جوسلين إيليا
إعلامية وصحافية لبنانية عملت مقدمة تلفزيونية لعدة سنوات في لندن وبيروت، متخصصة في مجال السياحة.
TT

"بريكزيت" عائلي

"البريكزيت" الذي عصف ببريطانيا وجعلها تخرج من القارة العجوز ليس هو النوع الوحيد من الانفصال، فقد يكون انفصالاً عائلياً أو أي نوع من الاستقلال.
عندما تصل العلاقات الى حائط مسدود يحدث أبغض الحلال، ولا أحد يمكنه أن يحكم على اثنين قررا بإرادتهما الانفصال أو اعتزال الحب.
أنا أتابع سيدة الاعمال وخبيرة التجميل جويل ماردينيان على شبكات التواصل الاجتماعي، ولكني لا أعلق، ولكن أقرأ التعليقات من المعجبين والكارهين والمرضى النفسيين، وأقول هذا لان هناك موجةً عالميةً وليست فقط في عالمنا العربي، موجةً مريضةً عبارة عن أناس معقدين وحاقدين لا عمل لديهم إلا تتبع الناجحين وكتابة التعليقات الحاقدة والسامة، وهذا ما أعتقد أنه حدث مع ماردينيان، والله أعلم، الأمر الذي جعلها تتفرغ لتصوير أكثر من مقطع على حسابها الخاص على "إنستاغرام" الحي لتؤكد أن علاقتها بزوجها السابق ووالد ابنها البكر لا تزال جيدة. وعندما كانت في زيارة عائلية اخيراً الى لندن التقت به برفقة زوجها الحالي وراحت تشرح أهمية المحافظة على العلاقات مع النصف الآخر بعد انتهاء العلاقة، على الاقل من أجل الاطفال.
وكم احترمتها عندما توجهت للقاء والدها برفقة زوجته وأمها وقالت امام الكاميرا: لن تصدقوا بأن أمي هي الصديقة المفضلة لدى زوجة والدي". وأنا أحيي جويل وكل المتحضرين الذين يتمتعون بالحنكة والذكاء للمحافظة على العائلة مهما حل بها، وكم هم مرضى الذين علقوا على صور ماردينيان وهي تحتفل بعيد زواجها الثامن من زوجها الحالي مما طرح أسئلة لدى الباغضين عندما كتبوا كيف يمكن ذلك وابنها البكر في عمر المراهقة؟
القصة ليست قصة جويل، إنما قصة كل من يضطر الى اللجوء لتفسير قضاياه الشخصية فقط لاسكات العاطلين عن العمل والذين يعمي الحقد قلبهم ويسيطر عليهم عدم الرضا عن النفس وعدم التسامح مع الذات.
هناك تسمية لهؤلاء المرضى المتمرسين في التعليقات السامة على الانترت Internet Troll وهؤلاء يتقصدون إهانة أي شخص سعيد ويقومون بتحريض من هم مثلهم على شن أبشع حرب نفسية تكون نتيجتها وخيمة في بعض الاحيان، خاصة إذا كان الهدف فتاة أو صبياً في عمر الزهور.
في أوروبا نسمع الكثير من القصص التي لا يرضى الاهل بأن تبقى طي الكتمان عندما يفقدون فلذات اكبادهم بعدما يئسوا من الحياة وانتحروا لانهم لم يتحملوا قساوة هؤلاء المرضى، وكم أنا مقدرة لهؤلاء الذين يبكون بصمت على فراق أحبائهم ولكنهم لا يصمتون عن نشر الوعي فيما يخص استخدام الانترت الذي يعتبر سيفًا ذا حدين.
بعد يوم من مأساة ملهى رينا الليلي في اسطنبول ليلة رأس السنة الماضية، لم يتردد بعض المرضى من نشر حقدهم علناً ومن دون سبب، ولن أذكر اسم المريض النفسي اللبناني الذي كتب تعليقا أتحفنا به بالقول بأن الذين توفوا في الملهى الليلي يستحقون ذلك لانهم تواجدوا في مثل هذا المكان، ولن أعطيه الاهمية ولا أحد يجب أن يذكره لان اسمه يجب أن يدون في مزبلة التاريخ وإلا فيكون عاراً علينا.
وأنصحكم بقراءة مواقع متخصصة بالتفسير عن السيكولوجية الداكنة Dark Psychology فسوف ترون أشياء لم تخطر ببالكم لان العقل السليم والنظيف لا يفكر بطريقة العقول الحاقدة والسوداء.
أخيراً، الانترنت نعمة لأنه يجعلنا نتواصل ولكن إقطعوا الطريق على كل من يقلل من شأنكم ويتدخل في شؤونكم لان أي نوع من "البريكزيت " هو أمر خاص بل خاص جداً.