عارف الساعدي
ثقافة وفنون جميل صدقي الزهاوي

الشعراء الثوريون... الآيديولوجيا وندم المشيب

قبل عامين كنتُ ضيفاً في مهرجان شعري بدولة خليجية، وبعد أن اختُتمتْ جلسة الافتتاح انسللتُ مع شاعر صديق من ذلك البلد بعيداً عن صخب المهرجان والأصدقاء، وذهبت معه في سيارته إلى المستشفى التعليمي حيث يرقد الشاعر مظفر النواب. في الطريق كان الصديق يتحدث معي عن ضرورة إقناع المرافق الذي يقيم مع مظفر في الغرفة نفسها، ومنذ 6 أعوام، بالدخول لرؤية النواب؛ لأنه ممنوع الدخول إلى الغرفة ومعاينته؛ لوضعه الصحي المتعب جداً، وهذا المنع آتٍ من أعلى السلطات حفاظاً على وضع النواب وصحته. حين دخلت المستشفى أشار لي «النجار» إلى رقم الغرفة وانسحب وقال لي: «انت وشطارتك»، فطرقت الباب وقد كان موارباً قليلاً، خرج إلي شاب عر

عارف الساعدي
ثقافة وفنون العراق ومثقفوه في قلب الرياض

العراق ومثقفوه في قلب الرياض

ونحن نلملم ما تبقى من دور النشر في معرض الرياض، ونرزم الكتب التي أهداها لنا أصدقاؤنا، دواوين شعر، وأحلام سنين، وقصائد حب، وفكر، وقلق، نرزمها ونحن نشاهد بعضنا البعض، حيث الكل يتحرك بسرعة رهيبة تذكرت أبيات البلاغة التي استشهد بها «الجرجاني» حيث بدأت أدندن بهذه الأبيات: ولما قضينا من منىً كل حاجة ومسح بالأركان من هو ماسح وشدت على هدب المهارى ركابنا فلم يعرف الغادي الذي هو رائح أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا وسالت بأعناق المطي الأباطح وفعلاً كانت هذه الأبيات قريبة جدا من مشهد آخر ليلة من ليالي معرض الكتاب في الرياض، ذلك المعرض الذي فتح قلبه قبل أبوابه لاستقبال العراقيين بوصفهم ضيف شرف المعرض، هذا الأ

عارف الساعدي
ثقافة وفنون حب ما بعد الثمانين

حب ما بعد الثمانين

اعتدنا أن تكون الشعرية العراقية شعرية بكاءٍ ونواح شديدين، وشعرية ناقدة، ولائمة، وراثية لكل صور الحياة وتفاصيل المدينية، هذا في الجانب الحديث من الشعر العراقي - في الأعم الأغلب منه - أما في جانبه الكلاسيكي فهناك شعريات ثابتة، تأتي في مقدمتها شعرية الفخر، أو الاعتداد بالذات والنفخ كثيراً بها، وهي شعرية متوارثة في معظمها، فضلاً عن النقد السياسي الواضح والمباشر، الذي جسده الزهاوي والرصافي، ومن ثم الجواهري ومحمد صالح بحر العلوم وآخرون.

عارف الساعدي
ثقافة وفنون شعراء كأنهم مديرو علاقات عامة وآخرون زاهدون حتى الغياب

شعراء كأنهم مديرو علاقات عامة وآخرون زاهدون حتى الغياب

للشعراء طرقٌ كثيرةٌ للتعبير عن ذواتهم، والإعلان عن وجودهم، بصفتهم تجارب شعرية ثابتة على الأرض، ولكن على ما يبدو أن هناك اتجاهين أو خطين واضحين لمثل هذا الإعلان؛ هذان الخطان مختلفان تمام الاختلاف: الأول هو الخط الذي يتبنَّى الروح الدعائية، بحيث يتحول الشاعر إلى مدير علاقات عامة، يتواصل مع الجميع، ويعرف الجميع، وتجده حاضراً في أغلب الفعاليات، مشاركاً أو ضيفاً، وهذه كلها طاقات إضافية تضاف من خارج الشعر لتدعم المشروع الشعري، ولكنها في الوقت نفسه تسحب شاعرها للخوض في عالم العلاقات العامة الذي يخدم الشاعر -كما يظن.

