، بل أيضاً على الألوان والمواد. مؤخراً طرحت ساعة «رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد (Royal Oak Selfwinding Flying Tourbillon Openworked)». أكثر ما يلفت فيها أنها من الذهب الرملي. لون جديد تشرح الدار السويسرية أنه نتيجة تفاعل سبيكة من الذهب عيار 18 قيراطاً، تتراوح بين الذهب الأبيض والذهب الوردي. يتغير لونها حسب الزاوية والضوء، مما يوفر إمكانياتٍ جماليةً متنوعة، علماً بأن المصنع يُقدم هذا المعدن واللون المميز لأول مرة في هذه الساعة التي يبلغ قطرها 41 مم.

«رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد» الأحدث مصنوعة من الذهب الرملي (الصور من أوديمار بيغه)

أما الهيكل والسوار المصنوعان من الذهب الجديد، فطوّرتهما أوديمار بيغه أيضاً باستعمال هذا اللون لتزيين الجسور المخرمة والصفيحة الرئيسية للحركة الذي تتميز بهندسية معمارية. ولأنها بهندسية تعتمد على تعدد الطبقات جاءت تُشكِل مركز الصدارة على وجهَي الساعة. ويتباين هذا اللون بشكل دقيق مع المكونات ذات لون الروديوم في الأجزاء الداخلية للحركة، ما يخلق تأثيراً ثلاثي الأبعاد.

ساعة «رويال أوك أوتوماتيك فلاينغ توربيون أوبن ووركد» الجديدة ترتكز على علاقة مبينة على الذهب منذ تأسيسها (أوديمار بيغه)

تشرح الدار أن هذه السبيكة سُميت على اسم الكثبان الرملية. مصنوعة من الذهب عيار 18 قيراطاً الذي يضفي عليه النحاس والبلاديوم مظهراً دافئاً. لتعزيز مظهرها الأنيق تم تشطيب الهيكل والسوار بالصقل الساتاني واللامع، فيما تتباين الجسور والصفيحة الرئيسية ذات اللون الذهبي الرملي أيضاً مع لمسات من اللون الرمادي. ويكتمل خزان الطاقة ومجموعة التروس والتوربيون العائم عند موضع الساعة الـ6 - جميعها بلون الروديوم - بعلامات ساعات وعقارب مصنوعة من الذهب الأبيض، تم ملؤها بمادةٍ مضيئة.

تترافق الساعة الجديدة مع حركة متعددة الطبقات مُخرّمة ومهيكلة وبألوان الذهب الرملي والروديوم (أوديمار بيغه)

تاريخ من الساعات الذهبية

علاقة «أوديمار بيغه»، وغيرها من بيوت المجوهرات والساعات الفاخرة بالذهب ليست جديدة. فهو يعدّ معدناً نبيلاً يتمتع بقيمة جمالية وخصائص تقنية مهمة على رأسها صلابته، ومقاومته للتآكل والأكسدة وتغيّر اللون. هو أيضاً مادة حيوية ومرنة يسهل تطويعها والتعامل معها مقارنة بمعادن أخرى. يقول سيباستيان فيفاس، مدير التراث ومتحف أوديمار بيغه أنه «باستعمالها الذهب الرملي، فإن الشركة تعمل فقط على إحياء النهج الإبداعي في التعامل مع سبائك الذهب وألوانه التي سادت منذ آلاف السنين حتى الستينات».

سيباستيان يؤكد الدور الذي لعبه هذا المعدن منذ تأسيس الشركة. فمن بين 567 ساعة معصم معقدة تمت صناعة هياكلها وتسليمها من قبل المصنع بين عامي 1882 و1969، صُنِعَ 432 منها من الذهب (248 من الذهب الأصفر، 68 من الذهب الأبيض، 41 من الذهب الوردي، 32 من الذهب الأخضر و43 دون لون محدد حسب جدول الألوان).

ظهر أول طراز من «رويال أوك» من الذهب، في النسخة النسائية من رويال أوك 2 - Royal Oak II. كان ذلك في عام 1977 وبلغ قطرها 29 مم. كانت من تصميم جاكلين ديمييه. هي الأخرى استلهمتها من إصدار من الفولاذ المقاوم للصدأ ظهر أول مرة في عام 1976. في عام 1978 ظهرت نسخة محدودة من التصميم نفسه لكن من الذهب الأبيض. في عام 1977، أطلق المصنع أيضاً أول طرازات 5402 رويال أوك بقطر 39 مم من مزيج من الذهب الأصفر والذهب الأبيض. ومنذ عام 1979، فإن ما يقرب من ثلاثة أرباع ساعات رويال أوك مصنوعة جزئياً أو كلياً من الذهب. فالشركة لم تستغن عنه أو تُخفف منه حتى في عز أزمة ارتفاع أسعار الذهب في الثمانينات.


