مها محمد الشريف
كاتبة سعودية مختصة بقضايا الشرق الأوسط والعالم، كتبت في العديد من الصحف الرسمية السعودية وصحيفة «الرؤية» الإماراتية، وتكتب بشكل دائم في صحيفتَي «الجزيرة» و«الشرق الأوسط». لها اهتمامات بالرسم والتصميم الاحترافي.
TT

السعودية توحّد الجهود العالمية ضدّ الوباء

عُقدت قمة مجموعة العشرين الافتراضية في خضم هذه الظروف غير المسبوقة بكلمة افتتاحية ألقاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث شدد في كلمته على أن «جائحة (كورونا) تتطلب من الجميع اتخاذ تدابير حازمة على مختلف الصعد»، مضيفاً أن هذا الوباء تسبب في معاناة العديد من مواطني العالم، كما أكد أن الأزمة الإنسانية بسبب «كورونا» تتطلب استجابة عالمية، داعياً إلى التكاتف بين الدول.
فلم تقتصر دعوة السعودية لأعضاء مجموعة العشرين فقط، حيث شارك قادة دول مدعوة تضم إسبانيا والأردن وسنغافورة وسويسرا الاتحادية، كما شارك من المنظمات الدولية منظمة الصحة العالمية، وصندوق النقد الدولي، ومجموعة البنك الدولي، والأمم المتحدة، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومجلس الاستقرار المالي، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومنظمة التجارة العالمية.
بالإضافة إلى ذلك، وفيما يتعلق بهذه الاستراتيجية مثلت المنظمات الإقليمية جمهورية فيتنام الاشتراكية بصفتها رئيساً لرابطة دول جنوب شرقي آسيا، وجمهورية جنوب أفريقيا بصفتها رئيساً للاتحاد الأفريقي، ودولة الإمارات العربية المتحدة بصفتها الرئيس الحالي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجمهورية رواندا بصفتها رئيساً للشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا.
ومن منظور عالمي، فإن دعوة السعودية بصفتها رئيساً للدورة الحالية لمجموعة العشرين في تفاعلها مع قضية العالم الأولى حالياً جائحة «كورونا»، تمثل هذه الدعوة العاجلة للقمة محيطاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً استثنائياً، وينشأ بهذا اللقاء الذي تم عن بعد مرحلة مهمة ومفصلية في دعم الجهد الدولي لهذه الجائحة التي شلت الاقتصاد العالمي، لتثبت المملكة بأنها صمام أمان للعالم وداعمة لاستقراره، فهذه المبادرة وجميع الجهود التي توحدت بهذه القمة لتواجه الأزمة وما سيليها بعد تجاوزها ستستفيد منها الدول الفقيرة، بل العالم بأسره، لأن أثر نمو الاقتصاد العالمي من جديد سينعكس على الجميع.
ويؤكد ذلك تحقيق استعادة الثقة، وحفظ الاستقرار المالي، وإنعاش النمو ودعم وتيرة التعافي القوي، وتقليل الاضطرابات التي تواجه التجارة وسلاسل الإمداد العالمية، كدليل على تقديم المساعدة لجميع الدول التي بحاجة للمساندة، إذ تعهدت دول المجموعة بضخ 5 تريليونات دولار لتحقيق هذه الأهداف، بالإضافة إلى تنسيق الإجراءات المتعلقة بالصحة العامة والتدابير المالية.
من هنا، يأتي دور السعودية في هذا الحدث العالمي في ضوء أهميتها الاقتصادية والسياسية وكيف جمعت الدول الكبرى على توحيد جهودها لمواجهة الأزمة في قمة دول العشرين، فقد أكدوا الالتزام بتشكيل جبهة متحدة لمواجهة جائحة «كورونا»، وأبدى القادة الالتزام باتخاذ كل الإجراءات الصحية اللازمة، والعمل على ضمان التمويل الملائم لاحتواء الجائحة وحماية الأفراد، وخصوصاً من هم أكثر عرضة للخطر، ومشاركة المعلومات بصورة آنية وشفافة، وتبادل البيانات المتعلقة بعلم الأوبئة والبيانات السريرية، والمواد اللازمة لإجراء البحوث والتطوير، وتعزيز الأنظمة الصحية العالمية، إضافة إلى توسيع القدرات الإنتاجية لتلبية الطلب المتزايد على الإمدادات الطبية من أجل تفادي خسارة بشرية.
قمة العشرين الافتراضية الاستثنائية يسجلها التاريخ بأنها كانت إحدى أهم مراحل مواجهة أخطر وباء واجه العالم منذ عقود طويلة وترك آثاراً فادحة اقتصادياً واجتماعياً، وسيكتب التاريخ للمملكة العربية السعودية ولقائدها أنهم أصحاب المبادرة التي ستغير مجرى الواقع الذي يعيشه العالم من قلق وتوتر ليتم رص الصفوف وجمع أكبر قوى اقتصادية في العالم للتصدي لهذا العدو الشرس الذي سيتغير واقع التعامل معه بعد هذه القمة لتكون الرياض منارة مضيئة في تاريخ البشرية جمعاء ينسب لها الفضل في اجتماع العالم على مواجهة عدو مشترك للجميع.