خالد القشطيني
صحافي وكاتب ومؤلّف عراقيّ
TT

ما يحمله الإهداء من أصداء

إصدار كتاب فرصة مواتية تذكّر الكاتب أو الشاعر بأصحابه عندما يهديهم كتابه. وتصبح المناسبة فرصة يعبر فيها عن عواطفه تجاههم في إطار عبارات الإهداء، وكذلك تكون ميداناً يستعرض فيه الكاتب أو الشاعر أفكاره عن كتابه وما ينتظره منه. إنها فرصة نادرة لصاحب الكتاب.
بيد أن الدكتور يوسف عز الدين، رحمه الله، لم يستغل هذه الفرصة في إهداء كتابه «أشعار المحبين» إلى صديقه الأديب عبد الهادي الفكيكي. أرسله له من دون توقيع ومن دون إهداء. صم بكم! فاستاء الفكيكي من هذا الإغفال، وعدّه إشارة جارحة. وبث شكواه برسالة بعث بها قائلاً:
«اعتاد أستاذنا الدكتور يوسف عز الدين إرسال إنتاجه إلى محبيه، غير موشح بتوقيعه أو بأي عبارة إهداء كما اعتاد المؤلفون. وكان آخر ما حمله إلينا شقيقه الأخ الأديب عبد الرزاق السامرائي من شعر أبي أسيل همزيته الرائعة (ليس يدري مصيره). لكنها وصلتنا - كما عودنا - من دون إهداء».
الحقيقة أن النسخة التي وصلت لي من صديقنا «أبي أسيل» من كتاب «أشعار المحبين»، وصلت وهي تحمل توقيعه وإهداءه. ولا أقول ذلك لإضرام نيران فتنة بين الطرفين. وقد أثار هذا الإغفال من جانب الدكتور يوسف عز الدين حفيظة صديقه فبعث إليه بقصيدة عتابية أقتطف منها هذه الأبيات:

عزيزي أصبح الإهداء عرفاً
إذا أهدى مؤلفه الكتابا
ولكني رأيتك لا تبالي
لذاك جاء تقريظي عتابا
فلو وشحته بجميل خط
حلا فيه يراعكم وطابا
وإهداء لأصبح خير ذكرى
وفي «شعر المحبين» الربابا
يغنيكم عليها كل خل
قصائد في نتاجكم رطابا

ويمضي الشاعر فيقف على أبواب المأساة العامة التي تحز في نفسه، فلا يجد غير مناجاة الصديق ملاذاً منها، فيخاطب ذاك الصديق قائلاً:

فقد أضحى الذي سرنا عليه
وما كنا فديناه... سرابا
وأمست وحدة العرب انقساما
وأضغاثاً وأقوالاً كذابا
كأنا قد سرينا نحو روض
فألفينا جنائنه يبابا

ويعود الأخ الفكيكي إلى ما بدأ به من عتاب وقد أوجس وقيعة وشغباً في إشارتي إلى تسلمي نسخة من ذلك الكتاب مهداة باسمي وبتوقيع المؤلف، فعاد وأعاد الكرة بأبيات عتابية جديدة؛ حيث قال:

لا لن تغيظني يا مشاغب
إني عن الأعداء راغب
إن كنت تشهد كاتباً بالعدل
إني مشهد عشرين كاتب
لكنني أستغرب «الإهداء»
يكتبه لصاحب دون صاحب
أخي «خالد» لا تحكم
كاتباً بالعدل إني لست كاذب
لا عدل في هذا الزمان
العدل عند الحكم غائب
السر يا خالد إذن
الخوف من عين «المراقب».