دانيال موس

التحول المرتقب في السياسة النقدية العالمية

يعد التحول المرتقب في السياسة النقدية العالمية أقرب إلى التطور البسيط المحدود منه إلى التغير الجذري الثوري. ورغم كل ما يقال عن التحول نحو رفع أسعار الفائدة، من المرجح أن تظل الشروط ميسرة نسبياً لسنوات مقبلة في الأنظمة الاقتصادية لأهم الدول. ومن غير المرجح أن تشارك المصارف المركزية في تبني طرق عدائية جديدة لدفع النمو ودعم الأسواق، فمن المتوقع أن يكون التوسع العالمي عام 2021 هو الأقوى منذ عقود بعدما حدث الأسوأ منذ قرن تقريباً خلال العام الماضي. ويعد هذا الأمر مختلفاً تماماً عن تبني نهج صارم عقلاني، فأي ارتداد إلى ما كان يعد وضعاً طبيعياً قبل انتشار الوباء هو أمر بعيد على أقل تقدير.

صراع عالمي حول الغنائم

أعادت جائحة فيروس «كورونا المستجد»، والحوافز المالية الاستثنائية المرافقة، كتابة دور البنوك المركزية. والآن بعد الزخم الذي بدا يتلقاه التعافي الاقتصادي حول العالم، فهناك صراع عالمي يدور حول الغنائم، وكم من الصلاحيات التي يتعين على السلطات النقدية أن تتخلى عنها. تفرض خطوط الصراع تمييزاً قليلاً بين مختلف المناطق، وما إذا كان الاقتصاد ناشئاً أو نامياً، وما إذا كان لدولة غنية أو فقيرة. ففي نيوزيلندا، رائدة بلدان العالم في استهداف التضخم، أصدر وزير المالية قراراً يقضي بأن بنك الاحتياطي النيوزيلندي لا بد أن يزداد اهتمامه بشأن تكاليف الإسكان.

مخاوف التضخم المبالغ فيها

لقد حان الوقت للتوقف عن الثرثرة الفارغة الخاصة بالتضخم. وينبغي الترحيب بالتوقعات ذات الصلة بالتحسن اللائق في وتيرة ارتفاع الأسعار، إذ إننا بعيدون كل البعد حالياً عن الأيام السيئة التي شهدناها في سبعينات القرن الماضي. ومع الارتفاع الملحوظ الذي سجلته مقاييس التضخم في الولايات المتحدة مع نهاية العام الماضي، إلا أنها أدنى بكثير من المستويات المستهدفة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي. وفي الصين، سجلت أسعار المستهلكين انخفاضاً غير متوقع بنسبة 0.3 نقطة مئوية في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي.

الصقور والحمائم في لغة الاقتصاد

لطالما جرى تصنيف محافظي البنوك المركزية على أنهم صقور يفضلون تكاليف الاقتراض المرتفعة للحفاظ على غطاء التضخم، أو كحمائم تفضل أسعار الفائدة المنخفضة على النمو. في الأوقات العادية، تساعد تلك الصور المستثمرين والمراقبين على معرفة وتوقع السياسات النقدية. لكن هذا بعيد كل البعد عما يجري في الأوقات العادية، إذ ذلك يساهم في تشتيت الذهن، لا في تنويره. لنفكر مثلاً في نموذج الهند. فقد واصل البنك المركزي مؤخراً تثبيت سعر الفائدة كما كان الحال منذ منتصف عام 2020.

النزعة الترمبية الاقتصادية وجدت لتبقى

برغم كل الأحاديث الخاصة بطي صفحة الماضي من الانقسام والأحادية، فإنَّ بعضاً من السياسات الحاسمة والخاصة بالمستثمرين الآسيويين ربما لا تتغير بصورة كبيرة في عهد الرئيس جوزيف بايدن. وهذه إحدى سبل طرح وجهة النظر الخاصة بالسيدة جانيت يلين، التي اختارها الرئيس الجديد لمنصب وزيرة الخزانة، وذلك في جلسة تأكيد الموافقة على المنصب أمام مجلس الشيوخ في الأسبوع الجاري. وتجنبت يلين الالتزام بالدولار القوي تماماً، كما فعل الوزراء من أسلافها. ولكنها لن تؤيد الدفع من أجل ضعف الدولار بُغية كسب المزايا التجارية أيضاً.