«سوذبيز - دبي» تزيح الستار عن أبرز معروضات مزاد جنيف للمجوهرات الفريدة

بروش على شكل قطة من «كارتييه» 1991 قيمته التقديرية ما بين 70 ألف و90 ألف فرنك سويسري (سوذبيز)
بروش على شكل قطة من «كارتييه» 1991 قيمته التقديرية ما بين 70 ألف و90 ألف فرنك سويسري (سوذبيز)
TT

«سوذبيز - دبي» تزيح الستار عن أبرز معروضات مزاد جنيف للمجوهرات الفريدة

بروش على شكل قطة من «كارتييه» 1991 قيمته التقديرية ما بين 70 ألف و90 ألف فرنك سويسري (سوذبيز)
بروش على شكل قطة من «كارتييه» 1991 قيمته التقديرية ما بين 70 ألف و90 ألف فرنك سويسري (سوذبيز)

تعرض «سوذبيز - دبي» هذا الشهر أبرز المعروضات التي سيضمّها مزاد المجوهرات الفريدة المرتقب في جنيف خلال شهر مايو (أيار) المقبل، بما في ذلك مجوهرات من مزاد لمالك واحد بعنوان «جواهر أيقونية: إحساسها بالأناقة» والعديد من القطع الاستثنائية الأخرى. تم تنسيق هذه المجموعة وتجميعها على مدار خمسة عقود، وتضم أكثر من 250 قطعة من أعلى مستويات الجودة والتصميم حيث تقدر قيمتها بما بين 5.4 و8.3 مليون دولار.

مجموعة من الياقوت والماس تحتوي على قلادة وسوار وخاتم قيمتها 1.5 مليون دولار (سوذبيز)

وتعدّ هذه المجموعة بمثابة تكريم لفنّ تصميم المجوهرات في القرن العشرين وعرض موسوعي لقطعها الأكثر شهرة واتجاهاتها الأكثر تأثيراً كما صاغتها إبداعات أرقى دور المجوهرات، مثل «كارتييه» و«فان كليف أند آربلز» و«بولغاري» و«بوشرون» و«شوميه» و«ديفيد ويب» و«موبوسان» و«مارينا ب».

عقد «ألجي» من رينيه بويفين المصنوع من الفيروز والأميتيست (القيمة التقديرية 22 - 34 ألف دولار)

ومن بين تلك الأسماء، يحتل رينيه بويفين، مكاناً خاصاً ضمن المجموعة. ومع نحو ثلاثين قطعة سيجري عرضها في إطار «المجوهرات الأيقونية: إحساسها بالأناقة»، تضم المعروضات أكبر مجموعة من مجوهرات بويفين تُطرح في مزاد على الإطلاق. من بينها عقد «ألجي» المصنوع من الفيروز والأميتيست (القيمة التقديرية 22 - 34 ألف دولار) إلى جانب قطع أخرى من مزاد المالك الفردي، بما فيها Devant-de-corsage من كارتييه (القيمة التقديرية 225 دولار - 450 ألف دولار)، وسوار «توتي فروتي» من كارتييه (القيمة التقديرية 225 - 450 ألف دولار) وزوج من الأقراط من بولغاري تتراوح قيمته بين 450 - 675 ألف دولار.

سوار «بانثر» من «كارتييه» يقدر بين 250 ألف و350 ألف فرانك سويسري (سوذبيز)

وإضافة إلى أبرز معروضات مزاد المالك الفردي، سوف تعرض سوذبيز دبي العديد من القطع الاستثنائية لمزاد المجوهرات الفريدة. وهي تحتوي على ماسة صفراء عتيقة نادرة من نوع Fancy Vivid وبروش من الألماس يبلغ وزنه 101.29 قيراط، تم تصميمها نحو عام 1952 من قبل دار «كارتييه». بقيمة تقديرية تتراوح بين 6.2 دولار و7.4 مليون دولار، تعدّ هذه الجوهرة مثالاً لبراعة «كارتييه» وجاذبيتها الدائمة. هناك أيضاً العديد من الأحجار الكريمة الأخرى البارزة مثل عقد وسوار وخاتم وأقراط رائعة من الياقوت والألماس، إضافة إلى ساعة تقدر قيمتها بما بين 800 ألف دولار و1.5 مليون دولار، وخاتم من الياقوت والألماس يزن 6.59 قيراط ويتوقّع أن تصل قيمته إلى ما بين 450 ألف و560 ألف دولار.


«علامات فاخرة» تقود رجل أعمال مصرياً للحصول على الجنسية الإيطالية

رشيد تم منحه الجنسية الإيطالية تقديراً لإبداعه في مجال الأعمال (الشرق الأوسط)
رشيد تم منحه الجنسية الإيطالية تقديراً لإبداعه في مجال الأعمال (الشرق الأوسط)
TT

«علامات فاخرة» تقود رجل أعمال مصرياً للحصول على الجنسية الإيطالية

رشيد تم منحه الجنسية الإيطالية تقديراً لإبداعه في مجال الأعمال (الشرق الأوسط)
رشيد تم منحه الجنسية الإيطالية تقديراً لإبداعه في مجال الأعمال (الشرق الأوسط)

قادت علامات تجارية فاخرة رجل الأعمال المصري ووزير الصناعة والتجارة الأسبق رشيد محمد رشيد، للحصول على الجنسية الإيطالية؛ تكريماً لمجهوداته وإنجازاته المتميزة في عالم الاقتصاد والأعمال.

