يوميات الحرب الليبية (الحلقة السادسة): ميليشيات الإخوان تتجه جنوبا للسيطرة على حقول النفط

(«الشرق الأوسط») تقتحم خطوط النار وترصد يوميات الحرب الليبية

مسلحان من الغرفة الأمنية المشتركة التابعة للجيش الليبي من أبناء التبو عند المدخل الرئيسي لمدينة أوباري («الشرق الأوسط»)
مسلحان من الغرفة الأمنية المشتركة التابعة للجيش الليبي من أبناء التبو عند المدخل الرئيسي لمدينة أوباري («الشرق الأوسط»)
TT

يوميات الحرب الليبية (الحلقة السادسة): ميليشيات الإخوان تتجه جنوبا للسيطرة على حقول النفط

مسلحان من الغرفة الأمنية المشتركة التابعة للجيش الليبي من أبناء التبو عند المدخل الرئيسي لمدينة أوباري («الشرق الأوسط»)
مسلحان من الغرفة الأمنية المشتركة التابعة للجيش الليبي من أبناء التبو عند المدخل الرئيسي لمدينة أوباري («الشرق الأوسط»)

تظهر في هذه الصحراء الجنوبية القاحلة رايات سوداء ترفرف فوق سيارات الدفع الرباعي المزوَّدة بالمدافع. إنها مجموعة إضافية للمتطرفين جاءت عبر المنحدرات هاربة من شمال مالي، لتلتحق بباقي الجماعات المتشددة هنا. جماعات بدأت تنشط وتتحرك في حوض مرزق النفطي المهم، والذي يضم حقلي الفيل والشرارة، والواقع على بعد نحو 800 كيلومتر جنوب العاصمة الليبية.
وتطلق المجموعة المكونة من عدة مئات من الشبَّان المطاردين، اسم «أنصار الحق»، على نفسها. وهي، مثل مجموعات سبقتها إلى هنا، تتكون من خليط من الليبيين والماليين والجزائريين والنيجيريين والتشاديين وغيرهم.

يقول أحد القادة المحليين في مدينة أوباري إن «جماعات المتطرفين هذه أصبحت في الأسابيع الأخيرة تتلقى إمدادات من جماعة الإخوان المسلمين المتمركزة في طرابلس»، مشيرا إلى أن إنتاج حقلي الفيل والشرارة يبلغ أكثر من نصف مليون برميل يوميا، أي ما يساوي ثلث إنتاج ليبيا، ويجري التصدير منهما إلى أوروبا. وفي المقابل تزعم جماعة الإخوان أنها لا علاقة لها بالمتطرفين، وأن من يعملون معها هم «شباب الثورة التي أسقطت القذافي، ومستمرون في الدفاع عنها من أنصار النظام السابق».
وفي المساء تجرأت 3 سيارات للمسلحين واقتربت من محطة البنزين الرئيسية في وسط المدينة التي يبلغ عدد سكانها عدة ألوف. وفي الجانب الآخر بدأ نحو 20 من جنود الجيش الليبي الذين يفتقرون للتسليح الجيد، الاستعداد لطردهم. إنها واحدة من بدايات المناوشات التي تتحول سريعا إلى حرب تستمر لعدة أيام ويقتل فيها العشرات، حيث بدأت ميليشيات الإخوان، كما يقول أحد القادة الأمنيين، في الاتجاه من طرابلس إلى الجنوب، للسيطرة على حقول النفط، كوسيلة جديدة من وسائل الضغط على أوروبا، قبل حلول موسم الشتاء البارد في الضفة الأخرى من البحر المتوسط، ضمن محاولات الجماعة إحراز مكاسب على الأرض، أمام المجتمع الدولي، وذلك في صراعها على السلطة بعد أشهر من خسارتها الانتخابات النيابية.
توقفت السيارات الثلاث جوار سور من الطين اتخذته ساترا. وبعد فترة من الترقب تقدمت واحدة منها مسافة 50 مترا في اتجاه محطة البنزين. كان فوقها مدفع عيار 14.5، و5 مُعمَّمِين ينظرون إلى الوراء، وواحد منهم فقط ينظر إلى الأمام؛ وجهٌ أسمرٌ ملثمٌ بقماش طمس التراب لونه من كثرة التجوال في الدروب المجاورة، على ما يبدو، بينما ماسورة كلاشينكوف تهتز بين يديه. وصاح مغمغما وهو يشهر سلاحه وأمر سائق الشاحنة التي كانت تملأ بنزينا من المحطة بالانصراف فورا. بالكاد تفهم من لغته العربية المهشَّمة بعض الهمهمات والإشارات التي توحي بأن الأمور لن تكون على ما يرام في بداية هذا النهار الحار.
ومن الجانب الآخر كان جنود الجيش السُّمر، وغالبيتهم من قبيلة «التبو»، ينتظرون اللحظة التي سيردون فيها على محاولة احتلال المحطة.. إنها تمثل، بالبنزين الذي يَفُوح منها، عصب الحياة لمركز المدينة الذي تنتشر حوله تجمعات سكنية يبلغ إجمالي من فيها نحو 30 ألف نسمة. ويعمل جنود الجيش هنا تحت إمرة ما يعرف بـ«قوات حرس المنشآت» و«الغرفة الأمنية المشتركة».. ومن بين هذه المنشآت شركات نفطية أجنبية. وكانت هذه القوات تضم جنودا من قبيلة «الزنتان» التي تتمركز في الشمال قرب طرابلس، لكن هؤلاء الجنود تركوا الحراسة هنا، وعادوا لقبيلتهم للدفاع عنها ضد هجمات «قوة فجر ليبيا» بقيادة الإخوان الذين سيطروا على العاصمة بعد معركة مطار طرابلس الشهيرة قبل شهرين.
وبعد تبادل لإطلاق الرصاص حول ساحة محطة بنزين أوباري، تمكنت نيران جنود الجيش من طرد المسلحين ومطاردتهم، حتى اختفوا وراء سحب التراب ناحية الجبال الغربية. لكن في الأيام التالية أعادت ميليشيات «أنصار الحق» الكرَّة بقوة أكبر من السابق. وتمكنت بتعزيزات من مجموعات موالية لتنظيم القاعدة، من جنسيات مختلفة، من السيطرة على مركز الشرطة الواقع وسط المدينة، ورفعت عليه راياتها السوداء. وبعد ذلك توجهت إلى حقل الشرارة النفطي، حيث جرت معركة جديدة هناك مع جنود «حراسة المنشآت».
ويقول الرائد عبد الله، من القوة التابعة للجيش، إن المثل المُتَّبع لدى رجال حروب العصابات هو أنك إذا كنت تريد أن تضرب في الغرب فعليك أن تصنع ضجيجا في الشرق، وإن هذا تقريبا هو ما يجري الآن من جانب تحالف الميليشيات في هذه البلاد التي تعمها الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في أواخر 2011. فبينما يبدو الضجيج في الشمال، من خلال الحرب المستعرة بين الجيش والمتطرفين في بنغازي وطرابلس ودرنة، تجري في الجنوب عمليات تحالف على يد جماعة الإخوان مع مقاتلين متشددين هاربين من بلادهم، بهدف السيطرة على حقول النفط «من أجل خنق أوروبا والضغط عليها في موسم الشتاء الذي بدأ يطرق الأبواب، حتى تغيِّر موقفها المؤيد للبرلمان المُنتخب والحكومة المنبثقة عنه والجيش الذي يستعد لطرد الميليشيات من طرابلس».
وتُعد منطقة الجنوب الليبي مهمة لعدة دول لأسباب أمنية واقتصادية، وجرى التنافس على هذه الحقول، إضافة لحقول في الشرق، بين القوى المتصارعة في ليبيا العام الماضي، مما أدى إلى غلق أغلبها عدة مرات ونتج عن ذلك خسائر بمليارات الدولارات. ويقول الرائد عبد الله إن أغلب القيادات الخطرة في تنظيم القاعدة، من شمال ووسط أفريقيا، ومنها حركة «أزواد» المالية وحركة «بوكو حرام» النيجيرية، أصبحت تستوطن هنا، وتدور بقوافل من سيارات الدفع الرباعي عبر الطرق والدروب وتتخذ من الجبال مقرات لها. وأصبحت أخيرا تحصل على الدعم مما يعرف بـ«القوة الثالثة (تابعة لقوة فجر ليبيا)» المتمركزة في سبها، على بعد نحو 200 كيلومتر إلى الشمال الشرقي من مدينة «أوباري»، ويوجد على الطريق السريع بينهما العديد من القرى الصحراوية الصغيرة.
ويضيف: «لهذا يمكن أن ترى بين وقت وآخر، طائرات دون طيار بعضها يبدو فرنسيا، يحوم حول تخوم مدن أوباري ومرزق وأم الأرانب». ويزيد قائلا: «أعتقد أن هذا الطيران يقوم فقط بالتصوير والرصد لقوافل المتطرفين.. لم نرَ أي عملية قصف لمواقع المتطرفين وقوافلهم. وتمكنت مجموعات المتشددين في الجنوب من تحقيق مكاسب عديدة، ربما يندر أن تتحقق لأي جماعة متطرفة أخرى خارج ليبيا، من بينها السيطرة على مطارات عسكرية مثل مطار تمنهند ومطار سبها. إضافة إلى تحوُّل مناطق بأكملها هنا إلى أوكار وبؤر لقيادات موالية لتنظيم القاعدة، مثل الجزائري مختار بلمختار، والليبي عبد الوهاب قائد، شقيق أبو يحيى، الذي قتل قبل عامين في باكستان، وكان الرجل الثاني في التنظيم بعد أيمن الظواهري».
وتعرف الميليشيات التي تهيمن عليها جماعة الإخوان باسم «قوة فجر ليبيا»، وهي محسوبة على مدينة مصراتة، ليس لأن كل مصراتة تقف وراء هذه القوة، ولكن لأن أغلبية القيادات الإخوانية المتشددة التي تتزعمها تنتمي أساسا للمدينة الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر إلى الشرق من العاصمة طرابلس. وبدأت الحرب المفتوحة بين الفرقاء الليبيين عقب إسقاط الناخبين للنواب المتطرفين في انتخابات البرلمان التي جرت منتصف هذا العام. وعلى هذا قام 3 على الأقل من قادة الإخوان في كل من مصراتة وطرابلس وبنغازي بجمع كل التيارات المتشددة في سلَّة واحدة لخوض حرب «حياة أو موت» ضد التيار المدني الذي تؤيده غالبية الشعب كما ظهر في الاقتراع الأخير على انتخاب المجلس النيابي الجديد.
ويقول المقدم عبد الفتاح سعيد، من قوة «عملية الكرامة» إلى يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر ضد المتطرفين، وتتخذ من منطقة الرجمة قرب بنغازي مقرا لها، إن تحالف المتشددين، في شمال البلاد، كان قويا، و.. «كان يحسب له حساب، حتى مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث تمكن منذ ذلك الوقت من السيطرة على مدن بنغازي، وطرابلس، وكذا سيطر على مدينة درنة، لكنه تعرض لخلخلة لسببين، الأول: الخلافات الداخلية بين عدد من قادته، والثاني: رفض المجتمع الدولي الاعتراف بالميليشيات وتصنيف بعضها كتنظيمات إرهابية، ولهذا بدأت جماعة الإخوان (من خلال «قوة فجر ليبيا») تبحث عن تعضيد لتحالفاتها من أجل الحفاظ على ولاء الميليشيات التي تقودها، على الصعيد الداخلي، ومن أجل إيجاد وسائل للضغط على أوروبا والمجتمع الدولي».
ويضيف: «من هنا اتَّجه الإخوان إلى الجنوب لتنشيط خلايا الإرهابيين الدوليين المختبئين هناك، وللسيطرة على حقول النفط، وهذا أمر نعلم أن الكثير من قادة مصراتة المعتدلين لا يوافقون عليه لأنه يزيد نيران الحرب الداخلية بين الليبيين التي ينبغي أن تتوقف، وأن تستبدل بالحوار».
ويقول القادة العسكريون إن التفكير في السيطرة على الحقول الغنية بالنفط في الجنوب، والتي تعمل فيها شركات إيطالية وإسبانية، داعب خيال المتطرفين في العاصمة حين كانوا ما زالوا يتحكمون في البرلمان السابق وفي مقدرات الدولة الليبية، وأن «هذه الفكرة بدأت تتشكل بعد أن أغلقت جماعة مسلحة في إجدابيا (جماعة الجضران التي تدعو إلى الحكم الفيدرالي)، حقول النفط المهمة في شرق البلاد، وأوقفت تصدير ربع النفط الليبي للخارج تقريبا». وحين بدأ البرلمان السابق إرسال ميليشيات مسلحة إلى الجنوب، تصدت لها قوات حراسة المنشآت والغرفة الأمنية الرافضة لحكم المتطرفين والموالية لـ«عملية الكرامة» التي كانت قد بدأت منذ مطلع هذا العام، مما تسبب في وقوع معارك عنيفة استخدمت فيها القذائف الصاروخية.
ووفقا لمصادر استخباراتية ليبية، كانت جماعة الإخوان، وهي في الحكم، على وشك استخدام طائرات عسكرية لقصف «قوات حراسة المنشآت» و«مواقع الغرفة الأمنية» في الجنوب التي ينتمي أغلب منتسبيها العسكريين لقبيلة التبو، إلا أن «هذا الأمر، الذي جرى في شهر أبريل (نيسان) الماضي أدى لـ(خلاف طفيف) بين فرنسا، التي لديها علاقات حسنة مع قيادات التبو، وإنجلترا التي يبدو أنها تحتفظ بقنوات اتصال مع الإخوان.. نتج عن هذا الخلاف، وفقا للمصادر نفسها، اتفاق الدولتين (فرنسا وإنجلترا) على تحذير السلطات الليبية السابقة من مغبة قصف مواقع التبو بالطيران».
ومن المعروف أن فرنسا وتحالفا أفريقيا يقومون منذ أكثر من سنة بشن حرب شعواء ضد المتطرفين الموالين لـ«القاعدة» في شمال مالي، بعد أن هاجموا مقار شركات ومقار حكومية هناك، مما أدى إلى فرار مئات المقاتلين منهم، على دفعات، إلى مدن الجنوب الليبي، ومنها مدينة غات، التي تبعد عن مدينة أوباري من الغرب، أي ناحية الحدود الجزائرية، بنحو 300 كيلومتر. ويقول أحد القادة المحليين بمدينة مرزق، الواقعة على مسافة 150 كيلومترا جنوب سبها، وعلى بعد نحو 200 كيلومتر جنوب شرقي أوباري، إن «المتطرفين الذين نزحوا من شمال مالي وجنوب الجزائر، ومن النيجر وتشاد أيضا، أصبحوا موزعين بين بلدات جنوب ليبيا ويعيشون بين الناس، ويحصلون على دعم كبير من سلاح وإمدادات، وعددهم كبير؛ قرابة الألف.. الجنوب كله تقريبا أصبح خارج نطاق الدولة».
ويشير هذا القائد المحلي الذي طلب عدم تعريفه حتى لا يتعرض للانتقام من المتطرفين: «جاء هؤلاء الناس إلى هنا.. مرة يطلقون على أنفسهم (أنصار الحق) ومرة (أنصار الدين)، وغالبية جنسياتهم من طوارق مالي، ومعروفون أيضا باسم (حركة الأزواد). وبعد أن وقع عليهم الضغط من الجزائر ومن فرنسا ومن مالي، العام الماضي، دخلوا علينا. والصحراء هنا واسعة.. دخلوا علينا عن طريق الحدود الهشة مع الجزائر والنيجر. ولهذا السبب هناك طائرات أجنبية دون طيار تدور مرة فوق مرزق ومرة فوق أوباري لمراقبة تحركات هذه الجماعات».
ويقول عدد من شهود العيان إن المتطرفين بدأوا ينشطون في الجنوب بعد أن بدأت تصلهم إمدادات من جماعة الإخوان، وأن بلمختار فرَّ إلى هنا أيضا، ويتنقل بين مناطق وادي عتبة وأوباري في المناطق الجبلية، كما أنه يدور بحُرِّية، مع أتباعه، في الصحراء بسيارات دفع رباعي عليها أعلام سوداء لتنظيم القاعدة، وذلك بعد أن كان يقيم في الجبال قرب بلدة غات القريبة من المثلث الحدودي بين النيجر والجزائر وليبيا.
ويضيف أحد رجال الأمن في مدينة أوباري: «في البداية كان عدد هؤلاء المتطرفين من أتباع (أنصار الحق)، صغيرا، لكن بمرور الوقت ازداد بشكل كبير. ربما أكثر من ألف مسلح». ووفقا لمعلومات أخرى فإن بلمختار يقود جماعته هنا وأصبح لا يخفي تحركاته، ويعمل على زيادة تنسيق الهجمات على البلدات المجاورة للحقول النفطية، لكسر شوكة «قوة حرس المنشآت» و«الغرفة الأمنية» التابعة للجيش، وله خطوط سير معروفة، بسياراته وعتاده، ويتردد في بعض الأحيان على خط السير الواقع بين مرزق وأوباري، والمعروف بطريق وادي عتبة - السبيطات.
وتعرف منطقة السبيطات الموجودة على بعد نحو 30 كيلومترا إلى الشمال الغربي من مدينة مرزق بأنها منطقة أبو يحيى الليبي الذي قتل في باكستان، ومنطقة شقيقه المتشدد الذي كان يشغل في البرلمان الإخواني السابق رئاسة لجنة إدارة الأزمات. ويقول أحد أبناء قبيلة الطوارق التي ينتمي إليها هذان الرجلان، إن المنطقة برمتها تحولت إلى وكر للمتطرفين.. «هذه المنطقة أصبح ينتشر فيها الإسلاميون على طول 200 كيلومتر، من مدينة مرزق حتى تصل لمدينة أوباري». ويضيف أن «(أنصار الحق)، أغلبهم شباب من الطوارق، من قبيلتنا، لكنهم انضموا للمتشددين وهم مع بلمختار، ويقيمون في الجبال، ويهبطون للحصول على التموين وعلى حاجاتهم، من المدن القريبة منهم، ثم يعودون للجبال مرة أخرى. وعددهم يقترب من الألف فعلا».
وفي الأيام الأخيرة توجهت نحو 85 سيارة مسلحة (دفع رباعي) من المجموعات المتطرفة التابعة لجماعة الإخوان، من مدينة سرت في الشمال، لتقديم الدعم للمتشددين في الجنوب. ويقول مصدر عسكري إن هذه الجماعات أصبحت، في الحقيقة، تستخدم مطار «تمنهند» العسكري الموجود قرب سبها، و«حولوه قاعدة لهم لإيصال باقي الإمدادات للجنوب، من أسلحة وعتاد، سواء من داخل ليبيا أو حتى من خارجها»، مشيرا إلى أن «هذا المطار يعد من المطارات الاستراتيجية، ولو تمكن الجيش الوطني من السيطرة عليه فإنه سيتمكن من ضرب أرتال المتشددين، ويُفشل مخططات الإخوان تجاه حقول النفط وتجاه مدينتي غات وأوباري وغيرهما.. هذا المطار الذي يحتوي أيضا على إمكانات للتصنيع الحربي، هو، في الحقيقة، بمثابة قاعدة عسكرية خطرة على ليبيا وعلى دول الجوار».
وعن حجم قوات الجيش التي يمكن أن تتصدى لوجود المتطرفين في الجنوب، يقول أحد القادة المحليين إنها تتكون من جنود غير محترفين غالبيتهم من قبيلة التبو، وإن كانوا يتلقون مساعدات غير مباشرة من قبيلتي المقارحة والقذاذفة الذين لا يريدون الظهور في الصورة «حتى لا يشيع الإخوان أن الحرب في الجنوب تدور بين الثوار وأنصار القذافي»، و.. «القذاذفة موجودون لكنهم لا يحبون الظهور على السطح لأنهم ضد الإسلاميين ولو شاركوا في المعارك ضدهم سيقوم الإخوان باستغلال هذا ويطلقون على الحرب أنها حرب ضد أزلام النظام السابق وعلم القذافي الأخضر»، مشيرا إلى أن «المتطرفين في الجنوب لا يمكن أن تقول إنهم يسيطرون على مساحات واسعة، ولكن المشكلة في البؤر الكثيرة التي أصبحوا يقيمونها هنا».
وتقول المعلومات العسكرية إن متطرفي الجنوب أصبح تحت أيديهم في الأيام الأخيرة «مدرعات حربية، وصواريخ»، لكن أحد قادة الجيش يجيب موضحا أنه «من السهل دحر تلك الميليشيات في حال توفر العتاد مثل ذخيرة الهاون 120 مم، والصواريخ الحرارية، والقذائف المضادة للدروع. كنا نقول إن فرنسا ربما تدخل ليبيا من أجل القبض على بلمختار لكنها لا يبدو أنها ستفعل ذلك». وفي السياق نفسه تحاول القبائل الجنوبية كالطوارق والتبو، مقاومة الانجرار إلى الاقتتال القبلي. وأعلن أعيان التبو قبل يومين أن ما يحدث في أوباري ليس اقتتاﻻ بين قبيلتين ولكنه بين قبيلة التبو وجماعة أنصار الحق الهاربة من شمال مالي.
وقبل أيام قليلة زاد ضغط المتطرفين للسيطرة على حقل الشرارة.. «هجموا على الحقل وسرقوا مجموعة سيارات»، مما دفع آمر حراسة المنشآت إلى إصدار قرار بمغادرة العاملين المدنيين، وإيقاف الإنتاج إلى حين تحسن الظروف الأمنية بالمنطقة».
ويقول يوسف غالي، وهو إعلامي من مدينة مرزق، إن قوات أنصار الحق استغلت فرصة تخلي عناصر الزنتان عن مواقعهم في حراسة المنشآت النفطية في الجنوب، وطلبت من القوات المتبقية (أغلبهم من التبو) إخلاء حقل الشرارة النفطي حتى تتولى هي حراسته، ومن ثمَّ نشبت معركة بين الطرفين.. إلا أن عددا من عقلاء المنطقة، من الطوارق والتبو، تدخلوا للفصل بين القوتين، وقرروا أن من يحق له حراسة الحقل لا بد أن يكون معه تكليف رسمي من الدولة، بحراسة المنشآت وأبناء التبو ليس لديهم مانع من ترك الحقل لجماعة أنصار الحق، بشرط وجود قرار بذلك من الجهات الرسمية (أي من البرلمان المعادي أصلا للمتطرفين).
وبعد أيام من هذا الاتفاق والتهدئة، قامت مجموعة «أنصار الحق» بدعم من جماعات متطرفة أخرى، مجددا بمحاولة لشل مدينة أوباري وإخضاعها لسلطتها، فقامت بمنع بيع الوقود في شوارع المدينة بالقوة، سواء في محطات البنزين أو في السوق السوداء. وفي عصر اليوم التالي أعلن أحد تجار التبو رفضه الانصياع لأوامر الجماعة، فوقعت مشادات استغلها المتطرفون في إدخال آليات مسلحة وسيطروا بالفعل على محطة الوقود الرئيسية. وفي الصباح الباكر، أي عندما حضر أعضاء الغرفة الأمنية المشتركة، لفتح المحطة، تصدى لهم عناصر أنصار الحق، وأمروهم بعدم الاقتراب منها، قائلين إنها أصبحت تحت حمايتهم. وفي هذه الأثناء، وحين كان أعضاء الغرفة الأمنية يتناقشون مع زملائهم حول حل القضية، توجهت مجموعة من «أنصار الحق» إلى مقر قسم الشرطة وكتبت عليه «فجر ليبيا» وشعارات أخرى مؤيدة لجماعة الإخوان. ويقول يوسف غالي: «حينها أدرك أعضاء الغرفة الأمنية أن هناك يدا خفية تريد السيطرة على أوباري».
وبدأت معركة جديدة لتحرير مركز شرطة المدينة من المتطرفين.. وتقدم جنود «القوة الأمنية» وحاصروا عناصر جماعة أنصار الحق داخل المركز، وبعد 4 ساعات من الاشتباكات جرى تحرير المبنى وقتل في هذه المعركة 4 من المتطرفين، وشخص واحد من «الغرفة الأمنية»، وعلى أثر ذلك بدأت الاشتباكات الكبيرة بين الطرفين في كل أنحاء المدينة، لعدة أيام. وفي محاولة لخلق فتنة قبلية، أطلق أحد أنصار الجماعة المتطرفة قذيفة هاون على ضاحية جكوي، التي يقطنها التبو، فرد التبو بقصف ضاحية تيلاقين التي يقطنها الطوارق، بالهاون.
وبعد ذلك تمركزت كتيبة تينري التي يرأسها متشددون إسلاميون، على سطح جبل تيندا المشرف على أوباري، وبدأوا في قصف المدينة بالكامل. وخلَّفت المعارك 8 قتلى من التشكيلات المسلحة للتبو (تابعة للجيش)، و28 جريحا بجروح متفاوتة، جرى نقلهم بطائرة من حقل الفيل النفطي، للعلاج في طبرق في الشمال. ولا توجد إحصاءات دقيقة عن عدد قتلى كتائب المتشددين. بينما كان عدد الأسرى من «الغرفة الأمنية» 14 مقاتلا بينهم 12 جرى إطلاق سراحهم واثنان ظلا مفقودين، إلا أنه عُثر على أحدهما، فيما بعد، مقتولا. وكان أسرى «أنصار الحق» 26 شخصا جرى إطلاقهم فيما بعد، حيث جرى توقع هدنة تنص على وقف إطلاق النار وإخلاء التشكيلات المسلحة داخل المدينة وسرعة علاج الجرحى وتبادل الأسرى بين الطرفين. لكن هذا النوع من التهدئة، كسابقيه، لم يصمد طويلا بسبب النشاط الدائب للجماعات المتطرفة متباينة الجنسيات، في حوض مرزق النفطي.
وفي الوقت الحالي يوجد ما يسمى «القوة الثالثة» لحماية الجنوب، وهي قوة مُشكَّلة، كما يقول قادة الجيش الوطني الليبي، من «قوات فجر ليبيا» بقيادة الإخوان، وتقوم بدعم كتيبة «أنصار الحق» وباقي تجمعات المتطرفين بمن فيهم الأجانب، بالعتاد والذخائر، وإمدادهم بالمساعدات الطبية، ونقل جرحاهم الذين يشاركون في القتال للسيطرة على حقول النفط، إلى منطقة الشاطئ الواقعة بعد سبها، بالسيارات المجهزة، ومن ثم إلى مطار معيتيقة الذي يسيطر عليه متطرفو الإخوان قرب طرابلس.
ويضخ حقلا الشرارة والفيل، من خلال أنابيب نفطية تأتي من أوباري ومرزق، وتخترق الصحراء، وتصب في مصفاة مليتة الموجودة في الشمال قرب مدينة الزاوية، ومن ثم يجري نقله عبر البحر المتوسط إلى إيطاليا فأوروبا. وينتج حقل الشرارة نحو 400 ألف برميل في اليوم، وتمتلك أصول الحقل المؤسسة الوطنية للنفط التي أصبحت تابعة للبرلمان الجديد، وتشاركها في الاستحواذ على أصول الحقل شركات توتال الفرنسية، وريبسول الإسبانية، و«أو إم في». النمساوية. أما حقل الفيل النفطي فيبلغ إنتاجه اليومي نحو 125 ألف برميل، وتستحوذ شركة إيني الإيطالية على حصة منه مع مؤسسة النفط الليبية.

يوميات الحرب الليبية (الحلقة الخامسة) خريطة ولاءات القبائل في الصراع مع المتطرفين
يوميات الحرب الليبية (الحلقة الرابعة): مقتل قيادات مهمة في أنصار الشريعة بينهم جزائريون ومصريون في معركة «جسر بنينة الأول»
يوميات الحرب الليبية (الحلقة الثالثة): زعيم «إمارة درنة» يتحصن بضاحية «لميس التركية» ويستخدم طيور الكناري لمراقبة هجمات الجيش
يوميات الحرب الليبية (2): «إخوان» ليبيا أسسوا جهاز مخابرات في طبرق.. وسعوا لاغتيال نواب من البرلمان الجديد ترصد خط النار بين مصراتة وبنغازي
يوميات الحرب الليبية (الحلقة الأولى): عناصر الأمن أكثر من المسافرين على حدود ليبيا.. وتحذير من «بوابات» للمتطرفين


تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن

نازحة يمنية في محافظة مأرب تجلب الماء إلى خيمتها (الأمم المتحدة)
نازحة يمنية في محافظة مأرب تجلب الماء إلى خيمتها (الأمم المتحدة)
TT

تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن

نازحة يمنية في محافظة مأرب تجلب الماء إلى خيمتها (الأمم المتحدة)
نازحة يمنية في محافظة مأرب تجلب الماء إلى خيمتها (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن تأثيرات قاسية على الأطفال اليمنيين بسبب التغيرات المناخية، حيث تسهم في النزوح وانعدام الأمن الغذائي ومفاقمة الصراعات، كما تؤدي إلى تراجع التحصيل العلمي، والإضرار بصحة الأطفال خلال مراحل مختلفة من حياتهم.

وقال التقرير الصادر عن «اليونيسيف» حول تأثير المشهد المناخي وتأثيره على الأطفال، إن السياسات والاستراتيجيات الوطنية المعنية بشؤون المناخ والبيئة والطاقة في اليمن تفتقر إلى مراعاة قضايا الأطفال، وأحياناً لا تتضمن أي إشارة لهم، كما تفتقر الاستراتيجيات القطاعية ذات الصلة بهم إلى روابط قوية مع مواجهة تحديات المناخ وتأثيرها عليهم.

طفل يمني مع حصة غذائية حصلت عليها عائلته من برنامج مساعدات دولي (إ.ب.أ)

وذكر التقرير أن درجات الحرارة المرتفعة ستؤدي إلى زيـادة حـدة وفـرات موجـات الحر والجفاف، ما يفاقم تدهور الأراضي وشـح المياه، ويضر بالنظم البيئية الساحلية، وتراجع كميات الأمطار التي تسقط كل عام وتصبح أكثر تقلباً ولا يمكن التنبـؤ بهـا.

ويؤدي شح المياه، إلى جانب أحداث السيول، إلى تعريض سبل العيش للخطر، وإشعال النزاعات على الأراضي والموارد المائية، وتدفع بمزيد من السكان إلى الهجرة والنزوح إلى المناطق الحضرية.

وبحسب التقرير، يعاني القطاع الزراعي في اليمن من عوامل ضغط تؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي، ويعد الماء عاملاً رئيســياً في هذا الخصوص، إما بسبب عدم انتظام هطول الأمطار وإما بسبب الأضرار الناجمة عن السيول.

وأشار التقرير إلى أن قطاع الطاقة يعتمد على المنتجات النفطية، التي يتصدر قائمة استهلاكها النقل والمنازل وإنتاج الكهرباء، وبعد أن شهد الإنتاج المحلي من النفط تراجعاً منذ عام 2015، وارتفعت أسعار الوقود حتى قبل بدء النزاع، كانت مرافق الكهرباء في اليمن هي الأقل قدرة على توليد الطاقة، ما جعل معدل الحصول عليها في اليمن هو الأدنى في المنطقة.

عبء ثقيل

تشكل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من اليمن نسبة ضئيلة من إجمالي انبعاثات العالم، حيث تشهد البلاد تقدماً ملحوظاً في مجال الطاقة الشمسية الكهروضوئية، التي يلجأ اليمنيون إلى استخدامها على أنها بديل موثوق لشبكة الكهرباء، ويستخدمها المزارعون في ري الأراضي، ما يؤدي إلى زيادة الضغط على طبقات المياه الجوفية الهشة.

نازحة يمنية تسير رفقة أطفالها الأربعة شمال غربي البلاد (الأمم المتحدة)

وعدّ التقرير إمكانات طاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية في اليمن واعدة، على الرغم من عدم استغلالها بشكل كبير حتى الآن.

وأكد التقرير أن الأطفال اليمنيين يتحملون 88 في المائة من العبء العالمي للأمراض الناجمة عن تغير المناخ، وهم أكثر الفئات عرضة لخطر الآثار الناجمة عن الأحداث المناخية القاسية وموجات الحر، ويزداد هذا الخطر بسبب سوء التغذية وشح المياه النظيفة.

ويتوقع معدو التقرير ازدياد الأمراض المنقولة بالمياه والنواقل، وتفاقم حرمان الأطفال بسبب الصدمات المناخية المتكررة التي تفوق قدرات آليات التكيف التقليدية. وعندما يحتاج الأطفال إلى رعاية طبية عاجلة، فإن الوصول إلى الخدمات الصحية يمثل تحدّياً بالنسبة للعديد من العائلات اليمنية.

ووفقاً لـ«اليونيسيف»، يتسبّب تدهور الأراضي وانعدام الأمن الغذائي والمائي في النزوح ويسهم في اتساع دائرة الفقر والنزاع والعنف والاستغلال، مما يُعرض الأطفال للمخاطر، وتُؤدّي الكوارث الإنسانية الناجمة عن تغير المناخ إلى نزوح واسع النطاق، ما يتطلب توفير الخدمات التي تستجيب لاحتياجات الأطفال من الحماية.

وتتمثل احتياجات الحماية في الدعم النفسي الاجتماعي ومنع العنف القائم على النوع الاجتماعي، ولمّ شمل الأسرة، ليتسنى التصدي لتلك التحديات.

الإضرار بالتعليم والصحة

توقعت المنظمة الأممية، في تقريرها، أن يؤدي النمو السكاني المتسارع، إلى جانب موجات الجفاف المتكررة، إلى تفاقم حدة المنافسة على الموارد المائية، سواء للاستخدامات المنزلية أو الزراعية أو الصناعية، حيث تغطية إمدادات المياه في اليمن منخفضة بشكل كبير، إذ يعاني 39 في المائة من السكان من محدودية الحصول على مياه الشرب أو أنهم يحصلون على مياه غير مأمونة.

زاد تفاقم التهديدات المناخية والبيئية من صعوبة الالتحاق بالمدارس ومعدلات تسرّب الطلاب اليمنيين، بالإضافة إلى التأثير سلباً على تحصيلهم العلمي، بينما تتسبب السيول في إلحاق الضرر بالمدارس رديئة التصميم أو التي شيدت في مواقع غير مناسبة، بينما تستدعي موجات الحر الاستثمار في توفير التهوية المناسبة وزيادة المساحات الخضراء في المدارس.

الجفاف يتسبب بتدهور الكثير من الأراضي الزراعية في اليمن ويدفع السكان إلى النزوح والهجرة (إ.ب.أ)

ويهدد تلوث الهواء في البيئات الحضرية صحة الأطفال، ويزيد من احتمالية إصابتهم بأمراض مزمنة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية في مراحل متقدمة من حياتهم.

ويتسم المناخ في اليمن بأنه شبه استوائي وجاف إلى حد كبير، ويكون الطقس حاراً ورطباً على طول الساحل الغربي، معتدلاً في الجبال الغربية، وحاراً وقاسياً في الصحراء على الجانب الشرقي من البلد، وتختلف درجات الحرارة اختلافاً كبيراً بحسب الارتفاع عن مستوى سطح البحر، أو بحسب البعد عن البحر كما في المناطق الساحلية.

ويتراوح معدل درجات الحرارة في الهضاب المرتفعة من أقل من 15 درجة مئوية في الشتاء إلى 25 درجة مئوية في الصيف، وفي السهول الساحلية من 22.5 درجة مئوية في الشتاء إلى 35 درجة مئوية في الصيف.

وارتفع متوسط درجة الحرارة السنوي بنحو 0.39 درجة مئوية لكل عقد منذ عام 1960، وهو معدل أسرع من المتوسط العالمي. وقد سُجل ارتفاع أسرع في درجات الحرارة خلال أشهر الصيف الثلاثة بمعدل متوسط قدره 0.56 درجة مئوية لكل عقد، مقارنة بانخفاض معدل هذا الارتفاع في فصل الشتاء ليصل إلى 10.21 درجة مئوية لكل عقد.

وتظهر البيانات المسجلة لمتوسط درجات الحرارة السنوية على مدار 120 عاماً اتجاهاً تصاعدياً متزايداً في درجات الحرارة مصحوباً بتقلبات أشدّ حدّة.


الحوثيون: نفذنا 3 عمليات عسكرية في خليج عدن والمحيط الهندي

مدمرة أميركية في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)
مدمرة أميركية في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون: نفذنا 3 عمليات عسكرية في خليج عدن والمحيط الهندي

مدمرة أميركية في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)
مدمرة أميركية في البحر الأحمر لحماية السفن من هجمات الحوثيين (الجيش الأميركي)

أعلن الحوثيون، المدعومون من إيران، مساء اليوم (الأربعاء)، تنفيذ 3 عمليات عسكرية في خليج عدن والمحيط الهندي، استهدفت سفينة ومدمرة حربية أميركيتين، وسفينة إسرائيلية.

وقال المتحدث باسم القوات المسلحة للحوثيين العميد يحيى سريع إن القوات البحرية في القوات المسلحة اليمنية - الحوثية - نفذت عملية عسكرية استهدفتْ سفينة «ميرسك يورك تاون» الأميركية في خليج عدن، بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة وكانت الإصابة دقيقة.

وأوضح سريع أن سلاح الجو المسير نفذ عمليتين عسكريتين استهدفتْ إحداهما مدمرة حربية أميركية في خليج عدن بعدد من الطائرات المسيرة واستهدفت العملية الأخرى سفينة «إم إس سي فيراكروز» الإسرائيلية في المحيط الهندي بعدد من الطائرات المسيرة، وقدْ حققت العمليتان أهدافهما بنجاح، وفقاً للبيان.


العليمي يدعو غروندبرغ للتركيز على أفعال الحوثيين لا أقوالهم

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني استقبل في الرياض المبعوث الأممي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني استقبل في الرياض المبعوث الأممي (سبأ)
TT

العليمي يدعو غروندبرغ للتركيز على أفعال الحوثيين لا أقوالهم

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني استقبل في الرياض المبعوث الأممي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني استقبل في الرياض المبعوث الأممي (سبأ)

في حين يواصل المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مساعيه من أجل إحراز تقدم لإنجاز خريطة السلام في اليمن وخفض التصعيد، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي إلى التركيز على أفعال الحوثيين لا أقوالهم، في إشارة إلى عدم جديتهم لطي صفحة الصراع.

جاء ذلك في وقت أبلغت فيه، هيئتان بريطانيتان، الأربعاء، عن هجوم على سفينة شحن غرب عدن، دون وقوع أضرار، حيث يشن الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وقالت شركة «أمبري» للأمن البحري إنها على دراية بحدوث واقعة إلى الجنوب الغربي من مدينة عدن اليمنية، في حين أفادت هيئة العمليات البريطانية عن وقوع الهجوم على بعد 72 ميلاً من ميناء جيبوتي، حيث دوى انفجار بالقرب من سفينة شحن وأبلغ القبطان بعدم وجود أضرار.

وإذ يؤمل المبعوث الأممي غروندبرغ أن تقود مساعيه إلى فصل مسألة السلام اليمني عن الصراع في المنطقة، اختتم زيارة إلى الرياض التقى خلالها رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ووزير خارجيته، إضافة إلى لقاء جمعه مع السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، لبحث سبل إحراز تقدم في خريطة الطريق الأممية.

وأوضح آل جابر في تغريدة على منصة «إكس» أنه جرى خلال اللقاء مناقشة آخر المستجدات والجهود بشأن خريطة الطريق للتوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن، وأنه تم التأكيد على دعم السعودية لجهود المبعوث لتحقيق الأمن والسلام والتنمية في اليمن لرفع المعاناة عنه.

في السياق نفسه، أفاد الإعلام اليمني الرسمي بأن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي استمع من غروندبرغ خلال استقباله له في الرياض إلى إحاطة حول نتائج اتصالاته الأخيرة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، والأولويات المطلوبة لإحياء مسار العملية السياسية، بما في ذلك النقاشات الجارية بشأن ضمانات وقف الميليشيات الحوثية لهجماتها الإرهابية على مختلف الجبهات، والاستماع لصوت العقل، وتغليب مصالح الشعب اليمني على أي مصالح أخرى.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن العليمي أكد باسمه وأعضاء المجلس الرئاسي الذي يقوده والحكومة، الدعم الكامل لجهود السعودية، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة، من أجل إحياء مسار السلام في بلاده، والتخفيف من وطأة الأوضاع المعيشية التي فاقمتها الهجمات الإرهابية للميليشيات الحوثية على المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية بدعم من النظام الإيراني.

وطبقاً للوكالة، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي التزام المجلس والحكومة، بالتعاطي الإيجابي مع الجهود الرامية كافة لإحلال السلام بموجب المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، وخصوصاً القرار 2216 الذي يمثل خريطة طريق مثلى لتحقيق تطلعات جميع اليمنيين.

وجدد العليمي التأكيد على أهمية تركيز الوساطة الأممية على أفعال وليس أقوال من وصفها بـ«الميليشيات الإرهابية» للتحقق من جديتها في التعاطي مع جهود السلام، بما في ذلك وقف تصعيدها الحربي، وهجماتها الإرهابية على المنشآت والأعيان المدنية.

تبنى الحوثيون مهاجمة نحو 100 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

كما دعا إلى وقف الجماعة الحوثية انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان، وعسكرة الحياة الاجتماعية، والإفراج عن جميع المحتجزين، وإنهاء إجراءاتها الأحادية المدمرة للاقتصاد الوطني، والقيود المفروضة على حركة الأموال والسلع ومرتبات الموظفين في المناطق الخاضعة لها بالقوة.

وكان المبعوث الأممي قبيل زيارته إلى الرياض زار مسقط والتقى بمسؤولين عمانيين إلى جانب لقائه المتحدث باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام فليتة، حيث ناقشوا سبل إحراز تقدم في خريطة الطريق الأممية لليمن، وضرورة خفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط على نطاق أوسع.

تراجع الهجمات والضربات

شهدت الهجمات الحوثية البحرية في الآونة الأخيرة تراجعاً ملحوظاً، كما تراجعت في المقابل الضربات الغربية، التي تأمل واشنطن أن تكون أثرت على قدرات الجماعة العسكرية.

وتبنى زعيم الجماعة الحوثية في أحدث خطبة قبل أسبوع مهاجمة 98 سفينة منذ بدء التصعيد في نوفمبر الماضي، مهدداً باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي.

وفيما يدعي الحوثي أن هجمات جماعته نصرة للفلسطينيين في غزة، تفند الحكومة اليمنية هذه السردية وتتهم الجماعة وحلفاءها في لبنان والعراق بتنفيذ أجندة إيران.

ويقول الجيش الأميركي إن الحوثيين هاجموا السفن في 122 مناسبة، وإن قواته نفذت قرابة 50 ضربة على الأرض لتقليص قدرات الحوثيين ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي.

وطبقاً للقيادة المركزية الأميركية، أثرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، الذي هو حجر الأساس للاقتصاد العالمي، حيث دفعت الهجمات أكثر من عشر شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

وكانت واشنطن أطلقت تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض. وانضم لها الاتحاد الأوروبي للمساهمة في حماية السفن دون توجيه ضربات مباشرة للحوثيين.

ومنذ تدخل الولايات المتحدة عسكرياً، نفَّذت أكثر من 400 غارة على الأرض ابتداء من 12 يناير الماضي لتحجيم قدرات الحوثيين العسكرية، أو لمنع هجمات بحرية وشيكة. وشاركتها بريطانيا في 4 موجات من الضربات الواسعة.

وأُصيبت نحو 16 سفينة خلال الهجمات الحوثية، إلى جانب قرصنة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، وتسببت إحدى الهجمات، في 18 فبراير (شباط) الماضي، في غرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».


فريق تقييم الحوادث في اليمن: نتعامل بجدية مع الادعاءات كافة

المستشار منصور المنصور المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء (الشرق الأوسط)
المستشار منصور المنصور المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء (الشرق الأوسط)
TT

فريق تقييم الحوادث في اليمن: نتعامل بجدية مع الادعاءات كافة

المستشار منصور المنصور المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء (الشرق الأوسط)
المستشار منصور المنصور المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء (الشرق الأوسط)

أكد المستشار منصور المنصور، المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن، أن الفريق مستمر في تلقي الادعاءات حتى في ظل عدم وجود أي عمليات جوية في اليمن، ويأخذ على محمل الجد أي تقارير أو حالات تصل إليه من أي جهة.

ولفت المنصور خلال مؤتمر صحافي عقده في العاصمة السعودية الرياض، الأربعاء، وفند فيه بعض الادعاءات الواردة، إلى أن مدة دراسة الحالات تختلف بحسب المعلومات المتوفرة للفريق وإمكانية التوصل لرأي قاطع بشأنها، معرباً في الوقت نفسه عن انفتاح فريق التقييم على مراجعة أي حالة ترد فيها معلومات جديدة حتى بعد سنوات.

وشدد المتحدث باسم فريق تقييم الحوادث في اليمن على أنهم ينطلقون على القاعدة القانونية التي تفيد بأن «الانتهاكات لا تسقط بالتقادم»، وأضاف قائلاً: «مهمتنا الرئيسية التحقيق بصورة موضوعية واستعراض النتائج، ونأخذ على محمل الجد جميع الادعاءات التي تصل إلينا».

في تقريره، أشار المنصور إلى رصد الفريق المشترك في التقرير الصادر من منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» في مارس (آذار) 2020، سقوط ثلاث ذخائر عام 2016 على (مركز الغيل الصحي) في مديرية (الغيل) بمحافظة (الجوف)؛ حيث كان الحوثيون يحتلون المركز ويستخدمونه مركزاً عسكرياً. الهجوم دمر المبنى جزئياً.

وبعد التحقق من الإجراءات كافة وتقصي الحقائق الحادثة المذكورة – بحسب المنصور – تبين وجود آثار أضرار داخل محيط (مركز الغيل الصحي) ولم يتمكن الفريق المشترك من تحديد أسبابها، كما اتضح عدم توافق وصف الهدف العسكري لقوات التحالف (تجمعات عناصر مقاتلة تابعة لميليشيا الحوثي المسلحة) في أرض فضاء، مع الوصف الوارد في الادعاء (مركز الغيل الصحي)، إلى جانب عدم توافق عدد الذخائر المستخدمة من قبل قوات التحالف (قنبلة واحدة) على الهدف العسكري، مع عدد الذخائر الواردة بالادعاء (ثلاث ذخائر).

ومن ثم، توصل الفريق المشترك إلى أن قوات التحالف لم تستهدف (مركز الغيل الصحي) بمديرية (الغيل) بمحافظة الجوف، كما ورد بالادعاء.

الحالة الثانية كانت ما ورد في تقرير اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان باليمن، عن قيام طيران التحالف باستهداف منزلين بمديرية رازح التابعة لمحافظة صعدة خلال عام 2017، نتج عن الاستهداف تدمير المنزلين ومقتل وإصابة عدد من الأشخاص، وتدمير سيارتين.

وبعد التحقق من جميع الأدلة الواردة توصل الفريق المشترك إلى أن قوات التحالف لم تستهدف المنزلين محل الادعاء في صعدة.

الحالة الأخيرة التي استعرضها المستشار المنصور كانت ما ورد للفريق المشترك عن إصابة رجل وطفلين نتيجة استهداف منزل سكني بمديرية الجراحي في الحديدة خلال عام 2021. ووفقاً للمتحدث، فإنه بعد البحث وتقصي الحقائق عن وقوع الحادثة، تبين للفريق المشترك أن قوات التحالف لم تنفذ أي مهام جوية على كامل محافظة الحديدة خلال تلك الفترة، وعدم مسؤولية قوات التحالف عن استهداف المنزل السكني محل الادعاء.


السيسي يحذر من التداعيات «الكارثية» لأي عملية عسكرية في رفح

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي (د. ب. أ)
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي (د. ب. أ)
TT

السيسي يحذر من التداعيات «الكارثية» لأي عملية عسكرية في رفح

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي (د. ب. أ)
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي (د. ب. أ)

حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الأربعاء من أي عملية عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية بقطاع غزة.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»، قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أحمد فهمي إن هذا التحذير جاء في اتصال هاتفي بين السيسي ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته، مشيرا إلى أن الرئيس المصري حذر مما وصفها بالتداعيات «الكارثية» على الوضع الإنساني لأي عملية عسكرية في رفح.

وأضاف المتحدث في البيان، الذي نشرته الرئاسة المصريةعلى فيسبوك، أن الرئيس شدد أيضا على ضرورة وقف الحرب الجارية في قطاع غزة، لافتا إلى أن أي عمليات عسكرية في رفح الفلسطينية سيكون لها تداعيات كارثية على الوضع الإنساني في القطاع، وكذلك على السلم والأمن الإقليميين، «الأمر الذي يؤكد أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسئولياته لتنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة»، بحسب البيان.

وقال المتحدث إن الجانبين «توافقا على أهمية العمل بشكل عاجل للوصول إلى وقف لإطلاق النار، ولضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كاف إلى كافة مناطق قطاع غزة لحمايته من المأساة الإنسانية التي يتعرض لها، مع التشديد على ضرورة التحرك نحو إنفاذ حل الدولتين بما يسهم في استعادة الاستقرار الإقليمي وإرساء الأمن والسلام في المنطقة».

كان رئيس هيئة الاستعلامات المصريّة ضياء رشوان قال أمس الثلاثاء إن مصر لم تجر مطلقا أي مداولات مع إسرائيل حول خطط اجتياح مدينة رفح في جنوب قطاع غزة، نافيا بشكل قاطع ما نشرته إحدى الصحف الأميركية من أن مصر تداولت مع إسرائيل حول خططها للاجتياح المزمع.

وأكد رشوان في بيان أن «الموقف المصري ثابت ومعلن عدة مرات من القيادة السياسية بالرفض التام لهذا الاجتياح»؛ وقال إن القيادة المصرية حذّرت من أن اجتياح رفح سيؤدي إلى «مذابح وخسائر بشرية فادحة وتدمير واسع».


«حماس» تنشر مقطعاً مصوراً لرهينة في قطاع غزة

جانب من المسيرات المطالبة بالإفراج عن الرهائن الموجودين لدى «حماس» (أ.ف.ب)
جانب من المسيرات المطالبة بالإفراج عن الرهائن الموجودين لدى «حماس» (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تنشر مقطعاً مصوراً لرهينة في قطاع غزة

جانب من المسيرات المطالبة بالإفراج عن الرهائن الموجودين لدى «حماس» (أ.ف.ب)
جانب من المسيرات المطالبة بالإفراج عن الرهائن الموجودين لدى «حماس» (أ.ف.ب)

نشرت حركة «حماس»، اليوم الأربعاء، عبر قناتها الرسمية على «تلغرام»، مقطعاً مصوراً لرهينة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

كانت حركة «حماس» شنت حينها هجوماً غير مسبوق داخل إسرائيل أدى إلى مقتل 1170 شخصاً، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، استناداً إلى بيانات رسمية إسرائيلية.

وخُطف أكثر من 250 شخصاً ما زال 129 منهم محتجزين في قطاع غزة، بينهم 34 توفوا على الأرجح، وفق مسؤولين إسرائيليين.


البنك الدولي: تصاعد الصراع يفاقم التحديات الاقتصادية في اليمن والمنطقة

من المتوقع حدوث مزيد من التدهور في الأمن الغذائي بسبب هجمات الحوثيين على السفن (د.ب.أ)
من المتوقع حدوث مزيد من التدهور في الأمن الغذائي بسبب هجمات الحوثيين على السفن (د.ب.أ)
TT

البنك الدولي: تصاعد الصراع يفاقم التحديات الاقتصادية في اليمن والمنطقة

من المتوقع حدوث مزيد من التدهور في الأمن الغذائي بسبب هجمات الحوثيين على السفن (د.ب.أ)
من المتوقع حدوث مزيد من التدهور في الأمن الغذائي بسبب هجمات الحوثيين على السفن (د.ب.أ)

حذر البنك الدولي من أن يؤدي التوتر المتزايد في الشرق الأوسط إلى تفاقم التحديات الاقتصادية في بلدان المنطقة الهشة، والمتأثرة بالصراعات، مثل اليمن الذي يعاني بالفعل من صعوبات مالية، ونقدية كبيرة.

وأكد البنك في تقرير له عن الأوضاع في الشرق الأوسط أن تفاقم الصراع سيؤدي إلى زيادة في التنافس على المساعدات الخارجية المحدودة، والناتجة عن تداخل عدة أزمات متزامنة حول العالم، وقال إن هذه الأزمات قد تؤدي إلى تقليص المساعدات المقدمة إلى بلدان محددة تعاني من أوضاع هشة، والصراع والعنف، وتفاقم الأزمات المالية العامة.

اليمن مهدد بتفاقم الفقر والجوع بسبب نقص التمويل واستمرار الصراع وهجمات الحوثيين (الأمم المتحدة)

وأوضح أن آليات التكيف القاسية، ومنها إخراج الأطفال من المدارس، ودفعهم إلى العمل، وتزويجهم في سن مبكرة، وإلحاقهم بأعمال خطرة، تنتشر بالفعل في هذه البلدان، وقال إنه من المتوقع أن تزيد هذه الظواهر بصورة أكبر.

وتناول التقرير كيف أن برنامج الأغذية العالمي عندما واجه نقصاً في تمويل المساعدات الإنسانية في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن في عام 2020، زاد انعدام الأمن الغذائي على الفور بواقع 15 في المائة.

واستند إلى تقرير أصدره مؤخراً برنامج الأغذية العالمي توقع فيه حدوث مزيد من التدهور في الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة في اليمن بسبب هجمات الحوثيين على سفن الشحن بالبحر الأحمر.

ويعتمد 90 في المائة من سكان اليمن –وفق البنك الدولي- على الواردات لتلبية احتياجاتهم من المواد الغذائية الأساسية على المستوى المحلي، وهم معرضون بشدة للمخاطر، ونبّه البنك إلى أن الهجمات على السفن التي تسببت في اضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر يمكن أن تؤدي إلى إطالة أوقات الشحن، وزيادة التكاليف بالنسبة للعديد من بلدان المنطقة.

تراجع حركة السفن

ذكر البنك الدولي في تقريره أنه وبعد مرور خمسة أشهر على اندلاع الصراع، لا تزال المنطقة تعاني درجة عالية من عدم اليقين، مما قد يؤدي إلى تفاقم أوجه الهشاشة القائمة في العديد من اقتصادات المنطقة. وذكر أنه، على سبيل المثال، في اقتصاد ذي أهمية إقليمية مثل مصر يمكن أن تتفاقم آثار أزمات ميزان المدفوعات إذا حدث تباطؤ أطول من المتوقع في حركة الملاحة البحرية عبر قناة السويس بسبب استهداف الحوثيين لسفن الشحن في البحر الأحمر، وأكد أن ذلك أثر سلباً بالفعل على الموازنة العامة، وحساب المعاملات الخارجية للدولة المصرية.

صيادون يمنيون في ساحل مدينة الخوخة جنوب الحديدة (أ.ف.ب)

وأكد التقرير أن السياحة، كعنصر حيوي آخر للاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، تأثرت بشكل كبير بعدم الاستقرار الذي شهدته المنطقة مؤخراً، مما أدى إلى إضعاف وليس إيقاف الانتعاش القوي الذي كان قد بدأ بعد الجائحة.

وذكر أنه وفق البيانات الأولية، فإن اندلاع الصراع في عام 2023 أدى إلى انكماش السياحة الوافدة إلى منطقة الشرق الأوسط، أو شمال أفريقيا في نهاية العام، وبالتالي إبطاء وتيرة النمو القوي في التعافي عقب انحسار جائحة كورونا.

ووفقاً لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، كانت المنطقة هي الأولى التي عادت إليها حركة السياحة التي كانت سائدة قبل جائحة كورونا بحلول أوائل عام 2023، وظلت في طليعة انتعاش السياحة العالمية على الرغم من الصراع في غزة.

واختتم عام 2023 –بحسب المنظمة- بارتفاع عدد السائحين الوافدين بنسبة 22 في المائة عن مستويات ما قبل الجائحة. وكان من المرجح أن تنهي المنطقة العام بمعدلات نمو سياحي أقوى لو لم يؤد الصراع إلى إلغاء حجوزات نهاية العام.

وطبقاً لما جاء في التقرير، فإنه إذا زاد عدم الاستقرار الجيوسياسي في المنطقة، فقد تتأثر أسواق النفط، ورأس المال، وقد تتراجع رغبة المستثمرين الأجانب في إقراض بلدانها، وقال إن حجم التأثيرات الإقليمية للصراع على المنطقة سيتوقف إلى حد كبير على مدة الصراع، وما إذا كان سيتسع.

تأثر اقتصادات المنطقة

في سيناريو اتساع نطاق الأعمال العدائية، يذكر البنك الدولي أنه يمكن أن تتأثر اقتصادات الشرق الأوسط من خلال بعض القنوات، مثل السلع الأولية، لا سيما الطاقة؛ والتجارة في السلع والخدمات؛ وتحويل الاستثمارات؛ والتضخم؛ وانخفاض قيمة العملة، «وهي أمور من شأنها هي وغيرها» رفع تكلفة الديون وإعادة التمويل.

ورجح البنك الدولي أن تتأثر نسبياً العديد من اقتصادات المنطقة، مثل الجزائر وليبيا ودول مجلس التعاون الخليجي والمغرب، بالصراع، لأن روابطها الاقتصادية مع فلسطين أو إسرائيل محدودة، غير أنه نبه إلى أن هذه الاقتصادات قد تتعرض لصدمات في أسعار السلع الأولية، واحتمال اشتداد التوترات الداخلية، وقال إنه من غير المرجح أن يحدث أي من ذلك إذا تم احتواء الصراع.

الحكومة اليمنية تتهم الحوثيين بخدمة أجندة إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وبين البنك الدولي أن العلاقات التجارية المباشرة للمغرب مع إسرائيل محدودة للغاية، كما أن ليبيا والجزائر تحافظان على نفس المسافة الاقتصادية، وقال إنه ومع ذلك، من المحتمل أن تعاني هذه البلدان من بعض الآثار غير المباشرة المترتبة على الصدمات التجارية المتعلقة بأزمة قناة السويس، نتيجة تراجع حركة السفن بسبب هجمات الحوثيين في جنوب البحر الأحمر، وخليج عدن، أو احتمال تحويل مسار المعونات الدولية، وهي مصدر حيوي للتمويل لمواجهة العجز الهيكلي في حسابات المعاملات الخارجية، وحسابات المالية العامة.

