دانيال موس

هل من هدنة في الحرب التجارية؟

تفاقم الصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين، وتمزقت علاقات تجارية راسخة امتدت لعقود ماضية، وحدث اضطراب في سلاسل الإمداد، وتباطأ النمو العالمي، وارتبك المستثمرون، واضطربت أوضاع عالم التجارة والأعمال. ربما تجد نفسك تتساءل خلال الأيام التي تبدو فيها المواجهة بلا نهاية، ألا يمكن عودة الحال إلى ما كان عليه؟ مع ذلك، لا يضع ذلك الرأي في الاعتبار المنتفعين نسبياً من هذا الصراع، خاصة بلدان جنوب شرقي آسيا، التي جذبت الاستثمار كوجهة بديلة للصين. وذكرت صحيفة «نيكي آسيان ريفيو» مؤخراً أن شركة «غوغل» تتخذ خطوات لنقل إنتاج هاتفها الذكي «بيكسل» إلى فيتنام، بدلاً من الصين.

حتى المنتصرون في حرب التجارة يمكن أن يخسروا

في الحرب، حتى المنتصرون يدفعون الثمن. تأخر وصف فيتنام كمستفيد واضح من الصراع التجاري الدائر بين الولايات المتحدة والصين إلى أن يجري التحقق من الواقع. تحدث الرئيس دونالد ترمب بلغة مبتذلة عن فيتنام بطريقة لم نعهدها من قبل سوى في حديثه عن الصين والمكسيك.

المواجهة بين أميركا والصين ليست «حرباً باردة»

لا يمثل انهيار قمة زعماء آسيا والهادئ، خلال نهاية الأسبوع الماضي، في دولة بابوا غينيا الجديدة، نهاية العالم. في الحقيقة لن تتغير العلاقات الاقتصادية بين الدول الإحدى والعشرين كثيراً، حيث يحتاج أكثر تلك الدول إلى كلٍّ من الصين والولايات المتحدة، وستحصل على دعم كلتيهما. فشل زعماء دول منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والهادئ «آبيك» في التوصل إلى اتفاق على البيان الختامي للمرة الأولى منذ بدء اجتماعاتهم عام 1993، وكان السبب في ذلك هو الخصومة والتنافس بين أميركا والمملكة الوسطى.

إلى أي مدى ستستمر المناوشات التجارية؟

دعونا لا نبالغ في ابتهاجنا إزاء الأقاويل التي أشارت إلى عقد محادثات بين مسؤولين من الولايات المتحدة والصين. من المحتمل أن تصبح المشاحنات حول القضايا التجارية القاعدة السائدة، بغض النظر عمن يفوز في انتخابات التجديد النصفي أو يجلس داخل المكتب البيضاوي. كانت تلك وجهة نظر غالبية من استطلع آراءهم تشان شون سينغ، وزير التجارة السنغافوري، أثناء مأدبة غداء لغرفة التجارة الأميركية مؤخراً.

«الحرب التجارية»... ثمة مساحة للمناورة

رغم الإسراف الذي نشهده في استخدام شعار «الحرب التجارية» اللافت، فإنه لحسن الحظ لا يزال الأمر في حقيقته أشبه بمناوشات. وفي الوقت الذي يجري تبادل البيانات والتصريحات بين واشنطن وبكين، فإن ما قيل - وما لم يقل - يحمل في طياته فرصاً لخفض التصعيد. مثلاً، انظروا إلى إعلان إدارة ترمب بخصوص التعريفات على واردات الصلب والألمونيوم. اللافت هنا الإعفاءات الممنوحة التي تتمثل في المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي وأستراليا والبرازيل، ومن المؤكد انضمام أسماء جديدة للقائمة. وفي الوقت الراهن، تبدو التعريفات الجديدة كأنها تستهدف الصين على وجه التحديد.

