جيفري: روسيا تعرف طبيعة حليفها السوري... وعقوباتنا تضغط على «الحلقة الضيقة»

المبعوث الأميركي أكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» دعم الغارات الإسرائيلية على مواقع إيرانية... وعدّ إدلب «قلعة المعارضة»

المبعوث الأميركي جيمس جيفري (غيتي)
المبعوث الأميركي جيمس جيفري (غيتي)
TT

جيفري: روسيا تعرف طبيعة حليفها السوري... وعقوباتنا تضغط على «الحلقة الضيقة»

المبعوث الأميركي جيمس جيفري (غيتي)
المبعوث الأميركي جيمس جيفري (غيتي)

قال المبعوث الرئاسي الأميركي ومسؤول الملف السوري جيمس جيفري، إن بلاده تدعم «في كل الطرق الممكنة»، دبلوماسياً ولوجيستياً، الغارات الإسرائيلية على مواقع إيرانية في سوريا، لافتاً إلى وجوب خروج جميع القوات الأجنبية التي لم تكن موجودة قبل 2011 بما فيها التركية والايرانية والأميركية باستثناء الروسية.
وقال جيفري في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الاعتقاد أن الانخراط مع دمشق يُبعدها عن طهران «فكرة جنونية. بادئ ذي بدء، تملك إيران مواطئ أقدام شديدة الرسوخ في الدولة السورية وداخل المجتمع السوري»، لافتاً إلى أن دولاً عربية كثيرة «لن تكون على وفاق أبداً مع رجل مثل (الرئيس بشار) الأسد. يمكنهم الزعم بأنهم يستطيعون النأي به بعيداً عن المدار الإيراني، لكنني أرى أن هذا غير ممكن على الإطلاق».
وأكد المبعوث الأميركي أن بلاده ستواصل فرض العقوبات على دمشق، و«نؤيد سريان العقوبات على النظام السوري حتى قبوله بالحل السياسي»، موضحاً: «العقوبات الاقتصادية تزيد من سوء الأوضاع على دائرة الشخصيات المقربة للغاية من رأس النظام، وهذا ما نحاول على الدوام الوصول إليه. ونريد أن نوضح لتلك الشخصيات الأمر بأنه لا مستقبل واضحاً أمامهم إذا استمروا في دعم وتأييد الأسد. وحري بهم ممارسة الضغوط من أجل الانتقال السياسي».
وأشار إلى أن الحملة الإعلامية الروسية الأخيرة على دمشق دليل على أن موسكو تدرك أيضاً أي نوع من الحلفاء موالون لها في سوريا في الآونة الراهنة. وعدّ إدلب «قلعة المعارضة» ولن تعود إلى سلطة دمشق قريباً.
وهنا نص الحديث الذي أجرته «الشرق الأوسط» هاتفياً مساء أول من أمس (الخميس):
>دعنا نبدأ بالسؤال عن فيروس «كورونا»... هل يمكن أن نعرف تقديرك للوضع في سوريا؟ أيضاً، رفض الجانب الروسي في مجلس الأمن مجدداً مطلب إعادة فتح معبر اليعربية بين العراق وسوريا لإيصال مساعدات إنسانية، ما تقييمكم لذلك أيضاً؟
- بدايةً، نحن نتابع تطورات انتشار وباء «كورونا» في جميع أرجاء سوريا. ونتابع الموقف من ثلاث زوايا مختلفة، في الشمال الشرقي من البلاد حيث نستطيع رصد الموقف عن كثب، وفي الشمال الغربي كذلك، حيث نعتمد على المعلومات التركية، وبالطبع في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام التي لا نحصل منها على المعلومات أو التقارير الوافية أو الكافية. ليست لدينا بيانات كاملة عن مناطق النظام فيما يتصل بالوباء. ونعتقد أن هناك أعداداً كبيرة من حالات الإصابة، لكنها خارج معايير القياس المعروفة، ولا نرى انتشاراً كبيراً للوباء في مناطق الشمال الغربي(في ادلب) من البلاد في الآونة الراهنة، لكن مع الكثير من الناس المختلطين معاً، وفي ظل الدعم الطبي المتهالك للغاية، لا سيما أن القوات الروسية والسورية تعمدت قصف أغلب المستشفيات والمراكز والمنشآت الطبية في المنطقة، أصبحت الأمور هناك من أكبر بواعث القلق لدينا.
سمعنا بإصابتين في المنطقة الشمالية الشرقية في سوريا، لكننا لم نشهد حتى الآن انتشاراً كبيراً للوباء، حيث تُفرض معها قيود على السفر والتنقل داخل وخارج البلاد، على خلاف الإيرانيين الذين نعتقد بأنهم تسببوا في انتشار الوباء داخل مناطق النظام الحاكم منذ البداية. لذلك فإن آثار الانتشار هناك كانت محدودة، ولكن يمكن لذلك الوضع أن يتغير في أية وقت. ويساور الأمم المتحدة القلق بشأن تلك الأوضاع، وكذلك منظمة الصحة العالمية، فضلاً عن القلق الذي يعترينا بشأنها أيضاً.
وتفرض القوات الروسية والنظامية السورية أوضاعاً أسوأ للغاية من خلال منع نقل ووصول الإمدادات الطبية المهمة إلى تلك المناطق التي لا يسيطر عليها نظام الأسد، مما أسفر عن تفاقم الأوضاع هناك. إنه خطأ الأسد، إنها جريمته في تدمير بلاده وعدم الاهتمام بشعبه، وهو يرتكب المزيد من الأخطاء إزاء تلك المناطق غير الخاضعة لسيطرته حيث يواصل رفض إيصال المساعدات إليها، على الرغم من أنها مسئوليته على اعتبار نظام حكمه هو الكيان السيادي داخل سوريا كما يزعم.

>هل تعتقدون أن شيوع الوباء الراهن من شأنه تهيئة الأجواء لتجديد قرار مجلس الأمن الخاص بالمساعدات عبر الحدود الذي صوّتت ضده الصين وروسيا نهاية العام؟
- لابد ان يحصل في يوليو (تموز) المقبل تجديد قرار مجلس الأمن رقم 2504. ونحن نأمل أن توافق روسيا - على الأقل - على تجديده بشأن نقطتي العبور الحدودي في الشمال الشرقي. ونحن نصر إصرارا أكيدا على ذلك الأمر، كما نود افتتاح معبر حدودي جديد لخدمة منطقة الشمال الشرقي. فكما تعلمون أنه جرى منع معبر الربيعة الحدودي من إدراجه في القرار الجديد بواسطة روسيا والصين، وذلك هو السبب في إصرارنا على تجديد القرار.

- العقوبات
>كما تعلمون خلال الأسابيع، ومنذ بداية انتشار الوباء في البلاد، تلوم دمشق وموسكو العقوبات الأميركية والأوروبية إزاء عدم توفير المواد الإنسانية والطبية؟
- لا علاقة لانهيار النظام المالي في لبنان بالعقوبات الصادرة عن الحكومة الأميركية، ولا بد أن ذلك كان له أبلغ الأثر على نظام بشار الأسد. ثانياً، بكل صراحة، فإن سوء إدارته الواضحة هي السبب الثاني في تردي الأوضاع الاقتصادية على النحو المشاهَد في سوريا. ثالثاً، هناك حقيقة مفادها أن سوريا لا تزال في حالة حرب أهلية مفتوحة، وأن بعض المناطق المهمة المعروفة بالإنتاج الزراعي ومنتجات الطاقة لم تعد خاضعة لسيطرة النظام في الآونة الراهنة، ولا ينبغي لها أن تكون كذلك حتى قبول الأسد بالتسوية السياسية المتفق عليها. وهذا هو السبب الحقيقي في الكم الهائل من الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها، والتي تؤثر على الشعب السوري بأسره. وعقوباتنا الاقتصادية لا يتم فرضها أبداً على المساعدات الإنسانية أو الإمدادات الطبية، إذ يمكن لتلك المواد التدفق بحرية. كما أننا نتخير العقوبات الاقتصادية بعناية فائقة ونوجهها لاستهداف رموز النظام الحاكم وليس المواطن السوري العادي.

>في الشهر المقبل، موعد تجديد الاتحاد الأوروبي للعقوبات الاقتصادية المفروضة على دمشق، ماذا قلتم للأوروبيين؟
- نؤيد هذه القرارات بشدة، ونؤيد سريان العقوبات على النظام السوري حتى قبوله بالحل السياسي. ونرى في الأفق بصيصاً من الأمل في قرار وقف إطلاق النار على المدى الطويل في محافظة إدلب، وقبول النظام السوري لأجندة الأعمال المشتركة أو للجنة الدستورية في جنيف. ولم يكن لتلك الأمور أن تحدث من دون الموقف الصارم المتخذ من جنب المجتمع الدولي، سواء كان ممثلا بالأتراك في إدلب أو بكافة جهودنا المتضافرة في الإبقاء على العقوبات الاقتصادية. ولذلك، فإننا سعداء للغاية بمداومة الاتحاد الأوروبي على فرض العقوبات من جانبه.

>لكنّ هناك سوريين يلومون العقوبات لمعاناتهم؟
- لا يمكنني مساعدة أي شخص بعد مرور ما يقرب من عقد كامل من التعرض المستمر لإرهاب نظام الأسد بأن يستمر في تصديق وتأييد الأسد وتكذيب المجتمع الدولي بأسره.

>هناك سوريون يلومون العقوبات وهناك دول عربية بدأت بالانفتاح على دمشق وعدّت «كورونا» مدخلاً لذلك. ما موقف أميركا؟
- هذا سؤال يكتنفه الكثير من الغموض بسبب عدم تحديد البلدان العربية المقصودة. وأفكر في بعض البلدان العربية، مع عدم رغبتي في الإفصاح عن المسميات علنا، ولكننا نعرفهم جيدا، ونحن على تواصل مستمر معهم. ونحن ننظر في أمرين مهمين: أولا، أن هذه التواصلات منعدمة الأثر والنتيجة. وثانيا، هم لن ينالوا أي شيء من الأسد. ولقد رأينا إحدى هذه البلدان، ويمكنني ذكر اسمها نظرا لتداول وسائل الإعلام الأمر سابقا، إذ أعادت الإمارات الاعتراف الدبلوماسي، ولم تحصل على شيء في المقابل من جانب الأسد. وأعتقد أنه بالكاد أعرب عن امتنانه وشكره لهم. وأعلم تماماً أنهم لن يتمكنوا من تغيير دفة سياساته، كما أعلم أنهم لن يتمكنوا من تقويض سياستنا.
واعتقد أن بعض الشخصيات في المنطقة يحملون أفكاراً مغلوطة، ورغم وجودي المستمر عبر مختلف المنافذ الإعلامية الرسمية، فضلاً عن أحاديث الرئيس دونالد ترمب، ووزير الخارجية مايك بومبيو، المتكررة حول الأزمة السورية وإدلب، يظنون أنه ربما هناك سياسة أميركية أخرى لا أعرفها تسمح لنا بعقد الصداقات مع نظام الأسد. لا وجود لمثل هذه السياسة على الإطلاق. ولن يكون هناك مجال لوجودها من الأساس. ولم يكن هناك وجود لمثل هذه السياسة حتى في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما السابقة.

>في هذا الصدد، ما الذي تتوقعونه من القمة العربية المقبلة، إذ يعمل الجانب الجزائري الآن على قدم وساق لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية؟
- هذا سؤالنا الذي نطرحه على جامعة الدول العربية: ما الذي تغير منذ اتخاذ الجامعة العربية قراراها تجميد عضوية الحكومة السورية في عام 2012؟ هل سقط عدد من القتلى الآن أقل ممن سقطوا في السابق؟ نعتقد أن الرقم الآن يصل إلى نصف مليون مواطن عربي في سوريا. وهذا ليس من الأمور المشجّعة على دعوتهم مجدداً للانضمام إلى الجامعة العربية. هل امتثل النظام السوري لأي من دعوات الأمم المتحدة للمصالحة؟ كلا، لم يفعل.

ما هي النسبة المئوية الفعلية للسكان السوريين الذين جرى طردهم من منازلهم أو هم اضطروا إلى الفرار منها بسبب قمع النظام في عام 2012 عندما اتخذت الجامعة العربية قرارها المشار إليه؟ ربما بلغت النسبة 5 إلى 10% من إجمال تعداد السكان في سوريا، لكن، كم تبلغ النسبة الآن؟ لقد وصلت إلى 50%.
حريٌّ بالجامعة العربية أن تطرح على نفسها سؤالاً: هل لديها - كجهة حوار - بلدانا بصفتها الرسمية أو لديها - كجهة حوار - أناس يمثلون تلك البلدان؟ ذلك لأن شعب هذه الدولة، سوريا، قد برهنوا مرارا وتكرارا عن شجاعتهم وبسالتهم والتزامهم منقطع النظير بفرار نصف السكان من تحت عباءة نظام الأسد.

