رئيس الأركان الإيراني يلوح باستهداف قواعد أميركا في المنطقة

حذر من تصنيف الحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية

رئيس الأركان الإيراني  محمد باقري أثناء تفقده قوات الحرس الثوري في الحدود الشرقية (تسنيم)
رئيس الأركان الإيراني محمد باقري أثناء تفقده قوات الحرس الثوري في الحدود الشرقية (تسنيم)
TT

رئيس الأركان الإيراني يلوح باستهداف قواعد أميركا في المنطقة

رئيس الأركان الإيراني  محمد باقري أثناء تفقده قوات الحرس الثوري في الحدود الشرقية (تسنيم)
رئيس الأركان الإيراني محمد باقري أثناء تفقده قوات الحرس الثوري في الحدود الشرقية (تسنيم)

لوح رئيس الأركان الإيرانية محمد باقري، أمس، باستهداف المصالح والقواعد والقوات الأميركية في المنطقة إذا ما أدرج «الحرس الثوري» الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية؛ وذلك خلال انتقاده مشروع قانون مجلس الشيوخ الأميركي تحت عنوان «مواجهة أنشطة إيران المهددة للاستقرار».
وقال باقري، خلال مؤتمر قادة القوات البرية في «الحرس الثوري» بمدينة مشهد شمال شرقي إيران إن «تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية وفرض عقوبات على الحرس الثوري على غرار المنظمات الإرهابية (خطر كبير للقوات الأميركية والقواعد والقوات المستقرة في المنطقة)»، منتقداً مواقف المسؤولين الأميركيين من إيران.
وطالب باقري القوات المسلحة الإيرانية بالحفاظ على الجاهزية لـ«مواجهة وإحباط»؛ ما وصفه بـ«التهديدات الأمنية المتطورة» التي تواجه بلاده.
من جانبه، أكد المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر، في مؤتمره الصحافي اليومي، أن الرئيس ترمب توصل إلى قناعة بأن الاتفاق النووي مع إيران كان «صفقة سيئة». فيما تداولت وسائل إعلام أميركية أن وزارة الخارجية ستصدر بياناً «في وقت قريب» يكشف ما إذا كانت إيران قد التزمت بشروط الاتفاق النووي أم لا؟
ووافق مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية ساحقة منتصف يونيو (حزيران) على تشريع قانون جديد تحت عنوان «مواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار 2017»، ويتطلع التشريع إلى جعل إيران تدفع ثمن «دعمها المستمر» للإرهاب، ويتوقع أن يجري الكونغرس الأميركي تصويتاً على التشريع قبل عرضه لتوقيع الرئيس الأميركي عليه ليصبح قانونا ساريا.
ويتضمن المشروع، أقسى حزمة عقوبات أميركية ضد الحرس الثوري الإيراني، من ثلاثة محاور على البرنامج الصاروخي الباليستي ونشاط «فيلق القدس» الذراع الخارجية للحرس الثوري. ويتيح القانون للإدارة الأميركية فرض عقوبات على أي شخص أو كيان يسهم مادياً في تطوير الصواريخ الباليستية وأسلحة الدمار الشامل في إيران، أو نقل معدات عسكرية محظورة والدعم المالي. كما يفرض عقوبات على قوات الحرس الثوري والميليشيات الأجنبية المرتبطة به، ومصادرة الأموال، وتجميد الأصول. إضافة إلى ذلك، يتيح المشروع فرض عقوبات ضد أي شخص قد تعتبره الخارجية الأميركية مسؤولا عن عمليات قتل خارج نطاق القانون، أو التعذيب، في إشارة صريحة إلى تفكير الإدارة الأميركية للتعامل بجدية مع انتهاكات حقوق الإنسان في إيران.
وكان القانون مقترحا منذ مارس (آذار) الماضي في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، لكن تقرر تأجيل التصويت بسبب الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي جرت مايو (أيار) الماضي.
وقال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، إن العقوبات الأميركية الجديدة «تخرق الاتفاق النووي». وكشفت لجنة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني عن مشروع في البرلمان يلزم الحكومة باتخاذ خطوات مماثلة ضد القانون الأميركي.
في إشارة إلى القانون، أوصى باقري أمس، المسؤولين الأميركيين بالحديث عن بلاده بطريقة «أكثر عقلانية ونضجاً»، مشدداً على أن البرنامج الصاروخي «غير قابل للتفاوض والمساومة على أي مستوى» حسب ما أوردت عنه وكالتا أنباء الحرس الثوري (تسنيم وفارس).
وكان وزير الدفاع الأميركي الجنرال جيمس ماتيس، قال في حوار الأسبوع الماضي، إن إيران «أكثر بلد مسبب لزعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط»، وجاء بعد أيام من تصريحات وزير الخارجية ريكس تيلرسون، دعا فيها إلى نقل سلمي للسلطة في إيران؛ مما أثار غضب المسؤولين الإيرانيين.
وكانت طهران أعلنت عن إطلاق 6 صواريخ باليستية الشهر الماضي على مواقع في دير الزور، بعد أقل من أسبوع على تمرير القانون في مجلس الشيوخ الأميركي. وشدد قادة الحرس الثوري على أن إطلاق الصواريخ يوجه رسائل خارجية؛ في إشارة إلى معارضة ضغوط تمارسها الإدارة الأميركية ضد البرنامج الصاروخي.
واعتبر باقري المشروع الأميركي لفرض عقوبات مشددة على الحرس الثوري ضمن «الحسابات الأميركية الخاطئة» في التعامل مع بلاده، مضيفاً أن البرنامج الصاروخي الإيراني له أبعاد «دفاعية».
ويأتي دفاع باقري عن الطبيعة الدفاعية للبرنامج الصاروخي الإيراني، في حين كشف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن إنشاء إيران مصانع للصواريخ بحلب قبل سنوات، وهي التي كانت المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول عسكري رفيع في إيران عن نقل تكنولوجيا صناعة الصواريخ إلى خارج الأراضي الإيرانية، من دون تحديد نوعية الصواريخ أو تاريخ الإنتاج.
وفي نهاية الشهر الماضي، قال مستشار المرشد الإيراني في الشؤون العسكرية، اللواء رحيم صفوي، إن صواريخ «حزب الله» جاهزة للإطلاق باتجاه إسرائيل، قبل ذلك في يونيو 2016. وقال الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله إن إيران تقدم للحزب الصواريخ كما تقدم الأموال. وتحول الموقف من برنامج الصواريخ إلى سجال داخلي في إيران، بعدما انتقد روحاني خلال حملته الانتخابية في مايو الماضي، استعراض الحرس الثوري للصواريخ الباليستية ما بين يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) 2016، بالتزامن مع دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ. الأسبوع الماضي، وفي تراجع ملحوظ من مواقفه السابقة، قال روحاني إن الحكومة تدفع ميزانية صناعة الصواريخ والقوات الإيرانية خارج الحدود.



ما مدى اقتراب إيران من امتلاك قنبلة نووية؟

مفتش من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» يُجري فحصاً بالمحطة النووية في «نطنز» يوم 20 يناير 2014 (أ.ف.ب)
مفتش من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» يُجري فحصاً بالمحطة النووية في «نطنز» يوم 20 يناير 2014 (أ.ف.ب)
TT

ما مدى اقتراب إيران من امتلاك قنبلة نووية؟

مفتش من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» يُجري فحصاً بالمحطة النووية في «نطنز» يوم 20 يناير 2014 (أ.ف.ب)
مفتش من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» يُجري فحصاً بالمحطة النووية في «نطنز» يوم 20 يناير 2014 (أ.ف.ب)

بمرور السنوات تتراجع أهمية الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران والقوى الكبرى في 2015 ويصيبه الوهن، فيما تقوم إيران بتوسيع وتسريع برنامجها النووي لتقليل الوقت الذي تحتاج إليه لصنع قنبلة نووية إذا أرادت، رغم أنها دأبت على نفي ذلك.

وقال قائد كبير بـ«الحرس الثوري» الإيراني، الخميس، إن طهران قد تُراجع «عقيدتها النووية» وسط التهديدات الإسرائيلية. وفي حين لم يتضح بالضبط ما الذي كان يقصده بقوله هذا، فإن هذا التعبير يشير فيما يبدو إلى دول تمتلك أسلحة نووية، على عكس إيران التي لا تملكها.

انهيار الاتفاق

فرض اتفاق 2015 قيوداً صارمة على الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الدولية. وخفضت الاتفاقية مخزون إيران من اليورانيوم المخصب، ولم يتبقَّ لها سوى كمية صغيرة بدرجة نقاء تصل إلى 3.67 في المائة، وهي نسبة بعيدة كل البعد عن درجة النقاء المستخدمة في صنع الأسلحة وهي 90 في المائة تقريباً.

منشأة «نطنز» النووية التي تبعد 322 كيلومتراً جنوب طهران (أ.ب)

وقالت الولايات المتحدة حينئذ إن الهدف الرئيسي هو زيادة الوقت الذي ستحتاج إليه إيران لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية، وهي أكبر عقبة في أي برنامج للأسلحة، إلى عام على الأقل، وفق وكالة «رويترز».

وفي سنة 2018، انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، من الاتفاق، وأعاد فرض عقوبات على طهران أدت إلى خفض مبيعاتها النفطية وألحقت الضرر باقتصادها.

وفي عام 2019، بدأت إيران في انتهاك القيود على أنشطتها النووية ثم ذهبت إلى مدى بعيد في تجاوزها. وتنتهك طهران الآن جميع القيود الرئيسية المفروضة بموجب الاتفاق، بما في ذلك أماكن التخصيب والآلات المستخدَمة فيه وإلى أي مستوى يمكنها تخصيب اليورانيوم، فضلاً عن كم المواد التي يمكنها تخزينها.

صورة التقطها قمر «ماكسار» للتكنولوجيا تُظهر عمليات توسع في محطة «فوردو» لتخصيب اليورانيوم بين أغسطس و11 ديسمبر 2020 (أ.ف.ب)

ووفقاً لأحدث تقرير ربع سنوي للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة التي تفتش منشآت التخصيب الإيرانية، فقد بلغ مخزونها من اليورانيوم المخصّب 5.5 طن في فبراير (شباط)، بعد أن كان قد تم تحديد سقف له عند 202.8 كيلوغرام بموجب الاتفاق.

وتخصّب إيران الآن اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 في المائة، ولديها كمية من المواد المخصبة إلى هذا المستوى تكفي، في حالة تخصيبها بدرجة أكبر، لصنع سلاحين نوويين، وفقاً للتعريف النظري للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

​ ويعني هذا أن ما يسمى «زمن الاختراق» بالنسبة إلى إيران، وهو الوقت الذي تحتاج إليه لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم لصنع قنبلة نووية، يقترب من الصفر، فقد يستغرق على الأرجح أسابيع أو أياماً.

وتفتّش الوكالة الدولية للطاقة الذرية مواقع التخصيب المعلَنة في إيران وهي محطة فوق سطح الأرض، ومحطة أكبر تحت الأرض في مجمع «نطنز»، ومنشأة أخرى داخل جبل في فوردو.

ونتيجة لتوقف إيران عن تنفيذ عناصر الاتفاق، لم تعد الوكالة قادرة على مراقبة إنتاج إيران ومخزونها من أجهزة الطرد المركزي، كما لم يعد بإمكانها إجراء عمليات تفتيش مفاجئة.

وأثار ذلك تكهنات حول ما إذا كان بإمكان إيران إنشاء موقع سري للتخصيب، ولكن لا توجد مؤشرات محددة على وجود مثل هذا الموقع.

