مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

«سي إن إن»... واحد ـ صفر لترمب!

لا يوجد رئيس أميركي، حاربته الميديا الأميركية، المتياسرة، مثل الرئيس الحالي دونالد ترمب، ولا حتى جورج بوش الابن.
الحرب عليه بانت منذ أن اتضح أنه «بلدوزر» السباق الانتخابي، سواء داخل الجمهوريين أو أمام كل الأميركيين، بعد أن كان مادّة للتندر والسخرية، لدى عتاة الليبراليين، المتياسرين، من مجتمع الصحافة وهوليوود.
من أبرز المنابر الإعلامية التي آلت على نفسها محاربة ترمب، وليس فقط نقده، محطة «سي إن إن» الشهيرة.
الحرب بين الرئيس ترمب وإدارته وأنصاره، وبين هذه المحطة، حرب عوان أشهرت فيها كل الأسلحة.
غالبية الميديا الأميركية، وإلى حدّ ما، الأوروبية، مثل «بي بي سي» و«دي دبليو» الألمانية، و«فرانس 24» الفرنسية، ذات هوى يساري، معاد بطبيعته لليمين والمحافظين، وفي قمة هؤلاء الرئيس الأميركي ترمب.
هذه آلة جبارة، تتقن «تنميط» الشخصيات، واحتكار تفسير الأحداث، والاغتيال «المعنوي» للشخصيات المراد صيدها، عبر التعليقات والرسومات وبرامج «الشو» الكوميدية.
ترمب صلب الإرادة، وقرّر عدم الخضوع «للتنّمر» الإعلامي عليه، لأنه يعلم الأجندة التي تحرّك هؤلاء، ويعلم أن الآفل باراك أوباما، كان هو أكثر رئيس أميركي، الميديا الأميركية كانت رفيقة حنونة معه!
قبل أيام وقعت محطة «سي إن إن» في حفرة من حفرها التي حفرتها لترمب، فقد أعلنت فصل، هي تقول قبول استقالة، 3 من أبرز صحافيها، بسبب تقرير زائف عن روسيا وترمب. أحد هؤلاء المفصولين، محرّر وحدة الصحافة الاستقصائية «إريك ليكتبلاو»، كان قد حصل على جائزة «بوليتزر» المرموقة بالمجال الصحافي.
ترمب علّق، من منبره الأثير، «تويتر»، على الخبر على طريقته، فقال: «واو! (سي إن إن) سحبت تقريراً كبيراً عن روسيا، وأجبرت 3 موظفين على الاستقالة. ماذا عن كل تقاريرهم الزائفة الأخرى؟... أخبار كاذبة!».
وفي وقت سابق كان الرئيس ترمب، ونجله دونالد جونيور، وصفا المحطة التلفزيونية الشهيرة بـ«محطة الأخبار الزائفة».
المشكلة ليست في الانتماء السياسي لليسار أو لليمين أو للوسط، هذه حريات وأمزجة ومصالح وتربية، المشكلة هي حين ينساق الصحافي، تحت حرارة هذا الانتماء، لنسيان المعايير المهنية.
يعني مثلاً، كلنا نعرف أن محطة «الجزيرة» القطرية، ومن يحالفها من إعلام الإخوان والخمينية واليسار، كلهم يروجون الرواية القطرية، حول أزمة قطر. وكلنا يعرف أن قناة «العربية» و«سكاي نيوز العربية»، مثلاً، ضد هذا المعسكر الإعلامي. لكن في وطأة النزال الإعلامي لا يجوز «دوس» الصنعة الإعلامية في الطريق! فالانتماء السياسي ليس المشكلة «الرئيسية» بل الكذب والتدليس. الهوى يعمي ويصم... هذه خلاصة حكاية التقرير الروسي المسحوب.