بالإضافة إلى ذلك، ذكر التقرير أن مجموعة أخرى من بلدان المنطقة، مثل سوريا وإيران والعراق ولبنان، معرضة للمخاطر الاقتصادية لأسباب جيوسياسية. فمنذ بداية الصراع كانت هناك غارات جوية مستهدفة على سوريا، بما في ذلك المطارات الرئيسية في البلاد، مما أدى إلى تدمير المدارج، وتعليق الرحلات الجوية، وتعطيل حركة السفر الجوي.

وقال البنك الدولي إنه يمكن أن يؤدي طول أمد الصراع إلى أضرار طويلة الأجل في البنية التحتية، وربما تعطيل سلاسل الإمداد، ورفع تكاليف الخدمات اللوجيستية، فضلاً عن تفاقم الضغوط التضخمية، وانخفاض قيمة العملة.


مصادر طبية: ألفا يمني ماتوا بالملاريا خلال شهرين

يمنية مع طفلتها المريضة في مستشفى «السبعين» بصنعاء (أ.ف.ب)
يمنية مع طفلتها المريضة في مستشفى «السبعين» بصنعاء (أ.ف.ب)
TT

مصادر طبية: ألفا يمني ماتوا بالملاريا خلال شهرين

يمنية مع طفلتها المريضة في مستشفى «السبعين» بصنعاء (أ.ف.ب)
يمنية مع طفلتها المريضة في مستشفى «السبعين» بصنعاء (أ.ف.ب)

اتسعت رقعة تفشي وباء الملاريا في عدد من المحافظات اليمنية نتيجة عودة الأمطار الموسمية التي أدت لنشوء المستنقعات المائية، بالتزامن مع انتشار مخلّفات وأكوام القمامة، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بالفساد والإهمال ونهب مخصصات برامج المكافحة والحماية ضد المرض.

وكشفت مصادر بالقطاع الصحي الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، عن وقوع أكثر من 2250 حالة وفاة بالملاريا، بعد تلقي بلاغات عبر المكاتب والمرافق الصحية بمحافظات صنعاء والحديدة وإب وذمار وريمة وحجة والمحويت وعمران، على مدى الشهرين الماضيين، بتسجيل أكثر من 82 ألف إصابة.

اليمنيون يواجهون أزمة صحية وتردياً في الخدمات الطبية منذ الانقلاب الحوثي (أ.ف.ب)

وفي حين ذكرت المصادر أن غالبية الوفيات من الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل وكبار السن، أرجعت أسباب هذا التفشي إلى استمرار مصادرة ونهب الجماعة الحوثية مخصصات المركز الوطني لمكافحة الملاريا، وفروع ومكاتب عدة تابعة له ولمؤسسات رسمية وأهلية معنية بمكافحة المرض في المحافظات الخاضعة لسيطرتها منذ سنوات.

ولا يزال عدد من الأمراض الوبائية المدارية التي يتصدرها الملاريا، تشكل خطراً كارثياً حقيقياً يتهدد صحة وحياة اليمنيين، خصوصاً مع غزارة الأمطار الموسمية المصحوبة بتجمع المخلفات والمياه الراكدة واختلاطها بالصرف الصحي، ما يؤدي إلى تكاثر البعوض الناقل للعدوى بتلك المحافظات.

وتوقّع أطباء متخصصون في صنعاء، خلال أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون الأرقام الحقيقية لحالات الإصابة بالملاريا أكثر من تلك الحالات المُبلَّغ عنها، نظراً لاعتمادها على تقارير الترصد الإلكتروني للإنذار المبكر للأوبئة، معبرين عن قلقهم حيال تصاعد حالات الإصابة بالملاريا في مناطق سيطرة الجماعة الانقلابية، التي تقتصر جهود مواجهتها للوباء على وسائل تقليدية.

مواجهة بوسائل بدائية

بينما تتبنى الجماعة الحوثية، من خلال قطاع الصحة الخاضع لسيطرتها، برامج مكافحة تعتمد على توزيع الناموسيات ببعض المناطق، يواجه غالبية السكان صعوبة في التوجه إلى المشافي والمراكز الصحية للفحص وتلقي العلاج في مرحلة مبكرة، إلى جانب استمرار عجز برنامج مكافحة الملاريا عن القيام بمهامه، نتيجة مصادرة ونهب مخصصاته.

وحذرت منظمة الصحة العالمية، في تقرير سابق لها، من أن 65 في المائة من سكان اليمن (ما يقارب 19.5 مليون شخص) باتوا عرضة للإصابة بمرض الملاريا، في ظل توقف العمل بنصف المرافق الصحية، وعمل الباقي بشكل جزئي مع شح الأدوية الأساسية والمُعدات الطبية.

وقالت منظمة «أطباء بلا حدود»، في وقت سابق أيضاً، إن الملاريا يواصل تأثيره على آلاف السكان اليمنيين، في ظل نظام صحي ضعيف جراء الحرب الدائرة بالبلاد، بعد قيامها بمعالجة أكثر من 10 آلاف مصاب بالمرض خلال عام 2017.

ويعدّ «الملاريا» مرضاً فتّاكاً تُسبّبه طفيليات تنتقل إلى البشر عبر لدغات بعوض الأنوفيلس الحاملة للعدوى، وتظهر أعراض المرض عادة بعد 10 - 15 يوماً من لدغة البعوض، وتشمل الحمى والصداع والقشعريرة، مع صعوبة التعرف عليه، وإذا لم يتلقَّ المصاب العلاج العاجل، فمن الممكن أن تتطور الحالة إلى مرض شديد يهدد الحياة.

سوء التغذية

أدت المعدلات المرتفعة لسوء التغذية في اليمن إلى زيادة خطر الإصابة بالملاريا بين الفئات الضعيفة، وخصوصاً الأطفال دون سن الخامسة، والنساء الحوامل، نتيجة انخفاض نظم المناعة لديهم، في حين تشير تقديرات أممية سابقة إلى أن أكثر من 21 مليون شخص يمني يعيشون في مناطق معرَّضة لخطر الإصابة بالملاريا، مع حدوث أكثر من مليون حالة ملاريا، كل عام.

وعبر تحديثات جديدة لها على «فيسبوك»، أكدت منظمة الصحة العالمية أن الفئات الأكثر ضعفاً في اليمن، ومنهم النازحون داخلياً والأطفال والنساء وكبار السن، والأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة، والأشخاص الذين يعانون أمراضاً نفسية، لا يزالون يواجهون عقبات فريدة في الحصول على خدمات الرعاية الصحية في بلد يعاني فرصاً محدودة للحصول على تلك الخدمات وغيرها، بسبب الفقر واستمرار حدة الصراع.

يمنيون يكافحون البعوض بإحراق إطارات السيارات (فيسبوك)

وتوفر المنظمة، في هذه الأثناء، بالشراكة مع حكومة ألمانيا، الحماية من العدوى المكتسبة في المرافق الصحية، عبر توفير إمدادات المياه ومستلزمات الوقاية من العدوى ومكافحتها، كما تقوم بتزويد أكثر من 72 مرفقاً صحياً يمنياً بالمياه الصالحة للشرب، وتوفر لمرضى يمنيين الرعاية والحماية الكافيتين من مخاطر العدوى، إلى جانب الموظفين ومقدمي الرعاية.

وأطلق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، أواخر فبراير (شباط) الماضي، حملة شاملة هدفت إلى الحد من انتشار الملاريا والحمى الفيروسية وحمى الضنك وعلاج الحالات المصابة بهما في عدد من المحافظات اليمنية المحرَّرة، خصوصاً محافظة الحديدة التي تعدّ إحدى أكثر المحافظات المنكوبة بالأوبئة الفيروسية.

ويستقبل المرفق الطبي، التابع للمركز، يومياً مئات الحالات من سكان حيس والخوخة ومن النازحين، ويقدم لهم خدمات طبية متنوعة، في حيتن تنفذ السلطات الصحية، التابعة للحكومة اليمنية في المديريات المحرَّرة من المحافظة، حملة موسعة لمكافحة البعوض الناقل للملاريا والحميات الفيروسية.


مصر: هل تنجح حملات المقاطعة في خفض الأسعار؟

مشاهد من أسواق السمك في بورسعيد بدون زبائن (مشاركون بحملة المقاطعة - إكس)
مشاهد من أسواق السمك في بورسعيد بدون زبائن (مشاركون بحملة المقاطعة - إكس)
TT

مصر: هل تنجح حملات المقاطعة في خفض الأسعار؟

مشاهد من أسواق السمك في بورسعيد بدون زبائن (مشاركون بحملة المقاطعة - إكس)
مشاهد من أسواق السمك في بورسعيد بدون زبائن (مشاركون بحملة المقاطعة - إكس)

جدد انتشارٌ واسعٌ حققته حملةٌ لمقاطعة الأسماك في مصر تساؤلات حول جدوى حملات المقاطعة في خفض الأسعار، مع استمرار ارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية، رغم التعهدات الحكومية بضبط الأسواق، وتوافر الدولار اللازم للاستيراد. وفيما أكد القائمون على الحملة ومتضامنون معها «نجاحها في جذب الكثيرين»، تباينت آراء خبراء الاقتصاد حول شروط نجاح حملات المقاطعة وتأثيرها على الأسعار.

وقبل أيام انطلقت حملة لمقاطعة الأسماك من مدينة بورسعيد (شمال شرق مصر)، تحت عنوان «خليه يعفن»، وأكد مشاركون في الحملة انتقالها لمحافظات أخرى، وقال مؤسس الحملة سعيد الصباغ في اليوم الثالث للحملة (الثلاثاء) إن «الحملة قُوبلت باستجابة واسعة من المواطنين، وانتقلت إلى محافظات أخرى، منها السويس والإسماعيلية والإسكندرية والشرقية وبني سويف والدقهلية والغربية، وقام عدد من التجار بالفعل بتخفيض الأسعار نسبياً».

