خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

مير بصري يفتح قلبه لأصحابه

أشرت في مقالة «من نجوم الطائفة الموسوية في العراق» إلى ما كتبه الشاعر والأديب مير بصري في شكواه ونجواه من تغربه من البلد الذي أحبه وابتعد عنه. وقد واصل ذلك في رسائل وقصائد عدة بعث بها إلى أصحابه ووصلني شيء منها. كان من ذلك رسالة بعث بها إلى من بغداد في 28 يناير (كانون الثاني) عام 1966 يذكر فيها ويثني على صديقه عبد الرزاق الشيخلي. يقول: كان لي نعم الصديق وكنا نلتقي دائماً في بغداد ولندن. يقول في رسالته إن اليهود في العراق كانوا يبلغون في عام 1950 نحو 180 ألفاً، لكن بعد الحروب مع إسرائيل وما صحبها وتلاها من مشاكل لم يبق منهم بعد نصف قرن غير نحو خمسين شخصاً من الفقراء والعجائز. يقول في رسالته «حاول عبد الرزاق وسواه من رجال الفكر مساعدتنا فلم يصيبوا نجاحاً. بيد أن الشاعر بعث بقصيدة إليه يشكره ويشيد به:
يا نبيل الخلق سامى المحتد
وصديق الأمس حقاً والغد
وكريماً عرف الحق فلم
يألُ في الحق سلوك الجدد
وافتقدنا منصفاً ينصرنا
في أسانا بلسان ويد
أين دستور يحامي حقنا
ويقينا شر جور المعتد؟
إن يكن إسلامهم هذا الذي
قد رأيناه فيا للكمد
نعرف الإسلام عدلاً سامياً
منح العبد حقوق السيد
نعرف الإسلام نوراً زاهياً
بسناه الناس طراً تهتدي
نعرف الإسلام علماً وتقى
رفعا فيه لواء السؤدد
أين منه الجهل، حاشا، والهوى
,هما قد ذهبا كالزبد
بيد أن السنوات التالية كانت أحلك مما سبق. وفي عام 1984، بعث الشاعر بهذه القصيدة التي حررها إلى «السيد الجليل الحاج عبد الهادي الجلبي» وبعث بها من لندن. وقد آن لي أن أقتطف منها هذه الأبيات العاطفية الأليمة:
يا ابا رشدي، تركنا الموطنا
يندب الحظ وجئنا لندنا
كانت الدنيا صفاءً، فإذا
بالغيوم الدكن تغشى المدنا
لست أنسى يا عزيزي زمناً
يوم كنا في سناء وسنى
كنت عينا ووزيراً ولكم
في اقتصاد قد خدمت الوطنا
وأنا كنت أديباً شاعراً
ومديراً، فاسألوني من أنا؟
هل يعود اليوم عهد قد مضى
تشرق الشمس على تلك الدنى؟
أخذ الحكم اغتصاباً عصبة
في حشاها الشر صرفاً كمنا
وقد كان الشاعر يشير لعصبة صدام حسين من أهالي تكريت، وحروبه التي شنها وأهلك الشعب فيها:
قل لتكريت التي قد أولدت
زمرة الفتاك ساءوا معدنا
قد تمادى شيخهم في غيه
زرع البغي وشراً قد جنى
نام عنه الدهر في طغيانه
وهو للإرهاب سن السننا
ثم ينتقل هذا الشاعر اليهودي فيحلم بزوال ذلك النظام وعودة الأمن والخير للعراق:
والعراق الحر يمشي قدماً
رافلاً في العز ثوباً والسنا
تلك أحلام وهل صحت رؤى
داعبت أجفان قوم موهنا؟