إنتاج سلاح نووي

بغضّ النظر عن تخصيب اليورانيوم، هناك سؤال حول المدة التي ستستغرقها إيران لإنتاج الجزء الباقي من قنبلة نووية، وربما تصغيرها بما يكفي لوضعها ضمن منظومة إطلاق مثل الصواريخ الباليستية إذا أرادت ذلك. ويصعب تقدير ذلك لأنه من غير الواضح مدى المعرفة التي تمتلكها إيران.

وتعتقد أجهزة المخابرات الأميركية والوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران كانت تمتلك برنامج أسلحة نووية منسقاً أوقفته عام 2003، وخلصت الوكالة في تقريرها عام 2015 إلى أن إيران عملت على تطوير قطاعات من برنامج للتسليح النووي واستمر بعض العمل حتى أواخر عام 2009.

وتنفي إيران امتلاك برنامج أسلحة نووية على الرغم من أن المرشد الإيراني علي خامنئي قال إنه إذا أرادت طهران ذلك «فلن يكون بوسع زعماء العالم منعنا».

وتختلف تقديرات المدة التي ستحتاج إليها إيران للحصول على سلاح نووي بين أشهر وعام تقريباً.

وفي مارس (آذار) 2023 شهد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، آنذاك، الجنرال مارك ميلي، أمام الكونغرس، بأن حصول إيران على سلاح نووي سيستغرق عدة أشهر رغم أنه لم يذكر ما يستند إليه هذا التقييم.

وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها ربع السنوي الصادر في فبراير (شباط) من هذا العام إن «التصريحات العلنية في إيران بشأن قدراتها التقنية على إنتاج أسلحة نووية تزيد من مخاوف المدير العام بشأن صحة واكتمال الإعلانات المتعلقة بالضمانات الإيرانية».

وقال دبلوماسيون إن تلك التصريحات شملت مقابلة تلفزيونية مع الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، شبّه فيها إنتاج سلاح نووي بصنع سيارة، وقال إن إيران تعرف كيف تصنع الأجزاء اللازمة.


بعد فرض عقوبات جديدة هل تعود واشنطن إلى سياسة «الضغوط القصوى»؟

صاروخ "عماد" الباليستي ومسيرات "شاهد 136" خلال مراسم ذكرى الثورة الإيرانية في ميدان آزادي وسط طهران في فبراير الماضي (تسنيم)
صاروخ "عماد" الباليستي ومسيرات "شاهد 136" خلال مراسم ذكرى الثورة الإيرانية في ميدان آزادي وسط طهران في فبراير الماضي (تسنيم)
TT

بعد فرض عقوبات جديدة هل تعود واشنطن إلى سياسة «الضغوط القصوى»؟

صاروخ "عماد" الباليستي ومسيرات "شاهد 136" خلال مراسم ذكرى الثورة الإيرانية في ميدان آزادي وسط طهران في فبراير الماضي (تسنيم)
صاروخ "عماد" الباليستي ومسيرات "شاهد 136" خلال مراسم ذكرى الثورة الإيرانية في ميدان آزادي وسط طهران في فبراير الماضي (تسنيم)

مع إعلان وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات جديدة على إيران، بالتنسيق مع بريطانيا، وقرار دول الاتحاد الأوروبي الأربعاء، تشديد العقوبات عليها، بدا أن فصلاً جديداً قد فتح في مقاربة ملف العلاقة مع طهران.

فقد أعلنت الخزانة الأميركية اليوم (الخميس) فرض عقوبات على 16 فرداً وكيانين يعملان على تمكين إنتاج المسيّرات الإيرانية، بما في ذلك أنواع المحركات التي تعمل على تشغيل المسيّرات من نوع «شاهد»، والتي تم استخدامها في هجوم 13 أبريل (نيسان). وأضاف بيان الخزانة، أن هذه الجهات الفاعلة تعمل نيابة عن «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإسلامي الإيراني، وذراع إنتاج المسيّرات، وشركة «كيميا بارت سيفان» وغيرها من الشركات المصنعة الإيرانية للمسيّرات ومحركاتها.

كذلك صنّف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، خمس شركات توفر المواد المكونة لإنتاج الصلب لشركة «خوزستان» للصلب الإيرانية، أحد أكبر منتجي قطاع الصلب في إيران، الذي يدر عائدات تعادل عدة مليارات من الدولارات سنوياً. وفرض المكتب أيضاً، عقوبات على شركة «بهمن غروب» لصناعة السيارات الإيرانية وثلاث شركات تابعة لها، واصلت تقديم الدعم المادي لـ«الحرس الثوري» الإيراني والكيانات الأخرى المدرجة وفقاً لسلطات مكافحة الإرهاب، بما في ذلك وزارة الدفاع الإيرانية ولوجيستيات القوات المسلحة.

وتابع البيان أنه بالتزامن مع هذا الإجراء، فرضت المملكة المتحدة عقوبات تستهدف العديد من المنظمات العسكرية الإيرانية والأفراد والكيانات المشاركة في صناعات الطائرات من دون طيار والصواريخ الباليستية الإيرانية.

التنسيق مع الحلفاء

وأضاف البيان: «اليوم، بالتنسيق مع المملكة المتحدة وبالتشاور مع الشركاء والحلفاء، نتخذ إجراءات سريعة وحاسمة للرد على هجوم إيران غير المسبوق على إسرائيل».

وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين في البيان: «إننا نستخدم الأدوات الاقتصادية لوزارة الخزانة لإضعاف وتعطيل الجوانب الرئيسية لنشاط إيران الخبيث، بما في ذلك برنامج الطائرات من دون طيار والإيرادات التي يدرها النظام لدعم الإرهاب». وأكدت على مواصلة فرض العقوبات «لمواجهة إيران بمزيد من الإجراءات في الأيام والأسابيع المقبلة»، مشيرة إلى أنه على مدى السنوات الثلاث الماضية، «استهدفنا أكثر من 600 فرد وكيان مرتبطين بنشاط إيران الإرهابي وانتهاكاتها لحقوق الإنسان وتمويلها لـ(حماس) والحوثيين و(حزب الله) والميليشيات العراقية. كما قمنا أيضاً بتنفيذ عقوباتنا بقوة، بما في ذلك فرض غرامات تاريخية وكشف مخططات وشبكات التهرب من العقوبات». وأشارت إلى أن «أفعالنا تجعل الأمر أكثر صعوبة وتكلفة بالنسبة لإيران لمواصلة سلوكها المزعزع للاستقرار».

منشأة «نطنز» النووية التي تبعد 322 كيلومتراً جنوب طهران (أ.ب)

ترضية أم مقاربة جديدة؟

وفيما عَدّ البعض فرض تلك العقوبات «جائزة ترضية» لحض إسرائيل على تجنب الرد على الهجوم الإيراني، وعدم توسيع الصراع، اختلفت آراء أخرى حول ما إذا كانت العقوبات، تشير إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن في طريقها لإنهاء مقاربتها السابقة للعلاقة مع طهران، والعودة إلى سياسة «أقصى الضغوط» التي كانت إدارة سلفه، دونالد ترمب، قد فرضتها، بعد انسحابها من الاتفاق النووي عام 2018.

وبعدما حاولت إدارة بايدن إعادة التفاوض على الاتفاق النووي، وتخفيف العقوبات، وتحرير عشرات المليارات من الأموال المجمدة، فشلت تلك السياسة في حض إيران على التحول إلى «دولة طبيعية»، وواصلت سياساتها «المزعزعة» للاستقرار، وخصوصاً بعد هجوم «حماس».

وبحسب تحليلات صحافية أميركية، فإن الهجوم الإيراني هو عمل عدواني مفتوح، لكنه ليس بداية هذا الصراع. هو تصعيد للحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران المستمرة منذ ما قبل هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من خلال وكلائها في الشرق الأوسط. والفرق الآن أنه أصبح في العلن وليس في الظل، وهذا من شأنه أن يغير الحسابات في واشنطن على وجه الخصوص.

المنطقة أمام سيناريو تصعيدي

ويشبه البعض ما جرى بأنه يذكّر بحقبات سابقة من الصراعات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط. فبعد حرب 1967، جرت جولات من الهجمات المتبادلة بين إسرائيل والمنظمات الفلسطينية، انتهت باجتياح لبنان عام 1982، وخروج تلك المنظمات منه. اليوم، ومع تبادل الهجمات مع الميليشيات الإيرانية، ومع إيران نفسها، فقد تكون المنطقة أمام سيناريو مشابه، وسط إجماع غربي على معاقبتها، وعجز الدول «الصديقة» لإيران عن التأثير على مجريات الأحداث.

ورغم ذلك، يقول برايان كاتوليس، كبير الباحثين في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إنه لا يرجح العودة إلى سياسة «الضغط الأقصى»، لسببين رئيسيين: «أولاً، كانت هذه السياسة التي انتهجها الرئيس ترمب، بمثابة (استرضاء سلبي) لتصرفات إيران الإقليمية، في أماكن مثل سوريا والعراق والمملكة العربية السعودية، بسبب أشياء مثل عدم وجود أي رد على أفعال مثل الهجوم على حقول النفط في إبقيق عام 2019. ثانياً، تريد العديد من الدول العربية تجنب المزيد من التصعيد مع إيران، كما تفعل إدارة بايدن».

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)

من جهته، يقول بهنام بن طالبلو، كبير الباحثين في الشأن الإيراني في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن: لسوء الحظ، هذا لا يرقى إلى مستوى العودة إلى ممارسة قدر أقصى من الضغط على إيران. ويضيف في حديث مع «الشرق الأوسط»: تمثل العقوبات الجديدة نهجاً تدريجياً يهدف إلى «إدارة المشكلة» معها بدلاً من حلها. ويؤكد بن طالبلو على أنها موضع ترحيب، وتطبيق العقوبات الحالية هو ما يهم مع مرور الوقت. لكنه أضاف: «التغيير الكبير في الصورة سيكون دعم إعادة فرض العقوبات في الأمم المتحدة أو فرض عقوبات على (الحرس الثوري) الإيراني بأكمله بوصفه منظمة إرهابية».

ويعتقد بن طالبلو، أن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي يشعران بالحاجة إلى الضغط على برنامج إيران للطائرات من دون طيار والصواريخ والبرنامج العسكري بعد هجوم طهران، لكنهم يشعرون بانجراف استراتيجي من واشنطن، ومن المرجح ألّا يقدموا على خطوات أكبر قبل إدارة أميركية تضغط على إيران خلال عام انتخابات رئاسية.

إيران مأزومة ومحرجة

يبدو أن نجاح التحالف الدولي والإقليمي، الذي شكل على عجل، في إحباط الهجوم الإيراني، يقرأ كإشارة على أن الأمور قد تكون متجهة في غير مصلحة سياسات طهران المأزومة، وقد ينعكس على علاقاتها مع ميليشياتها نفسها، وخصوصاً «حزب الله» ودوره في لبنان. ويستدل على ذلك، من مسارعة إيران، قبل تنفيذ هجومها على إسرائيل، وبعده، تأكيد حرصها على عدم توسيع الصراع، وعدم رغبتها في الدخول في حرب مع أحد، بحسب تصريحات وزير خارجيتها، وسحب خبرائها وعناصر «الحرس الثوري» من سوريا والعراق، وطلبها من ميليشياتها «أخذ الحيطة والحذر» تخوفاً من الرد الإسرائيلي، الذي عدّ أقرب إلى الاعتراف بانسحابها من المواجهة.

ويقول كاتوليس: «بالفعل لقد غيرت إدارة بايدن نهجها في الشرق الأوسط بشكل كبير عما كانت عليه في عام 2021، وهذا انعكاس للاعتراف بحقيقة أن إيران تواصل لعب دور سلبي في تقويض أمن الشرق الأوسط ككل». لكنه أضاف، أن هذا التحول في سياسة الولايات المتحدة، ينبغي أن ينعكس في نهج مختلف في علاقتها مع دول مثل المملكة العربية السعودية، التي وقعت اتفاقاً توسطت فيه الصين العام الماضي، لاستئناف العلاقات الدبلوماسية مع إيران.

