شهدت الموجة الأولى من الثورات العربية احتجاجات واسعة في ثمانية بلدان عربية تباينت نتائجها بشكل كبير. ففي سوريا واليمن وليبيا، انتهت هذه الثورات إلى حروب أهلية لا تزال مستعرة، وفي دول أخرى كالمغرب والأردن، أدت إلى إصلاحات مجتزأة لم تؤثر جذرياً في بناء المؤسسات أو تحقيق التوازن بينها، بينما أدت في دول أخرى إلى استعادة قوى الوضع القائم لكامل سيطرتها على صنع القرار؛ بل إلى مزيد من السلطوية عما كان الحال عليه سابقاً.
وحدها تونس استطاعت أن تشق طريقاً مختلفاً، بدأ في عقد اجتماعي جديد يحقق التوازن بين السلطات ويضمن الحقوق الفردية والجماعية للناس، ويضمن عدم تغول أي مكون على المكونات الأخرى في المجتمع.