مشعل السديري
صحافي وكاتب سعودي ساخر، بدأ الكتابة في الصحف السعودية المحلية، ثم في صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية، تتميز كتاباته بالسخرية اللاذعة، ويكتب عموداً ثابتاً في «الشرق الأوسط».
TT

أي أمل وأي مستقبل؟

تذكرت المثل المصري القائل: «اللي عنده فلوس تحيّره، يشتري حمام ويطيّره»، وذلك عندما قرأت في وسائل الإعلام عن رجل كويتي رمز لاسمه بـ«عبودكا»، وذلك عندما تسبب في خروج آلاف الشباب في طقس شديد الحرارة وأثناء الصوم، للبحث عن «كنز» مزعوم، ففي سبيل تحقيق شهرة وزيادة متابعين له، أعلن الرجل عبر حسابه على «تويتر» دفنه مبلغ 100 ألف دولار أميركي في البر.
ورصدت لقطات مصورة توافد آلاف الشباب إلى المنطقة بمعاولهم بحثاً عن «الكنز»، ما أوقع مشاجرات بين بعضهم.
ولا أستبعد أنه قد قرأ عن مليونير أميركي مخرف، وأراد أن يقلده، وذلك عندما أخفى أوراقاً نقدية في أماكن مختلفة في مدينة سان فرنسيسكو، ثم أعلن في مدونته على «تويتر» أين يمكن العثور عليها.
وحاول كثير من الناس العثور على الأوراق النقدية التي يخفيها المليونير المجهول في أماكن مختلفة من المدينة؛ على الشاطئ، وفي المقاهي والمتنزهات والحدائق، وحتى في محطات الوقود، ومن ثم يلمح لهم إلى أماكنها بواسطة الصور والألغاز.
وأهبل من الاثنين رجل فرنسي دخل إلى كازينو قمار في الأوروغواي، وضرب معه الحظ وكسب مئات الآلاف من الدولارات، وخرج وهو يترنح من شدة السُكر، وعندما دخل غرفته خرج إلى الشرفة وأخذ يصيح ويرمي بالنقود على المارة الذين تهافتوا على التقاطها وجمعها، ما أحدث فوضى وخناقات إلى درجة أن حركة السير في الشارع قد توقفت تماماً، ما استدعى الشرطة أن تتدخل، غير أن المخجل أن رجال الشرطة أنفسهم بدلاً من أن يوقفوا هذه الفوضى ويفتحوا الشارع، إذا بهم هم أيضاً يتكالبون على التقاط النقود، فيما كانت تتعالى ضحكات ذلك السكران وهو يلتقط الصور للجميع. وفي النهاية قبضوا عليه وأدخلوه السجن.
أما الهبالة الحقيقية التي ليس لها حل، فهي ظاهرة ما يسمّى «التنقيط» عند «بني يعرب»، وذلك عندما يلعب «الراح» برؤوس بعضهم في مسارح الملاهي، فيمطرون المغنيات والراقصات بالنقود بكرم حاتمي مقرف، وكل فئة منهم تريد أن تتغلب على الفئة الأخرى بهذا العبث المخجل.
وهذه الظاهرة لاحظتها منذ حقبة السبعينات، عندما كنت أدخل إلى أحد الملاهي – من أجل الفرجة لا أكثر ولا أقل - وما زالت الظاهرة مستمرة حتى عامنا هذا (2017)، وكأن الآباء قد ورثوها إلى أبنائهم، ولا أستبعد أن الأبناء سوف يورثونها إلى الأحفاد.
فأي أمل نرجوه، وأي مستقبل نتطلع إليه، وفي مجتمعاتنا مثل هذه النماذج؟!
ملحوظة: لكي لا أكون مثالياً أكثر من اللازم، فإنني أعلن أن هناك مبلغاً محترماً قد دفنته وأخفيته في منطقة ما بين جدة ومكة، والشاطر الذي يجده حلال عليه.