وقال كاتوليس: لقد أظهرت إيران مدى ضعفها مقارنة بالولايات المتحدة وإسرائيل والعديد من شركاء أميركا. كان هجومها على إسرائيل فاشلاً في معظمه، وهي الآن تتراجع وسط إحراج كبير.

ويرى بن طالبلو أن إيران في حالة تأهب قصوى خوفاً من رد إسرائيلي ضدّها، ومع عدم امتلاكها قدرات ردّ جديد، تعوض عن ذلك، بإغراق وسائل الإعلام بالتعليقات حول استعدادها للرد والتهديد بمزيد من الهجمات، على أمل أن تكبح واشنطن تل أبيب.


تركيا والعراق ينشدان قفزة في علاقاتهما خلال زيارة إردوغان 

إردوغان أكد أنه لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل بلاده والمنطقة (الرئاسة التركية)
إردوغان أكد أنه لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل بلاده والمنطقة (الرئاسة التركية)
TT

تركيا والعراق ينشدان قفزة في علاقاتهما خلال زيارة إردوغان 

إردوغان أكد أنه لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل بلاده والمنطقة (الرئاسة التركية)
إردوغان أكد أنه لا مكان للتنظيمات الإرهابية في مستقبل بلاده والمنطقة (الرئاسة التركية)

تتجه تركيا والعراق إلى قفزة شاملة في علاقات التعاون بينهما، خلال زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان لبغداد الاثنين المقبل، حيث سيجري توقيع اتفاقية إطارية استراتيجية جرى العمل عليها خلال الأشهر الأخيرة تتناول الجوانب الأمنية والاقتصادية والتنموية وإحراز تقدم في ملفي المياه والطاقة.

وأكد مصدر حكومي عراقي ما أعلنه وزير الدفاع التركي يشار غولر، الأربعاء، بشأن توقيع اتفاقية استراتيجية طال انتظارها بشأن التعاون بين البلدين الجارين في مكافحة نشاط حزب العمال الكردستاني. وقال غولر، قبل اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الأربعاء: «الأنشطة في نطاق الحرب ضد الإرهاب مستمرة، لقد وضعنا خططنا، والعمل مستمر، رئيسنا (إردوغان) سيكون في العراق يوم الاثنين... للمرة الأولى منذ سنين طويلة، سنوقع اتفاقية استراتيجية، أصدقاؤنا العراقيون لم يعلنوا حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، لكن للمرة الأولى قبلوا فيها مصطلحاً قريباً من ذلك». وأضاف غولر: «لقد تم بالفعل إنشاء ممر آمن بعمق 30 كيلومتراً، المسألة ليست ما إذا كان سيتم إنشاؤه أم لا، لكن هناك بعض الأمور الأخرى التي يتعين علينا القيام بها هناك، في جبل قنديل وغارا».

مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

ونقلت «وكالة أنباء العالم العربي»، الخميس، عن مصدر حكومي عراقي، قالت إنه رفض الكشف عن اسمه، تأكيده أن اتفاقية استراتيجية أشار إليها إردوغان وغولر، تتضمن بروتوكولات أمنية واقتصادية تنموية، وأن أنقرة أبدت تعاوناً في مسألة تأمين الحصص المائية للعراق. وأضاف: «زيارة الرئيس التركي تستهدف تعزيز العلاقات بين البلدين، هناك كثير من المشاريع ومذكرات التفاهم التي قد تبرم بين البلدين، وعلى رأسها طريق التنمية ودور تركيا في هذا المشروع الاستراتيجي المهم».

عملية عسكرية

وقال مستشار العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدفاع التركية، في إفادة أسبوعية الخميس، إن تركيا ستسرع عملية «المخلب – القفل» العسكرية في شمال العراق بحيث لا يستطيع حزب العمال الكردستاني الردّ. وكشفت مصادر عسكرية عن استعدادات لشنّ عملية عسكرية ضد «العمال الكردستاني» في الصيف لإنهاء وجود «العمال الكردستاني» في شمال العراق. ونقلت صحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة التركية، الخميس، عن المصادر قولها إن فرقاً من قوات الكوماندوز التركية بدأت الانتشار في القواعد التركية شمال العراق، وستبدأ التقدم قريباً، وإن بعض وحدات الكوماندوز في سوريا ستشارك أيضاً في العملية التركية، التي قد تجري بالاشتراك مع الحكومة العراقية وقوات البيشمركة في إقليم كردستان شمال العراق.

لقاء وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع نظيره العراقي فؤاد حسين (أرشيفية - الخارجية التركية)

وأضافت أنه من المتوقع أن يتم تطهير سنجار، وإنشاء مناطق عازلة وآمنة، وبذلك ستعمل تركيا على تطهير شمال العراق من التنظيم الإرهابي (العمال الكردستاني)، وتبدأ أعمالاً جديدة على الخط الجنوبي للحدود. وكان إردوغان لمح إلى شنّ عملية عسكرية في العراق لإنشاء منطقة آمنة بعمق 30 - 40 كيلومتراً، قائلاً: «هذا الصيف سنحلّ القضية المتعلقة بحدودنا مع العراق بشكل دائم».

وسبق أن ذكرت صحيفة «حرييت»، القريبة من الحكومة، أن العملية المرتقبة تهدف إلى إغلاق كامل للحدود مع العراق، البالغ طولها 378 كيلومتراً، وسيتم الوصول إلى منطقة غارا، التي تنتشر بها كهوف وملاجئ «العمال الكردستاني»، ووضعها تحت السيطرة دائماً لمنع استخدامها مرة أخرى. وتهدف تركيا أيضاً إلى إخراج «العمال الكردستاني» من سنجار، التي تمثل حلقة الوصل مع «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات «قسد» في شمال شرقي سوريا، ولذلك انضمت «هيئة الحشد الشعبي» إلى الاجتماعات الأمنية والسياسية رفيعة المستوى بين أنقرة وبغداد، التي انطلقت منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث كانت «قوات الحشد الشعبي» تتعاون أحياناً مع «العمال الكردستاني».

وربطت بغداد التعاون مع أنقرة في مكافحة «العمال الكردستاني»، الذي أعلنته مؤخراً «تنظيماً محظوراً»، شريطة ربط هذا التعاون بتعزيز التعاون الاقتصادي وحلّ مشكلات المياه والطاقة، والتعاون في مشروع طريق التنمية، وهو ما لاقى ترحيباً من الجانب التركي.

حزمة التعاون الأمني والاقتصادي

وقال المصدر الحكومي العراقي إن «الموضوع له أيضاً علاقة بالتعاون الأمني بين البلدين، وقضايا كثيرة ذات اهتمام مشترك أيضاً، تتعلق بالجوانب الأمنية والاقتصادية». وعن ملف المياه، قال المصدر إن «الجانب التركي يبدي تعاوناً في قضية إيجاد آلية وتعاون في تأمين الحصص المائية للعراق، وخصوصاً أن هناك وفوداً رسمية عراقية زارت تركيا مؤخراً، وبحثت مع الجانب التركي هذا الملف، وذلك أيضاً سيتم بحثه خلال زيارة إردوغان». ويعاني العراق أزمة مياه يلقى فيها باللوم على تركيا وإيران، بدعوى عدم التزامهما بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحصص مياه الأنهار.

وقال إردوغان، في تصريحات ليل الثلاثاء – الأربعاء، إن قضية المياه ستكون واحدة من أهم بنود جدول أعماله خلال زيارته للعراق، لافتاً إلى أن الجانب العراقي قدّم مطالب في هذا الصدد، وسنعمل على حل القضية، كما أن لهم مطالب بشأن نقل الغاز الطبيعي والنفط عبر تركيا، ستعمل على حلّها أيضاً. ويشكل مشروع «طريق التنمية»، الذي أعلن العراق إطلاقه العام الماضي، ويتكون من طريق لشاحنات نقل البضائع وسكك حديدية لنقل السلع والمسافرين، ويبدأ من ميناء الفاو الكبير في أقصى جنوب العراق، ويمر بـ10 محافظات، وصولاً إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا، بنداً مهماً على أجندة إردوغان في العراق.

وقال وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، يوم الجمعة الماضي، إنه «تم التوصل من خلال جولات من المباحثات الوزارية والفنية على مدى الأشهر الماضية إلى قرار تركي عراقي بإنشاء آلية مشتركة شبيهة بـ(المجلس الوزاري)، لمتابعة المشروع، نأمل أن تشارك فيه الإمارات وقطر أيضاً». وقال رئيس جمعية الناقلين الدوليين في تركيا، شرف الدين أراس، إن زيارة الرئيس إردوغان إلى العراق فرصة مهمة لفتح وإعلان ممر عبور بديل وآمن وسريع للعالم. وأكد أراس أهمية إطلاق مشروع طريق التنمية، مشيراً إلى أن هذا الخط له أهمية بالغة لتطوير تجارة تركيا مع العراق ودول الخليج، وإلى أن أكثر من 200 ألف رحلة برية تتم سنوياً إلى هذه الدول عبر العراق. وقال أراس لـ«الشرق الأوسط» إنه إذا تم حلّ المشكلات الأمنية المستمرة في العراق، وخاصة إذا تغيرت أبعاد الصراع الإسرائيلي الإيراني، فمن الممكن أن يتحول مشروع طريق التنمية إلى ممر فعّال، وسيصبح العراق هو الدولة 78 التي تنضم إلى اتفاقية النقل البري الدولي.

إلى ذلك، جرت مباحثات برلمانية تركية عراقية، في أنقرة، الخميس، برئاسة نائب رئيس البرلمان التركي بكر بوزداغ، ورئيس مجلس النواب العراقي بالنيابة محسن المندلاوي. ولفت بوزداغ إلى أن زيارة إردوغان للعراق تعدّ مؤشراً مهماً على الدعم الذي تقدمه تركيا للعراق، والأهمية التي توليها للعلاقات الثنائية، وستقدم مساهمة في تعميق وتطوير العلاقات في شتى المجالات. وأكد أنه «من مصلحة البلدين التحرك بشكل مشترك في مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون الوثيق في هذا الإطار». بدوره، أكد رئيس مجلس النواب العراقي بالنيابة أن تركيا «دولة شريكة» لبلاده، معرباً عن اهتمامه بالعلاقات مع تركيا.


معادلة غربية جديدة: عزل إيران مقابل امتناع إسرائيل عن الرد

القادة الأوروبيون في صورة جماعية قبل بدء قمتهم الاستثنائية في بروكسل مساء الأربعاء (رويترز)
القادة الأوروبيون في صورة جماعية قبل بدء قمتهم الاستثنائية في بروكسل مساء الأربعاء (رويترز)
TT

معادلة غربية جديدة: عزل إيران مقابل امتناع إسرائيل عن الرد

القادة الأوروبيون في صورة جماعية قبل بدء قمتهم الاستثنائية في بروكسل مساء الأربعاء (رويترز)
القادة الأوروبيون في صورة جماعية قبل بدء قمتهم الاستثنائية في بروكسل مساء الأربعاء (رويترز)

ثمة معادلة جديدة يسعى الغربيون (الولايات المتحدة وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي) إلى فرضها على المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل، عقب الهجمات الإيرانية بالمسيرات والصواريخ متعددة الأنواع التي ساعدوا على إسقاط كثير منها، قبل وصولها إلى الفضاء الإسرائيلي. ولأن السلطات الإسرائيلية أعلنت عن عزمها «معاقبة» طهران والرد على هجماتها، فإن الغربيين يتخوفون من أن يؤدي الرد والرد المعاكس إلى اشتعال حرب شاملة يمكن التكهن باشتعالها، ولكن يصعب التنبؤ بنهايتها.