وقد أصدر الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا قراراً بمنح الجنسية الإيطالية لرشيد، بعد موافقة مجلس الوزراء الإيطالي على التقرير الذي اقترح تكريم رشيد بمنحه الجنسية بوصفه استحقاقاً خاصاً، لما له من إنجازات وتميز في مجالات الاقتصاد والأعمال والابتكار في إيطاليا وخارجها.

رجل الأعمال المصري رشيد محمد رشيد (الشرق الأوسط)

وبحسب وصف المذكرة الرسمية الصادرة عن رئاسة الجمهورية الإيطالية، فإنه تم منح هذا التكريم لرشيد: لـ«التزامه الريادي، إلى جانب المعرفة العميقة، والقرب الصادق من الثقافة الإيطالية، التي تم إثباتها دائماً، مما أسهم في إعطاء الهيبة لصورة إيطاليا في العالم».

وكان رشيد قد حصل على وسام الاستحقاق (أعلى وسام في إيطاليا) من الرئيس الإيطالي السابق جورجيو نابوليتانو عام 2010.

وعبّر رشيد الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة «السارة»، والرئيس التنفيذي لشركة «مايهولا» للاستثمار عن امتنانه الشديد لهذه الخطوة، لا سيما أنها بقرار نابع من الحكومة الإيطالية ذاتها، قائلاً في تصريحات صحافية: «يشرفني أن أتلقى هذا الثناء من بلد أؤمن به دائماً، فإيطاليا هي مثال للتميز في كل قطاع، سأستمر في دعم الصناعة في إيطاليا، وتعزيز القيم التي نستثمر فيها وهي الموهبة والإبداع والابتكار».

ونال رشيد إشادات عدة من رجال صناعة وإعلاميين إيطاليين لتميزه في مجال الاقتصاد والأعمال بإيطاليا على مدار السنوات الماضية.

من عرض «فالنتينو» (فالنتينو)

وبدأ رجل الأعمال المصري البارز الاستثمار في ماركات الأزياء العالمية للمرة الأولى في عام 2012 بصفته الرئيس التنفيذي لشركة «مايهولا» للاستثمارات، التي تمتلك دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» ودار الأزياء الفرنسية «بالمان»، بالإضافة إلى تقلده منصب نائب رئيس مجلس إدارة شركة «ليبتون» العالمية لشاي «ليبتون». وكان رشيد عضو مجلس إدارة في شركة «يونيليفر» العالمية، ومؤسساً في عديد من الشركات العالمية في السلع الاستهلاكية والأغذية.

وفي عام 2017، أسس رشيد مجموعة «السارة» للاستثمار، وهي شركة قابضة مقرها سويسرا تعمل في مجال بناء والاستثمار في العلامات التجارية الفاخرة، لكن مقرها التشغيلي في ميلانو، والرئيس التنفيذي لشركة «مايهولا» للاستثمارات، المساهم الرئيسي في «فالنتينو» ومالك «بالمان».

بعض منتجات «بالمان» (حساب الشركة على «فيسبوك»)

ولد رشيد في الإسكندرية عام 1955 لعائلة مصرية بارزة تنشط في قطاع النقل، وتخرج في جامعة الإسكندرية وكلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، وكان يتمتع بخبرة مهنية في شركة العائلة قبل الانضمام إلى شركة «يونيليفر»، وهي شركة كان رئيساً لها في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

كما شغل رشيد في الفترة من 2004 إلى 2011، منصب وزير الصناعة والتجارة والاستثمار في الحكومة المصرية.


حديقة قصر هايغروف تُلهم «بيربري» للمرة الثالثة

في ثالث مجموعة لها تقدم «بيربري» أوشحة ومعاطف ممطرة
في ثالث مجموعة لها تقدم «بيربري» أوشحة ومعاطف ممطرة
TT

حديقة قصر هايغروف تُلهم «بيربري» للمرة الثالثة

في ثالث مجموعة لها تقدم «بيربري» أوشحة ومعاطف ممطرة
في ثالث مجموعة لها تقدم «بيربري» أوشحة ومعاطف ممطرة

في عام 1980 حصل الملك تشارلز الثالث على ملكية «هايغروف» الواقع في منطقة غلوسيسترشاير. أصبح القصر ملاذه الريفي والحديقة المترامية ملعبه. زرع فيها كل المبادئ التي يؤمن بها بدءاً من شكلها الهندسي إلى اختياره الأزهار والنباتات الصديقة للبيئة وما شابه. أمضى حوالي 40 عاماً تقريباً يعمل على تحويلها إلى ما آلت إليه الآن.

شكل لأربعة أوشحة من الحرير العضوي ومنها اثنان يصوران زهوراً برية متعددة الألوان (بيربري)

الزائر إليها اليوم، لن يرى حديقة عادية، بل لوحة فنية رسمها ملك شغوف بالطبيعة. وهذا تحديداً ما ألهم دار «بيربري»، وجعلها تطرح مجموعة ثالثة من الأوشحة الحريرية والمعاطف الواقية من المطر تنبض بألوانها وأزهارها ونباتاتها بعد أن تكلل تعاونها مع مؤسسة «هايغروف» بالنجاح في تجربتين سابقتين. تجدر الإشارة إلى أن «بيربري» تحمل ختم العائلة البريطانية المالكة منذ الخمسينات من القرن الماضي. حصلت عليه من الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، وأيضاً من الملك تشارلز عندما كان ولياً للعهد. هذا الختم يمنحها صلاحيات قد لا تتوافر لغيرها، وهو ما يؤكده حصولها على حق رسم الحديقة وبيعها في متاجر «هايغروف» وفي محلاتها وموقعها الإلكتروني.

قالت المتحدثة باسم مؤسسة الملك تشارلز الخيرية «The King's Foundation» إن القطع التي طرحتها الدار البريطانية تم «تصميمها بعناية لتُعبّر عن التزام كل من بيربري وهايغروف بالحرفية والممارسات التجارية المسؤولة والصديقة للبيئة».

وشاح يظهر فيه الدلفينيوم الأرجواني والأزرق الأصفر والأزرق (بيربري)

تجدر الإشارة إلى أن هذه المجموعة الثالثة. سبق وأن طرحت الدار في الخريف الماضي مجموعة من الأوشحة تزامناً مع حفل تتويج الملك. أوكلت تصميمها لثمانية طلاب منخرطين في برنامج تدريب الحرفيين المعاصرين ضمن برنامج يهتم بالشباب، يدعمهم لضمان نقل إرث الحرف اليدوية والفنية إلى الجيل المقبل.

معطف بلون اللبلاب ببطانة تجسد مرجاً من الزهور البرية المستوحاة من حديقة القصر (بيربري)

في هذه المجموعة، تعاونت الدار مع هولي ميلز، وهي فنانة بريطانية تخرجت في مدرسة الرسم الملكية، التي أسسها الأمير تشارلز في عام 2000. حرصت على أن تلتقط في كل قطعة مروج الزهور البرية والأشجار. وطبعاً زهرة الدلفينيوم المفضلة لدى الملك تشارلز. كل الأوشحة صُنعت من الحرير العضوي، وتم تشطيبها بحواف ملفوفة يدوياً؛ لضمان جودة تدوم طويلاً. لم تقتصر المجموعة على الأوشحة هذه المرة. ضمت إليها معاطف مضادة للمطر في غاية الأناقة والكلاسيكية تحمل كل بصمات الدار البريطانية العريقة.

يتميز المعطف بأناقة وكلاسيكية في ظاهره لكن بطانته تخفي لوحة فنية (بيربري)

الجديد أن النقشات المربعة التي تُغطي بطاناتها عادة لتُميزها استُبدلت بواسطة أزهار ونباتات حديقة القصر، الأمر الذي ارتقى بها. اقتصارها على البطانة يجعلها تظهر فقط عندما يكون المعطف مفتوحاً، ولا يعرف بوجودها سوى صاحبها، وهو ما يُعد قمة الترف.


«فالنتينو» تودّع بييرباولو بيكيولي وتستقبل أليساندرو ميكيلي في غضون أسبوع

لا ينسى المصمم أن يعيد الفضل إلى الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة (فالنتينو)
لا ينسى المصمم أن يعيد الفضل إلى الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة (فالنتينو)
TT

«فالنتينو» تودّع بييرباولو بيكيولي وتستقبل أليساندرو ميكيلي في غضون أسبوع

لا ينسى المصمم أن يعيد الفضل إلى الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة (فالنتينو)
لا ينسى المصمم أن يعيد الفضل إلى الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة (فالنتينو)

شهدت ساحة الموضة مؤخراً هزة كراسي قوية شملت تغيير مناصب تنفيذية وإقالات واستقالات. المصمم البلجيكي دريز فان نوتن أعلن منذ أسابيع خبر تنحيه عن إدارة الدار التي أسسها منذ 38 عاماً، تلاه مباشرة إعلان خروج بييرباولو بيكيولي من دار «فالنتينو» بعد 25 عاماً. الأول برر قراره بأنه يريد فتح المجال للشباب لكي يضخوا داره بدماء جديدة ورغبته في خوض مغامرات ومشاريع شخصية أجلها طويلاً، وحان الوقت ليستمتع بها. أما الثاني، فجاء في البيان الذي تم توزيعه على وسائل الإعلام أن قرار المغادرة كان ودياً بينه وبين الشركة الأم. لكن هذه البيانات أصبحت مكررة تفتح أبواب التكهنات. بنفس الحبر تقريباً كُتب بيان مغادرة سارة بيرتون دار «ألكسندر ماكوين» التابعة لمجموعة «كيرينغ» في العام الماضي، وهي التي شغلت منصبها لـ13 عاماً، وأصبحت مصممة أميرة وايلز، كاثرين المفضلة، إن لم نقل الرسمية.

لا مكانتها في البلاط الملكي شفعت لها، ولا الشاعرية والديناميكية التي ميزت تصاميم وعروض «فالنتينو» شفعت لبيكيولي أمام موجة التغيير.