نهاية سياسة «الدولار القوي»

لم يأتِ الأمر بهذه السرعة. فعلى الرغم من الطريقة التي انتشرت بها فكرة «الدولار القوي» في الخطاب الرسمي على مدار العقدين الماضيين، فالحقيقة هي أن وزراء الخزانة من الحزبين الرئيسيين عملوا على الترويج لتلك الفكرة تارة وخفضها تارة أخرى حسب مقتضيات المرحلة. وفي مناسبات عديدة، كانت فكرة «الدولار القوي» تختفي تماماً، وكثيراً ما يعلن عن وفاتها، لكنها لم توارَ الثرى. ربما يعاني المراقبون من الانحياز لما يعرفونه حالياً.

الحرب التجارية الكبرى التي لم تقع

لم تقع الحرب التجارية التي توقعها كثيرون. ومع هذا، استعدوا لبعض المناوشات. جاءت الحرب التجارية، خلال عام 2017، على رأس قائمة القضايا التي ربما تتخذ منحى سيئاً، من وجهة نظر كثير من المراقبين. ومع هذا نجد أنه على أرض الواقع ازدادت حركة شراء وبيع السلع والخدمات عبر الحدود على نحو فاق التوقعات. أما العام الجديد، فربما يشكل اختباراً لما إذا كان هذا النمو توجهاً مستمراً أم أنه مجرد حدث عابر غير متوقَّع. ويعود جزء من الفضل وراء هذا النمو إلى حدوث توسع اقتصادي عالمي أكثر نشاطاً. أيضاً، ينبغي إرجاع جزء من الفضل عن ذلك إلى صمود النظام الدولي.

الأسواق الناشئة لا تقرر مصيرها

رغم كل الضجة المثارة حول انحسار الغرب وتراجعه، فإنه لا يزال المتحكم بدرجة كبيرة فيما إذا كانت الأسواق الناشئة تزدهر أم تعاني. وكان من شأن تنامي معدل النمو الاقتصادي العالمي هذا العام دفع الأسواق الناشئة نحو أكبر مكاسب لها على صعيد الأسهم والعملات منذ ما يقرب من عقد. كما جاء النهم الذي أبدته الصين تجاه الديون ليعزز موجة التوسع الاقتصادي العالمي. والآن، يقف جيران الصين في مواجهة مخاطرة أي أزمة اقتصادية مفاجئة هناك، بغض النظر عن مدى ضآلة احتمالية حدوث ذلك.

توقعات النظام العالمي الجديد لعام 2030

كانت الولايات المتحدة الأميركية الحاضر الغائب في أحد المؤتمرات الاقتصادية العالمية، الذي شهدت مدينة دبي الإماراتية فعالياته الأسبوع الماضي. ومن واقع مناقشات مجالس المستقبل العالمي المنبثقة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، اختلفت آراء جملة من الحاضرين حول التحديات التي تواجه نظام التجارة العالمي، وتنمية البنية التحتية في القرن الحادي والعشرين، واستعادة الثقة المفقودة بالخبراء وأهل القيادة.

محافظ بنك إنجلترا في مواجهة لغز التضخم

يعكف مسؤولو البنك المركزي على محاولة سبر أغوار ما وصفته الاقتصادية البارزة جانيت يلين بـ«اللغز» وراء معدلات التضخم المنخفضة ومعدلات التوظيف القوية. وتتطلب الإجابة عن هذا التساؤل إجراء تحقيق عالمي، النقطة التي شدد عليها بنك الاحتياطي الفيدرالي مؤخراً، عندما أشار أحد مسؤوليه (ربما تكون يلين نفسها) إلى الطابع العالمي للتحدي. ولا يزال التضخم والأجور منخفضين على نحو يثير الدهشة، رغم الطفرة العالمية، تُرى ما السبب؟ عندما ناقشت الأمر مع مسؤول آسيوي رفيع المستوى هذا الشهر، أحالني إلى خطاب ألقاه مارك كارني منذ بضعة أسابيع.