عارف الساعدي
ثقافة وفنون هل يصلح الجواهري شاعراً في البلدان الديمقراطية السعيدة؟

هل يصلح الجواهري شاعراً في البلدان الديمقراطية السعيدة؟

في هذه الأيام تمر الذكرى الرابعة والعشرون لرحيل الشاعر العربي الكبير محمد مهدي الجواهري، وهي فرصة ليست فقط للاستذكار، قدر ما هي محطة للمراجعة ولزرع أكبر عدد من بذور الأسئلة التي تخص ميداننا الثقافي والأدبي على وجه التحديد. أولى هذه الأسئلة، كم سيبقى الجواهري حياً في وجدان الذاكرة الثقافية العربية والعراقية؟ هل يستطيع أن يقاوم صدأ الأزمنة التي تأكل كل شيء؟ ما هي مقومات البقاء والخلود للجواهري؟ هل الأمر مرتبط بشعره وقوته؟ أم أن الأمر مرتبطٌ بحياة الناس والسياسة وتقلباتها؟ هل البقاء والخلود النسبي للشاعر له علاقة بالشكل الكلاسيكي أم لا؟

عارف الساعدي
ثقافة وفنون الانعكاسات الفنية للانقلابات العربية في رواية عراقية عن ممثلة مشهورة

الانعكاسات الفنية للانقلابات العربية في رواية عراقية عن ممثلة مشهورة

يبدو أن فترات الحظر في المنازل هي الأكثر جذباً لقراءة الروايات، فللرواية طقسها الخاص في القراءة، ومناخها. وقراءة الرواية تخضع أيضاً لوعي القارئ، وتطوره، فقد كنتُ، مثلاً، لا أحب الروايات العربية، وذلك لشدة تأثري بروايات «ماركيز».

عارف الساعدي
ثقافة وفنون لعنة الفيتوري على شعراء السودان

لعنة الفيتوري على شعراء السودان

شكلت بعضُ الأسماء الأدبية ما يمكن أن نطلق عليه لعنة الأجيال؛ بمعنى أن هناك أسماء شعرية وروائية وأدبية ظهرت في فترة من الفترات، فترسخت بشكل كبير، ولكنها في الوقت نفسه شكلت حاجزاً أمام الأجيال التي تليها، والحاجز المقصود منه هو الحاجز الدعائي، وليس الإبداعي، وهذه الظاهرة منتشرة في معظم الدول العربية، ولا يمكن أن نستثني منها أحداً إلا بنسب متفاوتة، كالعراق ومصر والشام، ذلك أنه على الرغم من وجود الجواهري والسياب، فإنهما لم يستطيعا أن يسحبا البساط من الأجيال اللاحقة، فظهرت بعدهما أسماء كبيرة راسخة في الشعر، فالسياب لم يمنع اسمه من ظهور وانتشار سعدي يوسف أو يوسف الصائغ وآخرين، وكذلك الجواهري لم تمنع

عارف الساعدي
يوميات الشرق أصدقائي الشعراء... لماذا رحلتم مبكراً؟

أصدقائي الشعراء... لماذا رحلتم مبكراً؟

ذكرت في مقالة سابقة الشعراء من أبناء جيلي الذين انسحبوا من المشهد الشعري، ولكنهم موجودون بيننا، نراهم ونجلس معهم، ولكنهم اختاروا طريقاً غير الشعر؛ شعرت أن هناك شعراء أصدقاء من جيلنا تركوا الشعر، ولكن ليس بخيارهم، إنما كانت يد الموت أسرع من الجميع، فاختطفتهم وهم في أول الطريق، فمنهم من أصدر عملاً أو عملين، ومنهم من لم يصدر أي شيء، فقد مررنا بكثير من الشعراء الذين كان لهم صوتٌ عالٍ في مرحلة من مراحل التجربة الشعرية، وكانوا أكثر حركة وحضوراً من كثير من الشعراء، لكنه الموت الذي اختفت بسببه قصائدهم التي كانوا يرددونها، فتحفظها جدران القاعات، واختفى صوتهم الهادر للأسف. إن الذي حفزني أكثر هو رحيلهم د

عارف الساعدي