- إيران
>يعتقد بعض البلدان العربية أنه من خلال عودة الحكومة السورية إلى عضوية الجامعة العربية ربما يؤدي ذلك إلى إبعاد سوريا عن إيران، فما رأيكم في ذلك؟
- يا لها من فكرة جنونية. بادئ ذي بدء، تملك إيران مواطئ أقدام شديدة الرسوخ في الدولة السورية وداخل المجتمع السوري. وهي ليست بمثل السوء الذي يمثله «حزب الله» في لبنان أو الميليشيات الشيعية في العراق، لكنني أعلم بمجريات المثالين المضروبين تماماً لا سيما الحالة العراقية، لكنه أمر مثير للكثير من القلق. وليس لدينا نحن فحسب، وإنما نعلم أنه يثير بواعث القلق لدى النظام السوري والجانب الروسي كذلك. هناك ميليشيات جرى تشكيلها، وتمويلها، وتجهيزها من الحكومة الإيرانية وتتلقى أوامرها المباشرة من طهران. هناك مزاعم متداولة، ولم أقف على تأكيد أي منها، ولكنها تتعلق بجهود نشر المذهب الشيعي على حساب المذهب السني في سوريا. وتعلمون جيدا تاريخ العشائر في جنوب العراق إبان السنوات الأولى من القرن الماضي. وتلك الأمور من المجريات المعتادة في منطقة الشرق الأوسط، ولا أستثني الإيرانيون منها.
والأمر الآخر الذي يستحق تفكير الناس وتأملهم أن سوريا هي من البلدان التي شهدت وحشية النظام تجاه شعبه، وذلك من الأمور المريعة، حتى عند مقارنتها بما يجري في فنزويلا أو كوريا الشمالية. ولا يعرف النظام إلا وسيلة واحدة فقط، وهي ذبحُ شعبه وإرهابُه، لا سيما المواطنين السنة من أبناء الشعب السوري.
والآن، فهل يعتقد أحد أنه سيغيّر من سياساته أو وسائله؟ من جهة، يمكن الاعتقاد أن الأسد ربما يغير من تحالفه مع إيران، ولا اعتقد أنه سوف يفعل ذلك، ولكنه أمر ممكن من الناحية النظرية. ولكن هل يعتقد من أحد أنه سوف يغير من أسلوب حكمه، أو أن الشعب السوري سوف يقبل بهذا الحاكم القاتل لأبناء شعبه مرة أخرى؟ كلّا البتة. إنه يحكم دولة شمولية وحشية ومروعة للغاية. وأين هي الدولة التي على استعداد لإقامة الشراكة مع نظام وحشي مثل النظام السوري؟ لا نعلم سوى دولتان هما روسيا وإيران. ونحن لا نعتقد أن دول الخليج العربي والبلدان العربية الأخرى ستكون على وفاق أبداً مع رجل مثل الأسد. يمكنهم الزعم أنهم يستطيعون النأي به بعيداً عن المدار الإيراني، وإنني أشكك في ذلك تماما. هل سوف توفر هذه البلدان القوات البرية، أو قوات حزب الله، والميليشيات الشيعية المستقدمة من أفغانستان وغيرها من الأماكن للحيلولة دون إقدام العرب السنة والعديد من الطوائف الإثنية في قوى المعارضة من الهجوم على نظام الأسد؟ كلا، إنهم لن يبلغوا هذا الحد، ولا اعتقد أنهم سوف يدعمون نظاما بقدر السوء الذي يمثله نظام بشار الأسد. ولن يتحملوا مسؤوليته. إنه أمر ينبغي على إيران وروسيا القيام به.

- غارات إسرائيل
>في الآونة الأخيرة، شنت إسرائيل الكثير من الغارات الجوية حول دمشق، وعلى طريق دمشق – بيروت السريع في تدمر. فما رأيكم في ذلك؟
- تدعم الولايات المتحدة الجهود الإسرائيلية في تأمين الدفاع عن الذات. إذ تواجه إسرائيل تهديداً وجودياً مستمراً من جانب إيران. ولقد قالوا (الايرانيون) مراراً وتكراراً في غير مناسبة إن مهمتهم تتمثل في تدمير إسرائيل. ولإيران في سوريا وجود كثيف، وتمرر من خلاله الأسلحة بعيدة المدى إلى «حزب الله» التي تستخدم في تهديد أمن إسرائيل. ونعرف على الأرجح عنصرين من العناصر الموالية لإيران داخل سوريا، ولدى إسرائيل الحق في اتخاذ ما يلزم من إجراءات إزاء ذلك، مع توخي العناية والحذر من الخسائر البشرية السورية، وهو الأمر الذي تراعيه إسرائيل، ومن ثم، فإننا نواصل دعمهم وتأييدهم بأي طريقة ممكنة. 

>ما نوع الدعم المقدم لإسرائيل من طرفكم؟ هل هو سياسي أم لوجيستي؟ عبر قاعدة التنف العسكرية قرب حدود العراق؟
- إننا نوفر الدعم المطلوب لكي تتخذ إسرائيل التدابير الفعالة للدفاع عن نفسها، ومن خلال حماية نفسها فهي تحمي كافة البلدان المجاورة لنظام الأسد: مثل الأردن، وتركيا، والعراق، ولبنان.

>صرح وزير الدفاع الإسرائيلي مؤخراً بأن هدف الجهود الإسرائيلية هو إنهاء وليس تقليص النفوذ الإيراني داخل سوريا. فهل تعتقدون بإمكانية تحقيق هذا الهدف؟
- تتمحور سياستنا حول ضرورة مغادرة القوات الإيرانية للأراضي السورية كافة، جنبا إلى جنب مع كل القوات العسكرية الأجنبية الأخرى التي دخلت البلاد في أعقاب عام 2011، وهذا يشمل الولايات المتحدة. ايضا (اسرائيل) إن كانت كافة التقارير الواردة صحيحة بشأن القوات الجوية الإسرائيلية، التي تتضمن القوات الإسرائيلية، كما قد تتضمن القوات التركية كذلك.

>وماذا عن القوات الروسية؟
- دخلت القوات الروسية الأراضي السورية قبل عام 2011، وبالتالي، فإنهم مستثنون من ذلك. ولقد دخل الجميع إلى سوريا بعد اندلاع الحرب. فإذا كان هناك حل سياسي للحرب، مع زوال التهديدات التي تواجهها البلدان المجاورة مثل إسرائيل وتركيا من الأوضاع الراهنة في سوريا، نعتقد أنهما سوف يكونان على استعداد للسماح بعودة الأوضاع إلى طبيعتها في البلاد، وبقدر اهتمامنا بالأمر هناك، فإن هدفنا يكمن في عودة الأوضاع إلى طبيعتها، وهذا يعني مغادرة، من بين أمور أخرى، القوات الموالية لإيران من الأراضي السورية كذلك.

- تغيير السلوك 
>قلتم في وقت سابق إن العقوبات الأميركية قيد العمل والتنفيذ، وإن هناك مؤشرات تثبت ذلك، فما تلك المؤشرات؟
- على اعتبار عدم الكفاءة الإدارية التي يتسم بها النظام الذي يمتاز بامتصاص الدماء حرفياً ومجازياً فيما يتعلق بسحب الأموال، والسلع، والممتلكات من الشعب السوري مع إدارة نظام مالي واقتصادي بالغ السوء والفساد، ولكنهم لا يجيدون المحافظة على وحدة البلاد ومن ثم جذب الاستثمارات الأجنبية إليها، لقد ألحقوا الكثير من الأضرار بأنفسهم. فمن يرغب في استثمار أمواله في بلاد يحكمها الأسد؟ ولقد تعمدوا تدمير البنية التحتية الداخلية تماماً، وأجبروا الكثير من الأطباء، وأصحاب الكفاءات والمهارات الأخرى على الفرار من البلاد.
ومن الصعب الحكم على الأوضاع هناك مع النظر إلى الهبوط غير المحدود للعملة السورية (بلغت 1300 مقابل الدولار الأميركي) ومزاعم أولئك الذين يحاولون دعم النظام بأنهم خسروا ما قيمته 244 مليار دولار أي ما يساوي 4 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي السوري بأكمله، خلال السنوات القليلة الأخيرة بسبب الحرب.
ومن الصعب أيضاً القول ما الذي يتعلق بتصرفات النظام السوري التلقائية وما يتصل منها بالعقوبات الدولية المفروضة عليه. وأستطيع القول بصفة عامة إنه فيما يتعلق بالاقتصاد السوري فإن الأمر يرجع بالكامل إلى ما فعله النظام السوري في نفسه. إن العقوبات الاقتصادية تزيد من سوء الأوضاع على دائرة الشخصيات المقربة للغاية من رئيس النظام، وهذا ما نحاول على الدوام الوصول إليه. ونريد أن نوضح لتلك الشخصيات الأمر بأنه لا مستقبل واضحاً أمامهم إذا استمروا في دعم وتأييد الأسد. وحريٌّ بهم ممارسة الضغوط من أجل الانتقال السياسي في سوريا.

>قلتم من قبل إن العقوبات الدولية ستجبر دمشق على تغيير سلوكها. كيف؟
- نعتقد أن الأمر يتعلق بالجمع بين مختلف الأدوات والوسائل: نسبة الـ50% من الشعب السوري الذين غادروا البلاد، وحرمان الدولة من مواردها السكانية المهمة، أو من أغلب هذه الموارد، والمساحات الشاسعة من الأراضي غير الخاضعة لسيطرة النظام الحاكم، ومن غير المرجح عودتها تحت سيطرته مرة أخرى بسبب القوى الخارجية الكبيرة والنافذة على الأرض، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية. والهجمات المدمرة التي تستهدف الإيرانيين والسوريين من الجو (الغارات الجوية الإسرائيلية) الأكثر عدائية وفعالية، ونقص المساعدات الدولية في جهود إعادة الإعمال الداخلية، ونبذ وإقصاء النظام السوري من جانب جامعة الدول العربية ومن جانب الاتحاد الأوروبي كذلك.
نحن نعتقد أن هذه الصيغة ستدفع النظام السوري في خاتمة المطاف إلى السعي وراء التسوية المتفاوَض بشأنها بين مختلف الأطراف المعنية، عوضاً عن الاستمرار في السعي وراء الانتصار العسكري الموهوم من دون تسوية تُذكر، وذلك ما يستمر النظام السوري في فعله حتى الآن. 

- إدلب

>قلت من قبل إن إبقاء النظام بعيداً عن إدلب هو من الأهداف الاستراتيجية، أليس كذلك؟
- نعم، هذا صحيح تماماً.

>وقلتم أيضاً إنكم تريدون من تركيا محاربة الجماعات المتطرفة في إدلب؟
- أجل، نريد ذلك فعلاً. ولدينا إشارات تفيد بأنهم يفعلون ذلك، وبفعالية كبيرة.

>كيف يمكنكم الجمع بين هذين الهدفين في الوقت نفسه؛ إبقاء إدلب خارج سيطرة النظام مع محاربة الجماعات المتطرفة هناك؟ وما رأيكم في الاتفاق التركي - الروسي بشأن إدلب؟
- أعتقد أن الاتفاق سيستمر وفق استمرار الضغوط التركية المتواصلة على «هيئة تحرير الشام». ولا نعتبر «هيئة تحرير الشام» تشكل تهديداً مباشراً للقوات الروسية في سوريا فحسب كما يزعمون، بل إنها تشكّل تهديداً لنا جميعاً نظراً لأنها جماعة إرهابية، وهي تهديد أيضاً لقوى المعارضة السورية المعتدلة في إدلب، وهذا من بواعث القلق الحقيقي لدينا. ولا نرى من سبب أو عذر أو مبرر لشن هذا الهجوم (هجوم النظام السوري على إدلب) أو لكي يبدأ مرة أخرى. وعلى منوال مماثل، فإننا نرحب بالتعامل التركي المستقل مع «هيئة تحرير الشام». وهم ملتزمون بذلك اعتباراً من سبتمبر (أيلول) 2018، وكذلك في الاتفاق الجديد المشار إليه، وهذا أمر جيد.

>وهل تعتقدون أن الاتفاق لا يزال قائماً؟
- أعتقد أنه سيكون مستمراً خلال الشهور القليلة المقبلة على أقل تقدير. 

- شرق الفرات
>دعنا ننتقل بالحوار إلى شمال شرقي سوريا حيث توجد القوات الأميركية. لقد لاحظنا في الآونة الأخيرة أن الجانب الروسي يرسل المزيد من القوات العسكرية إلى هناك، وأنهم سيطروا على قاعدة القامشلي العسكرية، ويواصلون الاقتراب من المواقع العسكرية الأميركية هناك. فما تقديركم للأوضاع في تلك المنطقة؟
- لدى الجانب الروسي وحدات من الشرطة العسكرية خفيفة التسليح. وهم يواصلون الانتقال في دوريات من 3 أو 4 أو 5 مركبات، وأحياناً ما يذهبون إلى هنا أو إلى هناك، ولكن لا وجود لقوات عسكرية روسية حقيقية وكبيرة على الأرض. وليس هناك ما يسمى الاحتلال الروسي، وينسحب الأمر نفسه على الحكومة السورية، باستثناء بعض القواعد العسكرية القليلة في القامشلي ومدينة دير الزور، ليس لهم وجود حقيقي على الأرض هناك. ربما بعض المواقع المتقدمة مع تسيير بعض الدوريات الراكبة. إن القوات المنتشرة على الأرض بأعداد كبيرة تبلغ عشرات الآلاف من القوات هي «قوات سوريا الديمقراطية»، وهم شركاؤنا في مواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي.

>في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تحدث الرئيس دونالد ترمب عن سحب القوات العسكرية الأميركية من شمال شرقي سوريا، ولا تزال القوات الأميركية منتشرة هناك حتى اليوم. فإلى أي وقت أنتم باقون؟
- سيستمر وجودنا هناك حتى الانتهاء تماماً من مهمتنا العسكرية إلحاق الهزيمة الكاملة بتنظيم «داعش».

>هل يمكننا القول إنها مهمة عسكرية مفتوحة هناك؟
- لا يمكنني تأكيد عبارة «مفتوحة المدة»، ولكن أود تأكيد فقط ما ذكرته آنفاً.

>ما الذي سوف تقولونه لحلفائكم من «قوات سوريا الديمقراطية» مقدماً قبل الانسحاب؟
- الانسحاب الكامل من شمال شرق سوريا ليس على جدول أعمالنا راهناً، ذلك لأننا لم نشهد حتى الآن الهزيمة الدائمة لتنظيم «داعش».