من هنا، فإن واشنطن ودول «مجموعة السبع» ودول الاتحاد الأوروبي الـ27 تحاول إرساء معادلة تقوم على التالي: الامتناع عن التصعيد وضبط النفس مقابل عمل الغربيين على تشديد العقوبات على إيران وفرض نوع من العزلة عليها. وبرز ذلك بداية في البيان الصادر عن «قمة السبع» التي التأمت عن بُعد في 14 من الشهر الحالي، وجاء فيه أن «السبع» أعربت عن «التضامن والدعم الكاملين لإسرائيل وشعبها، وإعادة التأكيد على الالتزام بأمنها».

وجاء في فقرة ثانية أن المجموعة إذ «تعمل على إرساء الاستقرار وتجنُّب المزيد من التصعيد»، وهي رسالة موجهة إلى طهران وتل أبيب في وقت واحد، أكدت أنها «تقف على استعداد لاتخاذ المزيد من التدابير الآن، ورداً على أي خطوات إضافية مزعزعة للاستقرار».

والرسالة المتضمنة في البيان المشار إليها يمكن اختصارها بأن الدول الصناعية الأكثر تصنيعاً، أي الدول الغربية ومعها اليابان، جاهزة لحماية إسرائيل وتوفير وسائل الدفاع التي تحتاج إليها مقابل امتناعها عن تصعيد التوتر مع إيران، من خلال مهاجمتها داخل أراضيها أو استهداف وكلائها في المنطقة.

وترجمت واشنطن ذلك سريعاً، من خلال إيجاد آلية لتمكين إسرائيل من الحصول على المساعدة في مشروع قرار مقدَّم إلى الكونغرس يخول لها الحصول على مساعدة عسكرية تزيد على 14 مليار دولار مجمدة منذ أشهر في مجلس النواب الأميركي.

وترى الدول الثلاث التي ساهمت مباشرة في الدفاع عن إسرائيل، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، أنها، وفق تعبير دبلوماسي أوروبي في باريس «مؤهلة لأن تطلب من إسرائيل الامتناع عن التصعيد، لأنها، من جهة، لا تريد حرباً موسعة في الشرق الأوسط، وليست راغبة، من جهة ثانية، في أن تكون في موقع المواجهة المباشرة مع إيران، لما لذلك من تداعيات جيوسياسية واستراتيجية واقتصادية خطيرة».

وروجت هذه الدول كذلك لمقولة إن فشل الهجمات الإيرانية «يُعد انتصاراً لإسرائيل» وبالتالي لم تعد هناك حاجة للرد عليها.

بيد أن المعادلة الجديدة لا يبدو أنها حازت رضا إسرائيل التي يؤكد قادتها أنها ماضية، رغم ترددها، في الرد على طهران، لترميم قدراتها الردعية. وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، إبان زيارته لإسرائيل، إن الأخيرة تريد ضرب إيران. من هنا، فإن التساؤل المطروح في عدد من العواصم الأوروبية «يتناول معرفة ما إذا كانت إسرائيل تريد رفع ثمن امتناعها عن توجيه ضربة عسكرية لإيران، وطبيعة الثمن المطلوب».

حتى اليوم، يريد الأوروبيون فرض عقوبات جديدة على إيران، وتحديداً على الشركات الضالعة في تصنيع المسيرات والصواريخ الإيرانية، أي الأسلحة التي استُخدِمت في استهداف إسرائيل. وبيَّنت قمة القادة الأوروبيين التي ناقشت هذا الملف في بروكسل ليل الأربعاء - الخميس توافقاً تاماً على فرض هذه العقوبات. ودافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي التزم منذ أشهر نهجاً بالغ التشدد إزاء إيران، عن أنه من «واجب الاتحاد» توسيع نطاق العقوبات على طهران.​

صورة لوزراء خارجية «مجموعة السبع» بمناسبة اجتماعهم في مدينة كابري الإيطالية الأربعاء (إ.ب.أ)

 

وجاء نص تصريحه: «نؤيد فرض عقوبات يمكن أن تستهدف أيضاً كلَّ مَن يساعد في صنع الصواريخ والطائرات المسيرة التي استُخدمت خلال هجوم ليل السبت - الأحد». وجاء في البيان الصادر عن القمة أن القادة الأوروبيين «مستعدون لاتخاذ مزيد من الإجراءات التقييدية ضد إيران، لا سيما فيما يتعلق بالطائرات المسيرة والصواريخ». إلا أنهم في الوقت نفسه ربطوا ذلك بدعوة «كل الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والامتناع عن أي عمل قد يزيد التوترات»، وهو رسالة موجهة لإيران وإسرائيل معاً. وبيان القادة يُعد بمثابة ضوء أخضر مبدئي يتعين على وزراء الخارجية الأوروبيين لدى اجتماعهم في بروكسل يوم الاثنين المقبل التوافق على تفاصيله، وتحديد الكيانات التي ستُطبق عليها العقوبات وزمن انطلاقها.

جاءت كل التصريحات الأوروبية في الاتجاه عينه تحت باب العقوبات والعزل؛ فقد قال رئيس القمة شارل ميشال باسم المشاركين: «نشعر بأنه من المهم للغاية بذل كل ما في وسعنا لعزل إيران»، بينما شدَّد المستشار الألماني أولاف شولتس على أهمية «ألا ترد إسرائيل بهجوم واسع النطاق». وكلام المسؤول الألماني يحمل تفسيرات متعددة، ومنها أنه لا يعارض رداً إسرائيلياً لكن بشرط «ألا يكون واسع النطاق». وتسعى ألمانيا وفرنسا والعديد من دول الاتحاد الأوروبي إلى توسيع مخطط يضع قيوداً على توريد المسيرات الإيرانية إلى روسيا، ليشمل الإمداد بالصواريخ، وليغطي تزويد وكلاء إيران في الشرق الأوسط بها.

تجدر الإشارة، في هذا السياق، إلى أن الأميركيين والأوروبيين رفضوا رفع القيود عن برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وفق ما تنص عليه فقرة وردت في الاتفاقية النووية لعام 2015، بحجة أن إيران لم تلتزم بمضامينها. والعقوبات المرتقبة ستكون امتداداً للعقوبات القائمة؛ ما يعيد إلى الواجهة السياسة التي سارت عليها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب التي اعتمدت العقوبات وسيلة وحيدة لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات من أجل اتفاق نووي أكثر صرامة.

تجدر الإشارة إلى أن للاتحاد الأوروبي برامج متعددة تستهدف إيران، على صلة بانتهاكات حقوق الإنسان، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، ودعم طهران للحرب الروسية في أوكرانيا.

بيد أن التسريبات عن قمة الـ27 أظهرت وجود خلافات بين الأوروبيين تتناول نقطتين: الأولى فرض عقوبات على «الحرس الثوري» ككيان؛ الأمر الذي رد عليه مسؤول السياسة الخارجية والأمن جوزيب بوريل بالقول إن الأمر يتطلب إثباتات من دولة عضو تبين أن «الحرس الثوري» متورِّط في نشاط إرهابي، ودافع المستشار شولتس عن مقاربة بوريل بإشارته إلى أن السير بعقوبات كهذه يتطلب المزيد من المراجعات القانونية. كذلك، سعى الأوروبيون إلى عدم «استفزاز» السوق النفطية من خلال فرض عقوبات اقتصادية على طهران من شأنها التسبب في ارتفاع كبير بالأسعار.

أجواء التشدد في بروكسل كانت حاضرة في مدينة كابري الإيطالية حيث اجتمع وزراء خارجية «مجموعة السبع» وطالب بوريل بمراجعة نظام «العقوبات من أجل توسيعه وجعله أكثر كفاءة».

وذكر بوريل أن قيوداً فُرضت على صادرات الشركات الأوروبية إلى إيران من «المكونات التي تسمح بإنتاج هذا النوع من الأسلحة»، أي الصواريخ والمسيرات، مضيفاً: «لذلك سنشددها».

وعدَّ أن «المهم تطبيق القرار» داعياً أيضاً إسرائيل إلى ضبط النفس حيث إن المنطقة «على حافة» الحرب. ونقلت الوكالات عن مصدر دبلوماسي إيطالي أن عقوبات فردية تستهدف أشخاصاً منخرطين في سلسلة التوريد الصاروخية إلى إيران. ومن جانبها، حثت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بايربوك على «عزل إيران» ولكن أيضا «تجنب التصعيد». واختصر وزير خارجية إيطاليا أنطونيو تاجاني الموقف الجماعي بتأكيد دعم «مجموعة السبع» لإسرائيل قائلاً: «نحن أصدقاء إسرائيل وندعمها».

هكذا يتبدى المنهج الأوروبي بطرح مقايضة العقوبات على إيران وعزلها، بشرط أن تمتنع إسرائيل عن أي إجراءات تفتح الباب لحرب واسعة بالمنطقة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل «الإغراءات» الأوروبية كافية للجم إسرائيل، أم أن الأخيرة ماضية في مخططاتها رغم ما عرف في الأيام الأخيرة، ووفق تسريبات الصحافة الأميركية، عن خطط تم التراجع عنها في الدقائق الأخيرة؟

الجواب في تل أبيب بالطبع، ولكنه في جانب كبير منه في واشنطن أيضاً.​

 


ماذا نعرف عن قدرات إيران وإسرائيل في الطيران والدفاع الجوي؟

رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وخلفه طائرة «إف 35» إسرائيلية (آدير) في إحدى القواعد الجوية (موقع الجيش الإسرائيلي)
رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وخلفه طائرة «إف 35» إسرائيلية (آدير) في إحدى القواعد الجوية (موقع الجيش الإسرائيلي)
TT

ماذا نعرف عن قدرات إيران وإسرائيل في الطيران والدفاع الجوي؟

رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وخلفه طائرة «إف 35» إسرائيلية (آدير) في إحدى القواعد الجوية (موقع الجيش الإسرائيلي)
رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وخلفه طائرة «إف 35» إسرائيلية (آدير) في إحدى القواعد الجوية (موقع الجيش الإسرائيلي)

أدّى أول هجوم مباشر تشنّه إيران على إسرائيل في 13 أبريل (نيسان) إلى التركيز مجدداً على قدراتهما في مجال الدفاع الجوي، بينما يبحث المسؤولون الإسرائيليون أفضل السبل للردّ.

وفيما يلي نظرة على إمكانات القوات الجوية وأنظمة الدفاع الجوي في كلا البلدين...

إيران

تضم القوات الجوية الإيرانية 37 ألف فرد، لكن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن يقول إن العقوبات الدولية المستمرة منذ عقود حجبت عن إيران إلى حد كبير أحدث المعدات العسكرية ذات التقنية العالية.

ولا تمتلك القوات الجوية سوى بضع عشرات من الطائرات الهجومية العاملة، بما في ذلك طائرات روسية وطرازات أميركية قديمة حصلت عليها البلاد قبل الثورة عام 1979، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن طهران لديها سرب من 9 طائرات مقاتلة من طرازي «إف 4» و«إف 5»، وآخر من طائرات «سوخوي 24» روسية الصنع، إلى جانب عدد من طائرات «ميغ 29» و«إف 7» و«إف 14».

كما يمتلك الإيرانيون طائرات مسيرة مصممة للتحليق صوب الأهداف والانفجار. ويعتقد المحللون أن أعداد ترسانة الطائرات المسيرة هذه لا تتجاوز 10 آلاف.

