هاني عبد السلام
مسؤول قسم الرياضة
TT

بلاتر.. وعصير التصريحات

رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر أصيب بعدوى «التصريحات»، وهو الفيروس الذي من شأنه أن يجعل المتمكن منه ينجرف في صراعات كان هو في غنى عنها لأن الضرر منها أكثر من نفعها، هذا إن كان هناك نفع في الأصل.
لقد أصبح رئيس الفيفا مغرما بإطلاق تصريحات «شبه أسبوعية»، وكأن الكلام بات ينزلق مثل ماكينة العصائر، غير مدرك أنه بمجرد الحديث تنقلب الدنيا من حوله، وعندما يعود مرة جديدة لتصحيح ما قاله مسبقا أو لتخفيف حدته، يترك باب الجدل الدائر حول السبب في فتح قضايا من شأنها إثارة بلبلة لم يكن هناك داع لها!
آخر تصريحات بلاتر المثيرة للجدل وضمن مسلسل «عصير التصريحات» هو ما تعلق بمونديال 2022 وقوله «ربما كان من الخطأ منح قطر حق استضافة كأس العالم 2022»، وبعد الانتقادات وردود الفعل التي أحدثها هذا الكلام الذي يأتي من أكبر مسؤول بالمنظمة العالمية التي تدير كرة القدم، عاد بلاتر ليلقي باللائمة على الذين نقلوا عنه الكلام بأنهم لم يحسنوا فهم مقصده، وقال: «لا.. لم يكن ذلك خطأ، والقرار جاء تماشيا مع سياسة الفيفا وخصوصا سياسة الرئيس الحالي، والخطأ هو قرار إقامة البطولة في منتصف العام وليس اختيار قطر كبلد مضيف».
لقد جرى الاقتراع على اختبار الدولتين المستضيفتين لمونديالي 2018 و2022 وفقا لقواعد الفيفا التي يرأسها السيد بلاتر، وقد فازت روسيا بحق تنظيم 2018 وقطر بـ2022. نعم لقد صب المتنافسون مثل إنجلترا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وأستراليا جام غضبهم على أعضاء اللجنة التنفيذية بعد خسارتهم، وربما كان لهم بعض الحق بعدما ثبت تورط بعض الأعضاء في قضايا رشى وتم إيقافهم قانونيا.
ورغم أن الإنجليز انتقدوا فوز روسيا على حساب ملفهم القوي لاستضافة مونديال 2018، وادعت انحياز رجال الفيفا للعرض الروسي رغم سوء ملاعب الأخيرة وتراجع الأمن في بعض المناطق هناك مع إبراز واقع نادي انجي ماتشالا الذي لا يستطيع تأمين لاعبيه ومباريات فريقه، فإن الجدل الدائر والدائم لم يكن يتعلق بالمونديال الروسي بل بالمونديال القطري.
لم نسمع كلمة واحدة من بلاتر عن مونديال 2018، لا عن الملاعب أو التأمين، أو حتى إمكانية استضافة الجماهير رغم السلبيات التي ظهرت عندما استضافت أوكرانيا مناصفة مع بولندا بطولة أمم أوروبا الأخيرة 2012.
على ما يبدو أن بلاتر صحا بعد عامين من الاقتراع على مفاجأة أن الأجواء ستكون شديدة الحرارة في قطر صيف عام 2022. وإذا كان جاهلا بالجغرافيا ومواقع الدول على الخريطة، فلا بد أن يكون قد اطلع على الملف القطري الذي قدم قبل عامين من الاقتراع وجرى تسويقه والإعلان عنه في كل الدنيا. إذا كان رئيس الفيفا ومسؤولو كرة القدم يرون أن إقامة مونديال قطر بالشتاء ستكون أكثر جاذبية ونفعا للمنتخبات المشاركة وللجماهير، فهذا شيء جيد ومقبول ويمكن دراسته، أما أن يخرج رئيس الفيفا ليدعي أن اختيار البلد الخليجي لهذا العرس العالمي كان خطأ، ثم يعود ليبرر تصريحاته فهو الأمر الذي يدل على سوء النيات، حتى وإن تراجع. إن كل كلمة من رجل مسؤول مثل رئيس الفيفا تحسب عليه، ومن غير المقبول أن يخرج بعد كل تصريح ليفسر ويبرر ويتراجع، بل من الواجب أن يغلق «ماكينة العصير».