رجينا يوسف
صحافية لبنانية
TT

«عبارة الموت» وأحلام وئدت!

صور القتلى قرب شواطئ إندونيسيا وفي مياه غريبة ظهرت على كثير من شاشات التلفزة وخصوصا اللبنانية وصدمت اللبنانيين وفجعت قلوب أهالي الضحايا. قبل أيام من الخبر ودع الأهالي فلذات أكبادهم وفي قلوبهم أمنيات كبيرة بمستقبل جديد واعد بالأمل وبالحياة الكريمة ولقمة عيش بعيدة عن الذل والمهانة. ودعوهم بدموع ممزوجة بالفرحة والوجع والخوف من المجهول الذين فضلوه على واقعهم الأليم، آملين لهم الخير في بلاد بعيدة قد تحتضنهم وتحترمهم أكثر من وطنهم الأم. ولكن بعد أيام جاءهم النبأ الذي هز كيانهم وأشعل نار المرارة في نفوسهم. مات من وضعوا آمالهم بهم ومن تمنوا لهم الوصول إلى أرض الأمان.. ماتوا غرقا قرب شواطئ غريبة. وعندما تقع الكارثة فلا عودة إلى الوراء، وغرقت العبارة التي وصفوها بـ«عبارة الموت» والأصح وصف حكومة لبنان بـ«حكومة الموت»، التي دفعت وتدفع بأبنائها لخوض غمار المجهول هربا من الذل والفقر في بلد بات الفقر عيبا ومذلة أو انتقاصا لشخصية الإنسان. هؤلاء هم فقراء لبنان، البلد الذي رفض مسؤولوه على مر الزمن الاعتراف بمعضلة الفقر. والمؤسف أن نسمع على نفس الشاشات بعض سياسيينا يصرحون بأن الدولة اللبنانية ستتكفل بنقل جثث الضحايا وستتابع الأمر وستتحقق به، لكشف ملابسات الموضوع وتحديد مصير اللبنانيين، وتأمين سلامة الناجين. إنه لأمر مضحك أن يدفع القاتل ثمن جنازة الضحية. فبدل أن يتسارعوا لرمي الورود على الأكفان لم لا يؤمنون العيش الكريم لمن كانوا سبب اعتلائهم على الكراسي، ولم لا يكفون عن التباهي بتقديم الخدمات والتبرعات ولم لا يعترفون بالتقصير معارضة وموالاة، ولم لا يعتبرون أن من حق كل لبناني أن يكون مواطنا محترما في وطنه، وأن الصدقة التي يقدمونها هي فتات بسيط من حقهم المسلوب. تعازي لكل إنسان فقد عزيزا، وعذرا لكل قطرة دمع سقطت من عيون الأمهات والآباء والأهل والأقارب الذين ودعوا أخا أو ابنا أو زوجا بالأمس القريب أو البعيد، وأسفا لموت شباب وأطفال كانوا يحلمون بابتسامة الغد الواعد فأصبحوا من الماضي الأليم، ذكرى تتقاذفها أمواج البحر. هذا هو لبنان، في كل يوم، يدفن أهله جثة بطريقة مختلفة ويدفنون معها قطعة وطن.