وبالإضافة إلى ذلك، يقولون إن إيران تمتلك أكثر من 3500 صاروخ أرض - أرض، بعضها يحمل رؤوساً حربية تزن نصف طن. لكن العدد القادر على استهداف إسرائيل قد يكون أقل.

وقال قائد القوات الجوية الإيرانية، أمير وحيدي، أمس (الأربعاء)، إن الطائرات الحربية، بما في ذلك طائرات «سوخوي 24»، على «أهبة الاستعداد» لمواجهة أي هجوم إسرائيلي.

نظام الدفاع الجوي «إس 300» خلال عرض عسكري في طهران (رويترز)

لكن اعتماد إيران على طائرات «سوخوي 24»، التي تم تطويرها لأول مرة في الستينات، يظهر الضعف النسبي لقواتها الجوية.

وفي مجال الدفاع، تعتمد إيران على مزيج من صواريخ أرض - جو وأنظمة دفاع جوي روسية ومحلية الصنع.

وتلقت طهران شحنات من منظومة «إس 300» المضادة للطائرات من روسيا في عام 2016، وهي أنظمة صواريخ أرض - جو بعيدة المدى قادرة على التعامل مع أهداف متعددة في وقت واحد، بما في ذلك الطائرات والصواريخ الباليستية.

طائرات من دون طيار إيرانية الصنع معروضة في طهران في يناير الماضي (إعلام إيراني)

وطوّرت إيران أيضاً منصة صواريخ أرض - جو من طراز «باور 373»، بالإضافة إلى منظومتي الدفاع «صياد» و«رعد».

وقال فابيان هينز، الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: «إذا اندلع صراع كبير بين البلدين، فمن المحتمل أن تركز إيران على النجاحات العرضية. فهي لا تملك الدفاعات الجوية الشاملة التي تمتلكها إسرائيل».

طائرات مسيّرة عسكرية إيرانية (أ.ف.ب)

إسرائيل

تملك إسرائيل قدرات جوية متقدمة، زوّدتها بها الولايات المتحدة، تضم مئات من المقاتلات متعددة الأغراض من طرازات «إف 15» و«إف 16» و«إف 35». وكان لهذه الطرازات دور في إسقاط الطائرات المسيرة التي أطلقتها إيران مساء السبت.

ويفتقر سلاح الجو الإسرائيلي إلى قاذفات بعيدة المدى، لكن جرى تعديل أسطول أصغر من طائرات «بوينغ 707» بحيث يمكن استخدامه كناقلات للتزود بالوقود لتمكين المقاتلات من الوصول إلى إيران في طلعات جوية دقيقة.

كما أن إسرائيل، وهي رائدة في مجال تكنولوجيا الطائرات المسيرة، لديها مسيرات من طراز «هيرون» قادرة على التحليق لأكثر من 30 ساعة، وهو ما يكفي لتنفيذ عمليات بعيدة المدى.

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري بجوار بقايا صاروخ إيراني تم اعتراضه فوق البحر الميت (رويترز)

ويقدر مدى الصاروخ «دليلة» بنحو 250 كيلومتراً، وهو أقل بكثير من مسافة عرض الخليج، إلا أن القوات الجوية يمكن أن تعوض الفارق عن طريق نقل أحد الصواريخ بالقرب من الحدود الإيرانية.

ومن المعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل طوّرت صواريخ أرض - أرض بعيدة المدى، لكنها لم تؤكد ذلك أو تنفيه.

وفي عام 2018، أعلن وزير الدفاع آنذاك، أفيغدور ليبرمان، أن الجيش الإسرائيلي سيحصل على «قوة صاروخية» جديدة. ولم يذكر الجيش إلى أي مرحلة وصلت هذه الخطط الآن.

رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي وخلفه طائرة «إف 35» إسرائيلية (آدير) في إحدى القواعد الجوية (موقع الجيش الإسرائيلي)

ويوفر نظام دفاع جوي متعدد الطبقات، تم تطويره بمساعدة الولايات المتحدة بعد حرب الخليج عام 1991، لإسرائيل عدة خيارات إضافية لإسقاط الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية بعيدة المدى.

والنظام القادر على الوصول لأعلى ارتفاع هو «آرو 3» ويستطيع اعتراض الصواريخ الباليستية في الفضاء. ويعمل الطراز السابق له، وهو «آرو 2»، على ارتفاعات أقل. ويتصدى نظام «مقلاع داود» متوسط ​​المدى للصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، في حين يتعامل نظام «القبة الحديدية» قصير المدى مع الصواريخ وقذائف الهاون التي تطلقها الجماعات المتحالفة مع إيران في غزة ولبنان.

لكن يمكن أيضاً، من الناحية النظرية، استخدامه ضد أي صواريخ أقوى أفلتت من منظومتي «آرو» أو «مقلاع داود».

وصُممت الأنظمة الإسرائيلية بحيث يمكن دمجها في الأنظمة الاعتراضية الأميركية في المنطقة من أجل دفاعات التحالف.

نظام «مقلاع داود» للدفاع الجوي (أرشيفية - رويترز)

وقال سيدهارت كوشال، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إن «أداء الدفاعات الجوية الإسرائيلية كان جيداً خلال الهجوم (الإيراني في 13 أبريل)».

وأشار إلى أن بعض الأهداف، وخاصة الطائرات المسيرة، أسقطتها طائرات للحلفاء قبل وصولها إلى إسرائيل «ما حدّ من درجة تعرضها لبعض أنواع التهديد، ويبدو أنه كان هناك إنذار مبكر كافٍ لتمكين التحالف من الاستعداد، ما يعني أن النظام كان مستعداً بشكل أفضل مقارنة بما كان سيحدث إذا تعرض لهجوم مماثل مع إنذار متأخر قليلاً».


الرئيس الإيراني: أكثر من 10 دول شاركت في إحباط الرد على إسرائيل و«فشلت»

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال خطاب في قاعدة عسكرية بطهران 17 أبريل (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال خطاب في قاعدة عسكرية بطهران 17 أبريل (إ.ب.أ)
TT

الرئيس الإيراني: أكثر من 10 دول شاركت في إحباط الرد على إسرائيل و«فشلت»

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال خطاب في قاعدة عسكرية بطهران 17 أبريل (إ.ب.أ)
الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي خلال خطاب في قاعدة عسكرية بطهران 17 أبريل (إ.ب.أ)

نقل تلفزيون «العالم» الإيراني، اليوم الخميس، عن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قوله إن أكثر من 10 دول شاركت في عمليات إحباط الرد على إسرائيل لكنها «فشلت».

وأضاف رئيسي أن الدول التي شاركت في ذلك شملت «الولايات المتحدة بكل إمكاناتها، وفرنسا كذلك، ودولاً أوروبية أخرى، بالإضافة إلى بعض الدول الإقليمية»، مشيراً إلى أن ما وصفه «بعملياتنا الدقيقة» حصلت على الرغم من أن إيران لم تستخدم عنصر المفاجأة، في ردها على إسرائيل، وفقاً لـ«وكالة أنباء العالم العربي».

وشنت إيران، في مطلع الأسبوع الحالي، أول هجوم مباشر على إسرائيل باستخدام عشرات الطائرات المسيرة وصواريخ كروز، وذلك بعد مقتل قائد كبير في الحرس الثوري في قصف يعتقد أنه إسرائيلي استهدف مجمع السفارة الإيرانية في دمشق.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين الماضي، بأن إسرائيل قررت الرد «بشكل حاسم وواضح» على الهجوم الإيراني، لكنها أكدت أن الرد سيكون بطريقة لا تؤدي لاشتعال المنطقة ودفعها إلى أتون حرب، وسيكون مقبولاً بالنسبة للولايات المتحدة.

الهجوم الإيراني على إسرائيل بالأرقام

وقال مسؤولون إسرائيليون إن نظام القبة الحديدية الدفاعي في البلاد اجتاز اختبارًا كبيرًا من الهجوم الإيراني يوم السبت، حيث اعترض 99 من 300 "تهديد من مختلف الأنواع" التي وجهت إليه.

أطلق الحرس الثوري الإيراني، وفقًا للمتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي دانييل هاغاري، 170 مركبة جوية من دون طيار وأكثر من 120 صاروخًا باليستيًا وأكثر من 30 صاروخ كروز في الهجوم.

وقال هاغاري: "تم اعتراض 99% من التهديدات التي تم إطلاقها باتجاه الأراضي الإسرائيلية، وهو إنجاز استراتيجي مهم للغاية". وأضاف أن الهجوم أسفر عن إصابة إسرائيلية واحدة فقط، وهي فتاة تبلغ من العمر 7 سنوات أصيبت بجروح خطيرة بفعل شظية على ما يبدو من صاروخ تم اعتراضه.


ميليشيات موازية للدولة في إسرائيل لقمع العرب والناشطين اليهود

متظاهر في القدس يطالب بالمساواة في الخدمة العسكرية الإسرائيلية يواجه يهودياً متطرفاً يتظاهر لصالح الإعفاءات العسكرية (رويترز)
متظاهر في القدس يطالب بالمساواة في الخدمة العسكرية الإسرائيلية يواجه يهودياً متطرفاً يتظاهر لصالح الإعفاءات العسكرية (رويترز)
TT

ميليشيات موازية للدولة في إسرائيل لقمع العرب والناشطين اليهود

متظاهر في القدس يطالب بالمساواة في الخدمة العسكرية الإسرائيلية يواجه يهودياً متطرفاً يتظاهر لصالح الإعفاءات العسكرية (رويترز)
متظاهر في القدس يطالب بالمساواة في الخدمة العسكرية الإسرائيلية يواجه يهودياً متطرفاً يتظاهر لصالح الإعفاءات العسكرية (رويترز)

أعلن عدد من رجال الأعمال الإسرائيليين في مدينة القدس الغربية عن تشكيل ميليشيا «خاصة»؛ بدعوى حماية اليهود من هجمات فلسطينية شبيهة بهجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكان قرار آخر بتشكيل ميليشيات قد سبقه مع إعلان وزير الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، إيتمار بن غفير، عن ميليشيا مسلحة لملاحقة النشطاء السياسيين العرب من سكان إسرائيل (فلسطينيي 48)، وأخرى لملاحقة اليسار اليهودي الذي يتضامن مع الفلسطينيين.

بن غفير يوزع السلاح على متطوعين في عسقلان 27 أكتوبر الماضي (رويترز)

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» التي كشفت عن الميليشيا الجديدة لرجال الأعمال، اليوم الخميس، إنها تضم 60 مقاتلاً غالبيتهم كانوا مقاتلين في وحدات عسكرية نخبوية في الجيش الإسرائيلي وغيره من أجهزة الأمن، وإنهم يتدربون مرة في الأسبوع على الأقل بإشراف ضابط كبير سابق في إحدى وحدات الكوماندوس في الجيش. وقد اقتنوا سيارة كانت في خدمة هذه الوحدات، وينوون اقتناء سبع سيارات أخرى. ولديهم مخزن سلاح. وينوون إقامة مستشفى طوارئ تحت الأرض في موقف سيارات في إحدى العمارات الفخمة.

وعندما لفتت المراسلة ليران تماري نظر قادة الميليشيا إلى أنه في دولة ديمقراطية ذات نظام وقوانين، يعدّ هذا «ضرباً من الجنون يفتح الباب أمام خطر حرب أهلية»، أجابها ديفيد رويتمان، صاحب المبادرة: «ليقل إني مجنون أفضل من أن يقال إن الأعداء باغتونا بمذبحة في القدس مثل المذبحة التي نفذتها (حماس) في غلاف غزة في 7 أكتوبر الماضي».

