عضوان الأحمري
صحافي سعودي، رئيس خدمات الديجيتال والأونلاين في صحيفة «الشرق الأوسط»
TT

شفافية العمالة!

استغرق الوقت عشرات السنين كيف يستفيق بعض العروبيين من وهم أن «حزب الله» حركة نضال تقاوم العدوان الإسرائيلي. ولم يستطع بعضهم التراجع علانية إلا بعد أن أعلن الحزب علنًا أنه يقاتل في سوريا، ويخوض في دماء الأبرياء، بحجة المشاركة في «الحرب المقدسة» وقتال التكفيريين، الذين هم في الأساس مدنيون سوريون رفضوا نظام بشار الأسد، فجاءت أوامر طهران مباشرة لـ«حزب الله» بحشد ما يمكن حشده للإبقاء على نظام الأسد، ومنع سقوط المشروع الإيراني في المنطقة.
يوم أول من أمس، ظهر أمين عام الميليشيا المسلحة، حسن نصر الله، ليعترف على الهواء مباشرة بأنه مجرد موظف لدى طهران، وبأن أموال الحزب ومسيرات رواتبه تأتي مباشرة من إيران، كما تأتي الصواريخ. السيد حسن مختبئ، ولا أحد يعرف أين.. لكن آلاف الشباب اللبنانيين قضوا موتى في معركة ضد جارهم السوري، تركوا إعمار بلادهم وانتشالها من الكساد الذي تعيشه، وتهافتوا للمشاركة في معارك على الأراضي السورية مؤتمرين بأمر حسن نصر الله، الذي يتلقى راتبه من طهران، باعترافه المسجل صوتًا وصورة، دون أن يفكروا: إلى متى؟
التضييق على أموال ما يسمى «حزب الله» ليس كل شيء، فهو يسيطر على مطار بيروت، وله قنوات في بعض الأجهزة التي تستطيع حماية طائرات «آيات الله» المحملة بالسلاح والمال، والتي لا تمر عبر المصارف اللبنانية.
شفافية زعيم الحزب الإرهابي في إعلانه العمالة المباشرة لإيران، التي يفخر بها، وسبق أن أعلن وهو في ريعان شبابه، أنه يرى لبنان جزءًا من الجمهورية الإسلامية الإيرانية الكبرى، تعتبر فرصة مباشرة للمؤسسات الإعلامية اللبنانية لبدء حملات توعية لشباب الجنوب اللبناني، للإفاقة من التغييب والتخدير الذي يعيشه بعضهم بفعل خطابات زعيمهم، الذي لا تهمه مصلحة لبنان، ولا ازدهار اقتصاده، ما دام أن حزبه يستطيع تهريب المخدرات وإرسال الشباب والمراهقين للقتال في حرب لا يملك حتى هو قرار المشاركة فيها أو الانسحاب منها.
بعض المؤيدين لحسن نصر الله، كانوا يقولون إنّ لقطة الفيديو التي تظهره يعلن أنه خادم لولاية الفقيه قبل عشرات السنين، كانت بسبب حماسته في شبابه، لكنه خذلهم أيضًا، فمن باع وطنه سيبيع عشيرته الأقربين، فها هو اليوم يقر وقد كسا الشيب شعره، أنه عميل، هكذا ببساطة، وبكل شفافية، وعلى مرأى من اللبنانيين، ومن العائلات التي خطف الجندي الإيراني حسن أبناءهم في وضح النهار ليرسلهم لقتال السوريين، بدوافع طائفية.
العميل «الشفاف» اعترف بأنه خسر مقاتلين في حلب، ثم تعهد بإرسال المزيد. غريب أمر عقلاء لبنان، الذين يفضلون الصمت على توعية الشباب الذين ينوي أمين ما يسمى «حزب الله» الزج بهم وحشدهم، ويخبرونهم بأن مستقبل البلد، واقتصاده، وصورته في أعين جيرانه، أهم بكثير من طاعة عميل، سترميه إيران متى انتهت منه.