مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

لبنان وتحالف الأقليات... للأسف!

كان لافتاً لدى ساسة المسيحيين اللبنانيين، وقواعدهم الاجتماعية، شبه الإجماع على دعم حزب الله الشيعي في حربه على جماعات سورية راديكالية على الحدود اللبنانية - السورية.
حتى الزعيم اللبناني الأعلى صوتاً في مناهضة المشروع الإيراني، سمير جعجع، تراجع خطوة إلى الخلف، ولم يواصل ذا الخطاب الحادّ ضد حزب الله ودولته الحاضنة؛ الجمهورية الإيرانية التي أسسها رجل الدين الراديكالي الثوري، السيد الخميني، حسب ملاحظة الزميل والإعلامي اللبناني نديم قطيش بهذه الجريدة.
أن يدعم أشخاص مثل جبران باسيل أو سليمان فرنجية أو الرئيس عون، حروب حزب الله «الطائفية» الخادمة للمشروع الإيراني، فهذه «شنشنة نعرفها من أخزم»، كما يقال، لكن أن يصل هذا الحماس لقواعد مسيحية حامية للجمهورية، تقليدياً، باعتبارها «أم الصبي» ومن أجل ذلك ترفض المشاريع الإقليمية المخترقة لسيادة لبنان، ومنها المشروع الإيراني، فهذا تطور جدّ خطير، وجدّ مثير.
خطير في دلالاته على يقظة المشاعر الطائفية الرثّة، وعلى فكرة سيئة هي الأخرى، نبعت حين حاول التيار العوني ومن ينظر له، الترويج لها، وهي فكرة «تحالف الأقليات»، ضد من؟ بوضوح ضد أهل السنة.. حتى لو كانوا من قماشة رفيق الحريري أو فؤاد السنيورة.
كتب أخيراً المفكر اللبناني رضوان السيد واضعاً يده على هذا المنحنى الكارثي واصفاً إياه بالوهم، وقال: «الأوهام لا تتعلق فقط بوهم أنّ الحزب يقاتل من أجل لبنان. بل هناك وهمٌ آخر مستجد لدى كثرة من المسيحيين اللبنانيين. فهم لا يزالون متمسكين بالجيش، لكنهم متمسكون أيضاً بـ(حزب الله)، لأنه يقاتل الإرهاب السني الذي يتهدد المسيحيين خصوصاً!».
ولاحق مظاهر هذا الهلع المسيحي اللبناني الغرائزي لدى «جملة» من مسيحيي لبنان، وفي مقدمهم الموارنة، حماة الجمهورية والكيانية اللبنانية، فقال: «كان المسيحيون اللبنانيون هم الأكثر تمسكاً بالدولة وبالجيش وبالقرارات الدولية. وهم اليوم، وقد سيطرت عليهم ذهنية (تحالف الأقليات) التي تحميها إيران، لا حرج عندهم في استتباع الجيش للميليشيا الإيرانية، ونسيان الدولة والدستور!».
بقي تعليق ضروري، وتكريره أصلاً سخيف، وهو أنه لا جدال في أن جبهة النصرة وتنظيم القاعدة، وطبعاً «داعش»، كلها منظمات إرهابية يجب الخلاص منها بكل السبل، هذه قضية الشعوب المسلمة «السنيّة»، وهي غالب المسلمين، قبل أي شعب آخر صوناً للمسلمين وحماية للسلام على الأرض بين خلق الله.
لكن من قال إن ورثة عماد مغنية ومصطفى بدر الدين وقاسم سليماني وأبي مهدي المهندس وصادق خلخالي، هم رسل السلام وأنصار العلمانية والقيم الحديثة للدولة العصرية!؟
الخوف الغرائزي يفعل أشياء سيئة في أوقات حرجة.
[email protected]