وعبر رويتمان عن خشيته من أن يقوم 3000 فلسطيني من القدس العربية بهجوم على القدس الغربية، وأنه لا يثق بأن أجهزة الأمن الإسرائيلية قادرة وحدَها على صد هجوم كهذا.

يذكر أن الوزير بن غفير أعلن عن تشكيل حرس قومي في إطار الشرطة الإسرائيلية، التي تعمل ضمن وزارته. وصرح الأربعاء، عن قراره إقامة قاعدة لـ«الحرس القومي» قرب مفترق مسكنة، المعروف باسم مفترق غولاني، بين الناصرة وطبريا، أي في منطقة مأهولة بالمواطنين العرب. وأكد أن القرار اتخذ في أعقاب تفاهمات تم التوصل إليها في الأيام الأخيرة بين الشرطة وسلطة الإسكان وسلطة أراضي إسرائيل.

بن غفير سعى إلى أن يكون «الحرس القومي» تابعاً له، وأن تكون لهذا الحرس صلاحيات موازية لصلاحيات الشرطة، بتنفيذ اعتقالات وملاحقات ضد مواطنين عرب خصوصاً. مع الإشارة إلى أن التحذيرات قد تعالت خلال السنة الأخيرة من أن هذا الحرس سيستخدم ضد خصوم في المؤسسة السياسية الإسرائيلية، ولذلك تم وصفه بأنه «ميليشيا بن غفير».

من جهة أخرى، خصص رئيس المجلس الإقليمي «الجليل الأسفل»، نيتسان بيلغ، وفقاً لموقع «واينت» الإلكتروني، مساحة 26 دونماً قرب مفترق مسكنة لقاعدة «الحرس القومي»، التي سيخدم فيها قرابة ألف عنصر من وحدة حرس الحدود، بزعم أنهم «سيوفرون الأمن لسكان المنطقة، ويدفعون بالتطوير الاقتصادي في الجليل الأسفل والمنطقة»، وهذا وصف يوحي باستهداف المجتمع العربي في هذه المنطقة واستئناف محاولات تهويد الجليل.

ورأى بيلغ أن «الجليل الأسفل، ومفترق غولاني بداخله، هو (هدف استراتيجي)»، وأن وحدة الحرس القومي ستتمكن من الدفاع عن طبريا وكافة بلدات الجليل الأسفل والمنطقة كلها، كاشفاً عن أنه وضع هذا المشروع على «رأس سلم الأفضليات». والغايات البارزة هي الاستيطان والقدرة على ممارسة صلاحيات الحكم.

وتابع بيلغ أن إقامة قاعدة لـ«الحرس القومي» قرب مفترق مسكنة هي «بشرى أمنية كبيرة بالنسبة للجليل؛ ففي الجليل الأسفل يوجد حالياً ست قواعد لا تضم قوات مقاتلة. وعندما تقيم قاعدة فإنك تحضر المزيد من عائلات أفراد الشرطة والضباط إلى منطقتنا، وعائلات المصالح التجارية، وقوات أمن وضباط في الخدمة الدائمة وآخرين من الذين سيطورون هذه المنطقة».

أضرار لحقت بممتلكات فلسطيني في المغير (إ.ب.أ)

وعلى صلة، أعلن بن غفير، الثلاثاء، تشكيل وحدة خاصة ضمن قوات شرطة الاحتلال لملاحقة ناشطي اليسار الإسرائيلي والمتضامنين الدوليين مع الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة، الذين وصفهم بـ«الفوضويين».

وجاء قرار بن غفير بعد عقوبات فرضتها دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ضد مستوطنين لتنفيذهم أنشطة إرهابية استهدفت فلسطينيين في الضفة. والهدف المعلن لعمل الوحدة الخاصة هو «تحديد مكان الناشطين الذين (حسب قول بن غفير) يتسببون في الإضرار بالاستقرار الأمني في المنطقة».

وتستهدف هذه الوحدة كذلك «الأجانب الذين يأتون من جميع أنحاء العالم مباشرة إلى الضفة الغربية، والسياح الذين يأتون تحت ستار الزيارة لكنهم يصلون إلى أماكن الاحتكاك في الضفة، والمواطنين الإسرائيليين الذين يواجهون الجنود».

فلسطينيون ينتظرون الحصول على إذن عبور من الأمن الإسرائيلي للصلاة في الأقصى رمضان المنصرم (أ.ف.ب)

وكانت هيئة البث الإسرائيلية «كان 11» قد كشفت، مساء الثلاثاء، عن أن بن غفير جعل من «تغيير الوضع القائم بالمسجد الأقصى، هدفاً رسمياً لوزارته في عام 2024، وتوفير تدابير تكنولوجية للشرطة في الحرم القدسي». وقالت القناة إن بين الأهداف الرسمية التي حددتها وزارة الأمن القومي لنفسها للعام الجاري، «تعزيز سلطة الحكم في جبل الهيكل (الحرم القدسي)، وتوفير الحقوق الأساسية، ومنع التمييز والعنصرية فيه». ويقصد بن غفير بهما «التمييز» المزعوم ضد اليهود، في ظل الوضع القائم الذي يمنح حرية العبادة حصراً للمسلمين في الحرم القدسي.


الدفاعات الإسرائيلية ستتفوق على الإيرانية لكن بـ«تكلفة باهظة»

جدارية دعائية في ميدان ولي عصر وسط طهران تحمل صور صواريخ إيرانية قادرة على ضرب إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية دعائية في ميدان ولي عصر وسط طهران تحمل صور صواريخ إيرانية قادرة على ضرب إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الدفاعات الإسرائيلية ستتفوق على الإيرانية لكن بـ«تكلفة باهظة»

جدارية دعائية في ميدان ولي عصر وسط طهران تحمل صور صواريخ إيرانية قادرة على ضرب إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية دعائية في ميدان ولي عصر وسط طهران تحمل صور صواريخ إيرانية قادرة على ضرب إسرائيل (إ.ب.أ)

ستصبح إيران عرضة لهجوم إسرائيلي، إذا قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل الضغوط الدولية بعدم الرد بشكل مباشر على هجوم طهران غير المسبوق على إسرائيل بطائرات مسيرة وصواريخ ليل السبت الماضي، وذلك بسبب دفاعاتها الجوية القديمة.

وبغض النظر عن التكلفة الدبلوماسية والاستراتيجية الأوسع التي ستكون أقوى رادع على الأرجح لأي هجوم مضاد، يقول خبراء إن إسرائيل لن تجد صعوبات كبيرة في ضرب أهداف داخل إيران التي لديها سلاح جو عفا عليه الزمن وأنظمة دفاع جوي معتمدة على نماذج روسية قديمة.

وكشف وابل الصواريخ والطائرات المسيرة الذي أطلقته إيران على إسرائيل مطلع الأسبوع عن قوة ترسانتها المحمولة جواً، وعن أنظمة الدفاع الإسرائيلية الهائلة التي ضمنت أقل الأضرار من مئات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات المسيرة التي أطلقتها إيران عليها.

وقال زفيكا حايموفيتش القائد السابق لقوات الدفاع الجوي الإسرائيلية إن إيران «قوة عظمى في مجال الصواريخ الباليستية التكتيكية والطائرات المسيرة»، وفقاً لوكالة «رويترز».

لكن دفاعاتها الجوية مسألة أخرى، فهي تعتمد إلى حد كبير على منظومات صواريخ مضادة للطائرات روسية الصنع من طراز «إس - 200» و«إس - 300» أو مجموعة من نظيراتها المنتجة محلياً مثل «بافار - 373» و«خرداد» و«رعد» و«صياد» و«تلاش»، بالإضافة إلى طائرات حربية أميركية وروسية قديمة يعود بعضها إلى حقبة الشاه محمد رضا بهلوي في السبعينات.

ونشرت إيران أنظمة مماثلة في سوريا منذ عام 2015، مما منح الطيارين الإسرائيليين خبرة التعامل معها لسنوات.

وأضاف حايموفيتش: «حلقت قواتنا الجوية وقوات التحالف الجوية في هذه البيئة. هم يعرفون طريقة التعامل بفعالية مع هذا النظام... كل الاحترام لهم، لكن هذا لن يكون التحدي الرئيسي في التعامل مع إيران».

منظومة «خرداد» الدفاعية وصواريخ باليستية تُعرَض أمام مقرّ البرلمان الإيراني في ساحة بهارستان وسط طهران الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

وأفاد سيدهارث كوشا، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، بأن التحدي الرئيسي لإسرائيل قد لا يكون تجنب صواريخ أرض - جو الإيرانية، إنما القدرة على ضرب القواعد العسكرية بنجاح في غرب وجنوب إيران، وهو ما يتطلب استخدام قنابل ذات قدرة على اختراق التحصينات.

وقال كوشا إن الطائرات الإسرائيلية، مثل طائرات الشبح (إف - 35) التي يمكنها تجنب شبكات الدفاع الجوي الإيرانية، عادة ما تحمل متفجرات أصغر. لكن قصف الأهداف المدفونة بعمق تحت الأرض قد يحتاج إلى ذخائر أكبر، مما يعني أنه قد يتعين حملها على طائرات من طراز «إف - 16»، الأمر الذي يجعل اكتشاف أجهزة الرادار لها أكثر قابلية. ومن المرجح أن يطلقها الطيارون من مسافة بعيدة حفاظاً على سلامتهم.

وأضاف: «من المؤكد أن شبكة الدفاع الجوي الإيرانية لا تستعصي على هذه الطائرات، لكن هذا يزيد من خطر الخسائر ومن قدرة إيران، نظرياً على الأقل، على اعتراض بعض الأسلحة القادمة إليها».

شاحنة عسكرية إيرانية تحمل طائرة مسيّرة من طراز «أراش» تمر أمام الرئيس إبراهيم رئيسي وضباط خلال عرض بمناسبة يوم الجيش في طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

قرار استراتيجي

سيعتمد استعداد إسرائيل للمخاطرة بتوجيه ضربة مباشرة لإيران جزئياً على مدى ثقتها في قدرتها على إحباط هجمات أخرى من طهران، التي قالت إن هجومها على إسرائيل مطلع الأسبوع جاء رداً على غارة إسرائيلية أسفرت عن مقتل قادة عسكريين لها في سوريا.

وقد تؤدي زيادة التصعيد إلى اختيار إيران لأسلحة أكثر قوة من ترسانة يقول محللون إنها تضم أكثر من 3500 صاروخ وبضعة آلاف من الطائرات المسيرة.

ويعتمد الدفاع الجوي الإسرائيلي على أنظمة «أرو» التي تتعامل على ارتفاعات عالية واستخدمت بنجاح في مطلع الأسبوع، وعلى نظام «مقلاع داود» متوسط المدى، وعلى «القبة الحديدية» قصيرة المدى التي صدت آلاف الصواريخ التي أُطلقت من غزة ولبنان.

المتحدث العسكري الإسرائيلي الأدميرال دانيال هاغاري يعرض لوسائل الإعلام أحد الصواريخ الباليستية الإيرانية التي اعترضتها إسرائيل خلال عطلة نهاية الأسبوع في قاعدة جولس العسكرية جنوب إسرائيل الثلاثاء 16 أبريل 2024 (أ.ب)

لكن التكلفة ستكون باهظة. ورغم أن المسؤولين الإسرائيليين لم يدلوا بتفاصيل، يقدر محللون أن تكلفة الهجوم الإيراني ربما تراوحت ما بين 80 و100 مليون دولار لكن التكلفة التي تكبدتها إسرائيل وحلفاؤها لصد الهجوم بلغت مليار دولار.

وسلطت، المشكلات التي تواجهها أوكرانيا حالياً في توفير ذخائر بديلة، الضوء على التأثير طويل المدى على الدفاعات الجوية المعرضة لهجوم مستمر من إيران أو وكيلها جماعة «حزب الله» في لبنان، الذي يمتلك ترسانة خاصة مكونة من آلاف الصواريخ.