- روسيا
>بالعودة إلى العلاقات الحالية بين واشنطن وموسكو. هناك محادثات متداولة بين بعض المسؤولين الأميركيين والروس في كل من واشنطن وموسكو وفيينا. فأين نحن من هذا السياق؟ وهل مقاربة «خطوة - خطوة» لا تزال قائمة والتنفيذ؟
- كما تعلمون، لدينا مستويات متعددة من المحادثات مع الجانب الروسي، ولكننا نلتزم الصمت الدبلوماسي إزاء تلك المداولات. مع استثناء وحيد عندما سافر الوزير مايك بومبيو إلى منتجع سوتشي الروسي للاجتماع مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، ومع الرئيس فلاديمير بوتين، وللمناقشة بشأن الأوضاع في سوريا، وللحديث حول جهودنا للوصول إلى التسوية السياسية هناك. ولقد طرحنا الأمر برمته أمام الرئيس بوتين والسيد لافروف، ثم عقدنا مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع السيد لافروف، وكل هذه المجريات معروفة ومسجلة.

>ماذا عن الانتقادات الإعلامية الروسية الموجهة ضد دمشق؟
- نعتقد أن روسيا تدرك جيداً ما يجري في سوريا. ونعتقد أن روسيا تدرك أيضاً نوع الحلفاء هو الرئيس(السوري) بشار الأسد. ونعتقد أن تلك الأمور تتحدث عن نفسها.

>هل تعتقدون أن هناك ما يعكر صفو الأجواء بين موسكو ودمشق؟
- أعتقد أن الأوضاع تتحدث عن نفسها كما قلت آنفاً. أنت صحافي، وعندما تكتب مقالات فأنت تريد من الناس قراءة ما كتبت، أليس كذلك؟ 

>هل تصدق ما يُكتب؟
- إذن، صدّق ما هو مكتوب في الصحف.

>هل تواصَل الجانب الروسي معكم بشأن نفس الأمور؟
- نحن لا نشارك تفاصيل المداولات والمبادلات الدبلوماسية مع محاورينا الروس الأعزاء.

- انتخابات
>نعلم أن التقرير الصادر عن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية وجّه اللوم إلى النظام في دمشق بشأن هجوم على اللطامنة في ريف حماة في عام 2017، ونعلم كذلك أن دمشق نفت علاقتها بهذا الهجوم. فما هي في رأيكم الخطوة التالية على هذا المسار؟
- ترفع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية نتائج التقارير إلى مجلس الأمن الدولي، ولقد كانت تقارير مأساوية للغاية، ولم يكن الحديث يتعلق بقوات النظام السوري من حيث استخدامها للأسلحة الكيميائية فحسب، وإنما من حيث أن قرار شن الهجمات الكيميائية قد اتخذ لدى أعلى المستويات في الحكومة السورية.
وفي الأثناء ذاتها، يتعامل مجلس الأمن الدولي كذلك مع مجلس التحقيق في الأمم المتحدة، والذي خلص إلى أن النظام السوري، والقوات الروسية بدرجة من الدرجات، ضالعين في استغلال تمرير منظمة الأمم المتحدة لإحداثيات منشآت الإغاثة الإنسانية المدرجة على قوائم عدم الاستهداف العسكري، وبرغم ذلك وجهت ضدها الهجمات المتعمدة.
إننا نرى الأمم المتحدة، من زاوية السيد مارك لوكوك رئيس مكتب تنسيق الشئون الإنسانية في الأمم المتحدة وحتى السيد غوتيريش الأمين العام بنفسه، إذ يتحدثان بعبارات صريحة وصارمة عن المخاطر الإنسانية الناشئة عن إغلاق المعابر الحدودية من العراق ثم من تركيا، فضلا عن فشل النظام السوري في السماح بنقل السلع الإنسانية إلى المناطق المتضررة. ونرى المحاكم الألمانية التي تلاحق نظام الأسد لدعاوى التعذيب التي طالت العديد من المواطنين السوريين. ولقد انتهى الحال بهؤلاء المواطنين وقضايا التعذيب في ألمانيا مع الدعاوى المرفوعة أمام القضاء الألماني.
وهذا مجرد غيض من فيض كافة جهود المساءلة التي نبذلها، رفقة المجتمع الدولي ومختلف وسائل الإعلام في الكشف - وتلك هي الكلمة التي أفضلها: الكشف عن عن الإفلاس الأخلاقي الصارخ الذي يتسم به النظام السوري الحاكم، وتلك الجهات وثيقة الصلة به.

>ماذا عن عملية السلام تحت إشراف الأمم المتحدة؟ سمعنا غير بيدرسن –المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا– يقول إنه قد تمكن من إبرام اتفاق بين الحكومة والمعارضة بشأن جدول أعمال اللجنة الدستورية السورية؟
- أدلى السيد بيدرسن بدلوه في ذلك. ونحن ندعم جهوده بلا أدنى شك، بل نسبة 150 في المئة. كما نؤيد دعوته لإطلاق النار على الصعيد السوري بأكمله. ونؤيد أيضاً جهوده المستمرة في البناء على الاتفاق وفقاً لجدول الأعمال المتفق عليه. وهي من الخطوات الصغيرة، ولكنها خطوة مهمة للغاية على مسار المضي قدما.

>هل تعتقدون أنه من الواقعي في الآونة الراهنة الحديث عن إجراء الانتخابات الرئاسية الجديدة في سوريا تحت رعاية وإشراف منظمة الأمم المتحدة في عام 2021 المقبل؟
- نحن نعتقد أن الانتخابات هي من الأمور الصحيحة. وإذا عقد الأسد الانتخابات الرئاسية خلال العام الجاري أو في العام القادم، فلن يحظى بأي مصداقية دولية تُذكر. وستُقابل بالرفض التام من جانب المجتمع الدولي. ومن شأن المجتمع الدولي مضاعفة جهوده لإجراء الانتخابات التي تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة. وهذا هو الطريق الوحيد إلى الأمام على هذا المسار. وهذا ما تؤيده حكومة الولايات المتحدة الأميركية. إن السياسة التي نتبعها ثابتة ولن يطرأ عليها أي تغيير. وإنني أتطلع إلى العمل مع مختلف وسائل الإعلام، والأصوات،  والجهات الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط من أجل الدعوة للحل السياسي ولإنهاء أعمال العنف والقتال داخل سوريا.

>هل ترون الانتخابات الرئاسية أمراً واقعياً؟
- يعتقد بعض الناس أنه أمر لا يتسم بالواقعية. ولا أعلم لماذا. لكن قبل عامين كان الناس يظنون أنه من غير الواقعي التفكير بأن آخر قلعة من قلاع المعارضة المسلحة في إدلب سوف تصمد لفترة طويلة من الزمن. وهذا هو حالها بعد مرور العامين المذكورين (هي صامدة) واعتقد بعض الناس أنه من المحال إجراء المحادثات بين الجانب السوري والمعارضة وممثلين عن الحكومة السورية أو الاجتماع سويا في جنيف. ولقد أجريت المحادثات المشتركة بينهم بالفعل. لماذا لا تثقون بأننا لا نتابع هذه السياسة فحسب، إذ نعتقد أنها تحمل إشارات النجاح، كما نعتقد بأنها تملك الإمكانات لإبرام الاتفاق الأكثر نجاحا في المستقبل.



مصر تتمسك بـ«إيقاف الخدمات» عن الأجانب غير المقيدين رسمياً

يحصل اللاجئون من بعض الجنسيات على نفس امتيازات المصريين في التعليم والصحة (مفوضية الأمم المتحدة)
يحصل اللاجئون من بعض الجنسيات على نفس امتيازات المصريين في التعليم والصحة (مفوضية الأمم المتحدة)
TT

مصر تتمسك بـ«إيقاف الخدمات» عن الأجانب غير المقيدين رسمياً

يحصل اللاجئون من بعض الجنسيات على نفس امتيازات المصريين في التعليم والصحة (مفوضية الأمم المتحدة)
يحصل اللاجئون من بعض الجنسيات على نفس امتيازات المصريين في التعليم والصحة (مفوضية الأمم المتحدة)

جددت وزارة الداخلية المصرية تأكيدها على «إيقاف جميع الخدمات المقدمة للأجانب المقيمين»، حال عدم التقدم للحصول على «تراخيص الإقامة»، قبل نهاية يونيو (حزيران) المقبل.

وجاء تذكير «الداخلية» بموعد إيقاف الخدمات عن الأجانب غير الحاصلين على تصاريح بالإقامة، ببيان رسمي (الثلاثاء)، ضمن سعي الحكومة المصرية لحصر أعداد المقيمين الأجانب بشكل دقيق، بعد الإعلان عن تقديرات بوجود ما يزيد عن 9 ملايين شخص، ما بين لاجئ ومقيم، بسبب «ظروف عدم الاستقرار في دول المنطقة».

وطلبت الحكومة من اللاجئين والمقيمين تسجيل بياناتهم لدى الإدارة العامة للجوازات والهجرة والجنسية من أجل الحصول على «بطاقة تسجيل» يتم بموجبها استمرار حصولهم على الخدمات المختلفة من دون مشكلات، في وقت تقدر فيه الحكومة تكلفة استضافة اللاجئين والمقيمين بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً.

تأخر الحكومة في هذه الخطوة لا يعني التقليل من المحاولات المبذولة لتقنين أوضاع المقيمين داخل مصر، وفق عضوة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب النائبة سهام مصطفى التي تؤكد لـ«الشرق الأوسط» ضرورة الالتزام الصارم بتطبيق القانون على جميع الموجودين داخل الأراضي المصرية.

وأضافت: «لا يوجد دولة في العالم تسمح بإقامات غير قانونية لأشخاص وافدين من الخارج»، وبالتالي فكل شخص جاء لمصر عليه الالتزام بتطبيق القوانين المصرية، لافتة إلى وجود ضوابط واضحة قانوناً للوجود بالبلاد سواء للسياحة أو للإقامة المؤقتة أو للعمل، وهو ما يجب الالتزام بتطبيقه على الجميع من دون استثناءات.

وأقر وزير الداخلية المصري الصيف الماضي تعديلات تسمح للأجانب بالحصول على إقامة مؤقتة بالبلاد لمدة خمس سنوات لغير السياحة، حال تملك عقار أو أكثر بمبلغ لا يقل عن مائتي ألف دولار أميركي، على أن يحصل مالك العقار الذي لا يقل عن مائة ألف دولار على إقامة لمدة ثلاث سنوات.

ويُمنح مالك العقار الذي تقل قيمته عن خمسين ألف دولار إقامة لمدة سنة قابلة للتجديد، في حين يحصل من يودع وديعة بنكية بقيمة مائة ألف دولار على إقامة لمدة ثلاث سنوات.

يحصل اللاجئون على امتيازات عدة في قطاع الصحة، والتعليم، وغيرهما، وفق المسؤولة الإعلامية المساعدة بمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، لمياء عبد العال لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدة أن هذه الخدمات تقدم بشكل كامل بالمجان لبعض الجنسيات التي يعامل أصحابها نفس معاملة المصريين.

وسجلت المفوضية حتى نهاية أبريل (نيسان) الماضي أكثر من 605 آلاف لاجئ منهم ما يزيد عن 328 ألف سوداني غالبيتهم وصلوا بعد اندلاع الحرب العام الماضي، بالإضافة إلى أكثر من 156 ألف سوري، وما يناهز 41 ألف لاجئ من جنوب السودان.

تشير عبد العال إلى زيادة أكثر من الضعف في عدد اللاجئين المسجلين بالمفوضية بشكل رسمي منذ اندلاع الأحداث في السودان، لافتة إلى أن أرقام اللاجئين كانت أقل من 300 ألف شخص حتى نهاية أبريل 2023.

وتؤكد عضوة مجلس النواب أن نسبة الزيادة المسجلة رسمياً، يجب أن تدفع لإعادة النظر في الضوابط الموجودة لاستقبال الوافدين، ومدى قدرة الدولة على تحمل الأعباء المالية الناتجة عن استضافتهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة عالمياً.

وكان وزير العمل، حسن شحاتة، أكد خلال اجتماع لمجلس الوزراء مطلع العام الجاري أن عدد اللاجئين الذين حصلوا على تصاريح العمل بصورة رسمية «بسيط ولا يتناسب مع الأعداد المعلنة»، في حين رصدت الحكومة تمركز 56 في المائة من الأجانب في 5 محافظات هي: القاهرة والجيزة والإسكندرية والدقهلية ودمياط، وفق تقديرات وزارة الصحة المعلنة مطلع العام الجاري.

وتشدد البرلمانية المصرية على ضرورة وجود قاعدة بيانات واضحة لكل الأجانب الموجودين في البلاد، سواء كانوا لاجئين أو مقيمين، بما يسمح بالتعامل مع احتياجاتهم، وفي نفس الوقت يراعي البعد الأمني حال حدوث أي مشكلات.


زلازل إثيوبيا تثير مخاوف مصرية من انهيار «سد النهضة»

«سد النهضة» الإثيوبي (رويترز)
«سد النهضة» الإثيوبي (رويترز)
TT

زلازل إثيوبيا تثير مخاوف مصرية من انهيار «سد النهضة»

«سد النهضة» الإثيوبي (رويترز)
«سد النهضة» الإثيوبي (رويترز)

أثار وقوع زلزال جديد في إثيوبيا على حوض نهر «أومو»، بالقرب من موقع سد «جيبي 3»، مخاوف مصرية من أن تمتد تلك الزلازل لمنطقة «سد النهضة»، الذي يقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويواجه باعتراضات مصر والسودان. وبينما تباينت تقديرات خبراء المياه المصريين في حجم تأثير تلك الزلازل على «سد النهضة»، أجمعوا على «خطورة انهياره».

وشهدت إثيوبيا، الاثنين، زلزالاً متوسطاً بقوة 4.9 بمقياس ريختر بالقرب من موقع سد «جيبي 3» على نهر أومو وبعمق 10 كيلومترات. ووفق ما نشره خبير المياه المصري وأستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، عبر صفحته الخاصة على موقع «فيسبوك»، فإن «سد (جيبي 3) الذي وقع الزلزال بالقرب منه، بدأ تشغيله في 2015، ويبعد 700 كيلومتر عن (سد النهضة)»، وأشار إلى أنه «سبق أن وقع زلزال بقوة 5 ريختر في المكان نفسه يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي».

ويقع حوض نهر «أومو» في جنوب إثيوبيا، ويتجه نحو بحيرة «توركانا» في كينيا، ويبلغ ارتفاع السد 244 متراً، ويعدُّ الأعلى في العالم، ويولد 1870 ميغاواط.

وسبق أن حذرت مصر والسودان من مخاطر جيولوجية قد تؤدي إلى مشكلات في بنية «سد النهضة»، وطالبت دولتا مصب نهر النيل بضرورة مشاركة إثيوبيا في وضع إجراءات تشغيل وملء السد.

وفسر شراقي المخاوف المصرية بأن «إثيوبيا من أكثر الدول التي تعاني انجراف التربة، كما أن سد النهضة والبحيرة التابعة له يوجدان على فوالق من العصر الكمبري، ما قد يزيد أيضاً من احتمالات انهياره لو تعرضت المنطقة لزلازل كبيرة».

وأوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يزيد خطورة الزلازل في حوض نهر (أومو) الإثيوبي أن مكان الزلزال يقع في جنوب منطقة الأخدود الأفريقي الذى يقسم إثيوبيا نصفين، وهي أكثر المناطق الأفريقية تعرضاً للزلازل والبراكين».

خريطة نشرها خبير المياه المصري عباس شراقي توضح نشاط الزلازل في إثيوبيا

وتبني إثيوبيا «سد النهضة» منذ عام 2011 بداعي توليد الكهرباء، لكن دولتي المصب مصر والسودان تخشيان من تأثر حصتاهما من مياه نهر النيل، وأبدت إثيوبيا «تعنتاً» في مسار المفاوضات الخاصة بالسد، كما أشار وزير الري المصري هاني سويلم، الذي أعلن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فشل آخر جولة للمفاوضات.

في المقابل، قلل أستاذ الموارد المائية في مصر الدكتور نادر نور الدين من وجود مخاطر للزلازل الأخير على «سد النهضة»، وقال إن «الزلزال الذي وقع في حوض نهر أومو ليس له تأثير، خصوصاً وأن الطبيعة الجغرافية بإثيوبيا جبلية وعبارة عن هضاب تقلل من مخاطر الزلازل»، وأشار إلى أن «منطقة الوادي المتصدع تمر في الجنوب الإثيوبي بالقرب من كينيا، وبالتالي تبعد كثيراً عن منطقة بني شنقول المقام عليها (سد النهضة) بأكثر من 700 كيلو متر».

وحول المخاوف من تأثير الأنشطة البركانية والزلازل على «سد النهضة»، وضّح نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لم نسمع عن نشاط زلازل في منابع حوض نهر النيل، سواء في منطقة الهضبة الاستوائية بالقرب من بحيرة فيكتوريا، أو في الهضبة الإثيوبية»، وأشار إلى أن «الشركة الإيطالية المنفذة لمشروع السد الإثيوبي، من قبلها الدراسات الأميركية التي قدمت في خمسينات القرن الماضي حول مشروع (سد النهضة)، قدمت دراسات كافية حول المنطقة المقام عليها السد، بالتالي من الناحية الجغرافية والجيولوجية لا توجد مخاطر على السد الإثيوبي».

وبينما استبعد أستاذ الموارد المائية في مصر خطر الزلازل على «سد النهضة»، فإنه لم ينف وجود مخاطر تحيط ببنية السد، مشيراً إلى أن «الخطر الحقيقي الذي يعرض السد الإثيوبي للانهيار، حدوث فيضانات كبيرة للمياه في منطقة الهضبة الإثيوبية بكميات ضعف كمية الفيضانات الحالية، المقدرة بنحو 50 مليار متر مكعب من المياه»، لافتاً إلى أن «المخاوف المصرية من السد ليست إنشائية، لكنها تتمثل في مخاطر ملء السد في سنوات الجفاف، وفي عملية التشغيل الكاملة لضمان وصول حصتها المائية كاملة».

ووفق خبير المياه المصري عباس شراقي، عدَّ أن «هناك دراسات كثيرة أثبتت وجود مخاطر لسد النهضة، فضلاً عن أن معامل الأمان فيه منخفض جداً، ولا تتعدى 1.5 درجة بمقياس ريختر»، عاداً أن «هذا ما يجعل السد الإثيوبي الأكثر عرضةً للانهيار».

وفي أبريل (نيسان) الماضي أعلنت إثيوبيا الانتهاء من حوالي 95 بالمائة من إنشاءات «سد النهضة»، استعداداً لـ«الملء الخامس»، الذي يتوقع أن يكون في فترة الفيضان المقبلة من يوليو (تموز) حتى سبتمبر (أيلول) من هذا العام.

وتعتمد مصر بشكل كبير وحصري على مياه نهر النيل، حيث يوفر أكثر من 98 في المائة من احتياجات البلاد المائية، كما تخصص القاهرة نحو 75 في المائة من مواردها المائية للزراعة، وفقاً لبيانات وزارة الري المصرية.


بريطانيا: الهجمات على قوافل المساعدات المتوجهة لغزة «مروعة»

نشطاء يمينيون يعتدون على ما لا يقل عن سبع شاحنات مساعدات إنسانية كانت متجهة إلى غزة (أ.ف.ب)
نشطاء يمينيون يعتدون على ما لا يقل عن سبع شاحنات مساعدات إنسانية كانت متجهة إلى غزة (أ.ف.ب)
TT

بريطانيا: الهجمات على قوافل المساعدات المتوجهة لغزة «مروعة»

نشطاء يمينيون يعتدون على ما لا يقل عن سبع شاحنات مساعدات إنسانية كانت متجهة إلى غزة (أ.ف.ب)
نشطاء يمينيون يعتدون على ما لا يقل عن سبع شاحنات مساعدات إنسانية كانت متجهة إلى غزة (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون اليوم (الثلاثاء) إن الهجمات على قوافل المساعدات المتجهة لغزة «مروعة» وينبغي على إسرائيل محاسبة المسؤولين عنها.

وبحسب «رويترز»، قال كاميرون في منشور على منصة «إكس» «هجمات المتطرفين على قوافل المساعدات المتوجهة إلى غزة مروعة، سكان غزة يواجهون خطر المجاعة وهم في حاجة ماسة إلى الإمدادات».

وأضاف «لا بد لإسرائيل من محاسبة منفذي الهجمات، وفعل المزيد للسماح بإدخال المساعدات، سأثير مخاوفي مع الحكومة الإسرائيلية».

فتح تحقيق

ومن جانبها، أعلنت الشرطة الإسرائيلية إنها فتحت تحقيقاً بعد أن قام نشطاء يمينيون بإيقاف ونهب ما لا يقل عن سبع شاحنات مساعدات إنسانية كانت متجهة إلى غزة.

فيما نددت واشنطن بالهجوم الذي نفذته مجموعة تضم شباناً ومراهقين هاجموا قافلة قادمة من الأردن قرب معبر ترقوميا في الضفة الغربية المحتلة.

وألقى المهاجمون شحنة المواد الغذائية المتجهة إلى غزة والتي كانت تضم أكياس حبوب وأرز ودقيق وحزم بسكويت وحساء مجفف على الأرض وداسوا عليها.

وأشارت الشرطة الإسرائيلية إلى حادثة «إخلال بالنظام العام»، وقالت إنها «فتحت تحقيقاً أدى إلى اعتقال عدد من المشتبه بهم».

وأظهرت صور ولقطات لوكالة «الصحافة الفرنسية» المواد الغذائية التي كانت محملة في الشاحنات متناثرة على الأرض، وأظهرت صور شوهدت لاحقاً على وسائل التواصل الاجتماعي شاحنات تشتعل فيها النيران بالقرب من المعبر.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن النشطاء كانوا أعضاء في مجموعة «تساف 9»، وهي المجموعة التي قامت مرات عدة باعتراض شاحنات المساعدات المتجهة إلى قطاع غزة.

وقالت الناشطة الإسرائيلية اليمينية حانا غيات «لدينا رهائن في غزة، ولا ينبغي إدخال أي مساعدات إنسانية قبل أن يخرج رهائننا بأمان إلى منازلهم».

وقالت إن المجموعة أوقفت الشاحنات أمس (الاثنين) لمنع وصول المساعدات إلى أيدي «حماس»، «التي تحاول قتل جنود آخرين، ومواطنين إسرائيليين آخرين، ويعدون بفعل ذلك مراراً وتكراراً».

«غضب شديد»

وعبرت الولايات المتحدة، أكبر حليف لإسرائيل، عن قلقها بشأن هجوم الاثنين الذي دفعها إلى تحذير إسرائيل لاتخاذ خطوات أكبر لحماية الفلسطينيين، ومساعدتهم.

وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جايك سوليفان «من المثير للغضب الشديد أن يكون هناك أشخاص يهاجمون وينهبون هذه القوافل القادمة من الأردن، والمتوجهة إلى غزة لتوصيل المساعدات الإنسانية».

وأضاف «نحن ننظر إلى الأدوات التي لدينا للرد على ذلك... هذا سلوك غير مقبول على الإطلاق».

وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الأسبوع الماضي إنها ستغلق مكاتبها في القدس الشرقية، التي ضمتها إسرائيل عام 1967، بعد عدة مظاهرات معادية نظمها نشطاء إسرائيليون هناك.


ما تأثير الدور العربي في الملاحقة القانونية لإسرائيل أمام «العدل الدولية»؟

وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور وسفير بلادها لدى هولندا فوسيموزي مادونسيلا في محكمة العدل الدولية بلاهاي في 26 يناير (رويترز)
وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور وسفير بلادها لدى هولندا فوسيموزي مادونسيلا في محكمة العدل الدولية بلاهاي في 26 يناير (رويترز)
TT

ما تأثير الدور العربي في الملاحقة القانونية لإسرائيل أمام «العدل الدولية»؟

وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور وسفير بلادها لدى هولندا فوسيموزي مادونسيلا في محكمة العدل الدولية بلاهاي في 26 يناير (رويترز)
وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور وسفير بلادها لدى هولندا فوسيموزي مادونسيلا في محكمة العدل الدولية بلاهاي في 26 يناير (رويترز)

قال قانونيون وخبراء دوليون إن انضمام دول عربية إلى دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية سيضيف إلى مسار الملاحقة القانونية الدولية للانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة، من خلال دعم أدلة إدانة إسرائيل بتهمة «الإبادة الجماعية»، كما سيزيد من الضغوط الدولية على إسرائيل، لوقف الحرب الدائرة من 7 أشهر.

وأعلنت مصر، الأحد، انضمام القاهرة للدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا، وأرجع بيان لوزارة الخارجية تدخُّل ودعم مصر للدعوى في هذا التوقيت إلى «تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة»، لكن البيان لم يوضح طبيعة التدخل.

وجاء البيان المصري بعد أن أعلنت ليبيا، الجمعة الماضي، الانضمام لدعوى جنوب أفريقيا، حيث رأت أن «الأعمال الإسرائيلية اتخذت طابعاً جعلها ترقى إلى أعمال إبادة تستهدف أهالي غزة».

نزوح من مدينة غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

ورحبت جنوب أفريقيا بانضمام مصر للدعوى ضد إسرائيل، وقالت وزيرة الخارجية ناليدي باندور، إن «انضمام مصر سيعطي زخماً أكبر للقضية الفلسطينية»، مشيرة في اتصال هاتفي عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، إلى أن «حرب إسرائيل على الفلسطينيين الأبرياء، خصوصاً النساء والأطفال، أمر غير مقبول نهائياً، ولا يمكن الدفاع عنه».

ويمثل انضمام دول عربية للدعوى القضائية «ورقة ضغط جديدة على الجانب الإسرائيلي»، كما يوضح رئيس جمعية القانونيين الدوليين في باريس، د. مجيد بودن، الذي أكد أن «انضمام مصر وليبيا لدول أخرى مثل كولومبيا وتركيا في دعوى جنوب أفريقيا، سيعطي ثقلاً دولياً ومصداقية للملاحقة القانونية، وسيقدم أدلة ودفوعاً قانونية جديدة تدين إسرائيل».

وتطالب الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بـ«إدانة إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، وفرض إجراءات طارئة لوقف القتال في القطاع».

شخص يلوّح بالعلم الفلسطيني بالتزامن مع جلسة عقدتها محكمة العدل الدولية في لاهاي 21 فبراير (رويترز)

وعقب جلسات أولية، طلبت محكمة العدل الدولية، من إسرائيل، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، «منع ووقف التحريض على الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في غزة»، دون أن تأمر بوقف إطلاق النار.

وعدَّد بودن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أوجه تأثير انضمام مصر للملاحقة القانونية الدولية لإسرائيل، قائلاً إن «الموقع الجيوسياسي لمصر بوصفها دولة جوار مباشر لقطاع غزة، سيجعل أدلة إدانة الجانب الإسرائيلي أقوى، وسيكون له وزن قانوني أمام محكمة العدل الدولية».

السبب الثاني الذي أشار له رئيس جمعية القانونيين الدوليين في باريس، هو أن «رمزية انضمام مصر بوصفها دولة أرست مبادئ السلام مع إسرائيل منذ عقود طويلة، وتحركها لإثبات مخالفة إسرائيل قواعد القانون الدولي، سيعززان موقف الملاحقة القانونية الدولية لإسرائيل مع الدول الأخرى المنضمة لدعوى جنوب أفريقيا».

إسرائيل تسيطر على معبر رفح الفلسطيني بالقرب من الحدود المصرية (رويترز)

وفسر أستاذ القانون الدولي في مصر، أحمد رفعت، توقيت الانضمام المصري لدعوى جنوب أفريقيا حالياً، بأن تحرُّك مصر «جاء تصعيداً قانونياً للرد على سيطرة إسرائيل على معبر رفح في الجانب الفلسطيني»، موضحاً أنه «رغم أن اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل تمنع اتخاذ إجراءات قانونية ضد الطرفين، لكن مصر تحركت بعد انتهاك الجانب الإسرائيلي للاتفاقية في منطقة رفح الفلسطينية».

ووضّح أستاذ القانون الدولي أن «مصر تسعى لممارسة ضغوط دولية على الجانب الإسرائيلي بوصفها إجراءات لمنع التصعيد تحافظ بها على حقوقها، وفي الوقت نفسه لا تريد قطع حِبال السلام، حتى لا تفقد دورها بوصفها وسيطاً في مفاوضات وقف إطلاق النار مع أميركا وقطر خلال الأشهر الماضية».

نساء وأطفال في رفح بقطاع غزة يجتازون مبنى دمره القصف الإسرائيلي نهاية مارس (أ.ف.ب)

ورأى رفعت أن «انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا يمكن أن يؤثر في المخطط الإسرائيلي لاجتياح رفح، من خلال ممارسة ضغوط لإصدار قرار من محكمة العدل الدولية بوقف العمليات العسكرية في قطاع غزة».

ولم يختلف في ذلك، رئيس جمعية القانونيين الدوليين في باريس، حيث أشار إلى أن «انضمام دول عربية مثل مصر وليبيا، يؤخذ بعين الاعتبار من الجانب الإسرائيلي، ومن جانب محكمة العدل الدولية»، وقال إن «المحكمة الدولية تتخذ اتجاهاً لتطبيق مبادئها القضائية دون انحياز أو غض الطرف عن الانتهاكات القائمة في قطاع غزة، خصوصاً في ظل ضغوط دولية تقارن بين إجراءات المحكمة في الحرب الأوكرانية وإجراءاتها في غزة».


غروندبرغ قلق من عودة الحرب وتهديد الحوثيين لمأرب

المبعوث الأممي إلى اليمن يحيط مجلس الأمن عبر الاتصال المرئي حول آخر جهود السلام (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى اليمن يحيط مجلس الأمن عبر الاتصال المرئي حول آخر جهود السلام (أ.ف.ب)
TT

غروندبرغ قلق من عودة الحرب وتهديد الحوثيين لمأرب

المبعوث الأممي إلى اليمن يحيط مجلس الأمن عبر الاتصال المرئي حول آخر جهود السلام (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى اليمن يحيط مجلس الأمن عبر الاتصال المرئي حول آخر جهود السلام (أ.ف.ب)

جدّد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، الاثنين، مخاوفه بخصوص التهديدات بعودة الحرب في اليمن، معبراً عن قلقه من تصرفات الحوثيين إزاء مأرب، مع اعترافه باصطدام جهوده بالتصعيد الإقليمي، حيث حال ذلك دون إحراز أي تقدم في مسار السلام الذي ينشده.

تصريحات غروندبرغ التي جاءت خلال إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن، واكبها حديث الحوثيين عن تلقيهم غارة جوية في مدينة الحديدة الساحلية، إضافة إلى إعلان مهمة «أسبيدس» الأوروبية عن انضمام فرقاطة هولندية للمساهمة في حماية السفن من هجمات الجماعة المدعومة من إيران.

وأشار المبعوث الأممي إلى زيارته إلى عدن، حيث التقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي ورئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك ووزير الخارجية شائع الزنداني، وقال إنهم تحدثوا عن الحاجة الملحة لمعالجة تدهور الأوضاع المعيشية وإحراز تقدم نحو تأمين اتفاق خريطة الطريق الذي يُنهي الحرب ويمهد الطريق نحو سلام عادل.

وأعاد غروندبرغ التذكير بأن الحكومة اليمنية والحوثيين كانوا قد اتخذوا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي خطوة شجاعة نحو الحل السلمي عندما اتفقوا على مجموعة من الالتزامات التي سيتم تفعيلها من خلال خريطة طريق الأمم المتحدة.

واعترف المبعوث بأن التحديات التي تم تسليط الضوء عليها في الإحاطات السابقة لا تزال تعوق تقدمه، وقال: «بينما يستمر الوضع الإقليمي في تعقيد قدرتنا على تحقيق تقدم في اليمن، فإنني أكرر دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لوقف إطلاق النار في غزة، وأحث جميع الأطراف المعنية على خفض التصعيد في البحر الأحمر ومحيطه».

وأضاف: «داخل اليمن، ظل الوضع الأمني على طول الخطوط الأمامية في نطاق الاحتواء خلال الشهر الماضي، إلا أنني أشعر بالقلق إزاء استمرار الأنشطة العسكرية... في الضالع والحديدة ولحج ومأرب وصعدة وشبوة وتعز».

وتطرق المبعوث إلى ما حدث في 27 أبريل (نيسان) الماضي، حيث لقيت امرأتان وثلاث فتيات حتفهن بشكل مأساوي في محافظة تعز جراء هجوم بطائرة من دون طيار أثناء جمعهن الماء قرب منزلهن، وقال إن ذلك يبرز «المخاطر الجسيمة التي يتعرض لها المدنيون في ظل غياب الحل عن الوضع القائم».

العنف ليس حلاً

فيما يتعلق بالمخاوف من عودة القتال وانهيار التهدئة الهشة في اليمن، قال غروندبرغ: «إنني قلق إزاء تهديدات الأطراف بالعودة إلى الحرب، بما في ذلك تصريحات أنصار الله (الحوثيون) وتصرفاتهم فيما يخص مأرب. إن المزيد من العنف لن يكون حلاً للصراع... بل سيتسبب في فقدان فرصة التوصل إلى تسوية سياسية».

أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى الإحاطة الشهرية من غروندبرغ بخصوص اليمن (أ.ف.ب)

دعا المبعوث الأممي الأطراف اليمنية مجدداً إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في أفعالهم وخطابهم خلال هذه المرحلة الهشة، وشدد على أنه «يؤمن بأن الوصول إلى حل سلمي وعادل ما زال ممكناً».

وتابع بالقول: «ينادي اليمنيون بالمساواة بصفتهم مواطنين أمام القانون، وبالفرصة للاستفادة من كامل القدرات الاقتصادية لبلادهم، وبتحسين الخدمات وبالحكم الرشيد. هذه النداءات تتطلب في نهاية المطاف التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب وبدء عملية سياسية».

وأفاد غروندبرغ بأنه يواصل العمل مع الأطراف لإحراز تقدم بشأن خريطة الطريق الأممية، بدعم من المجتمع الدولي والدول الإقليمية، لا سيما السعودية وعُمان.

وأوضح أنه في الوقت الحالي ينخرط مكتبه مع اليمنيين لتسهيل إطلاق سراح المحتجزين المرتبطين بالنزاع، وفتح الطرق، وتحسين القطاع الاقتصادي والمالي، كما ذكر أنه يستمر في التحضير للتوصل لوقف إطلاق النار على مستوى البلاد واستئناف عملية سياسية جامعة والتركيز على أجندة المرأة والسلام والأمن.

وبالنظر إلى حالة عدم اليقين في المنطقة التي تؤثر على اليمن، قال المبعوث الأممي إلى اليمن: «يجب ألا نغفل عن القيمة الجوهرية للسلام طويل الأمد... سأحتاج إلى الاعتماد على دعم المنطقة وهذا المجلس».

الهجمات والضربات

في ظل العمليات الدفاعية التي تقودها واشنطن لحماية السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، أقرت وسائل إعلام الجماعة الحوثية، بتلقيها غارة استهدفت مطار الحديدة جنوب المدينة ووصفتها بـ«الأميركية والبريطانية» وهو مطار خارج عن الخدمة منذ سنوات.

ولم تشر الجماعة إلى النتائج التي أسفرت عن الضربة، في حين لم يتبنها الجيش الأميركي على الفور، لكن يرجح أنها ضمن الضربات الاستباقية التي درجت واشنطن على تنفيذها لمنع الهجمات ضد السفن.

وفي آخر تحديث للجيش الأميركي بخصوص الهجمات، أوضح أن قواته نجحت في نحو الساعة 3:30 صباحاً (بتوقيت صنعاء) يوم 12 مايو (أيار)، في تدمير طائرة من دون طيار أطلقها الحوثيون المدعومون من إيران فوق خليج عدن ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات أو أضرار.

وجاء الحديث عن تدمير هذه الطائرة بعد ساعات من تأكيد القيادة المركزية الأميركية تدمير 4 طائرات حوثية مسيرة فوق البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث شاركت طائرة تابعة لتحالف «حارس الازدهار» في تدمير إحدى الطائرات في حين دمرت القوات الأميركية الثلاث الأخرى.

في غضون ذلك، أفادت المهمة الأوروبية «أسبيدس» في تغريدة على منصة «إكس»، الاثنين، بانضمام فرقاطة هولندية إلى القطع البحرية العسكرية التابعة للمهمة التي كان قد أطلقها الاتحاد الأوروبي في منتصف فبراير (شباط) الماضي للمساهمة في حماية الملاحة.

وتهاجم الجماعة المدعومة من إيران السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومحاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، وأعلنت الأسبوع الماضي توسيع الهجمات إلى البحر المتوسط.

وفي أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، زعم أنه ليست هناك خطوط حمراء تحول دون تنفيذ الهجمات، وتبنى مهاجمة 112 سفينة، مدعياً أن لدى جماعته خيارات استراتيجية حساسة ومهمة ومؤثرة، وأنها لا تكترث لكل التهديدات التي تلقتها ومستعدة لكل الاحتمالات.

مسلح حوثي قبالة السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنها الحوثيون في نوفمبر الماضي (أ.ب)

وهدّد الحوثي باستهداف أي سفينة نقلت بضائع لموانئ إسرائيل، وقال إن المرحلة الرابعة من التصعيد التي كان قد أعلن عنها ستشمل استهداف أي سفن لأي شركة لها علاقة بالإمداد أو نقل بضائع لإسرائيل وإلى أي جهة ستتجه.

ومع تهديده بمرحلة خامسة من التصعيد، أقرّ بأن جماعته استغلت الحرب في غزة لمزيد من التعبئة والتجنيد، حيث بلغ عدد المتدربين في التعبئة والتأهيل العسكري 296 ألفاً، داعياً إلى المزيد.

وبلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضد الحوثيين على الأرض نحو 450 غارة، في حين أقرت الجماعة بمقتل 40 من عناصرها وإصابة 35 آخرين، جراء هذه الضربات.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، حيث شاركتها بريطانيا في 4 مناسبات.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير الماضي، بغرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».


«العدل» العراقية تنفي تعرض المتحول «جوجو» للتعذيب

صورة لأحد الشوارع وسط بغداد (أ.ف.ب)
صورة لأحد الشوارع وسط بغداد (أ.ف.ب)
TT

«العدل» العراقية تنفي تعرض المتحول «جوجو» للتعذيب

صورة لأحد الشوارع وسط بغداد (أ.ف.ب)
صورة لأحد الشوارع وسط بغداد (أ.ف.ب)

نفت وزارة العدل العراقية، اليوم (الاثنين)، أن يكون المتحول جنسياً عبد الله عبد الأمير المعروف بـ«جوجو»، والذي أعلنت وفاته أول من أمس قد تعرض للتعذيب أو القتل في سجون العدالة ببغداد التي يوجد فيها منذ نحو عامين.

وأثار إعلان الوفاة الذي أتى بعد نحو أسبوعين من حادث اغتيال المشهورة بمواقع التواصل الاجتماعي «أم فهد» أمام منزلها ببغداد، مزيداً من ردود الفعل على مواقع التواصل المختلفة والتشكيك في أن «جوجو» ربما تعرض لـ«التصفية» من قبل جماعات نافذة ومتورطة معه، ولا تفضل بقاءه على قيد الحياة.

وحقق ترند «جوجو» نسبة مشاركات عالية من تغريدات العراقيين في منصة «إكس».

وفي التفاصيل المرتبطة بالوفاة، قال المتحدث باسم وزارة العدل أحمد لعيبي في معلومات وزعها على وسائل إعلام محلية، إن «(جوجو) سقط مغشياً عليه في البدء بباب قسم الشرطة أثناء عملية تسليمه للنظر بقضية حكم جديدة، بخلاف قضيته الأولى والمسجون بسببها لـ15 عاماً».

وأضاف أنه «تم نقله مباشرة إلى المركز الصحي، لتتبين وفاته، وبعدها تم اتخاذ الإجراءات الأصولية وإرساله للطلب العدلي لإجراء عملية التشريح لتبيان سبب الوفاة».

ونفى لعيبي أي حديث عن سبب الوفاة، وقال إنه «سابق لأوانه خصوصاً الإشارة إلى تعاطيه كميات من مواد مخدرة أودت بحياته، والمعطيات الأولية تشير إلى أن سبب الوفاة قد يكون تعرضه لسكتة قلبية».

وبالنظر لطبيعة المتوفى المزدوجة، أكد متحدث «العدل» أنه «كان معزولاً بغرفة خاصة، لا مع الرجال أو النساء، بسبب وضعه النفسي والجسماني، وكان يخضع للعلاج على يد طبيب نفسي وعصبي بشكل أسبوعي».

ويتحدث بعض المصادر المطلعة على ظروف الاعتقال في بعض السجون عن عمليات بيع ومتاجرة بالمخدرات وعمليات دعارة تتم في تلك السجون، لكن وزارة العدل العراقية غالباً ما تنفي نوعاً كهذا من الأخبار.

وألقت السلطات العراقية القبض على «جوجو» عام 2022، بعد عودته من الولايات المتحدة الأميركية، والعملية تمت وفق دعوى قضائية أقامتها ضده مشهورة مواقع التواصل همسة ماجد، التي اتهمته بالابتزاز وإدارة شبكات دعارة.

ويشير بعض المصادر إلى ارتباط «جوجو» بشخصيات سياسية وإعلامية وميليشياوية نافذة قبل أن يتم إلقاء القبض عليه، وتضيف المصادر أنها تمتلك تسجيلات «مرئية» لكثير من الشخصيات التي كانت تستخدمها للابتزاز والحصول على الأموال.

وتظهر مقاطع فيديو قديمة عبر منصة «تيك توك» جوجو يهدد بفضح ضباط ومسؤولين كانوا على صلة به.

