تمثل لائحة الاتهامات الأميركية التي نُشرت، أمس، ضد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، مرحلة جديدة ضد رئيس دولة أجنبية، حيث يشير مسؤولون بالبيت الأبيض إلى أن الرئيس ترمب يشعر بالإحباط من استمرار الأزمة في فنزويلا. وفي إجابته عن أسئلة الصحافيين، مساء الخميس، نفى ترمب محاولة الضغط على فنزويلا واستغلال هذا الوقت الحساس، حيث من المتوقع أن تتضرر بشدة من تفشي وباء «كورونا». وقال: «لا، نحن لا نبحث عن نقطة ضعف، وفنزويلا تعاني من مشكلة خطيرة، ونحن نراقب فنزويلا ومادورو عن كثب».
واتهمت الولايات المتحدة، الخميس، مادورو وأكثر من اثني عشر من كبار المسؤولين في الحكومة الفنزويلية بتهم «إرهاب المخدرات»، وعرضت مكافأة نقدية تصل إلى 55 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى اعتقالهم. 15 مليوناً منها مقابل معلومات تقود إلى اعتقال الرئيس، وما يصل إلى عشرة ملايين دولار لكلٍّ من بقية المسؤولين، من بينهم رئيس المحكمة العليا مايكل مورينو الذي وجهت إليه تهم غسل أموال، ووزير الدفاع فلاديمير بادرينو، ومدير المخابرات العسكرية السابق، ووزير الصناعة السابق. واعتبر الخبراء هذه الاتهامات تصعيداً جديداً في حملة الضغط التي تمارسها إدارة ترمب بهدف الإطاحة بالزعيم الاشتراكي الذي تعاني بلاده من أزمة اقتصادية واضطراب سياسي منذ عدة أشهر.
وأعلن النائب العام الأميركي ويليام بار، لائحة الاتهامات التي تشمل تهماً بالتآمر والإرهاب باستخدام المخدرات وتهريبها إلى الولايات المتحدة وتهماً بالفساد وتهماً بانضمام مادورو ومساعديه من كبار المسؤولين بالتورط مع عصابات من كولومبيا (مثل المجموعة المسلحة فارك) وآخرين قاموا بالاتجار بالكوكايين وتهريب شحنات متعددة الأطنان منه إلى الولايات المتحدة بالتنسيق مع دول مثل هندوراس ودول أخرى.
وقال بار: «رغم معاناة الشعب الفنزويلي فإن هذه العصابة تملأ جيوبها بأموال المخدرات وعوائد الفساد». ولطالما اتهمت واشنطن إدارة مادورو بإدارة «دولة مخدرات» واستخدم عائداتها في تعويض خسائر قطاع النفط الفنزويلي الذي طالته العقوبات الأميركية.
لكنه رفض أن يوضح ما إذا كانت الولايات المتحدة تفكر في تدخل في فنزويلا لاعتقال مادورو أو إصدار مذكرة لتسلمه مع المتهمين الآخرين. وقال: «هناك خيارات عديدة لكنني آمل أن يصبح الشعب الفنزويلي قريباً في وضع يسمح له بتسليمه لنا».
لكنّ مسؤولي إدارة ترمب يدركون أن هناك فرصة ضئيلة في اعتقال نيكولاس مادورو أو أي شخصيات أخرى في فنزويلا في أي وقت قريب.
ويقول المحللون إن اتهام رئيس دولة لا يزال في السلطة أمر غير معتاد ومن المحتم أن يؤدي إلى تصعيد التوترات بين واشنطن وكاراكاس في وقت يهدد انتشار فيروس «كورونا» بانهيار في النظام الصحي في فنزويلا وانهيار اقتصادي في دولة تعتمد على النفط القابع تحت طائلة العقوبات الأميركية. وألمحوا إلى أن هذا الإجراء من الممكن أن يعزز فرص انتخاب الرئيس الأميركي في ولاية فلوريدا المتأرجحة التي فاز فيها بفارق ضئيل في انتخابات 2016 وهي تحتوي جالية كبيرة من السكان من فنزويلا وكوبا ونيكاراغوا من المهاجرين والغاضبين من قسوة تلك الأنظمة الاستبدادية.