لم يمضِ سوى أيام حتى تم الإعلان عن خليفة له: أليساندرو ميكيلي، مصمم دار «غوتشي» السابق، ما يجعل توقيت الإعلانين مثيراً، لأنه جاء بعد فترة قصيرة من استحواذ مجموعة «كيرينغ» على حصة 30 في المائة من «فالنتينو» مقابل 1.7 مليار يورو، مع إمكانية استحواذها على النسبة المتبقية بحلول عام 2028. المتابعون يعرفون أن هذه الصفقة تأتي في فترة تشهد فيها «كيرينغ» المالكة لـ«غوتشي» و«ألكسندر ماكوين» وغيرها عملية نفض مكثفة تستهدف تغيير كراسي رؤساء تنفيذيين ومصممين على حد سواء.

غني عن القول بأنها تغييرات تأتي كرد فعل للصدمات الاقتصادية التي تلقتها سوق المنتجات المترفة ككل في السنوات الأخيرة، وإن كانت خيوطها بدأت تُحاك منذ عقدين تقريباً لتجريد الموضة من جانبها الإنساني، وخلق ثقافة دخيلة تعطي الأولوية للتسويق، والأرباح. ولو على حساب الإبداع.

لم يتلاعب بإرث الدار لكنه ضخها بديناميكية عصرية وشاعرية في الوقت ذاته (فالنتينو)

بييرباولو بيكيولي صَرح في لقاء صحافي سابق بأن مشهد الموضة تغيّر بشكل صادم، قال وكأنه كان يعرف ما يُخبئ له المستقبل القريب: «بغض النظر عن شكل التعبير الفني، أصبح المنتجون أقوى من الموسيقيين، وأصحاب المعارض أقوى من الفنانين، والمجموعات الكبيرة أقوى من المصممين». علَق أيضاً أن قواعد اللعبة تغيرت حين أصبح للرؤساء التنفيذيين الكلمة المسموعة بحجة تسهيل عمليات التسويق. بييرباولو بيكيولي من الجيل الذي يؤمن بالإبداع، والروح الإنسانية أولاً. كان من الممكن أن يجاري متطلبات السوق، لكنه فضل التمسك بقناعاته «كان واضحاً بالنسبة لي ما سيؤدي إليه التوجه الجديد. لا يهمني كل ما يقال، فأنا أعرف ما أريد، ولا يمكنني التنازل عن قناعاتي مهما كانت متطلبات الأسواق، وتغير الأذواق. فهذا النظام الجديد لا يمكن أن يستمر». بحسب رأيه هو نظام يتنافى مع الإبداع، و«بلا مستقبل، لأن من يفتقد القدرة على الخيال، فلن يقدر على الإبداع بأي شكل من الأشكال».

الوردي لا يزال حاضرات لكن بدرجات اقل توهجا من "بي.بي.بينك" (فالنتينو)

بييرباولو بيكيولي ليس وحده من عبّر عن قلقه من ترجيح كفة الجانب التجاري والتسويقي على الجانب الإبداعي. كل من المصمم راف سيمونز والراحل ألبير إلبيز أعربا في وقت من الأوقات عن قلقهما من أن تفقد الموضة شيئاً أساسياً تصعب استعادته. بل يمكن القول بأن أول من دق أجراس الخطر كان الراحل إيف سان لوران عندما أعلن تقاعده وهو يرمي جام غضبه على سطوة المجموعات الكبيرة، ولهفتها على تحقيق الربح بأي ثمن.

بغض النظر عن كل التكهنات عن الأسباب والمسببات، وما إذا كان غياب بييرباولو بيكيولي سيُخلف ثغرة في ساحة الموضة، أو أن الوقت حان لبعض التغيير بعد 25 عاماً قضاها فيها، فإن المتابعين لتاريخ الموضة يُدركون أن «العرض سيستمر». بتنصيب أليساندرو ميكيلي، الذي سبق وحقق لدار «غوتشي» نجاحات مهمة قبل أن يصيب أسلوبه المبالغ فيه بالتخمة، فإن المجموعة تطمح أن يكرر لها نفس النجاحات التجارية في داره الجديدة.

غير أن خروج بيكيولي لن يُنسينا ما خلّفه من إرث إنساني، وصور شاعرية ستبقى في الذاكرة، بدءاً من درجة الوردي الذي أصبح لصيقاً باسمه إلى الجانب الإنساني الذي تبناه طوال فترته كمصمم.

من عرضه لخريف وشتاء 2024 (فالنتينو)

في كل لقاءاته كان بييرباولو يؤكد على ضرورة أن تحافظ الموضة على العنصر الإنساني بأن تبقى واقعية. من جهته، جعلها تتعدى الألوان والأزياء والإكسسوارات، ووظفها لتعانق الاختلاف، وتفسح المجال للآخر. كان أكثر مصمم استعان بعارضات أفريقيات في عروضه.