وفي نهاية 2022، حكم القضاء على «جوجو» في 3 قضايا ابتزاز، تصل عقوبتها إلى السجن سنوات طويلة.

وأعاد حادث الوفاة الجديد الحديث عن الصلات الوثيقة التي تربط مجتمع «المشاهير والموديلات» من النساء ببعض كبار الضباط في الجيش والداخلية، إلى جانب الارتباطات المشبوهة ببعض الميليشيات والشخصيات السياسية النافذة.

وفي 20 مارس (آذار) الماضي، قرر رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة محمد السوداني، إحالة عدد من الضباط إلى «دائرة الإمرة» بعد كشف تورطهم بعمليات «ابتزاز» داخل المؤسسة الأمنية، وضمن تلك الشخصيات مسؤول دائرة العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية اللواء سعد معن.

وقال يحيى رسول المتحدث باسم القائد العام في حينها، إن «التحقيقات توصلت إلى تحديد عناصر شبكة داخل المؤسسة تعمل على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي (صفحات بأسماء مستعارة) لابتزاز المؤسسة الأمنية والإساءة إلى رموزها، فضلاً عن ابتزاز الضباط والمنتسبين ومساومتهم».

وغالباً ما يقوم الضباط «المبتزون» باستغلال المشاهير والموديلات من النساء في مواقع التواصل الاجتماعي للإيقاع بخصومهم من بقية الضباط أو الشخصيات السياسية.


إعلام فلسطيني: إسرائيل تقطع الاتصالات بالكامل عن مخيم جباليا شمال غزة

إسرائيل تقطع الاتصالات بالكامل عن مخيم جباليا في شمال غزة (إ. ب. أ)
إسرائيل تقطع الاتصالات بالكامل عن مخيم جباليا في شمال غزة (إ. ب. أ)
TT

إعلام فلسطيني: إسرائيل تقطع الاتصالات بالكامل عن مخيم جباليا شمال غزة

إسرائيل تقطع الاتصالات بالكامل عن مخيم جباليا في شمال غزة (إ. ب. أ)
إسرائيل تقطع الاتصالات بالكامل عن مخيم جباليا في شمال غزة (إ. ب. أ)

قالت وكالة «شهاب» الفلسطينية اليوم (الاثنين) إن إسرائيل قطعت الاتصالات بشكل كامل عن مخيم جباليا في شمال قطاع غزة.

ولم تذكر الوكالة على الفور أي تفاصيل أخرى.

وكانت وسائل إعلام فلسطينية أفادت في وقت سابق اليوم بانتشال أكثر من 20 قتيلا في مخيم جباليا جراء العملية العسكرية الإسرائيلية المتواصلة هناك.


السفيرة الفرنسية لدى اليمن: الحوثيون اختاروا طريق الصراع

TT

السفيرة الفرنسية لدى اليمن: الحوثيون اختاروا طريق الصراع

أكدت كمون أن الحوثيين اختاروا طريق الصراع ويسعون لعسكرة التعليم (تصوير: مشعل القدير)
أكدت كمون أن الحوثيين اختاروا طريق الصراع ويسعون لعسكرة التعليم (تصوير: مشعل القدير)

قالت السفيرة الفرنسية لدى اليمن كاترين قرم كمون، إن المخيمات الصيفية التي تقيمها جماعة الحوثي تمثل عنصراً مهماً في عسكرة التعليم باليمن، ويستخدمها الحوثيون منذ فترة طويلة أداة للتعبئة العقائدية للأطفال ونشر خطاب الكراهية وتجنيدهم وإرسالهم إلى جبهات القتال.

وأوضحت كمون لـ«الشرق الأوسط»، في أول حوار صحافي لها منذ تعيينها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن عملية السلام الجارية سوف تستغرق وقتاً، حيث بات من الواضح أن «الحوثيين اختاروا مرة أخرى طريق الصراع»، مشيرة إلى أن قرارهم الأخير بإصدار عملة معدنية جديدة «غير قانوني، ولا يؤدي إلا إلى زرع الفتنة والارتباك وتمزيق البلد».

السفيرة الفرنسية لدى اليمن كاترين كمون تتحدث لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: مشعل القدير)

وأشادت السفيرة الفرنسية بالجهود التي قامت بها السعودية وسلطنة عمان في تقريب وجهات النظر بين الأطراف اليمنية، مبينة أن «السعودية على وجه الخصوص لعبت دوراً كبيراً في وضع خريطة طريق لتمهيد الطريق لاستئناف المفاوضات بين الحكومة الشرعية والحوثيين».

كما طالبت السفيرة بأن «تكون السياسيات وسيدات الأعمال وممثلات الجمعيات والمنظمات غير الحكومية وجميع اليمنيات قادرات على المشاركة من الآن فصاعداً بجميع المناقشات المتعلقة بمستقبل البلد».

وفي تعليقها حول وحدة مجلس القيادة الرئاسي اليمني، تحدثت كاترين كمون عن انسجام أكثر في أصوات أعضائه، لا سيما في ظل وجود الحكومة في العاصمة المؤقتة عدن.

القضية الجنوبية - بحسب سفيرة فرنسا لدى اليمن - مهمة للغاية وجزء من تاريخ البلد، ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، لكنها استدركت قائلة: «في نهاية المطاف، الأمر متروك لليمنيين لاختيار نظامهم السياسي المستقبلي»... فإلى تفاصيل الحوار:

* بداية أين وصلت جهود السلام في اليمن؟ وهل أنتم متفائلون؟

- لا يمكن إحلال السلام في اليمن إلا من خلال حل سياسي شامل وجامع يضع حداً للصراع الذي طال أمده، وتلتزم فرنسا التزاماً كاملاً، إلى جانب المجتمع الدولي، بدعم عملية السلام في اليمن وجهود الوساطة التي يقودها المبعوث الأممي لإحلال السلام، ويجب أن تأخذ هذه العملية بعين الاعتبار اهتمامات ومصالح جميع اليمنيين، نساءً ورجالاً، في جميع مناطق اليمن.

ونحن نرحب بالجهود الدبلوماسية التي بذلتها الجهات الفاعلة الإقليمية، لا سيما المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، في الأشهر الأخيرة، لإعادة الجانبين إلى طاولة المفاوضات، ولعبت السعودية على وجه الخصوص دوراً كبيراً في وضع خريطة طريق لتمهيد الطريق لاستئناف المفاوضات بين الحكومة الشرعية والحوثيين.

بالنسبة لسؤالك: أين نحن اليوم؟ لقد تم إحراز تقدم، كما قلتُ، وكان لدينا أمل في نهاية العام الماضي في أن تتمكن الحكومة الشرعية والحوثيون من التوقيع على خريطة طريق من شأنها أن تؤدي، كبداية إلى وقف إطلاق نار دائم ثم الدخول في عملية التفاوض اليمني - اليمني، وقدم المبعوث الأممي النقاط الرئيسية لخريطة الطريق. ولكن من الواضح أن الحوثيين اختاروا مرة أخرى طريق الصراع، ضمن السياق الراهن للأزمة في غزة، من خلال شن هجمات ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن.

وكما أشرنا في عدة مناسبات، وفي مجلس الأمن على وجه الخصوص، فإننا ندعو الحوثيين إلى وقف هجماتهم واختيار المسار السياسي، وندعوهم إلى التحلي بالمسؤولية من أجل إحياء الأمل أخيراً لدى الشعب اليمني والبدء في عملية المصالحة، وهذه المسؤولية مستحقة للشعب اليمني، إذ يعاني اليوم أكثر من 17 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، ومن جهة أخرى تستمر المجاعة والكوليرا في الانتشار.

ويمكن اتخاذ إجراءات سريعة لإعادة توحيد اليمنيين مثل فتح الطرق والوحدة النقدية، إن القرار الأخير غير القانوني والضار الذي اتخذته السلطة المالية للحوثيين بإصدار العملات المعدنية الشهر الماضي لا يؤدي إلا إلى زرع الفتنة والارتباك بين السكان، وإلى مزيد من تمزيق البلد.

ويبدو أن عملية السلام ستستغرق وقتاً، ويجب علينا التعامل مع الملف اليمني بتواضع وحذر، لأن الوضع معقد للغاية ونتيجة لتاريخ طويل فيه كثير من الصراعات. كما أدت الحرب إلى تفكيك المؤسسات وإضعافها، وكلما طال أمدُ الحرب، تغذت الكراهية والرغبة في الانتقام. يجب أن نكون يقظين (...) لإقامة الظروف الملائمة للمصالحة الحقيقية، وتعزيز قدرة الحكومة الشرعية ومساعدتها في إعادة بناء دولة شاملة تخدم جميع المواطنين مهما كانت أصولهم الجغرافية أو معتقداتهم.

* كيف تنظر فرنسا للهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر؟

- كان الموقف الفرنسي واضحاً وثابتاً منذ بدء الهجمات في البحر الأحمر، إننا ندين بشدة هذه الهجمات على السفن التجارية، التي تعدّ أعمالاً غير مسؤولة وخطيرة من عدة جوانب، وتنتهك هذه الهجمات قانون البحار وحرية الملاحة، حيث أدت بالفعل إلى مقتل بحارة وغرق السفينة «روبيمار» مع عواقب بيئية واقتصادية خطيرة.

كما تهدد (الهجمات) وتزيد من تكلفة تدفق الغذاء والوقود والمساعدات الإنسانية والسلع الأساسية الأخرى إلى اليمن وأماكن أخرى في العالم. وبالتالي تزعزع استقرار اليمن وتضر بمصالح دول المنطقة وجميع الدول المستفيدة من التجارة البحرية الدولية، ولا تؤدي هذه الهجمات إلا إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن، ومرة أخرى، الشعب اليمني هو الذي يدفع بشكل يومي الثمن.

تهدد مواجهات البحر الأحمر بإلحاق أضرار بيئية بالحياة البحرية تنعكس سلباً على الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وفي هذا السياق، التزمت فرنسا بداية على المستوى الوطني وبالتنسيق مع شركائها بضمان الأمن البحري وحرية الملاحة، وفقاً للقانون الدولي ويجب تطبيق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2722، الذي يؤكد أن للدول الحق في الدفاع عن سفنها ضد هذه الهجمات، وهذا يعني أن الحل أولاً هو وقف ضربات الحوثيين، وإطلاق سراح سفينة «غلاكسي ليدر» وطاقمها المحتجز منذ ما يقرب من 6 أشهر.

إن عملنا هو في الأساس جزء من عملية «أسبيدس» (ASPIDES) الأوروبية، ومهمتها دفاعية بحتة وغير تصعيدية، وفي هذا الشأن، تنشر البحرية الفرنسية سفنها من شمال غربي المحيط الهندي إلى منتصف البحر الأحمر، عبر مضيق باب المندب، مما يسهم في حماية السفن التجارية.

* هل تعتقدون أن الضربات الأميركية والبريطانية على أهداف حوثية كافية، حيث إن الهجمات الحوثية ما زالت مستمرة؟

- ليس لفرنسا التعليق على خيارات حلفائنا وشركائنا، والأمر المؤكد أن لدينا هدفاً مشتركاً؛ هو إنهاء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وعودة الهدوء إلى هذه المنطقة.

وفي مواجهة هجمات الحوثيين اختارت فرنسا موقفاً دفاعياً صارماً في إطار أوروبي في إطار العملية الأوروبية «أسبيدس»، وبما يتوافق مع دعواتنا المتكررة لوقف التصعيد في جميع أنحاء المنطقة.

* يغذي الحوثيون (مئات الآلاف) من الأطفال اليمنيين بأفكار متطرفة عبر ما يسمى «المخيمات الصيفية»، هل تدركون خطورة هذا الأمر ليس على اليمن والمنطقة فحسب، بل على العالم مستقبلاً؟

- أشكركم على تناول هذا الموضوع الذي يثير قلقاً كبيراً لأنه يتعلق بمستقبل جيل كامل ومستقبل جزء كبير من اليمن، تعد المخيمات الصيفية عنصراً مهماً في عسكرة التعليم باليمن اليوم، لقد استخدمها الحوثيون منذ فترة طويلة أداة للتعبئة العقائدية للأطفال ونشر خطاب الكراهية وتجنيدهم من أجل إرسالهم إلى جبهات القتال، في انتهاكٍ للحقوق الأساسية للأطفال. وتأخذ هذه الظاهرة بُعداً جديداً في سياق الحرب بغزة، فالتعليم هو عمل الوالدين والمدرسة، ويؤدي الوضع الاقتصادي إلى إضعاف التوازنات الأسرية ويواجه الأهل صعوبة في تعليم أطفالهم، كما تعاني المدارس من نقص مزمن في الاستثمار منذ بداية الحرب الأهلية في اليمن على الأقل.

وفيما يتعلق بهذا السؤال الجوهري أيضاً: نعرف حالة إهمال المدارس والجامعات، وحالة الضياع التي يعيشها المدرسون الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ سنوات في مناطق الحوثيين. وما يمكننا فعله اليوم معاً هو مواصلة دعم قطاع التعليم في اليمن، وتوفير مستقبل لجميع الأطفال دون الالتحاق بالميليشيا من أجل توفير احتياجاتهم واحتياجات أسرهم والموت في كثير من الأحيان بجبهات القتال، وكيف نسمح لهم بأن يكونوا قادرين على الاختيار بين أن يكونوا أطباء أو مزارعين أو مهندسين أو صحافيين أو فنانين... ببساطة ليكونوا قادرين على الاختيار.

يجب على التعليم أيضاً أن يتيح تدريب شباب الغد على أن يكونوا متسامحين وبنائين ومنفتحين على العالم؛ فالشباب هم الذين سيكونون قادرين على المشاركة في إدارة بلدهم وسيسهمون بحرية في تعزيز صورة اليمن في العالم سياسياً وثقافياً واقتصادياً.

