مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

للمرة الألف نحن ننادي

يا ما حكيت ويا ما شكيت إلى أن كاد يبح صوتي، ويا ما كتبت ويا ما سطرت إلى أن كاد يجف قلمي: من كثرة المبالغة غير المستساغة بارتفاع أصوات الميكروفونات في المساجد – خصوصاً أوقات صلوات (التراويح) في هذه الأيام.
ولكي أريح قلمي قليلاً وأحافظ على البقية الباقية من حبالي الصوتية، أستعين بمثال كتبه الأستاذ (سعود الشهري) في صحيفة (الوطن) السعودية وجاء فيه:
أصدرت وزارة الشؤون الإسلامية والإرشاد في 11 من مايو (أيار) لهذا العام، تعميما يقضي بمنع استخدام مكبرات الصوت في المساجد أثناء أداء صلاة التراويح، تجنبا لاختلاط أصوات المساجد ببعض نظرا لتقاربها، وكذا درءا للتشويش الحاصل على المصلين وقتل خشوعهم.
والغريب أنك لا تكاد ترى مسجدا واحدا من 94 ألف مسجد التزم هذا التعميم!
والحق أن هذا التعميم كان صائباً جداً، لأنه علاوة على تشويش خشوع المصلين في المساجد الأخرى، فإن هناك من المسلمين من تحكمه ظروفه فلا يؤدي صلاة التراويح لحالات إما صحية أو اجتماعية أو ظروف عمل أو غير ذلك.
كما أن الباعة والمتسوقين في الأسواق يستحيل أن يبقوا منصتين لتلاوة الذكر الحكيم كما أمر الله بذلك عند قراءته في المكبرات، وذلك لانشغالهم بأمور البيع والشراء وغير ذلك من مباحات الحياة وضرورياتها، فهنا يوضع الناس في حرج بين الاستماع والإنصات أو ممارسة حياتهم!
وزاد على ذلك أن مكبرات المساجد يتحكم فيها بلا معيار أو مرجع أئمتها ومؤذنوها – انتهى.
الأمر الذي يثير استغرابي أن (الوزارة) تصدر التعاميم تلو التعاميم، ولكن (لا حياة لمن تنادي)، ويبدو لي – والله أعلم – أن آذان بعض القائمين على المساجد ممتلئة بالطين والعجين، وأكثر ما يفعلونه هو (الطناش).
وهذه الظاهرة ليست منتشرة عندنا فقط، بل إنها منتشرة في بعض البلاد كذلك ومنها (مصر) الشقيقة، وها هو الشيخ (محمد البسطويسي) نقيب الأئمة والدعاة بوزارة الأوقاف يقول:
إن قرار الوزارة بمنع استخدام مكبرات الصوت أثناء صلاة التراويح، ليس بدعة، فهو قرار يصدر كل عام.
وتابع: صلاة التراويح سنة، والنبي حينما كان ينظر للصحابة وهم يصلون، وجد (أبو بكر) يصلي بصوت خافض، وعلل ذلك بأنه يناجي الله، ووجد عمر بن الخطاب يصلي بصوت عالٍ، وعلل بأنه يُذهب الشيطان عن صلاته، وطالبهما النبي بالتوسط، مشيراً إلى وصف الشيخ (الشعراوي)، لاستخدام مكبرات الصوت في الصلوات، بأنها باطلة وتؤدي بصمم في آذان الناس – انتهى.
عموماً الكرة ما زالت في ملعب وزارة الشؤون الإسلامية، ونحن جميعاً ننتظر الرد أو الاعتذار (بقلة الحيلة).