ودعا الرئيس الأميركي جو بايدن الكونغرس، أمس (الأربعاء)، إلى الموافقة على حزمة مساعدات من شأنها تجديد الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

وقال البريجادير جنرال دورون جافيش، القائد السابق لقوة الدفاع الجوي الإسرائيلية، إن إسرائيل تقضي وقتاً إضافياً في إعادة بناء مخزوناتها استعداداً لهجوم محتمل آخر من إيران أو وكلائها.

طائرة إف 15 في قاعدة عسكرية إسرائيلية (رويترز)

وإذا واجه الإسرائيليون إيران بمفردهم في أي تصعيد مستقبلي فربما يستخدمون «القبة الحديدية» و«مقلاع داود» كبديل اقتصادي أكثر، بمعنى أن الصواريخ التي لا يصيبها نظام «أرو» ستتصدى لها الأنظمة التي تعمل على ارتفاعات منخفضة.

وقال، للصحافيين أثناء زيارة إحدى بطاريات «القبة الحديدية» بجنوب إسرائيل: «من دون الدخول في أرقام، يمكننا أن نقول مرة أخرى إنه مع حلفائنا، وخاصة الولايات المتحدة، ودول أخرى أيضاً، نشعر أن لدينا الإمدادات اللازمة».

وتوقع عاموس يادلين، الجنرال المتقاعد من سلاح الجو الإسرائيلي والرئيس السابق للمخابرات العسكرية، أن إسرائيل لن تجلس وتعتمد على دفاعاتها لصد الهجمات دون أن ترد للقضاء على التهديد.

وقال يادلين، الذي يدير شركة «مايند إسرائيل» للاستشارات الاستراتيجية: «إيران ليست الجانب الوحيد الذي يعرف كيف يهاجم... إسرائيل لديها خيارات هجومية كثيرة جداً. لن تكون إسرائيل في وضع تدافع فيه عن نفسها بينما إيران توجه ضربات».


سوء التقدير يفاقم التصعيد بين إسرائيل وإيران

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية- رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية- رويترز)
TT

سوء التقدير يفاقم التصعيد بين إسرائيل وإيران

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية- رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية- رويترز)

كانت إسرائيل على بعد لحظات فقط من الغارة الجوية التي وقعت في الأول من أبريل (نيسان)، وأسفرت عن مقتل الكثير من كبار القادة الإيرانيين داخل مجمع السفارة الإيرانية في سوريا، عندما أبلغت الولايات المتحدة بما كان على وشك الحدوث.

وجاءت الضربة بمثابة مفاجأة لأقرب حليف لإسرائيل.

وسارع عدد من المساعدين إلى إخطار جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي المعاون للرئيس جو بايدن، وجون فاينر، نائب مستشار الأمن القومي، وبريت ماكغورك، منسق بايدن لشؤون الشرق الأوسط؛ وآخرين ممن رأوا أن الضربة قد تخلف عواقب وخيمة، حسبما ذكر مسؤول أميركي.

علانية، عبّر مسؤولون أميركيون عن دعمهم لإسرائيل، لكن داخلياً، عبّروا عن غضبهم من إقدام إسرائيل على مثل هذا العمل العدواني ضد إيران، دون استشارة واشنطن.

وبحسب مسؤولين أميركيين شاركوا في مناقشات رفيعة بعد الهجوم، أخطأ الإسرائيليون في حساباتهم بشدة لاعتقادهم بأن إيران لن ترد بقوة، وهو رأي يتفق معه مسؤول إسرائيلي رفيع.

تغيير في قواعد الاشتباك

كشفت الأحداث عن تغيير جذري في قواعد الاشتباك غير المكتوبة في الصراع المستعر منذ فترة طويلة؛ ما جعل من الصعب أكثر عن أي وقت مضى على كل جانب قياس نوايا الطرف الآخر وردود أفعاله.

ومنذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الذي شنّته «حماس»، وما تبعه من قصف إسرائيلي لقطاع غزة، كان هناك تصعيد تلو تصعيد وسوء تقدير تلو سوء تقدير؛ ما أجج المخاوف من اشتعال دورة انتقامية يمكن أن تتوسع إلى حرب شاملة.

وحتى بعدما أصبح واضحاً أن إيران سترد، اعتقد مسؤولون أميركيون وإسرائيليون في البداية أن الرد سيأتي محدوداً إلى حد ما، قبل أن يسارعوا إلى مراجعة تقديراتهم. والآن، ينصبّ التركيز على ما ستفعله إسرائيل وكيف يمكن أن ترد إيران.

في هذا السياق، يقول علي فايز، مدير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية: «نحن في وضع يمكن للجميع فيه أن يزعموا النصر. يمكن لإيران أن تقول إنها انتقمت، ويمكن لإسرائيل أن تقول إنها هزمت الهجوم الإيراني، ويمكن للولايات المتحدة أن تقول إنها نجحت في ردع إيران ودافعت عن إسرائيل».

وأضاف: «إذا دخلنا في جولة أخرى من الفعل ورد الفعل، فمن الممكن بسهولة أن تخرج الأمور عن نطاق السيطرة، ليس فقط لإيران وإسرائيل، وإنما كذلك لبقية المنطقة والعالم».

وجرى استخلاص هذه الرواية من مقابلات جرت مع مسؤولين أميركيين، وإسرائيليين وإيرانيين ومن دول شرق أوسطية أخرى. وتحدث جميعهم شرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشتهم أموراً حساسة غير مسموح لهم تناولها علانية.

ردّ إيراني غير متوقّع

مسيّرات إيرانية معروضة في طهران في يناير الماضي (إعلام إيراني)

قال مسؤولان إسرائيليان إن التخطيط للضربة الإسرائيلية في سوريا بدأ قبل شهرين، وكان الهدف محمد رضا زاهدي، قائد «فيلق القدس» الإيراني في سوريا ولبنان، أحد أفرع «الحرس الثوري».

وقبل ذلك بنحو أسبوع، تحديداً في 22 مارس (آذار)، وافق مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي على العملية، تبعاً لسجلات الدفاع الإسرائيلية الداخلية التي لخّصت الاستعدادات للضربة، واطلعت عليها الـ«نيويورك تايمز».

كما أوضحت هذه السجلات نطاق ردود الفعل التي توقّعتها الحكومة الإسرائيلية من إيران، ومن بينها هجمات صغيرة النطاق من قِبل وكلاء، وهجوم صغير من إيران. ولم يتنبأ أي من التقييمات بشراسة الرد الإيراني الذي وقع بالفعل.

منذ يوم الهجوم الإسرائيلي، تعهدت إيران بالانتقام، على الصعيدين العلني وعبر القنوات الدبلوماسية. إلا أنها أرسلت في الوقت ذاته رسائل خاصة مفادها أنها لا تريد التورط في حرب صريحة مع إسرائيل - وبالتأكيد لا ترغب في ذلك مع الولايات المتحدة - وانتظرت طهران 12 يوماً قبل أن تهاجم.

وبذلك، وجد المسؤولون الأميركيون أنفسهم في موقف غريب ومقلق، فقد ظلوا جاهلين بقرار مهم اتخذه حليف وثيق، هو إسرائيل بينما أبلغتهم إيران، الخصم القديم، عن نواياها مقدماً. وقضت واشنطن وحلفاؤها أسابيع منخرطين في جهود دبلوماسية مكثفة، في محاولة لتجنب الهجوم الإيراني المضاد المتوقع. والآن، يحاولون تثبيط إسرائيل عن الرد بالمثل.

ليلة السبت الماضي، جاء استعراض القوة الإيراني كبيراً، لكن إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاء آخرين اعترضوا جميع الصواريخ والمسيّرات تقريباً. أما القلة التي وصلت إلى أهدافها، فكان لها تأثير ضئيل. وأعلن مسؤولون إيرانيون أن الهجوم كان يهدف إلى إلحاق أضرار محدودة من الأساس.

وطلب مسؤولون أميركيون من القادة الإسرائيليين أن ينظروا إلى دفاعهم الناجح على أنه نصر؛ ما يشير إلى أن الحاجة إلى رد إسرائيلي ضئيلة أو منعدمة كلياً. ومع ذلك، وعلى رغم الدعوات الدولية لخفض التصعيد، يرى مسؤولون إسرائيليون أن الهجوم الإيراني يتطلب رداً؛ وهو ما تؤكد إيران أنها سترد عليه بقوة أكبر، ما يزيد الوضع اضطراباً.

من ناحيتها، قالت دانا سترول، المسؤولة السابقة المعنية بشؤون الشرق الأوسط في البنتاغون، التي تعمل حالياً بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: «السؤال الآن: كيف سترد إسرائيل بطريقة تمنع إيران من إعادة كتابة قواعد اللعبة، دون إثارة دورة جديدة من العنف على مستوى الدول».

في الواقع، كان القادة الإسرائيليون على وشك إصدار أوامر بشنّ ضربات واسعة النطاق في إيران في الليلة التي وقع فيها الهجوم الإيراني، طبقاً لمسؤولين إسرائيليين.

ويرى مسؤولون إسرائيليون أن هجوم السابع من أكتوبر الذي شنّته «حماس»، والذي فاجأهم، غيّر القواعد الأساسية للصراع الإقليمي. أما أعداؤها، فيرون أن القصف الإسرائيلي لغزة وغزوها هو الذي أدى إلى ذلك، كما أدى إلى زيادة إطلاق الصواريخ من قِبَل جماعة «حزب الله»، وكيل إيران في لبنان. وهذا بدوره أثار هجمات نارية كثيفة من قبل إسرائيل.

علاقة متوترة بين الحليفين

بحلول شهر مارس (آذار)، كانت العلاقة بين إدارة بايدن وإسرائيل أصبحت مشحونة على نحو متزايد، مع انتقاد واشنطن الهجوم الإسرائيلي على غزة، ووصفها إياه بالمميت والمدمر دون داعٍ «ومبالغ فيه»، على حد تعبير بايدن.

وبعد ذلك، جاءت الضربة الإسرائيلية في دمشق. واشتكى مسؤولون أميركيون من أن الإسرائيليين انتظروا حتى اللحظة الأخيرة لإبلاغ الولايات المتحدة، وحتى عندما فعلوا ذلك، كان إخطاراً عاماً لم يحمل أي مؤشر على حساسية الهدف.

وذكر مسؤولون أميركيون ومسؤول إسرائيلي أن الإسرائيليين اعترفوا لاحقاً بأنهم أخطأوا بشدة في تقدير عواقب الضربة.

وكان وزير الدفاع، لويد أوستن، اشتكى مباشرة لنظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، في مكالمة هاتفية في 3 أبريل (نيسان) من أن الهجوم عرّض القوات الأميركية في المنطقة للخطر، وأن عدم تنبيه واشنطن لم يترك لها الوقت الكافي لتعزيز دفاعاتها. ولم يكن لدى غالانت تعليق فوري على الأمر.

وبدت هشاشة الآلاف من القوات الأميركية المنتشرة في الشرق الأوسط، واضحة للغاية، عندما أطلقت الميليشيات المدعومة من إيران النار عليهم بشكل متكرر؛ ما أسفر عن مقتل ثلاثة وإصابة أكثر من 100 آخرين. ولم تتوقف هذه الهجمات سوى في مطلع فبراير (شباط) بعد انتقام الولايات المتحدة وتوجيهها تحذيرات شديدة لإيران.

وفي ليلة الغارة على دمشق، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفيرة السويسرية في طهران لنقل غضب طهران إلى واشنطن، إلى جانب رسالة مفادها أنها تعدّ الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي لإسرائيل، مسؤولة عن الهجوم.