وضع هش

* كيف تقيمون الوضع الاقتصادي في اليمن، خصوصاً في ظل منع الحوثيين تصدير النفط الذي يعد المورد الرئيسي لموازنة الشرعية؟

- الوضع الاقتصادي هش للغاية، لقد تدهور في جميع أنحاء البلاد، كما تم تقليص المساعدات الإنسانية وتعليق المساعدات الغذائية جزئياً في منطقة سيطرة الحوثيين خلال الأشهر الأخيرة بسبب تدخلات جماعة الحوثيين.

ولذلك فإن الوضع الإنساني مقلق للغاية، ويؤثر انعدام الأمن الغذائي على 70 في المائة من الأطفال دون سن الثانية، وبالتالي فإن نموهم على المحك، وأكثر من نصف البنى التحتية الصحية غير صالحة للعمل، والأوبئة مثل الكوليرا التي تفشت مرة أخرى منذ عامين وتفاقمت بسبب هشاشة أنظمة معالجة وتصريف مياه الصرف الصحي، كما يُعد اليمن ضحية لتبعات ظاهرة الاحتباس الحراري مع ازدياد الكوارث الطبيعية وانخفاض الموارد المائية، مما يؤثر على النشاط الزراعي، بالإضافة إلى أن عواقب الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن لها تأثير سلبي على الاقتصاد، خصوصاً على نشاط صيد الأسماك.

وكما ذكرتم تماماً، فقد حُرمت الحكومة الشرعية من مواردها الرئيسية، بسبب قصف الحوثيين محطة الضبة النفطية في أكتوبر 2022، مما أدى إلى توقف صادرات النفط، وبسبب منع إدخال الغاز المنزلي من مأرب إلى صنعاء والمناطق الشمالية، فهل هذا في مصلحة الشعب اليمني؟ وأُذكِّر بأن هذه الضربات جاءت بعد رفض الحوثيين تجديد الهدنة رسمياً، وكانت النتيجة حرمان الحكومة من الموارد اللازمة لتمويل الخدمات الأساسية للسكان، بدءاً بتوفير الكهرباء والاستثمار في الصحة والتعليم.

يُضاف إلى ذلك حصار تعز فهو معاناة يومية للسكان، ويؤثر سلباً على اقتصاد ونشاط الملايين من البشر، لقد رسمت صورة قاتمة للغاية، هذه هي حقيقة الوضع في اليمن، ومع ذلك، هذا ليس سوى جزء من الواقع، لأنه من المهم أيضاً أن نقول إنه على الرغم من الوضع الصعب، تظل الحكومة الشرعية ملتزمة بشدة بالإصلاحات، كما أكد صندوق النقد الدولي خلال مهمته في عمّان الأسبوع الماضي. ويجب علينا أيضاً أن نسلط الضوء على حيوية القطاع الخاص، الذي أُتيحتْ لي الفرصة لتقديره خلال رحلتي الأخيرة إلى المكلا.

ويجب أن يدفعنا هذا الوضع كجهات مانحة ووكالات الأمم المتحدة والاتحاد أوروبي إلى حشد مزيد من الجهود لدعم المؤسسات الشرعية والتركيز على مشروعات التنمية، بما في ذلك التنمية الاقتصادية، وهذا هو موقف فرنسا، نريد أن نلعب دوراً في إعادة إعمار البلاد مع جميع شركائنا.

* كانت لكم زيارة أخيرة لعدد من المحافظات المحررة، كيف تصفون الوضع؟

- بداية، أود أن أسلط الضوء على التحدي المتمثل في العمل سفيراً أو سفيرة لدى بلد دون الإقامة فيه بشكل دائم، لفهم بلد ما وديناميكياته، عليك أن تكون على اتصال بسكانه ومؤسساته العامة والخاصة ومنظمات المجتمع المدني وثقافته، وما إلى ذلك، وعليك أن تستمع لتتمكن من التصرف، ولهذا السبب أحاول الذهاب إلى اليمن كلما أمكنني ذلك ولقاء اليمنيين في المنطقة والتحدث معهم عبر الفيديو للبقاء على اتصال.

وهكذا، منذ توليت منصبي في أكتوبر الماضي، تمكنت من السفر إلى اليمن 5 مرات، مع فريقي أو مع البعثة الأوروبية، بشكل رئيسي إلى عدن، العاصمة المؤقتة، ومؤخراً إلى المكلا. وأتمنى أن أتمكن من زيارة المحافظات الأخرى في المستقبل، إنه بلد رائع وشعب عريق وغني بتاريخ عمره قرون.

السفيرة الفرنسية خلال زيارتها الأخيرة لمدينة المكلا شرق اليمن ولقائها بعض السيدات اليمنيات (السفارة الفرنسية)

وأود أن أحيي دور السلطات المحلية التي تعمل لصالح المواطنين - بما في ذلك النازحون - بموارد محدودة، لقد تمكنتُ من ملاحظة ذلك في عدن وفي المكلا، وأنا على اتصال مع المحافظين الآخرين.

إن صمود السكان يثير إعجابي وأرى أعمالاً يتم تنفيذها في المجالات الاقتصادية والثقافية والتعليمية وحقوق الإنسان، ومبادرات لتحسين الوضع على الرغم من التحديات العديدة.

لقد وجدت لدى اليمنيين اللطف وكرم الضيافة وروح الأمل، الذي يحملونه لأنفسهم ولأطفالهم، والارتباط بالأسرة بالمعنى الواسع محلياً ودولياً بالنسبة للمغتربين، وأعتقد أن شبكات التضامن تتيح لليمنيين مواجهة الصعاب، من خلال استغلال جميع الموارد المتاحة لهم لتحسين الحياة اليومية.

وفي مهامي، أريد أيضاً تسليط الضوء على ما يتم تحقيقه في اليمن من نجاحات وما يحتاج إلى دعم في حدود إمكاناتنا، كما أن مكانة المرأة في المجتمع قريبة بشكل خاص إلى قلبي، أعتقد أنه يمكننا أن نفعل ما هو أفضل لإعطاء المرأة مكانتها الكاملة، ويجب أن تكون السياسيات وسيدات الأعمال وممثلات الجمعيات والمنظمات غير الحكومية وجميع اليمنيات قادرات على المشاركة من الآن فصاعداً في جميع المناقشات المتعلقة بمستقبل البلد، ويجب أن يكنّ قادرات على إظهار مهاراتهن بالطريقة نفسها التي يفعلها الرجال من أجل طرح آراء وأفكار جميع السكان، والنساء هن أيضاً أول ضحايا النزاع ويجب دعمهن بشكل أكبر، ويتعرضن أكثر من الرجال لأشكال جديدة من العنف، مثل التحرش عبر الإنترنت... بالنسبة لي، هذه أولوية لعمل سفارتنا.

* هل هناك خطط لإعادة تشغيل منشأة بلحاف لتصدير الغاز التي تشغلها «توتال» الفرنسية؟

- هذا السؤال يتكرر كثيراً في مقابلاتي، والإجابة هي نفسها دائماً، لا أستطيع التحدث باسم الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال «Yemen LNG»، أو باسم شركة «توتال للطاقة» وهي شركة خاصة، في عام 2015، قررت شركة «توتال للطاقة» إعلان حالة القوة القاهرة وتعليق أنشطتها وإعادة جميع موظفيها الموجودين في اليمن إلى وطنهم، بسبب الهجمات وتخريب البنية التحتية للموقع. تواصل «توتال للطاقة» الاستثمار - كما يفعل المساهمون الآخرون - لضمان الحفاظ على الموقع من أجل السماح باستئناف النشاط، إذا وعندما يتم استيفاء الشروط.

* إلى أي مدى ترون وحدة مجلس القيادة الرئاسي اليمني؟ وكيف تنظرون لمعالجة القضية الجنوبية خلال الفترة المقبلة؟

- إن وحدة صف الشرعية أمر ضروري للغاية في الفترة الحالية لمواجهة كل التحديات: تحدي إعادة بناء مؤسسات الدولة اليمنية وتحدي تطوير البلد بدءاً بمدينة عدن العاصمة المؤقتة وتحدي المصالحة في مواجهة الحوثيين رغم الآيديولوجيا الإقصائية التي تحركهم.

أكدت السفيرة أن وحدة مجلس القيادة الرئاسي اليمني مهمة لمواجهة التحديات في الداخل اليمني (السفارة الفرنسية)

يتكون مجلس القيادة الرئاسي من ممثلين من مختلف المناطق، كما أنه يمثل تنوع اليمن، حيث يمكن التعبير عن الأصوات والآراء المختلفة في داخله، ومع ذلك، يجب أن يعمل هذا التنوع على تحقيق الوحدة وتسهيل العمل الحكومي، وهو الأمر الذي لم يكن كذلك للأسف دائماً، لكني ألاحظ أن الأصوات أكثر انسجاماً اليوم وأن الحكومة اليوم حاضرة في عدن وفي المحافظات الأخرى التي تسيطر عليها.

من الواضح أن القضية الجنوبية مهمة للغاية، فهي جزء من تاريخ البلد، ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، وفي نهاية المطاف، الأمر متروك لليمنيين لاختيار نظامهم السياسي المستقبلي، يجب أن نكون قادرين على تهيئة الظروف لهذا الاختيار.


غزة والسودان و«سد النهضة» على جدول أعمال «قمة البحرين»

جانب من اجتماعات مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماعات مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

غزة والسودان و«سد النهضة» على جدول أعمال «قمة البحرين»

جانب من اجتماعات مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماعات مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

يعقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية اجتماعاً، الثلاثاء، في العاصمة البحرينية المنامة، لمناقشة وصياغة جدول أعمال «قمة البحرين»، تمهيداً لعرضه على القادة والزعماء العرب في الدورة الـ33 لاجتماع المجلس على مستوى القمة المقرر عقدها الخميس المقبل.

ويتضمن جدول الأعمال عدة ملفات تتصدرها القضية الفلسطينية، وتداعيات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. إضافة إلى عدد من القضايا الأخرى المتعلقة بالأمن القومي ومكافحة الإرهاب، ومواجهة الأزمات في المنطقة، لا سيما الحرب في السودان، والأوضاع في سوريا وليبيا واليمن، إضافة إلى ملف سد النهضة الإثيوبي.

وتمهيداً لاجتماع وزراء الخارجية العرب، عقد المندوبون الدائمون لجامعة الدول العربية اجتماعاً، الاثنين، لبحث الشق السياسي من جدول أعمال «قمة البحرين»، والذي تضمن استعراض تقرير رئاسة قمة جدة، وتقرير الأمين العام عن العمل العربي المشترك.

ركز البند الأول من جدول أعمال اجتماع المندوبين الدائمين على القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ومستجداته، ومتابعة التطورات السياسية الخاصة بها، لا سيما في ظل الحرب في غزة، حيث جدد المندوبون الدائمون على ضرورة وقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، ودعوا إلى تفعيل مبادرة السلام العربية، ودعم موازنة فلسطين، كما بحثوا الوضع في الجولان العربي السوري المحتل.

وفيما يتعلق بالشؤون العربية والأمن القومي جدد المندوبون الدائمون التأكيد على التضامن مع لبنان ودعمه، وناقشوا تطورات الوضع في سوريا واليمن، وأكدوا دعم السلام والتنمية في السودان، ودعم الصومال وجزر القمر، وشددوا على ضرورة الحل السلمي للنزاع الحدودي الجيبوتي الإريتري.

كما ناقش المندوبون التدخلات الإيرانية والتركية في الشؤون العربية، وبحثوا ملف سد النهضة الإثيوبي مؤكدين دعمهم لمصر والسودان.

وقال مندوب السعودية الدائم لدى الجامعة العربية، السفير عبد العزيز بن عبد الله المطر، في كلمته خلال اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين، إنّه «في ظل استمرار التحديات التي تواجه المنطقة العربية والظروف الإقليمية والدولية بالغة الخطورة والتعقيد، حرصت السعودية خلال ترؤسها للقمة في الدورة الماضية على تقديم كل الدعم للقضايا العربية».

وقال إن «القمة الحالية تنعقد في وقت عصيب إثر ما يعانيه الفلسطينيون من عدوان وظلم»، مشيرا إلى أن «المملكة بذلت وستبذل كل الجهود الدبلوماسية اللازمة لوقف الحرب في غزة وحماية المدنيين وإيصال المساعدات ودعم الجهود الرامية للاعتراف بالدولة الفلسطينية».

وأكد أن «المملكة مستمرة في بذل الجهود من خلال العمل العربي المشترك لمواجهة الأزمات في اليمن والسودان وليبيا وسوريا والصومال بما يحقق مصالح الشعوب العربية ويصون حقوق الأمة»، معلناً تسليم رئاسة الاجتماع لمملكة البحرين.

وعلى صعيد الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية والقانونية ناقش المندوبون الدائمون التفاعلات العربية مع قضايا المناخ والاستراتيجية العربية لحقوق الإنسان، والاستراتيجية الإعلامية العربية المشتركة لمكافحة الإرهاب وصيانة الأمن القومي العربي، وتطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى بحث مشاريع قرارات المجلس الاقتصادي وموعد ومكان انعقاد الدورة المقبلة من القمة.

جانب من اجتماعات مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

وأكد وكيل وزارة الخارجية البحرينية للشؤون السياسية، الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، أن «(قمة البحرين) تلتئم في ظرف استثنائي حرج، وتوقيت صعب، بالنظر إلى حجم التحديات التي تواجه العالم العربي، وفي مقدمتها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة».

وأضاف وكيل وزارة الخارجية البحرينية، في كلمته خلال الاجتماع، أن «الدولة الوطنية ومؤسساتها الشرعية، باتت مهددة بتقويض أركانها، وغياب حضورها نتيجة نزاعات داخلية يضاف إلى ذلك خطر الميليشيات المسلحة التي زادت من وتيرة الإرهاب، وتهديد الأمن الإقليمي، وهي جزء من التدخلات الخارجية في الشؤون العربية الأمر الذي يتناقض مع كافة المواثيق الدولية».

