عبير مشخص
صحافية وكاتبة سعودية في مجال الفنون والثقافة
TT

هل ضقنا بالأرض أم ضاقت بنا؟

منذ فترة ووكالة "ناسا" الفضائية تتحدث عن البحث عن الحياة على الكواكب الأخرى، وأخيرا كشف علماؤها عن 10 كواكب قد تكون مماثلة تقريباً لحجم ودرجة حرارة الأرض، مما يعزز فرص وجود حياة عليها.
وفي فيلم وثائقي تناولت محطة "بي بي سي" موضوع محاولات إرسال البشر لزيارة الكواكب الاخرى، وأثارت الأسئلة موضوعا مهما هو لماذا نحتاج للتفكير في العيش على كوكب آخر؟ وهل ضقنا بالكرة الأرضية أم هي التي ضاقت بنا؟ أعتقد أنها الثانية، الأرض تحملت الكثير من خطايا البشر وإسرافهم وستتحمل أيضا عدم رغبتهم في إصلاح ما دمروه، ومحاولتهم للهرب منها.
قال العالم البريطاني ستيفن هوكنغ مؤخرا «أنا مقتنع بأنه يجب على البشر مغادرة الأرض، حيث انها ستصبح صغيرة جداً بالنسبة لنا، كما يجري استنزاف الموارد الطبيعية بمعدل ينذر بالخطر". وقال العالم الشهير إن على البشرية بدء الهجرة من الأرض في السنوات الـ30 المقبلة لإقامة قاعدة على سطح القمر، وتوقع إقامة قاعدة أخرى على سطح المريخ خلال 50 عاما، كما دعا إلى إرسال عينات من بعض النباتات والحيوانات والفطريات إلى هناك. كلام هوكنغ هو جزء من الخيال العلمي، ولكنه أيضا استراتيجية تتطور بهدوء. شاهدنا على سبيل المثال في فيلم "المريخي"، الممثل مات ديمون وهو بشخصية رائد الفضاء الذي ترك وحيدا على المريخ وبدأ في العمل على زراعة النباتات وتقطير المياه ليستطيع الحياة. قد يكون الفيلم نتاج خيال المؤلف ولكنه أيضا موضوع يثيره العلماء دائما.
في فيلم رسوم متحركة أنتج من سنوات قليلة بعنوان "واللي" يترك البشر الأرض بالفعل ويقيمون قواعد على كوكب آخر، يتركون الأرض وهي محملة بالمخلفات فيقوم جهاز آلي "واللي" بجمعها، حتى يجد حذاء قديما وقد نما داخله فرع نبات وحيد. في نهاية الفيلم تصبح النبتة هي الجاذب الوحيد للبشر للعودة وإعمار الأرض مرة أخرى. الفيلم المصنوع بجمال ورقي وأيضا بفكاهة جميلة، لم يكن يدور في الفراغ ولا في عالم الخيال، فهذا هو حال الأرض الآن وأصبح البشر يفكرون في هجرتها بعدما دمروا بيئتها، وتسببوا في اندثار سلالات من الحيوانات وتلويث المحيطات وذوبان الجبال الثلجية.
هل سنذهب لنعيش على القمر ونصبح كمن "خربها وقعد على تلها؟ الفارق بيننا وبين المثل الشعبي هو أن البشر "خربوا" الأرض ولم يقعدوا على تلها بل خططوا لتركها لمصيرها والعبث بكواكب أخرى.