وباستخدام عمان وتركيا وسويسرا وسطاء - لأنه ليس لدى إيران والولايات المتحدة علاقات دبلوماسية رسمية - أوضحت الولايات المتحدة لإيران أنها لم تشارك في الأمر، وأنها لا تريد الحرب.

الدبلوماسية مقابل الحرب

وزير الخارجية والشؤون الأوروبية الفرنسي ستيفان سيجورنيه والممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية جوزب بوريل في جلسة حول الشرق الأوسط على هامش قمة الدول السبع في كابري الإيطالية في 18 أبريل (إي بي أي)

أطلقت الحكومة الإيرانية حملة دبلوماسية مفتوحة وواسعة النطاق بشكل استثنائي، موضحة أنها ترى الهجوم انتهاكاً لسيادتها يتطلب الثأر. وأعلنت الحكومة أنها تتبادل الرسائل مع الولايات المتحدة، وأن وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان كان يتحدث إلى ممثلي دول المنطقة ومسؤولين أوروبيين رفيعي المستوى وقيادات في الأمم المتحدة.

وفي السابع من أبريل، التقى عبداللهيان في مسقط، عاصمة عمان، نظيره العماني بدر البوسعيدي. وتٌعد عُمان أحد الوسطاء الرئيسيين بين إيران والغرب. وكانت الرسالة الإيرانية في ذلك الاجتماع، طبقاً لمصدر دبلوماسي مطلع، أن إيران يجب أن ترد، لكنها ستبقي هجومها تحت السيطرة، وأنها لا تسعى إلى إشعال حرب إقليمية.

قبل الاجتماع وبعده، ثارت زوبعة من المكالمات الهاتفية بين الجنرال تشارلز براون، رئيس هيئة الأركان المشتركة، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، وبايدن وأوستين وسوليفان، ونظرائهم في إسرائيل والصين والهند والعراق وحلفاء «الناتو» وغيرهم، على حد قول المسؤولين.

وقال مسؤول أميركي إن إدارة بايدن لم يساورها اعتقاد بأن بإمكانها ثني إيران عن مهاجمة إسرائيل، لكنها كانت تأمل في تقليص نطاق الهجوم. وتحدث بلينكن إلى كبار أعضاء مجلس الوزراء الإسرائيلي، وأكد لهم أن بلاده ستساعد إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم إيراني، وحثّهم على عدم شن هجوم مضاد متهور دون دراسة جميع الاعتبارات.

من جهتها، عملت وكالات الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية بشكل وثيق معاً، بمساعدة الأردن ودول شرق أوسطية أخرى، لمعرفة ما في وسعها فعله بشأن نوايا إيران. وقال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إن وسطاء وحلفاء أبلغوا الولايات المتحدة وإسرائيل أن إيران تخطط لضرب مواقع عسكرية، وليس أهدافاً مدنية.

وقال مسؤولون إسرائيليون وإيرانيون إن رسالة طهران كانت أنها ستخفف حدة من هجومها؛ حتى لا تثير هجوماً إسرائيلياً مضاداً. إلا أن الجانب الإسرائيلي قال إنه على أرض الواقع، تعمد طهران إلى توسيع خططها الهجومية، وترغب على الأقل في أن تخترق بعض أسلحتها دفاعات إسرائيل.

إخطار مسبق وتوقعات غير صائبة

في البداية، توقّعت أجهزة الجيش والاستخبارات الإسرائيلية أن تطلق إيران ما لا يزيد على 10 صواريخ أرض - أرض باتجاه إسرائيل. وبحلول منتصف الأسبوع الماضي، أدركوا أن إيران لديها شيء أكبر بكثير في ذهنها، وزاد الإسرائيليون تقديراتهم إلى ما بين 60 و70 صاروخ أرض- أرض. وحتى هذا التقدير تبين أنه منخفض للغاية.

والأربعاء، أكد بايدن علانية ما قاله هو ومساعدوه مراراً: «رغم الخلاف مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن الالتزام بالدفاع عن إسرائيل ضد الهجمات «راسخ».

ومع ذلك، ضاعفت إدارة بايدن، في الوقت ذاته، جهودها الدبلوماسية لتجنب المواجهة، وقال مسؤولون إيرانيون إن حكومتهم تلقت مكالمات الأسبوع الماضي تحثّ حكومتهم على ضبط النفس من دول عبر آسيا وأوروبا وأفريقيا – وهو جهد وصفوه بأنه محموم.

وأبلغت تركيا، في إطار نقلها رسالة إيرانية، للولايات المتحدة مفادها أن الهجوم الإيراني سيكون متناسباً مع ضربة دمشق، وفقاً لمصدر دبلوماسي تركي. وقال عبداللهيان، وزير الخارجية الإيراني، في تصريحات للتلفزيون الرسمي في اليوم التالي للقصف الإيراني، إن إيران أخطرت جيرانها بالهجوم قبل 72 ساعة من وقوعه، وإن كانت تفاصيل هذا التحذير غير واضحة.

وذكر مسؤولون إسرائيليون أنه، بفضل عوامل عدة، منها التعاون الدولي، كانت لديهم فكرة جيدة مسبقاً عن أهداف إيران وأسلحتها. وحرص الجيش الإسرائيلي على إجلاء عائلات من بعض القواعد الجوية، ونقل الطائرات بعيداً عن طريق الأذى.

وتولى الجيش الأميركي تنسيق جهود الدفاع الجوي مع القوات الإسرائيلية والبريطانية والفرنسية، وكذلك مع القوات الأردنية، التي تقع بين إيران وإسرائيل. وكانت الولايات المتحدة وإسرائيل تعملان بهدوء لسنوات مع الدول العربية الصديقة لتطوير نظام دفاع جوي إقليمي يتضمن رصداً وإنذارات مشتركة. واكتسبت الجهود زخماً بعد هجمات عدة بمسيّرات ضد منشآت نفطية سعودية عام 2019.

وانتشرت أخبار الموجة الأولى من الهجوم الإيراني، السبت، والتي تضمنت 185 طائرة مسيّرة بطيئة نسبياً، في جميع أنحاء العالم قبل ساعات من وصول أي منها إلى إسرائيل. وكانت صواريخ كروز الثلاثون التي أطلقتها إيران في وقت لاحق أسرع بكثير، لكن التحدي الأكبر تمثل في الصواريخ الباليستية الإيرانية، التي تحركت بسرعة تفوق سرعة الصوت مرات عدة. وأطلقت إيران 110 منها؛ ما شكّل أول اختبار كبير لنظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي المضاد للصواريخ الباليستية.

وأسقطت الطائرات الحربية وأنظمة الدفاع الجوي الأميركية والبريطانية والفرنسية والإسرائيلية والأردنية معظم المسيّرات والصواريخ قبل وصولها إسرائيل. وقال مسؤولون إسرائيليون إن 75 طائرة فقط دخلت المجال الجوي الإسرائيلي، حيث جرى إسقاط معظمها كذلك. ولم يلحق الهجوم سوى أضرار طفيفة بقاعدة جوية واحدة، وجرى الإبلاغ عن إصابة واحدة خطيرة فقط.

قنوات مفتوحة خلال الهجوم

وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان في مؤتمر صحافي في طهران في 14 أبريل (أ ف ب)

قال مسؤولون إيرانيون إنه طوال فترة الضربة، أبقت وزارة الخارجية الإيرانية و«الحرس الثوري» خطاً ساخناً مفتوحاً مع الحكومة العُمانية؛ لتمرير الرسائل ذهاباً وإياباً مع الولايات المتحدة.

وفي الثالثة صباحاً، جرى استدعاء السفيرة السويسرية في طهران مرة أخرى - ليس إلى وزارة الخارجية، كما جرت العادة، ولكن إلى قاعدة لـ«الحرس الثوري»، تبعاً لما أفاده مسؤول إيراني وآخر أميركي. وطلب منها مسؤولون إيرانيون أن تنقل رسالة مفادها أن الولايات المتحدة يجب أن تبقى خارج القتال، وأنه إذا ردت إسرائيل، فإن إيران ستضرب مرة أخرى، بقوة أكبر ودون سابق إنذار.

وعدّت إيران وابل ضرباتها ضد إسرائيل عملاً محسوباً ومبرراً، ولا ينبغي أن يؤدي إلى التصعيد.

وقال اللواء حسين سلامي، القائد العام لـ«احرس الثوري»، عبر التلفزيون الرسمي: «نفذنا عملية محدودة، بالمستوى نفسه والمتناسب مع الأعمال الشريرة للنظام الصهيوني. كان من الممكن أن تكون هذه العمليات أكبر بكثير».

وقال بايدن لنتنياهو في اتصال هاتفي إن دفاع إسرائيل الناجح أثبت تفوقها الفني، بحسب جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن الوطني.

وقال كيربي، الاثنين: «حث الرئيس رئيس الوزراء الإسرائيلي على التفكير فيما يقوله هذا النجاح في حد ذاته لبقية المنطقة».

إلا أنه خلال مقابلات أجريت معهم، وصف مسؤولون إسرائيليون الهجوم بعبارات أكثر خطورة بكثير، ويرجع ذلك لعوامل، منها حجمه الهائل. وشددوا على أن الهجوم هذه المرة صدر عن دولة ذات سيادة، من داخل أراضيها، ضد إسرائيل مباشرة، وليس عبر وكلاء في الخارج.

استعداد بلا قرار

أمرت حكومة الحرب الإسرائيلية الجيش بوضع خطط لمجموعة واسعة النطاق من الضربات ضد أهداف في إيران حال وقوع هجوم إيراني واسع النطاق. وبعد ورود أنباء عن عمليات إطلاق إيرانية، السبت، قال بعض القادة خلف الأبواب المغلقة إنه يجب على إسرائيل الرد على الفور.

وقالوا إن الانتظار سيسمح للضغوط الدولية بتعزيز ضبط النفس الإسرائيلي، وقد يجعل إيران تعتقد أنها وضعت قواعد أساسية جديدة للصراع، ما تراه إسرائيل غير مقبول. ومن بين القادة الذين قدّموا هذه الحجة، وفقاً لما ذكره ثلاثة مسؤولين إسرائيليين، بيني غانتس وجادي آيزنكوت، رئيسا الأركان المشتركة سابقاً اللذان يقفان بصفوف المعارضة البرلمانية لحكومة نتنياهو اليمينية، وعادة ما يعدّان أقل تشدداً، لكنهما انضما إلى حكومة الحرب، الخريف الماضي.

وكان سلاح الجو الإسرائيلي على استعداد لتنفيذ الأمر، لكن الأمر لم يصدر قط. ليلة السبت، وبعد أن تحدث نتنياهو إلى بايدن؛ ولأن الضرر كان محدوداً، أجّلت حكومة الحرب الإسرائيلية القرار، وتبع ذلك المزيد من التأجيلات.

ولا يزال العالم في انتظار ما ستسفر عنه الأيام المقبلة.

*خدمة «نيويورك تايمز»


زلزال بقوة 5.6 درجة يهز إقليم توكات التركي

شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش، تركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)
شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش، تركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)
TT

زلزال بقوة 5.6 درجة يهز إقليم توكات التركي

شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش، تركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)
شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش، تركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

قالت إدارة الكوارث والطوارئ التركية (أفاد) إن زلزالاً بقوة 5.6 درجة هزَّ إقليم توكات بشمال تركيا، اليوم (الخميس).

وذكر وزير الداخلية علي يرلي قايا على منصة «إكس» أن فِرَقاً من «أفاد» ووكالات أخرى معنية تتحرى الوضع في موقع الزلزال، حسبما أفادت به وكالة «رويترز» للأنباء.