في عام 2022، أقام عرضاً ضخماً في روما كانت خلفيته المدرج الإسباني، وافتتحته عارضة سودانية. أطلق عليه عنوان البداية «The Beginning»، وطرز الكثير من اقتراحاته بالورود، والأزهار، ليذكرنا ببدايات تأسيس الدار في روما على يد غارافاني فالنتينو. كان أيضاً رسالة حب للعالم، شارك في كتابتها عارضون وعارضات من كل الأجناس، والألوان، والأحجام أيضاً.

مشهود له بقدرته على مزج الألوان واختيار العارضات (فالنتينو)

دعا لحضوره 120 طالباً من معاهد موضة إيطالية في لفتة لبداياته كطالب كان يتابع عروض الأزياء من بعيد، ولا يتصور أنه سيكون جزءاً منها في يوم من الأيام. في آخر العرض، لم ينس الأنامل الناعمة التي أشرفت على تنفيذ كل صغيرة وكبيرة في هذه التشكيلة، وغيرها. خرج معهم جميعاً وهو يحفز ضيوفه للتصفيق لهم.

لكن ستبقى مهارته في مزج الألوان بشاعرية وفنية هي أكثر ما ستذكره كتب الموضة عنه. لم تضاهه مهارة فيها سوى إيف سان لوران وكريستيان لاكروا، وإيمليو بوتشي، وجون باتو. كانت الألوان بالنسبة له «الأداة الأكثر مباشرة لتغيير وجهات النظر، وتكسير الأفكار المسبقة» وفق قوله.

المملة نينا دوبريف في زي من مجموعة "بي.بي. بينك" التي رغم كل المخاوف التي اثارتها "بي.بي. بينك" حققت النجاح (فالنتينو)

في تشكيلته لخريف وشتاء 2023 قدم لـ«بي بي بينك» اللون الوردي الذي اجتاح ساحة الموضة حتى قبل أن يصدر فيلم «باربي». ابتكره بمساعدة «مؤسسة بانتون للألوان». أثار مخاوف شريحة لا يستهان بها من النساء عندما أطل علينا بجرعات قوية، إلا أن مفعوله كان قوياً. ارتفعت المبيعات بنسبة 15 في المائة في ذلك العام لتصل إلى 1.5 مليار دولار. ظهر بعده الأزرق، والأبيض، والذهبي، وألوان أخرى خلقت نوعاً من الدراما الشاعرية، وجعلت البعض يقارنه بفنانين كبار رغم رفضه لهذه الصفة. «بالنسبة لي الموضة ليست فناً، لأنها تحتاج لأن تتعامل مع الجسد بشكل عملي، وواقعي، بينما لا يتقيد الفن بهذا الأمر» وفق ما قاله لـ«الشرق الأوسط» في لقاء سابق، مضيفاً: «أعتقد أن الفن والموضة شيئان مختلفان. فالفن بالنسبة لي لا يلبي احتياجات ملموسة في أرض الواقع، على العكس من الموضة. فهي مفيدة، وتستهدف أموراً محددة، وعملية في الحياة. لكن بالتأكيد هناك قواسم مشتركة كثيرة بينهما، مثل بحثهما الدائم عن الجمال، والرغبة في تحرير الخيال».

كان الأسود هو اللون الأوحد في عرضه الأخير لخريف 2024 وشتاء 2025 (فالنتينو)

بيد أن حبه للألوان، ومهارته في جعلها تتناغم حتى في أقصى تناقضاتها تجعل تشكيلته الأخيرة لخريف وشتاء 2024 - 2025 مثيرة للتساؤل. لون 63 قطعة بالأسود. كان جريئاً في جعله اللون الأوحد. تجريده للوحاته من ألوانها مُبقياً على لونٍ واحدٍ يتيح له القيام بالكثير باستخدام القليل، مضاعفاً الاحتمالات التعبيريّة. من هذا المنظور، وبعد إعلان خبر خروجه من «فالنتينو» فهي تُعبّر هنا أيضاً عن مشاعر «الفقد»، وأنه كان يشعر باقتراب ساعات الفراق. وهذا ما يجعلها أيضاً نقطة النهاية لفصل مهم في تاريخ دار إيطالية، ومسيرة مصمم رفض أن يساير الموجة السائدة، مفضلاً أن يحتفظ بقناعاته، ومبادئه. فالنتينو غارافاني، مؤسس الدار، نشر على صفحته الخاصة مُعلقاً على خبر مغادرته: «شكراً بييرباولو، أنت المصمم الوحيد الذي لم يحاول تشويه رموز علامة كبيرة بسبب جنون العظمة، وتضخم الأنا».

وداعا بييرباولو بيكيولي (فالنتينو)

أهم المحطات في مسيرته

ولد بيكيولي في عام 1967 في «نيتونو»، مدينة ساحلية صغيرة تبعد عن روما بنحو 35 ميلاً جنوباً. لا يزال يعيش فيها مع زوجته، وأبنائه الثلاثة. بدأ العمل مع دار «فالنتينو» في عام 1999 في قسم الإكسسوارات. في عام 2008 أصبح المدير الإبداعي لقسم الأزياء مع زميلته ماريا غراتزيا تشيوري التي سبق وعمل معها في دار «فندي» لعشر سنوات. في عام 2016، انتقلت تشيوري إلى «ديور» كأول امرأة تتسلم هذه المهمة كمصممة. بقي هو المصمم الوحيد في «فالنتينو»، ومنذ أول عرض له من خط الـ«هوت كوتور» تحديداً كشف عن عبقرية، وخصوبة خيال. كان كل عرض يقدمه من هذا الخط يثير العواطف إلى حد انتزاع الدموع من الحضور، مثلما حدث مع المغنية سيلين ديون في عام 2019.

