مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

عظم الله أجركم: الميت حي

نحن نخاف من الموت لأننا لم نجربه بعد، ولو أن الجنين وهو في رحم أمه يفكر، لأصابه الرعب لمجرد ولادته وقدومه للحياة، ولو لم يكن هناك موت في الحياة، لأصبحت مملة كالسجن المؤبد.
ومقالتي اليوم من أولها إلى آخرها كلها عن الموت، وكأنني أبشر القراء بقرب رحيلي الذي أنتظره بفارغ الصبر.
وأبدأها بأخطاء المستشفيات والأطباء:
فحسبما ذكرت صحيفة «ميرور» البريطانية، أخبرت العائلة بوفاة قريبتهم إثر إصابتها بجلطة دماغية بعد أيام قليلة من دخولها المستشفى، وبدأ أبناء السيدة ترتيبات الجنازة، وفي يوم الجنازة وجدوا سيدة أخرى داخل النعش، فهرعوا إلى المستشفى ليجدوا والدتهم لا تزال على قيد الحياة.
وقد اعترف مديرو المستشفى بأن هناك خطأ قد حدث، بكتابة اسم (ماريا) على شهادة وفاة امرأة أخرى كانت قد ماتت أثناء إجرائها عملية جراحية.
وإليكم غلطة أخرى: تسبب إهمال طبيب ألماني في إرسال سيدة حية إلى ثلاجة الموتى ظناً منه أنها قد ماتت، وتم استدعاء أقارب السيدة لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليها قبل أن تنقل إلى المشرحة، ولكنها في المساء استيقظت وطلبت المساعدة حتى سمع متعهد الدفن صرخاتها، وتم نقلها إلى المستشفى.
وأكدت السلطات الألمانية أن الطبيب، وهو من ولاية (نورث راين - فيستفاليا)، سيواجه المحاكمة بتهمة الإهمال.
حتى حفار القبور أو الحانوتي أو «القبرجي» لم يسلم من ذلك عندما أصيب متعهد الدفن في ألمانيا بالرعب وسقط فاقداً للوعي، بعد أن فتحت عجوز، يفترض أنها ميتة غطاء التابوت وفتحت عينيها، ثم سألته أين أنا؟!
ومما جاء في الصحف، فإن الرجل تعرض لصدمة عصبية، وبعد استعادته وعيه وجد السيدة ما زالت في التابوت وكانت عيناها مفتوحتين.
وبعد أن استجمع الرجل قواه، اتصل برجال الإسعاف الذين جاؤوا إلى المكان، وقاموا بنقل العجوز إلى المستشفى، في حين تم إبلاغ أسرتها على الفور بأنها ما زالت على قيد الحياة.
أما الرجل (المروق) الذي دخل مزاجي فعلاً، هو رجل (سكرجي) أفرط في الشراب، وسقط في الحانة مغمى عليه، واستدعوا الطبيب على عجل، وعندما كشف عليه أكد لهم أنه مات، ونقلته الإسعاف إلى ثلاجة المستشفى، وفي الهزيع الأخير من الليل سمع حارس الثلاجة ضجيجاً منبعثاً منها، وعندما فتحها وجد الرجل جالساً القرفصاء ويرتجف من شدة البرد، وطلب منه (بطانية).
الخلاصة: بعد كتابة المحضر، ارتدى (أخونا في الله) ملابسه وخرج، ولم يرده غير الحانة ليكمل سهرته و(يقعب) - أي يشرب - مزيداً من السكار، ولسان حاله يقول: (وداوني بالتي كانت هي الداء).