لقاح كورونا وقطار «المال السهل»

بعثت دولة صغيرة على أطراف آسيا برسالة قوية للاقتصاد العالمي هذا الأسبوع: لا تنخدعوا بالأخبار السارة عن تطوير لقاح «كوفيد-19»، فالبنوك المركزية ما زالت على بُعد أميال من التوقف عن ضخ الحوافز الهائلة التي كانت قد قامت بضخها في الاقتصاد، وإذا كان هناك أي شيء سيحدث، فمن المرجح أن يكون قيام هذه البنوك بزيادة الدعم، وليس تقليصه. ويوم الاثنين الماضي، لاقت النتائج «غير العادية» للقاح التجريبي التي أعلنت عنها شركة «فايزر» ترحيباً عالمياً، مما أدى إلى ارتفاع الأسواق، حيث أعاد المستثمرون إحياء الرهانات على الاقتصاد العالمي الآخذ في الانكماش، بل بدأوا في الاستفادة من زيادات أسعار الفائدة.

الركود المسبب للبهجة في خضم الجائحة

لا يدعونا التقرير الاقتصادي الضعيف إلى البهجة والتشجيع إلا في خضم أجواء جائحة «كورونا» الراهنة. فلقد أعلن بنك كوريا الجنوبية المركزي الخميس، عن انخفاض بواقع 3.3 % في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من الشهور الثلاثة السابقة. وكان هذا التقرير أسوأ بكثير من التوقعات المنتظرة، وأعقبه انخفاض بنسبة 1.3 % في الفترة بين شهري يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) الماضيين. ويعتبر الأداء الاقتصادي في كوريا الجنوبية متقدماً على العديد من البلدان الصناعية الكبرى الأخرى. فعلى سبيل المثال، سوف تعكس اليابان انكماشاً اقتصادياً بنسبة تتجاوز 20 %، وذلك وفقاً لتحليلات خبراء الاقتصاد في البلاد.

الضربة الاقتصادية بسبب كورونا في مخيلة الناس فقط!

رغم التدابير التحفيزية كافة التي يبذلها المسؤولون في مكافحة التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا، فإن انخفاض أسعار الفائدة والميزانيات الكبيرة من غير المحتمل أن تجعل الناس يشعرون بالأمان الذي يحتاجون إليه. وسوف تؤثر سلوكيات المستهلكين على حجم الضربة الاقتصادية المتوقعة.

الاقتصاد العالمي في ظل انتشار الفيروسات الجديدة

تمتلك الصين مجموعة أدوات أكبر وأكثر تطوراً لمكافحة أي تباطؤ اقتصادي ناتج عن انتشار فيروس كورونا مقارنة بعام 2003 عندما حاربت فيروس «سارس» الذي انتشر كالوباء، لذلك فإن للتحدي للجديد خلفية بالغة التأثير على الصعيدين المحلي والخارجي، خاصة فيما يخص استجابة بكين وطريقة تعاملها معه. من الصعب أن تقييم حجم الأضرار لأن الوضع لا يزال في طور الاستكشاف، ومن المرجح أن يخفض مؤشر «بلومبرغ الاقتصادي» من توقعاته لنمو الصين في الربع الأول عند نسبة 5.9 في المائة.

كيف عاد الاقتصاد الهندي إلى الأرض في غضون عام؟

فقد الاقتصاد الهندي بريقه هذا العام. ومع سقوطه في هوة حالة من التباطؤ العميق وأزمة ائتمانية، انتقلت البلاد من اقتصاد تنهال عليه الإشادة باعتباره عملاقاً في حالة نمو إلى بلد مرشح للخسارة على الصعيد الاقتصادي. نادراً ما شهد العالم اقتصاداً مني بهذا التحول الهائل. في الربع الثالث من العام، ارتفع معدل الإنتاج الداخلي بنسبة 4.5% عن عام مضى، ما يعادل تقريباً نصف الوتيرة التي كان عليها خلال النصف الأول من عام 2018. كما تراجعت ثقة المستهلك لأقل مستوى لها منذ عام 2014، بينما تتسم سوق العمل، التي تعد مؤشراً حيوياً في بلد يبلغ تعداد سكانه 1.4 مليار نسمة، بالهشاشة.