مشاري الذايدي
صحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية».
TT

قطر والإعلام الغربي

ربما تابعت أو شاركت أيها القارئ الكريم هذه الأيام في نقاش عن مشكلة قطر، أو بالأحرى السياسات القطرية؛ إذ إن الشعب، والدولة القطرية منذ قيامها على يد الشيخ قاسم، أمر آخر غير سياسات حمد بن خليفة آل ثاني ومساعده حمد بن جاسم بن جبر.
الميديا الخادمة للسياسات القطرية، المباشرة وغير المباشرة، العربية وغير العربية، المسلمة وغير المسلمة، تشتغل بأقصى طاقتها في حروب التعبئة الإعلامية وتشتيت الأنظار عن (جوهر) المشكلة إلى هوامشها.
يساعد هذه الميديا حزام عريض من الأنصار أضخم بكثير من النواة القطرية نفسها. حزام ومدار يحلق فيه آلاف من الشظايا والأحجار الإخوانية والخمينية واليساريجية العالمية... ليس حباً في الدوحة بل كرهاً في الرياض والقاهرة... وأبوظبي والمنامة.
جوهر المشكلة مع السياسات القطرية هو إسهامها الفعال في تمويل التطرف والإرهاب و(خربطة) الوضع الأمني والتوافق الاجتماعي في الدول الأخرى، ليس فقط الدول الأربع، بل غيرها كليبيا واليمن... مثلاً.
الدوحة هي مركز التمويل والدعم الإعلامي لكل الفوضى التي حصلت في ديارنا منذ عقدين تقريباً. كما أن إيران الخمينية هي جيش الإرهاب والفتن الطائفية... وكما نعلم فإن الإخوان الذين يستخدمون اسم أو (شرعية) دولة قطر الدولية، هم في كل محطاتهم أولياء الإسلام الخميني.
هناك نجوم إخوانية اشتهرت بهواها الخميني الغلاب... والهوى فضاح كما قال أهل الوجد والعرفان... منهم التونسي راشد الغنوشي والمصري كمال الهلباوي وثلة من إخوان فلسطين كرمضان شلح وفتحي الشقاقي ومحمود الزهار... من الساسة... وأما من نشطاء الإعلام والتوجيه، فلدينا الفلسطيني اللندني عزام التميمي، نجم الحوارات الكاشفة الأخوية مع رموز التحريض الديني السياسي، خاصة ضد السعودية، كسعد الفقيه ومحمد المسعري.
اختصار المشكلة مع قطر بترهات مثل المعابر الجوية وقدرة قطر على فرض طيرانها على الجميع رغم أنف سيادتهم، أو اختصارها في أن الدول الأربع تريد إخراس حرية التعبير (شيء لله يا حرية التعبير) من خلال إغلاق قناة «الجزيرة»، هو إمعان من الآلة الإخوانية القطرية في تضييع الموضوع.
صحيح... أتفق مع من قال لم يكن من المهم إدراج هذا المطلب بهذه الصياغة. كان يكفي القول بإلزام الإعلام القطري بعدم ترويج المحتوى الإرهابي والدعائي للجماعات الإرهابية والطائفية... وعملياً هذا يعني إلغاء «الجزيرة» وغير «الجزيرة» من شبكات قطر.
لكن... هل من العدل والعقل محق كل المطالب الأخرى بحجة أن الإعلام الغربي (المحب للسعودية ومصر!) تضايق من حكاية إغلاق «الجزيرة»... ولم يعد يهمه باقي الأمور!
حيرنا القوم... هم يطالبون العرب والمسلمين، ومصر والسعودية هما من رؤوس الأمة، بالجدية في مكافحة الإرهاب وتمويله وتشجيعه إعلاميا... طيب لماذا هذا الحنق من سعي الدول الأربع لفعل هذا؟!
تناقض ما لنا إلا السكوت له - وأن نعوذ بمولانا من النَار
بقي أمر أخير وهو: هل عجز إعلام الدول الأربع عن إيصال هذه الصورة الواضحة للعيون الغربية. ومن يشاهد الدنيا مثلها؟
لهذا حديث آخر.