مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

مثالٌ على تخبط اليسار الغربي مع إيران

حين ترصد تناول اليسار الغربي، الأميركي منه خصوصاً، لمقتل قاسم سليماني، يد إيران الطولى في الإرهاب والتخريب على مدى عقود، يخيّل لك أن إدارة الرئيس ترمب، وترمب شخصياً، قد قتلوا ناشطاً إيرانياً سياسياً، فقط، أو مجرد وزير الزراعة والمياه في الجمهورية الإيرانية «الخمينية»! يصفونه بمسؤول رسمي، وتوبّخ زعيمة الديمقراطيين نانسي بيلوسي الرئيس ترمب على ماذا؟! على «خدمته العليا للبشرية بقتله سليماني وثلة من شياطين الإرهاب معه في الضربة البغدادية الشهيرة؟!».
قرأت قصة نشرتها مراسلة «بي بي سي»، سوزان كيانبور، عن البعد «الشخصي» في حكاية مقتل سليماني وحماسة الوزير مايك بومبيو لذلك... حسناً ما هو البعد الشخصي في ذلك؟!
تقول المراسلة قلة من المسؤولين الأميركيين الذين يتمتعون بمعرفة عميقة بشأن إيران مثل وزير الخارجية مايك بومبيو «الصراع بالنسبة له... شخصي».
تشرح لنا سوزان كيانبور أنه في أوائل عام 2016، تراجع بومبيو، عضو الكونغرس عن ولاية كانساس وقتها، شخصيا عن طلب للحصول على تأشيرة سفر إلى إيران، كان قد وجهه إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي.
وفي التفاصيل فإن بومبيو واثنين آخرين من أعضاء مجلس النواب من الجمهوريين ذهبوا في سيارات سوداء إلى السفارة الباكستانية في واشنطن، مقر قسم إدارة المصالح الدبلوماسية لإيران «كانوا يرغبون في الذهاب إلى طهران لمراقبة الانتخابات البرلمانية الإيرانية، وزيارة المواقع النووية، وعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين الإيرانيين، ومقابلة سجناء أميركيين، والحصول على معلومات بشأن برنامج الصواريخ الباليستية في البلاد وأشياء أخرى». وتصل لخلاصتها النهائية المثيرة عن علاقة بومبيو «الشخصية» بإيران والحرس الثوري وقاسم سليماني فتقول: «طبيعة الحال، لم يتخطوا أبعد من قاعة الاستقبال في السفارة ولم يذهبوا إلى إيران، حتى أرسل بومبيو رسالة واضحة مفادها: (أضعكم نصب عيني)».
وتنقل عمّن وصفته بمسؤول إيراني مازحاً أنهم كانوا يتمنون لو كانت السفارة قد أصدرت له تأشيرة سفر «كان يمكن أن يكون لدينا مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في طهران».
تخيّل، بعد كل الخبرة التي أقرت بها المراسلة لبومبيو بشؤون إيران والأمن القومي، عبر سيرته الحافلة، وبعد كل الجرائم التي ارتكبها الحرس الثوري وفيلق القدس مدة الثمانينات والتسعينات والألفية الجديدة... يصبح الأمر مجرد غضب شخصي من نائب سابق لم يمنح التأشيرة!
سليماني باعتراف المراسلة نقلا عن ضابط استخبارات وأمن سابق مهتم بإيران هو مايكل برجنت يعتبر: «أبرز شخص يمكنك التخلص منه إذ يلي في الأهمية آية الله الخامنئي».
هذا مثال كاشف عن تخبط اليسار الغربي في كيفية التعامل مع الخطر الإيراني الخميني... ومثله كثير ومثير.