د. جبريل العبيدي
كاتب وباحث أكاديمي ليبي. أستاذ مشارك في جامعة بنغازي الليبية. مهتم بالكتابة في القضايا العربية والإسلامية، وكتب في الشأن السياسي الليبي والعربي في صحف عربية ومحلية؛ منها: جريدة «العرب» و«القدس العربي» و«الشرق الأوسط» اللندنية. صدرت له مجموعة كتب؛ منها: «رؤية الثورات العربية» عن «الدار المصرية اللبنانية»، و«الحقيقة المغيبة عن وزارة الثقافة الليبية»، و«ليبيا بين الفشل وأمل النهوض». وله مجموعة قصصية صدرت تحت عنوان «معاناة خديج»، وأخرى باسم «أيام دقيانوس».
TT

قطر ووهم الاستقواء

قطر وقعت في مستنقع العناد والمكابرة، والاستقواء بالأجنبي وهماً وظناً أنها الحماية المستدامة، في استفزاز صريح لدول الجوار والعرب جميعاً.
التوهان والغيبوبة السياسية كانت واضحة في تصريحات وزير الخارجية القطري في قوله: «لسنا مستعدين للاستسلام... وإن القوات التركية القادمة لقطر هي لمصلحة أمن المنطقة بأسرها»، وتؤكد مدى الرؤية القاصرة ولغة التحشيد والمكابرة والعناد، والهروب إلى الأمام، والتجاهل التام أو الجهل بحجم الأزمة والفشل في استقراء جدية التحرك العربي لكبح جماح العدوان القطري، الذي تسبب في ضرر بالغ لقطر ولجيران قطر، التي أصبح فيها النظام القطري معزولا نتيجة لأعمال العبث وتمويل الإرهاب واحتضان قياداته، وزعزعة استقرار المنطقة، حتى أصبح النظام القطري عبئاً كبيراً حتى على داعميه بالحماية مثل الأميركان، فرغم وجود مئات الطائرات الأميركية والآلاف من الجنود الأميركان في قاعدة العديد، فإن النظام القطري وجدها غير كافية للاحتماء بها، خاصة بعد توجه إدارة ترمب ورفضها لسياسة قطر الداعمة للتنظيمات الإرهابية، فقد سمعنا وقرأنا تصريح الرئيس ترمب الذي قال فيه بالحرف الواحد إن «قطر كانت تاريخياً ممولة للإرهاب على أعلى مستوى، وقد حان الوقت أن تنهى قطر تمويل الإرهاب»، تصريحات جاءت بعد تغريدة لترمب بالقول «خلال زيارتي للشرق الأوسط أكدت ضرورة وقف تمويل الآيديولوجية المتطرفة والقادة أشاروا إلى قطر – انظر!» مما دفع النظام القطري إلى اللجوء إلى أنقرة.
الاستقواء القطري هذا لن يقدم شيئا لقطر، بل سيجعلها في عزلة أكثر ما هي عليه الآن، وخاصة أن لا نية لدول الخليج في تغيير النظام القطري بالقوة، ويبقى ذلك شأنا قطرياً خالصاً، ولكن تغيير سلوكه الذي أصبح غير ممكن التعايش والتعاطي معه إلا من خلال المقاطعة السياسية والاقتصادية دون الإضرار بالشعب القطري، حتى يعود النظام القطري إلى رشده، ويترك العناد والمكابرة وتسطيح الأزمة.
لقد كان البيان المشترك للدول العربية الأربع، والذي صدر منذ مدة، خطوة جادة في مكافحة الإرهاب وتطبيقاً عملياً لمقررات قمة الرياض، وقد تضمن تصنيف (59) فرداً و(12) كياناً في قوائم الإرهاب المحظورة، شمل مفتى الإخوان القرضاوي وصادق الغرياني المتلبس بشخصية حسن نصر الله وتزعمه ميليشيات تحاكي «حزب الله»، منها سرايا الدفاع عن بنغازي التي جاء ذكرها في قوائم الإرهاب، والتي تتلقى الدعم والتمويل والأسلحة من قطر بشكل مباشر، عبر طائرات شحن قطرية كانت تتخذ من قاعدة الجفرة الليبية في الجنوب مهبطا لها قبل أن يحررها الجيش الليبي.
الأزمة القطرية، المسؤول عنها النظام القطري نتيجة عبثه، ستشهد تصعيداً ما دام النظام القطري يقرأ ويتعاطى مع الأزمة بالمقلوب، مع كثير من التسطيح، ولقد استبق النظام القطري جهود التهدئة بوضع العصا في تروس العجلة وبوضع العربة أمام الحصان، بدلا من السعي لتسهيل مهمة أمير الكويت للوساطة، بل وتجاهل قائمة الإرهاب التي صدرت في بيان مشترك لأربع دول عربية ووجدت صدى وتأييداً دولياً وعربياً كبيراً، مما يعنى أن الحكمة لا تزال غائبة وبعيدة المنال في الدوحة.