إميل أمين
كاتب مصري
TT

ابن سلمان... طريق المملكة الصاعد

تبقى المملكة العربية السعودية تدهش العالم من حيث تماسكها الداخلي ووحدتها العضوية منذ زمن المؤسس الأول المغفور له - بإذن الله - الملك عبد العزيز، وصولاً إلى تعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد.
تمضي المملكة عبر عقود طوال في طريق البناء والنماء، من خلال وحدة الهدف والتوجه الاستراتيجي، الذي يحفظ للقيادة والشعب تلاحمهما الخلاق، ويتجلي الانتصار الداخلي بنوع خاص في لحظات التغيير المصيرية.
جاء قرار خادم الحرمين الملك سلمان بتعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد في توقيت مفصلي لا للمملكة فحسب، بل للخليج العربي والشرق الأوسط بوجه عام، وهو تغيير محمود ومطلوب لمجابهة التحديات ومواجهة الصعوبات الإقليمية والدولية من جهة، ولتحقيق الأحلام لأجيال المملكة الناهضة من جهة ثانية.
تصف وسائل الإعلام العالمية الأمير محمد بن سلمان بأنه رجل صاحب رؤية، وصانع واقع حال وساعٍ في طريق استقبال جديدين، وهذا أبداً ودوماً ديدن القادة والزعماء المتميزين.
لم يكن الأمير محمد بن سلمان حالماً في فراغ يوماً ما، لكن صاحب الأمل عنده العمل، ومهّد لتحقيق الأحلام بالخطط الاستشرافية، وكأني به يمتثل لما قاله الكاتب المسرحي الكبير الأميركي آرثر ميللر ذات مرة من إن «الأمم تنهض بنهضة أحلامها».
كان التساؤل المطروح ولا يزال... «كيف للمرء أن يجد دالة على السياسة والاقتصاد، على الأمن والاجتماع معاً، وهي مفردات ربما يرى البعض أن الاهتمام بأحدها يعطل النظر إلى الآخر؟
الجواب يوجد عبر سطور مجلة «بلومبيرغ بيزنس» ذائعة الصيت، عن المحدث الجديد للمملكة في حاضرات أيامنا، فـ«محمد بن سلمان» رجل من النوعية التي قال عنها المفكر العروبي الكبير الكواكبي... «رجال يفكرون بعزم ويعملون بحزم، ينبّهون الناس ويرفعون الالتباس، ولا ينفكون إلا بعدما ينالون ما يقصدون».
نيل المطالب عند ولي العهد الجديد طريقه العمل الدؤوب لمدة ست عشرة ساعة يومياً، عمل ممزوج بمخاطبة زعماء وعظماء التاريخ عبر أوراق الكتب والكتابات، فالأمير الشاب قارئ متميز لكتابات رئيس الوزراء البريطاني الشهير الراحل ونستون تشرشل، ولهذا تبدو خطوط السياسة بالنسبة له واضحة، ولا سيما في منطقة يخشى المرء فيها من الأعداء تارة، ويتحسب لبعض الأشقاء الخارجين عن الصف تارة أخرى.
ولعل الذين تابعوا الدور القيادي والريادي للأمير الشاب في عملية عاصفة الحزم أدركوا أن وراءها عقلاً درجة استيعابه للمواجهات العسكرية عالية جداً، وهذا أمر طبيعي على الرجل الذي يستلهم خططه العسكرية من كتابات فيلسوف الصين العسكري الأشهر صن تسو، وبنوع خاص كتابه عن «فن الحرب».
يأتي الأمير محمد بن سلمان من خلفية دارس للقانون، وعليه يعلم علم اليقين الأهمية الفائقة للمجتمعات التي تسودها روح القانون وفيها الجميع بشر متساوون أمام الله وأمام الشرع في الحقوق والواجبات.
خلال العالم المنصرم أثبت الأمير الشاب أنه رجل دول من طراز فريد؛ الأمر الذي تجلى بصورة مشرقة في الجولات الخارجية التي قام بها إلى عوالم وعواصم الغرب، وبنحو خاص في الداخل الأميركي الذي كان لا يزال يعيش واقعاً مأزوماً من جراء ثماني سنوات عجاف، وراء قيادة باراك أوباما الذي تسبب في الكثير من الآلام للشرق الأوسط، وللخليج العربي على نحو خاص.
يمثل الأمير محمد بن سلمان عنواناً واضحاً للمملكة في القرن الحادي والعشرين، ومن هنا يفهم المرء لماذا وصف كل من قابلهم من رجالات الكونغرس والسياسة، المال والاقتصاد، الإعلام والثقافة، المملكة العربية السعودية بأنها «حليف مهم»، على مدى العقود، بل إن رجل مثل السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، أحد النافذين على صعيد الحياة السياسية والبرلمانية الأميركية، اعتبر أن بن سلمان يعد بمثابة المستقبل المشرق للسعودية؛ ما يعني أن الزيارة كانت بمثابة إطلاق بوق القرن الذي يؤذن بمولد قيادة سعودية شابة متغيرة ومتجددة تنظر للعالم وإشكالياته الحاضرة والمستقبلة من خلال منظور جيوسياسي واقعي، وليس من خلال التلاعب على المتناقضات، بل من خلال استغلال الوقت القيم وضبط المسافات بين الأمم والشعوب من جهة، وبين مصالح المملكة وشعبها من ناحية ثانية.
لا تعتاش الشعوب في القرن الحالي على الآيديولوجيات السياسية أو النظريات الفكرية، بل على الإمكانات والفرص الاقتصادية والوظيفية الممكنة والمتاحة؛ ولهذا فإن وصف بن سلمان بأنه أمل الشباب، هو وصف لا مغالاة فيه ولا مزايدة، وعلى غير المصدق مراجعة أوراق خطته الطموح المعروفة بـ2030، التي تتصل بما يسمى في العالم المتقدم باقتصاد الابتكار وأفكاره الآتية من خارج صندوق التقليد الممجوج.
أحلام بن سلمان تجعل من الاقتصاد عصاة للاتكاء لا للاتكال، بالنسبة للأجيال السعودية الشابة، تغنيها عن التبعية للقوى السياسية الكبرى أو السير في فلكها.
عندما تحدث الأمير محمد عن رصد تريليوني دولار لمشروعات استثمارية جديدة تكفل استقلال وحرية القرار السياسي للمملكة، كان الطريق إلى عالم تحقيق الأحلام قد بدأ قولاً وفعلاً.
محمد بن سلمان في كلمات قليلة... رجل في كل شيء.