على العكس من المصممين الشباب الذين تسلموا مقاليد بيوت أزياء لمؤسسين إما تقاعدوا أو غيبهم الموت، وحاولوا وضع لمساتهم الشخصية عليها، بقي هو وفياً لرموزها الأساسية. فالنتينو غارافاني، مؤسس الدار، أشاد به في كل المناسبات، وهو ما يعتبر سابقة بحد ذاتها. فمعظم المؤسسين لم يكونوا راضين عن خلفائهم، أشهرهم كان إيف سان لوران ومشكلاته مع توم فورد.

حتى عندما يتعامل مع لون واحد فإنه يُبدعه بشكل يجعله ملوَنا (فالنتينو)

ما يحسب له أنه رغم احترامه رموز الدار وجيناتها، لم يبق أسيراً لهذا الإرث. أمر قال إنه تعلمه من الراحل كارل لاغرفيلد الذي عمل معه في دار «فندي» في بدايته «كان كارل مهووسا بفكرة عدم العودة إلى الماضي، وهو ما كان درساً مهماً لي». ومع ذلك احترم ماضي الدار، ومؤسسها. كان يعود إليه فقط لكي يضخه بحداثة تواكب العصر.


عودة الابن المتمرد إلى حُضن الموضة

أليساندرو ميكيلي المدير الإبداعي الجديد لدار «فالنتينو» (فالنتينو)
أليساندرو ميكيلي المدير الإبداعي الجديد لدار «فالنتينو» (فالنتينو)
TT

عودة الابن المتمرد إلى حُضن الموضة

أليساندرو ميكيلي المدير الإبداعي الجديد لدار «فالنتينو» (فالنتينو)
أليساندرو ميكيلي المدير الإبداعي الجديد لدار «فالنتينو» (فالنتينو)

في أقل من أسبوع خرج بييرباولو بيكيولي من دار «فالنتينو» ليدخلها أليساندرو ميكيلي. حركة أثارت الكثير من التساؤلات. رغم أن أليساندرو شكر رشيد محمد رشيد، رئيس شركة «مايهولا» شخصياً لاختياره، والثقة التي وضعها فيه، إلا أن هذا لا يمنع من التساؤل ما إذا كانت مجموعة «كيرينغ» المالكة لـ«غوتشي» و«سان لوران» و«بالنسياغا» وغيرها ساهمت في هذا الاختيار، كونه عمل معها لسنوات في دار «غوتشي» قبل أن يغادرها في عام 2022؟

صحيح أن «فالنتينو» لا تزال ملكاً لشركة «مايهولا» الاستثمارية القطرية المالكة لـ«بالمان» و«بال زيليري»، إلا أن «كيرينغ» اشترت في شهر يوليو (تموز) الماضي نسبة 30 في المائة منها، مع إمكانية أن تحصل عليها كاملة بحلول 2028، وهذا ما يجعل هذه التنقلات مثيرة في هذا التوقيت.

ما يعرفه متابعو الموضة وأسواق المال والأعمال أن مبيعات «غوتشي» التي حققت أرباحاً ضخمة للمجموعة الفرنسية في عهد أليساندرو ميكيلي، انخفضت بنحو 20 في المائة خلال الربع الأول من سنتها المالية الأخيرة رغم محاولات مصممها الجديد ساباتو دي سارنو خلق أسلوب راقٍ وجذاب بعيد كل البعد عن أسلوب «الماكسيماليزم» الذي اعتمده سلفه، وكان واحداً من أسباب نجاحه، وسقوطه.

ومع ذلك تراجعت مبيعات غوتشي بشكل كبير في الأسواق الآسيوية، وبما أن الدار تشكل نحو ثلثي الأرباح التي تحققها مجموعة «كيرينغ»، فإن الأمر ليس هيناً. الآن وبتعيين أليساندرو ميكيلي مديراً إبداعياً لدار «فالنتينو» بعد أن استحوذت «كيرينغ» على نسبة 30 في المائة منها، فإنها و«مايهولا» تطمحان أن يحقق فيها ما حققه لـ«غوتشي» في سنواته الأولى.

