مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

قد يصلح العطار ما أفسد الدهر

قبل ثمانية عقود كتب أحدهم متسائلاً: كيف تكون حياة الإنسان على الأرض بعد (ألف عام)!، ومن ضمن توقعاته أن الإنسان سيكون اعتماده على الطائرات التي سوف تكون أعدادها (بالمئات)، وتطير بسرعة مئات الأميال، وسيعم استعمال التلغراف اللاسلكي في كل طيارة، وسينتشر مبدأ اللاسلكي في كل شيء.
هذا ما وصل له خيال ذلك الإنسان متصوراً أن الحياة على الأرض سوف تكون هكذا بعد ألف عام – أكرر بعد ألف عام - وإذا بالعلم يختزل أو يختصر الوقت ويتحقق ذلك الخيال والحلم في أقل من مائة وليس ألف عام، وإذا بالطائرات أعدادها ليس بالمئات ولكن بمئات الآلاف، وسرعتها ليست بمئات الأميال ولكن بآلافها.
وإذا بأجهزة الهواتف النقالة يضعها كل إنسان في جيبه يخاطب فيها من يريد في أي ركن من أركان المعمورة بالصوت والصورة الملونة والحركة كذلك.
ولكي لا يشطح بنا الخيال بعيداً عبر ألف عام، فدعونا نكون أكثر تواضعاً ومنطقية، ونكتفي بالتوقع خلال قرن واحد من الآن.
وها هو كريس ميدلتون الصحافي وخبير الروبوتات يقول: إن أجسادنا يمكن استبدالها بالكامل مع أجزاء روبوتية في أقرب وقت بحلول عام 2070، مؤكداً أننا لسنا بعيدين عن المستقبل، حيث يمكن لأي شخص شراء الأجزاء التي تعطيه القوى الخارقة – عندها ستسقط مقولة: لا يصلح العطار ما أفسد الدهر.
وقد جرب العديد من المتخصصين بالفعل ترقية أجسادهم، من خلال زرع رقائق تسمح لهم بفتح الأبواب عبر تحريك أيديهم، وبالتالي فإن التنبؤات ليست بعيدة المنال.
وبعد 100 سنة من الآن قد يصبح جسم الإنسان كله قابلاً للاستبدال والتعديل أو الترقية، وإنني أراهن على ذلك، فيمكننا أن نرى بالفعل أن بعض التقنية تشجع الناس على أن يتصرفوا مثل الآلات، ولكن للأسف ففي الوقت نفسه قد تكون تلك الآلات أكثر إنسانية من بعض البشر.
وفي هذه الأيام أصبح البشر أكثر تقبلاً بالفعل لما يجب عليهم القيام به. وتساءل ميدلتون أيضاً عما إذا كانت الأجهزة القابلة للارتداء هي جزء من رحلة نحو دمج التكنولوجيا داخلنا، وأجاب مؤكداً أنه على المدى الطويل سيحدث ذلك وهذا أمر لا مفر منه – انتهى.
ولو أن هذه الاستبدالات متاحة في الوقت الحاضر، فيمين بالله لكنت من الأوائل، وسوف أسارع بتجديد أو استبدال مكينة حديثة (لنج)، بمكينتي شبه المخبّطة – خصوصاً بالأجزاء الحيوية منها - وهي التي تبعث البهجة في الحياة، وتجعل الإنسان يصهل ويصقل كالحصان غير المعسوف.