وتعليقاً على إعلان واشنطن التي تريد إقصاءه عن الحكم، قال مادورو إن «حكومة دونالد ترمب وفي خطوة مشينة وسوقية وبائسة أطلقت اتهامات كاذبة». وأضاف: «أقول بوضوح: كم أنت بائس يا دونالد ترمب. إنه لا يتصرف فقط مثل راعي بقر عنصري ويؤمن بتفوق العرق الأبيض، بل يدير العلاقات الدولية بالابتزاز».
ويصور مادورو نفسه على أنه رمز لليسار في جنوب القارة الأميركية. واعتاد مادورو اتهام الولايات المتحدة بالبحث عن أي عذر للسيطرة على فنزويلا التي تحوي أكبر احتياطات نفطية في العالم، مشبهاً التآمر لغزو بنما عام 1989 وإزاحة الجنرال مانويل نورييغا بما تقوم به أميركا حالياً من توجيه اتهامات إليه وإلى مسؤوليه بتهريب المخدرات.
وقال وزير العدل الأميركي إن الولايات المتحدة لا تعترف بنيكولاس مادورو رئيساً لفنزويلا، كما كانت لا تعترف بمانويل نورييغا رئيساً لبنما عندما اتهمته في 1989 بتهريب المخدرات.
ونشبت الخلافات بين الولايات المتحدة وحكومة مادورو بشكل عميق منذ عدة أشهر على خلفية الفساد الواسع داخل إدارة مادورو، الذي تولى السلطة عام 2013 خلفاً للرئيس هوغو شافيز، وأعيد انتخاب مادورو عام 2018 في عملية عدّتها الولايات المتحدة مزيفة ومزورة، لكنّ مادورو ظل بالحكم مدعوماً من الجيش وكل من روسيا والصين وكوبا. وحينما اشتعلت المظاهرات في فنزويلا ضد مادورو، دعمت إدارة ترمب زعيم المعارضة خوان غويدو كرئيس شرعي للبلاد.
وأكد المدعي العام الفنزويلي طارق ويليام صعب، أول من أمس (الخميس)، أن مكتبه بدأ تحقيقاً مع زعيم المعارضة غوايدو الذي أعلن نفسه رئيساً للبلاد، بزعم التخطيط لمحاولة انقلاب. وأكد صعب في سلسلة من التغريدات على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أنه يجري حالياً التحقيق مع غوايدو، الذي يحاول الإطاحة بمادورو المحاصر منذ العام الماضي، وذلك إلى جانب الجنرال المتقاعد كليفر ألكالا و«متعاونين آخرين» بتهمة «الجريمة المعترف بها بمحاولة الانقلاب». وكتب صعب في إشارة إلى الجنرال السابق الذي كان يعيش في جمهورية كولومبيا: «تم التخطيط لمحاولة الانقلاب هذه في جمهورية كولومبيا، بدعم من مستشارين أميركيين وبسرقة أموال من الدولة الفنزويلية». وأضاف صعب، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، أن الخطة أُحبطت عندما تم ضبط شحنة أسلحة بقيمة 500 ألف دولار كان من المقرر تهريبها عبر الحدود إلى فنزويلا في ميناء سانتا مارتا الكولومبي.
وقوبل إعلان غوايدو في يناير (كانون الثاني) 2019، تنصيب نفسه رئيساً مؤقتاً، بدعم دولي، لكنّ جهوده للإطاحة بمادورو واجهت صعوبات منذ أن أكدت الشخصيات الرئيسية في الجيش القوي في البلاد ولاءها له.
إدارة ترمب تطبّق سياسة الضغط القصوى للإطاحة بمادورو
https://aawsat.com/home/article/2203326/%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%91%D9%82-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%BA%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D9%88%D9%89-%D9%84%D9%84%D8%A5%D8%B7%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A8%D9%85%D8%A7%D8%AF%D9%88%D8%B1%D9%88
إدارة ترمب تطبّق سياسة الضغط القصوى للإطاحة بمادورو
الادعاء الفنزويلي يحقق مع زعيم المعارضة بتهمة التخطيط لـ {محاولة انقلاب}
- كاراكاس: «الشرق الأوسط»
- واشنطن: هبة القدسي
- كاراكاس: «الشرق الأوسط»
- واشنطن: هبة القدسي
إدارة ترمب تطبّق سياسة الضغط القصوى للإطاحة بمادورو
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة