ليونيد بيرشيدسكي
TT

حظر القوارب المطاطية لن يوقف المهاجرين

إن كان الأمر يبدو وكأن أوروبا تتعلق بالقشة لإيقاف تدفق المئات، وأحياناً الآلاف من المهاجرين ومنعهم من عبور البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا في كل يوم، فإن هذا بالضبط ما يحدث في الواقع. في يوم الاثنين، أقر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي القيود المفروضة على توريد القوارب المطاطية ومحركاتها الخارجية إلى ليبيا.
كانت القوارب التي تجلب المهاجرين، من الأهداف طويلة الأمد للجهود الأوروبية الرامية إلى تفكيك شبكات الاتجار بالبشر التي تسيطر على طريق الهجرة بين ليبيا وإيطاليا. ووفقاً للتقرير الصادر عن البرلمان البريطاني، فإن عملية صوفيا، وهي العملية البحرية الأوروبية التي بدأت عام 2015، قد تمكنت من تدمير 452 قاربا بحلول منتصف يونيو (حزيران). وكانت هذه من أنواع القوارب الخشبية الكبيرة ذات السعة الاستيعابية حتى نحو 500 راكب، كما أوضحت المفوضية الأوروبية في بيانها الصادر في يناير (كانون الثاني)، أن نموذج أعمال المهربين شهد تغييراً كبيراً جراء ذلك.
ومن ثم، ازدادت أعداد المهاجرين غير النظاميين على متن القوارب الرخيصة التي لا يمكنها بلوغ السواحل الإيطالية بأمان.
والنقطة التي لم تتغير جراء تدمير القوارب كانت أرقام وصول المهاجرين، ففي 14 يوليو (تموز) الحالي، تمكن 5122 شخصاً من العبور.
وأشار تقرير العملية صوفيا إلى ما يلي:
ذكرت التقارير مصادرة الجمارك المالطية لما يقرب من 20 قاربا مطاطياً كانت مستوردة من الصين ونقلت إلى مالطا وتركيا في حاويات متجهة إلى مدينة مصراتة الليبية. وحيث إنه لا يوجد أساس قانوني لاحتجاز هذه الشحنات، فتم الإفراج عنها وبلغت وجهتها المقصودة.
من السهل التنبؤ بعواقب القيود المفروضة على تصدير القوارب الصينية؛ إذ لن تمر شحنات القوارب المتجهة إلى ليبيا عبر مالطا، ولكن عبر تركيا أو شمال أفريقيا. وهناك ثغرة معروفة في حزمة القيود الأوروبية بالنسبة للصيادين، التي سوف يتم حتماً استغلالها. وإن أسفرت القيود الأوروبية عن نقص المعروض من القوارب، فسوف يضطر المهربون إلى دفع المزيد من الأموال للحصول عليها، وبالتالي سوف يدفعون بمزيد من المهاجرين على متن هذه القوارب لتعويض الخسارة المادية.
وطلب الاتحاد الأوروبي، في مايو (أيار) من العام الحالي، من الصين المساعدة في وقف شحنات القوارب المطاطية. ولكن من غير المتوقع من الصين إيقاف إحدى الصناعات المحلية الكبيرة لديها.
والحقيقة السافرة لأزمة المهاجرين الحالية تكمن في القليل الذي يمكن لأوروبا فعله لوقف تهريب البشر. تمثل القيود المفروضة على القوارب المطاطية والمشاركة الأوروبية في تدريب قوات حرس السواحل الليبية أوجه القصور اليائسة للكتلة التي حوصرت بعواقب عملية حلف شمال الأطلسي العسكرية في عام 2011، التي عجلت بتغيير النظام في ليبيا ولكن تركت البلاد من دون سلطات فاعلة للقانون مع سواحل مفتوحة بلا حراسة. وفي الوثيقة نفسها التي أقرت فرض القيود على القوارب المطاطية، شدد الاتحاد الأوروبي مجدداً على دعمه لحكومة فايز السراج المعترف بها دولياً، التي تسيطر على قطاع صغير من الأراضي الليبية.
ويا لها من لعبة خاسرة. فليست هناك جدوى من تكرار الفكرة المبتذلة بأن الصراع الليبي لا يمكن حله بالقوة. فإن القوة فقط هي المرجح لها أن تنجح في تسوية هذا الصراع.
وبصرف النظر عن تحديد أقوى الجماعات في البلاد ودعمها عسكرياً فإن الحل الوحيد للاتجار بالبشر عبر ليبيا يكون من خلال نشر قوات عسكرية لملاحقة عصابات التهريب هناك. وحيث إن القدرات العسكرية الأوروبية محدودة، فينبغي أن يضطلع حلف شمال الأطلسي بهذه المهمة.
وإن حدث ذلك، فسوف تنخفض مبيعات القوارب المطاطية الصينية الشيء القليل؛ إذ إن شركات صناعة تلك القوارب لم تكن تضع المهاجرين الأفارقة في الحسبان بوصفهم من العملاء المحتملين. وسوف تتجه بعد ذلك إلى استهداف العملاء الأصليين الذين يفضلون الحصول على القوارب المطاطية لاستخدامها في أغراض الصيد.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»