وشدد على أن «السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي، الذي ينطلق من رؤية واقعية تهدف إلى الحفاظ على الأمن القومي العربي، وحماية المؤسسات الوطنية، باعتبارها الحصن المنيع لمواجهة الأزمات، وحماية المقدرات، ومكافحة الإرهاب».

وأعرب عن أمله أن «تعبر القمة عن استحقاق تاريخي، يمثل مرحلة جديدة في المسيرة العربية الجامعة، ويلبي التطلعات المأمولة، حتى لا يفقد الشارع العربي إيمانه بفعالية آليات العمل الجماعي»، مشيرا إلى أنه «إذا كان العرب الآن أمام مفترق طرق، فينبغي أن تكون مخرجات تلك الاجتماعات على نفس مستوى خطورة الأوضاع».

يتضمن جدول الأعمال عدة ملفات تتصدرها القضية الفلسطينية إضافة إلى قضايا أخرى متعلقة بالأمن القومي (الجامعة العربية)

وتطرق اجتماع المندوبين فيما يخص شؤون السياسة الدولية إلى القمة العربية الصينية الثانية، وإنشاء منتدى للشراكة بين الجامعة العربية ورابطة دول جنوب شرقي آسيا (الآسيان)، ودعم وتأييد ترشيح وزير السياحة والآثار المصري السابق الدكتور خالد العناني لمنصب مدير عام اليونيسكو، ودعم وتأييد ترشيح محمود علي يوسف مرشح جيبوتي لمنصب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي.

وعلى هامش الاستعدادات لـ«قمة البحرين» استقبل الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في المنامة الاثنين، وزير خارجية السودان حسين عوض، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الأمين العام، جمال رشدي.

وجدد أبو الغيط خلال اللقاء «التأكيد على محددات التحرك العربي لعلاج الأزمة السودانية على المستويين السياسي والإنساني والقائمة على دعم التوصل إلى وقف إطلاق نار مستدام وشامل ومضاعفة جهود تحقيق وفاق وطني شامل، والعمل على منع انهيار المؤسسات القومية السودانية، وإنفاذ الأمن الغذائي للسودانيين».

وأعرب أبو الغيط عن «قلقه العميق إزاء تصاعد التوترات في الفاشر شمال دارفور، وما يشكله ذلك من تهديد خطير لحياة مئات الآلاف من المحاصرين في المدينة»، داعياً إلى وقف فوري لأشكال التصعيد وسرعة التوصل إلى اتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار في كافة مناطق السودان»، بحسب الإفادة الرسمية.

ولفت المتحدث باسم الأمين العام إلى تلقي أبو الغيط خطابات من عدد من منظمات المجتمع المدني السودانية تحذر من تدهور الأوضاع الإنسانية في ربوع السودان، وما اعتبرته جرائم ممنهجة ترقى إلى الإبادة الجماعية في بعض مناطق دارفور.


«قمة البحرين» لاتخاذ مواقف «قوية» بشأن فلسطين

السفير حسام زكي (الجامعة العربية)
السفير حسام زكي (الجامعة العربية)
TT

«قمة البحرين» لاتخاذ مواقف «قوية» بشأن فلسطين

السفير حسام زكي (الجامعة العربية)
السفير حسام زكي (الجامعة العربية)

وسط جدول مزدحم بالاجتماعات التحضيرية الرامية لحصر البنود الرئيسية المرتبطة بقضايا العمل العربي المشترك، تمهيداً لعرضها على القادة والزعماء العرب خلال الدورة الـ33 لاجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة، يوم الخميس المقبل، في العاصمة البحرينية المنامة، التقت «الشرق الأوسط» الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، الذي بدا واثقاً بخروج «قمة البحرين» بقرارات «قوية» بشأن فلسطين، وأن تُظهر مخرجات القمة التي تُعقد في «ظروف استثنائية»، ارتباطاً بالحرب في غزة بشكل «توافقي» يلبي تطلعات الرأي العام العربي، بعيداً عن أي قضايا خلافية، حيث تظل الملفات غير التوافقية قيد النقاش، و«لا تُرفع للقادة والزعماء العرب».

ومنذ السبت الماضي، انطلقت الاجتماعات التحضيرية لـ«قمة البحرين»، في المنامة، حيث عقد المجلس الاجتماعي والاقتصادي اجتماعات على مدار يومين على مستوى كبار المسؤولين أولاً، ثم على المستوى الوزاري للاتفاق على خطة طارئة للتعامل مع تداعيات العدوان الإسرائيلي على فلسطين، ووضع خطط للعمل العربي المشترك على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. والاثنين، اجتمع مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين لوضع الأطر العامة لمحاور الشق السياسي للقمة، تمهيداً لعرضها على وزراء الخارجية العرب، الثلاثاء، وصولاً لاجتماع القادة، الخميس المقبل.

وتعد القضية الفلسطينية إحدى القضايا المحورية الرئيسية على جدول أعمال القمم العربية. وقال زكي إن «(قمة البحرين) تتناول القضية الفلسطينية من كل جوانبها، لا سيما في ظل المستجدات الحالية المرتبطة باستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وأشار إلى أن «الجامعة العربية تتابع جميع التطورات في الحرب على غزة، وترصد الوضع الميداني المتردي في القطاع، إضافة إلى متابعة جميع المسارات السياسية المرتبطة بهذا الملف، والتحركات الإسرائيلية خارج قطاع غزة في الضفة الغربية وغيرها من الأمور المرتبطة بهذا الملف».

وأكد زكي أن «كل ما يحدث من تطورات في الملف الفلسطيني أمور تستحق مواقف وقرارات عربية، وهو ما ستناقشه (قمة البحرين) لتحديد ما يمكن اتخاذه بشأنها»، ولفت إلى «استمرار متابعة الجامعة العربية المساراتِ القانونيةَ والدوليةَ لزيادة الاعتراف بدولة فلسطين، ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، إضافة إلى الإعداد لعقد مؤتمر دولي للسلام». وقال: «كل ما سبق مطروح على جدول أعمال (قمة البحرين)، ومن المتوقع أن تصدر عن القمة قرارات بشأنها».

وكان الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط، قد ناقش خلال اجتماعه مع وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، بالقاهرة، في مارس (آذار) الماضي «مقترح عقد مؤتمر دولي للسلام». وأكد أبو الغيط في حينه، «ضرورة العمل المشترك على الصعيدين العربي والأوروبي، ومع كل الأطراف الأخرى، لتحويل هذه الفكرة إلى واقع في أقرب فرصة، بهدف تحقيق حل الدولتين، وإيجاد أفق سياسي للفلسطينيين في المرحلة المقبلة».

وبدوره، جدد الأمين العام المساعد التأكيد على أن «القضية الفلسطينية هي القضية المحورية للعرب والجامعة العربية، وبالتالي فإن تناولها يقع في صلب اهتمامات القادة والزعماء العرب، ولن تختلف (قمة البحرين) عن سابقاتها في مناقشة القضية الفلسطينية». وأضاف أنه «في ظل استمرار الحرب في غزة تكتسب القضية الفلسطينية زخماً إضافياً أكبر».

وتابع: «ستصدر عن (قمة البحرين) مواقف عربية قوية تؤيد الحقوق الفلسطينية، وتدعو المجتمع الدولي لعدم التخلي عن مسؤولياته إزاء هذه الحقوق التي من الضروري استعادتها لمصلحة كل الفلسطينيين».

وعلى مدار السنوات الماضية، تصدرت القرارات المرتبطة بالقضية الفلسطينية البيانات الختامية للقمم العربية، ومنذ بدء الحرب في غزة عقدت الجامعة العربية اجتماعات عدة على مستوى المندوبين ووزراء الخارجية، كما استضافت السعودية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قمة عربية - إسلامية في الرياض جرى خلالها تكليف وزراء خارجية كل من السعودية والأردن ومصر وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين، والأمينين العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ببدء تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة لتحقيق السلام الشامل والعادل.

وبشأن الملفات الأخرى المطروحة على جدول أعمال «قمة البحرين»، قال زكي إن «القمة ستناقش مجموعة من الملفات التي جرى التوافق عليها خلال العام، لا سيما أنها قمة عادية». وأوضح أنه «منذ (قمة جدة) في العام الماضي، جرى بحث ملفات وموضوعات عدة أغلبها سياسي ارتباطاً بما يمر به العالم العربي من أزمات ومشكلات من الطبيعي أن تنعكس على جدول أعمال اجتماع القادة والزعماء العرب».

ولفت إلى أن «جدول الأعمال يتضمن أيضاً مجموعة من الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجيات التي جرت صياغتها من جانب مجالس وزارية نوعية، وسيجري طرحها على القادة العرب لاعتمادها». وقال: «هناك عدد لا بأس به من الموضوعات المطروحة على جدول أعمال (قمة البحرين) سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وهي موضوعات دائماً تقع في صدارة الاهتمام الإعلامي والرأي العام العربي».

وأضاف: «المناقشات لا تقتصر على فلسطين فحسب، بل تمتد أيضاً لبحث الأوضاع في لبنان وسوريا وليبيا واليمن، والسودان في ضوء الحرب الدائرة، وما إلى ذلك من موضوعات تحظى باهتمام القادة والزعماء العرب».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «المجلس الاقتصادي والاجتماعي ناقش عدداً من البنود والموضوعات المهمة، من بينها خطة الاستجابة الطارئة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للعدوان الإسرائيلي على دولة فلسطين، ودعوة الدول والمنظمات ووكالات التنمية للمساهمة في تمويل وتنفيذ الخطة».

وقال زكي إن «المجلس رحب بالخطوات التي جرى اتخاذها في سبيل تفعيل عمل (مجلس وزراء الأمن السيبراني العربي)، كما ناقش التقدم المحرز في استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، وإقامة الاتحاد الجمركي العربي»، لافتاً إلى «دعوة المجلس الدولَ الأعضاءَ إلى دعم انضمام جامعة الدول العربية بصفة مراقب إلى منظمة التجارة العالمية».

واعتمد المجلس عدداً من الاستراتيجيات من بينها الاستراتيجية العربية للأمن المائي في المنطقة العربية لمواجهة التحديات والمتطلبات المستقبلية للتنمية المستدامة (2020 - 2030)، والاستراتيجية العربية للشباب والسلام والأمن (2023 - 2028)، والاستراتيجية العربية للتدريب والتعليم التقني والمهني، فضلاً عن اعتماد آلية تنسيقية لربط مؤسسات وبنوك التنمية الاجتماعية في الدول العربية تحت مظلة جامعة الدول العربية، وفق قول السفير زكي.

ويتضمن جدول أعمال «قمة البحرين» في الشق السياسي عدداً من الملفات والقضايا الأساسية، بدءاً من القضية الفلسطينية، مروراً بالملفات المرتبطة بأزمات المنطقة، مثل سوريا ولبنان وليبيا واليمن والسودان، إلى جانب مكافحة الإرهاب، وحماية الأمن القومي العربي، ورصد التدخلات الإيرانية والتركية في الشؤون الداخلية للدول العربية.

وسيطر «التوافق» على «قمة جدة» التي عُقدت في مايو (أيار) الماضي، وفق تصريحات رسمية في حينه، وبشأن توقعات الأمين العام المساعد حول حجم التوافق العربي في «قمة البحرين»، قال إن «الاجتماعات التحضيرية تشهد عادة نقاشات بشأن جميع القضايا التوافقية والخلافية، لكن ما يجري رفعه للقادة والزعماء العرب هو الأمور التوافقية غير الخلافية»، وَعَدَّ ذلك بمثابة «تميز للقمم العربية يُخرجها بالصورة المطلوبة».

وأوضح أنه «خلال الاجتماعات التحضيرية يجري الاتفاق على أن يكون ما ينظر فيه القادة هو الأمور المشتركة والمتفق عليها بين الجميع، بعيداً عن أي أمور خلافية أو جدلية لا تشهد إجماعاً بين الدول العربية»، مؤكداً أن «(قمة البحرين) ستتبع النهج نفسه، وسيكون هناك حرص على أن تأتي الاجتماعات التحضيرية مؤكِّدةً على المشتركات المتوافق عليها». وتابع أن «الأمور التي يوجد بها بعض الخلاف في الرؤى أو عدم التوافق سيستمر النقاش بشأنها في المستويات الأدنى من القمة لبحثها، والنظر فيها، ومحاولة الوصول لتفاهمات بشأنها سواء على مستوى وزراء الخارجية أم المندوبين الدائمين».

وتعد هذه المرةَ الأولى التي تستضيف فيها البحرين اجتماعاً من هذا النوع، سواء على مستوى القمم العربية العادية أم الطارئة. وكان العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة قد أعلن عن رغبة المنامة في استضافة الاجتماع خلال فعاليات «قمة جدة» في السعودية العام الماضي.

وقال زكي، الذي يترأس لجنة تنظيم «قمة البحرين»، إن «المنامة أظهرت اهتماماً كبيراً بإنجاح القمة، ورغبة في ترك بصمة حقيقية في القمم العربية لتكون (قمة البحرين) ذات طابع خاص يلتف حوله العرب، وتبحث القضايا العربية المختلفة».

وأعرب الأمين العام المساعد عن أمله في أن «تتوافق مخرجات (قمة البحرين) مع المتطلبات السياسية ورغبات الرأي العام العربي».

ويترقب العالم مخرجات «قمة البحرين» لا سيما أنها تُعقد في ظل أوضاع كارثية يعاني منها قطاع غزة إثر استمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر (تشرين الثاني) الماضي، وفي ظل تحذيرات أممية من خطر «المجاعة» الذي يهدد سكان القطاع. وسبق أن أصدرت جامعة الدول العربية قرارات عدة في هذا الشأن مؤكدة «إدانتها العدوان الإسرائيلي»، وداعية إلى وقف فوري للحرب.

وكان أبو الغيط قد قال، الأحد، خلال افتتاح أعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالمنامة، إن «الفترة الماضية شهدت هبَّة عربية لإغاثة غزة»، لكنه أكد، في الوقت نفسه، أنه «لا يوجد شيء يعوِّض أهل غزة في هذه المحنة».