وأكد في تصريحات صحافية أن «سبب اختيار الأسماك لمقاطعتها، لارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه، كما أنها سريعة التلف مما سيساهم في نجاح الحملة».

وأعلن محافظ بورسعيد اللواء عادل الغضبان تضامنه مع أهالي المحافظة، وتأييده لحملة المقاطعة، مؤكداً خلال جولة بالمحافظة، الاثنين، أنه «لن يدخل سوق السمك بالمدينة إلا بعد خفض الأسعار ونزولها لمستوى يجعلها في متناول المواطنين».

وتواجه مصر أزمة اقتصادية أدت إلى موجة غلاء وارتفاع متواصل لأسعار معظم السلع، خصوصاً الأساسية، وتراهن الحكومة على المزيد من التدفقات الدولارية المرتقبة لتجاوز الأزمة.

وقفز التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 35.7 في المائة في فبراير (شباط) الماضي، بعدما كان 29.8 في المائة في يناير (كانون الثاني)، مدفوعاً بشكل أساسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في مارس (آذار) الماضي.

وحسب الجهاز «ارتفعت أسعار السلع على أساس شهري بنسبة 11.4 في المائة في فبراير، مقارنة بـ1.6 في المائة فقط في يناير، وقفزت أسعار المواد الغذائية 15.9 في المائة، مقارنة بـ1.4 في المائة في يناير».

وقلل الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس من تأثير حملات المقاطعة على خفض أسعار السلع بشكل عام، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قد تكون مقاطعة السمك فعالة بالوقت الراهن، لأنها سلعة سريعة العطب، لكن بعد ذلك، ستؤدي المقاطعة إلى خروج الكثير من التجار من السوق بسبب خسائرهم، وهو ما يعني عودة الأسعار إلى الارتفاع».

وحسب النحاس، فإن «مصر أصبحت تعاني مما يسمى (بوار السلع) بمعنى أن كثيراً من السلع لم تعد أسعارها في متناول معظم الناس، وهذا أدى إلى ركود تضخمي، حيث تكون السلعة متوافرة بالأسواق، لكنها فوق القدرة الشرائية لمعظم الناس، لذلك يكون تأثير حملات المقاطعة ضعيفاً».

وحققت حملة مقاطعة الأسماك انتشاراً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وحرص الكثير من المشاركين على نشر صور لسوق السمك خالية من الزبائن للتأكيد على نجاح الحملة، وعلق حساب باسم «داليا أبو عمر» على منصة «إكس» قائلاً: «بورسعيد عاملة ملحمة والله ايه الحلاوة والعقل والنضج ده».

ودعا حساب باسم «أيمن عبدالسلام» إلى تفعيل الحملة في محافظات أخرى.

وتسابق مشاركون على منصة «إكس» بالإعلان عن انضمام محافظاتهم للحملة، وكتب حساب باسم «أحمد حافظ»: "اسكندراني اسكندراني... عندنا في سوق عمر باشا محطة مصر وسوق غيط العنب كرموز في ركود جامد في سوق السمك برغم قلة المعروض وفي أبو قير الستات بدأت المقاطعة في حلقة السمك زي محافظة بورسعيد، وسيدي بشر برضو في مقاطعة... خليها تعفن».

وأرجع الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد حنفي الانتشار الواسع لحملة مقاطعة الأسماك إلى ما وصفه بـ«حالة المقاطعة»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث في بورسعيد ليس حملة مقاطعة، لأن الحملة تكون أكثر تنظيماً وعلى مستوى وطني، لكنه حالة مقاطعة نتيجة استمرار ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر، وهذه الحالة يمكنها أن تتطور إلى حملة أكثر تنظيماً».

ورأى حنفي أن «حملات المقاطعة تكون فاعلة أكثر في السلع سريعة العطب أو التي لديها فترة صلاحية قصيرة، وهو ما حدث مع السمك»، مؤكداً أن «حملات المقاطعة المنظمة اجتماعياً يمكنها أن تؤدي إلى خفض أسعار السلع».

وتقول الحكومة المصرية إنها تتحرك مع المُصنعين والمُنتجين والتجار بهدف السيطرة على أسعار السلع الأساسية، واحتواء موجة الغلاء التي شهدتها البلاد على مدار الأشهر الماضية، كما قامت بتفعيل فرق عمل من مجلس الوزراء للتأكد من تطبيق خفض الأسعار بالسلاسل التجارية والسوبر ماركت للوقوف على حقيقة استجابة المصنعين والتجار لمبادرة خفض الأسعار.


مصر تحذِّر إسرائيل من اتخاذ أي إجراءات عسكرية في رفح

وزير الخارجية المصري سامح شكري يعقد اجتماعاً مغلقاً مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الآيرلندي مايكل مارتن (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري يعقد اجتماعاً مغلقاً مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الآيرلندي مايكل مارتن (الخارجية المصرية)
TT

مصر تحذِّر إسرائيل من اتخاذ أي إجراءات عسكرية في رفح

وزير الخارجية المصري سامح شكري يعقد اجتماعاً مغلقاً مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الآيرلندي مايكل مارتن (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري يعقد اجتماعاً مغلقاً مع نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية والدفاع الآيرلندي مايكل مارتن (الخارجية المصرية)

دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري، الثلاثاء، إسرائيل إلى «عدم اتخاذ أي إجراءات عسكرية في رفح بقطاع غزة» التي لجأ إليها نحو 1.5 مليون فلسطيني فروا من الحرب الإسرائيلية. وأضاف شكري محذراً: «ينبغي أن تكون هناك قدرة على اتخاذ خطوات ملموسة في حال إقدام إسرائيل على هذه الخطوة، بما يعد رادعاً لها».

وتعهدت إسرائيل باقتحام رفح بهدف ملاحقة مقاتلي «حماس»؛ لكن العملية العسكرية المزمعة في البلدة الواقعة على الحدود المصرية أثارت قلقاً دولياً، بسبب وجود عدد ضخم من المدنيين.

وعلى مدار الأسابيع الأخيرة، تكررت التحذيرات المصرية من اقتحام رفح الملاصقة للحدود المصرية. وقال شكري، في مؤتمر صحافي مع نظيره الآيرلندي مايكل مارتن الذي يزور القاهرة: «نترقب وندعو لعدم اتخاذ إسرائيل أي خطوات عسكرية في رفح... هذه أيضاً دعوة من الغالبية العظمى من أعضاء المجتمع الدولي، لإدراك الجميع أن الأعمال العسكرية في منطقة تكتظ بالسكان المدنيين، حوالي مليون ونصف مليون، يترتب عليها مزيد من الضحايا من المدنيين، ومزيد من المعاناة، ومزيد من المحاولات لتصفية القضية من خلال التهجير. لا بد من أن نتعدى مجرد المطالبة اللفظية بذلك، وإنما يكون واضحاً أن هناك قدرة على اتخاذ خطوات ملموسة».

وأكد شكري ضرورة تنفيذ وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة؛ مشيراً إلى أهمية العمل على إدخال مزيد من المساعدات إلى القطاع؛ مضيفاً أن «قطاع غزة أصبح غير قابل للعيش جراء الحرب الإسرائيلية».

وزيرا خارجية مصر وآيرلندا يترأسان جلسة مشاورات موسعة بين وفدي البلدين (الخارجية المصرية)

وشدد الوزير المصري على أنه «لا بديل لحل الصراع سوى تنفيذ حل الدولتين»، متوقعاً تصويتاً واسع النطاق بالجمعية العامة للأمم المتحدة على الخطوة المقبلة للاعتراف بدولة فلسطين، عضواً كامل العضوية.

ولفت إلى أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين تشير إلى عدم توفر الإرادة الحقيقية لإقامة الدولة الفلسطينية. وأعلن الوزير شكري رفض التهجير القسري للفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، موضحاً أن معبر رفح -من الجهة المصرية- يعمل بصفة مستمرة منذ بداية الحرب الإسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي دون توقف.

وأكد العمل مع الأمم المتحدة لتوفير أكبر قدر من المساعدات لقطاع غزة؛ مشيراً إلى أن تقرير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) دحض ادعاءات الاحتلال بتورط موظفيها في «أحداث 7 أكتوبر».

ولفت شكري إلى أن «أونروا» هي المنظمة الوحيدة القادرة على توزيع المساعدات بقطاع غزة، مشدداً على ضرورة إعادة النظر في قرار تعليق تمويل وكالة «الأونروا».

بدوره، وجَّه وزير خارجية آيرلندا مايكل مارتن الشكر إلى مصر على المساعدات التي قدمتها لرعايا بلاده، من أجل تيسير خروجهم من قطاع غزة، معبراً عن مخاوف كبيرة بشأن الموقف في القطاع.

وكشف مارتن عن أنه سيزور معبر رفح لـ«بحث إزالة العراقيل التي تحول دون إيصال المساعدات»، مؤكداً مواصلة تقديم مزيد من الدعم للشعب الفلسطيني في قطاع غزة من خلال وكالة «أونروا».

وأشار إلى أن وكالة «أونروا» منظمة لا غنى عنها في عمليات إعادة الإعمار بقطاع غزة، عبر تقديم كثير من الخدمات، مثمناً الجهود المصرية بشأن وقف إطلاق النار في غزة، مؤكداً ضرورة الإفراج عن المحتجزين.

ولفت إلى أن «الاعتراف بدولة فلسطين خطوة في غاية الأهمية لدعم الشعب الفلسطيني في حق تقرير المصير، والوصول إلى حل الدولتين» معبراً عن «التطلع لمشاركة الجهود المصرية من أجل تعزيز خطة السلام، وتنفيذ حل مستدام قائم على حل الدولتين».