ليونيد بيرشيدسكي
TT

اللاعبون الكبار في الأزمة السورية

أغارت الطائرات السورية والروسية مؤخرا على المنطقة الريفية في محافظتي إدلب وحماة بأكثر من 150 طلعة. وكانت بلدة خان شيخون من بين البلدات التي تعرضت للقصف بالقنابل والصواريخ والقذائف التي سقطت على شكل كتل من اللهيب على المناطق المستهدفة، مما يسبب اندلاعاً فورياً للنيران فيها. وفي 17 أبريل الحالي، تعرضت البلدة ذاتها والمناطق المحيطة بها للمزيد من القصف الجوي. وفي 18 أبريل الحالي، تم استهداف جنوب محافظة إدلب مرة أخرى، على مسافة ليست بعيدة من بلدة خان شيخون، وأعلن عن مصرع عائلة بأكملها، مكونة من 9 أفراد. وفي اليوم نفسه، قصف النظام السوري المنطقة الشمالية لريف حماة، على مقربة أيضاً من خان شيخون، وأسقطت البراميل المتفجرة على إحدى البلدات التي تبعد مسافة 15 ميلاً منها.
لم يرد أي استخدام للأسلحة الكيماوية في تقارير عمليات القصف المذكورة، كما أن أعداد الضحايا غير معروفة على وجه التحديد، ولكن يمكن للمواد الحارقة والبراميل المتفجرة والصواريخ أن تلحق بالمدنيين الأضرار نفسها التي يلحقها القصف بالغاز السام. ولم تفلح الغارة الأميركية في ردع القصف المفرط على المناطق الجنوبية من محافظة إدلب وشمال حماة، وهي المناطق الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة المعتدلة، والجماعات المتفرعة عن تنظيم القاعدة الإرهابي. والنظام السوري الذي تكبد خسائر لا تكاد تذكر جراء القصف الأميركي بصواريخ توماهوك كروز، واصل أعماله المعتادة في محاولة استعادة الأراضي المفقودة، ولكنه يفعل ذلك الآن مع الرغبة الأكيدة في الانتقام.
ولم يتأثر الدعم العسكري الروسي للنظام السوري في المنطقة أيضاً. ففي مؤتمر صحافي عقد في 11 أبريل الحالي، صرح العقيد سيرغي رودسكوي بأن القوات الجوية الروسية تواصل دعمها للجيش السوري، وللميليشيات التي تقاتل تنظيم داعش الإرهابي و«جبهة النصرة»؛ وجبهة النصرة هو الاسم القديم للتنظيم الموالي لـ«القاعدة» المنتشر في محافظة إدلب.
من جانبه، واصل الجيش الأميركي الاهتمام بأولوياته الخاصة في سوريا. وفي 18 و19 من أبريل الحالي، على سبيل المثال، نفذ الجيش الأميركي 21 غارة على سوريا، وكلها ضد أهداف لتنظيم داعش الإرهابي، بعد تعهده بالقضاء التام على تنظيم داعش. ومن الواضح أن الولايات المتحدة قد صعدت من جهودها صوب هذا الهدف، وقامت بتنفيذ المزيد من الضربات الجوية في سوريا، وتسببت أيضا في سقوط ضحايا مدنيين.
بعبارة أخرى، منذ إصدار الأمر بضرب قاعدة الشعيرات الجوية، واصل اللاعبون الكبار في الأزمة السورية تنفيذ أعمالهم كالمعتاد، وكأن شيئاً لم يحدث. ومما يبعث على الارتياح أن هذا العمل العسكري لم يسفر عن مواجهة مباشرة بين الجيشين الروسي والأميركي، ولكن بعد ذلك، لا تزال أولويات الفريقين متسقة بخصوص تنظيم داعش الإرهابي. ولقد لوحظ أن الرئيس ترمب على استعداد للذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك للدفاع عن خطوطه الحمراء بأكثر مما صنع باراك أوباما من قبل.
وباعتبار الهجوم الصاروخي أحد أعمال السيد ترمب المعتادة، فإنه قد حاز النجاح بكل براعة. حيث يناضل المحللون لقراءة ترمب بدلاً من الاستهانة به. وهو ينال الإشادة والثناء من الناس الذين اعتادوا انتقاده فيما سبق، بما في ذلك المساعدون السابقون في إدارة الرئيس أوباما. أما بالنسبة لقاعدة الناخبين، فهناك كثير من الوقت حتى موعد الانتخابات التالية للشعور بالقلق حول هذا الأمر.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»