التحق ميكيلي بـ«غوتشي» أول مرة في عام 2002 قادماً إليها من «فندي». عمل مع فريدا جيانيني من 2011 إلى 2015، العام الذي تسلَّم فيه وظيفة المدير الإبداعي للدار. وهنا بدأ في كتابة فصل غني بالألوان الغنية والنقشات المتضاربة. كانت خلطة مثيرة وغريبة أعطت ثمارها سريعاً. ارتفعت المبيعات وأصبح مجرد اسم «غوتشي» مطلباً للشباب في كل أنحاء العالم. بعد سنوات ومع تكرر نفس الأسلوب، أصيب هذا الزبون بالتخمة وعزف عنها. أشيع حينها أنه طُلب منه التطوير والبحث عن أفكار جديدة، لكن ميكيلي تشبّث برؤيته الفنية، وفضل المغادرة على التنازل. في بيان نشره بعد إعلان خبر تعيينه كتب ميكيلي: «أشعر بسعادة عارمة ومسؤولية وأنا ألتحق بدار أزياء راقية ارتبط اسمها بالجمال، وأناقة فريدة». سيوجه أول تشكيلة له لربيع وصيف 2025. الكل يترقب الفصل الجديد بفضول وشوق.


«دولتشي آند غابانا» تفتتح أول محل لها في الرياض

أحضرت الدار معها كل تفاصيل شخصيتها من الألوان المتوهجة والنقشات المتضاربة إلى الزخرفات الغنية (خاص)
أحضرت الدار معها كل تفاصيل شخصيتها من الألوان المتوهجة والنقشات المتضاربة إلى الزخرفات الغنية (خاص)
TT

«دولتشي آند غابانا» تفتتح أول محل لها في الرياض

أحضرت الدار معها كل تفاصيل شخصيتها من الألوان المتوهجة والنقشات المتضاربة إلى الزخرفات الغنية (خاص)
أحضرت الدار معها كل تفاصيل شخصيتها من الألوان المتوهجة والنقشات المتضاربة إلى الزخرفات الغنية (خاص)

سلسلة الافتتاحات التي تشهدها منطقة «فيا الرياض» بمدينة الرياض لا تزال مستمرة. آخرها كان افتتاح «بوتيك دولتشي آند غابانا» على مساحة قدرها 531.42 ألف متر مربع. تقول العلامة الإيطالية إنه الأول لها في المنطقة ولن يكون الأخير، بالنظر إلى العلاقة التي تجمعها بزبائنها منذ زمن. وأيضاً للمكانة التي تحتلها منطقة الشرق الأوسط ككل في سوق الترف. السعودية طبعاً تأتي ضمن أولويات دور الأزياء والمجوهرات العالمية حالياً. أغلبهم يعقدون عليها آمالا كبيرة. فهي سوق تَعد بالكثير من ناحية الاستراتيجيات التي تنتهجها منذ انطلاق «رؤية 2030» وأيضاً لنسبة سكانها من الشباب واهتمامهم بكل ما يتعلق بالجمال والحياة.

احترام المنطقة وثقافتها لم يأتِ على حساب أسلوب الدار العصري (خاص)

اختارت «دولتشي آند غابانا» عنوان «فيا الرياض» لأنه أصبح لصيقاً بالفخامة والرقيّ في كل المجالات؛ من الضيافة إلى وسائل الراحة والتسهيلات التي يوفرها. طبعاً لا ننسى أن الدار ستكون هنا جارة لأسماء مثل «إيلي صعب» و«توم فورد» والبقية تأتي.

شخصية «دولتشي آند غابانا» حاضرة في الألوان المتوهجة والنقشات المتضاربة (خاص)

أهم ما يثير في محل «دولتشي آند غابانا» الجديد الطريقة التي حرص فيها على احترام ثقافة الترف وثقافة البلد في الوقت ذاته. فهذا الافتتاح لم يأتِ بين ليلة وضحاها كما يقول المصممان والمؤسسان دومينيكو دولتشي وستيفانو غابانا. بل بعد دراسة متأنية وتوطيد علاقة طويلة. فعدا أن عدد زبائن الدار في المنطقة لا يستهان به، كانت أول من أقام عرض أزياء ضخم في منطقة العلا عام 2022، ثم لا يمكن أن ننسى أنها أول دار أزياء قدمت «تشكيلة رمضانية» مبنيّة على العباءات والقفاطين وحققت نجاحاً كبيراً، لتبدأ السباق الرمضاني الذي أصبح تقليداً سنوياً في هذه المناسبة.

استخدمت الحجر السلماني الأصفر الشائع في الرياض لتزيين الواجهة وكذلك التصميم الداخلي (خاص)

الجميل في المحل الجديد أن احترام ثقافة البلد لم يتطلب منها إلغاء شخصيتها الإيطالية، سواء كانت ألواناً صارخة أو نقشات متضاربة أو زخرفات غنية. كانت كل هذه التفاصيل حاضرة. كل ما في الأمر أنها جعلتها تتماهى مع روح المكان، بالعمل على إثراء المشهد المحلي واحترام موروثاته، وهو ما تجلى أيضاً في الهندسة المعمارية التي استُخدم فيها الحجر السلماني الأصفر، الشائع في الرياض. استعملته لتزيين الواجهة وكذلك في التصميم الداخلي، الأمر الذي خلق تفاعلاً آسراً مع الأبيض الذي لوَن الجدران، وأسطح ألوان الخشب والأرضية البازلتية، التي تُميز معظم محلات «دولتشي آند غابانا» في العالم.