مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

الحج والسعودية... قطر وعماد مغنية!

عام 1995 كان رئيس الجهاز العسكري والأمني لـ«حزب الله» اللبناني، عماد مغنية، على متن طائرة مقلعة من الخرطوم، هبطت بجدة؛ كانت فيما يبدو متجهة لطهران. كان عماد مغنية المطلوب رقم «واحد» في العالم للسلطات الأميركية وغير الأميركية.
فوراً علمت المخابرات الأميركية بالخبر؛ طلبت من السعودية تسليمها المطلوب الإرهابي الدولي، عماد مغنية... فوجئت برفض السلطات السعودية للأمر، بل ماطلت بهبوط طائرة خاصة على متنها أعضاء من «إف بي آي»، على الأرض السعودية لتسلم مغنية.
يحدثني مسؤول سعودي، كان فاعلاً في تلك اللحظة، بأن الأمير نايف، رحمه الله، ولي العهد الأسبق ووزير الداخلية، كان متشدداً جداً في عدم التسليم، رغم علم السلطات السعودية بهوية الرجل، رغم تغيير اسمه، الذي كان يستقل الطائرة المقبلة من الخرطوم، وله «جرائم» ضد السعودية... كانت الحجة السعودية سهلة واضحة؛ أي شخص يريد الزيارة الدينية للحرمين، بالمواسم الدينية، لا يمنع، والسعودية ملتزمة بذلك، وفي الوقت نفسه ملتزمة بواجباتها الدولية الأمنية، لكن مع مراعاة الخصوصيات السعودية الاستثنائية.
واقعة عماد مغنية اتخذها خصوم السعودية في أميركا حجة للهجوم على السعودية، وكتب مايكل بارون مقالة بعنوان: «أعداؤنا السعوديون»، مستشهداً بهذه الواقعة.
حين كانت ليبيا محاصرة جوياً، تحت حكم العقيد الأخضر معمر القذافي، لم يمنع الحجاج الليبيون من القدوم، وكانت وسيلة الناس للوصول من خلال مصر أو مالطا أو تونس، ويحدثني مسؤول سعودي عن تلك المرحلة فيقول: «اكتشفنا قبل يومين من وقفة عرفة إرسال مخابرات القذافي متفجرات في حقائب بعض الحجاج، فأرسل المرحوم الملك فهد مبعوثاً للقذافي، وقال له ما معناه: نعلم ما فعلت، ومع ذلك لن نمنع حجاج ليبيا»!
أثناء الحصار الدولي على العراق، كان حجاج العراق يأتون للسعودية عبر مطار عمّان بالأردن، أو عبر منافذ الأردن البريّة، لأنه لم تكن من وسيلة جوية أو برية للعراق مباشرة إلى السعودية، ولكن السعودية لم تمنع، أو تفكر بذلك حتى، حاجّاً أو معتمراً عراقياً.
حجاج إيران، لم يتم يوماً منعهم أو محاولة ذلك، رغم كل جرائم النظام الخميني بمكة المكرمة والمدينة المنورة. وقبل أيام قرأنا كلام المرشد خامنئي عن وجوب تنفيذ وصية الخميني بأنه «لا معنى للحج من دون البراءة». والبراءة تعني فوضى «الحرس الثوري» في الحج.
بعد هذا كله تأتي قطر وتشتكي للأمم المتحدة بأن السعودية تعرقل المواطنين القطريين والمقيمين عن الحج والعمرة، وأن المملكة «تسيّس» الحج!
الخلاف سياسي... وسيبقى حتى تزول أسبابه، أما الحج والعمرة فلا شأن لهما بالسياسة، فمن يسيّس الحج والعمرة حقا؟!

[email protected]