مروان المعشر
وزير الخارجية الأردني الأسبق

نحو إدارة عربية شاملة لإدارة الحكم والموارد

شهدت الموجة الأولى من الثورات العربية احتجاجات واسعة في ثمانية بلدان عربية تباينت نتائجها بشكل كبير. ففي سوريا واليمن وليبيا، انتهت هذه الثورات إلى حروب أهلية لا تزال مستعرة، وفي دول أخرى كالمغرب والأردن، أدت إلى إصلاحات مجتزأة لم تؤثر جذرياً في بناء المؤسسات أو تحقيق التوازن بينها، بينما أدت في دول أخرى إلى استعادة قوى الوضع القائم لكامل سيطرتها على صنع القرار؛ بل إلى مزيد من السلطوية عما كان الحال عليه سابقاً. وحدها تونس استطاعت أن تشق طريقاً مختلفاً، بدأ في عقد اجتماعي جديد يحقق التوازن بين السلطات ويضمن الحقوق الفردية والجماعية للناس، ويضمن عدم تغول أي مكون على المكونات الأخرى في المجتمع.

الدولة المدنية والتركيز على البرامجية في العالم العربي

حالة جديدة بدأت بالتشكل في أنحاء عديدة من العالم العربي، وهي بروز تيارات واحزاب تنادي بالدولة المدنية وتركز على البرامجية في العمل بعيداً عن الأحزاب الآيديولوجية التقليدية، الدينية منها والمدنية. في الأردن برز حزب جديد ينادي بالدولة المدنية وسيادة القانون وتوازن السلطات والمواطنة المتساوية والبرامج الاقتصادية والاجتماعية التي تحاكي حاجات المواطنين.

سبع سنين على الثورات العربية

لم تؤدِ الثورات العربية التي بدأت في تونس قبل سبع سنوات إلى تحول سريع نحو الديمقراطية كما توقع الكثيرون. وباستثناء حالات قليلة، فإن هناك دول عربية تحاول إما إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، أو القيام بإصلاحات تجميلية وغير تشاركية مع المجتمع. واقع الحال اليوم أن الاحتجاجات الشعبية لم تشكل أدوات فاعلة بعد للانتقال إلى مرحلة بناء المؤسسات الراسخة، والتأسيس لمجتمعات تعددية مستقرة ومزدهرة. وإذ لم تنجح هذه الثورات في معظم الأحيان في تغيير الوضع القائم، فإنها أطلقت عملية تحولية تاريخية في المنطقة كان لا بد لها من أن تبدأ.

الهوية والمواطنة

إحدى نتائج الثورات العربية الماثلة أمامنا بكل وضوح تآكل الدولة القطرية في أجزاء كثيرة من الوطن العربي، كليبيا وسوريا واليمن. حتى دول كالعراق ولبنان، تواجه أزمات حكم باتت فيها غير قادرة على السيطرة على كل أراضيها.

الجيل الفلسطيني الجديد وتجديد الهوية

منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، اعتقد المجتمع الدولي، بما في ذلك الجانب الفلسطيني نفسه، أن النهاية المنطقية للمفاوضات ستؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية. لكن هذا الحلم بدأ بالتلاشي تدريجياً بعد إخفاق المفاوضات ومجيء حكومات إسرائيلية متطرفة تجاهر علنا بعدم قبولها بحل الدولتين، وبعد إقامة حقائق استيطانية مستجدة تجعل إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة من المستحيلات.